سناء فوزي …من طبيبة الى مناضلة سياسية وحقوقية في أكادير

الوطن الأنمنذ 6 دقائقآخر تحديث :
سناء فوزي ...من طبيبة الى مناضلة سياسية وحقوقية في أكادير
سناء فوزي ...من طبيبة الى مناضلة سياسية وحقوقية في أكادير
سناء فوزي …من طبيبة الى مناضلة سياسية وحقوقية في أكادير

1 – من هي سناء فوزي ؟

لم يكن النضال خيارا عابرا في حياتي، ولم يكن مجرد محطة مررت بها، بل هو جزء من هويتي التي تشكلت منذ نعومة أظافري وسط عائلة يسارية مناضلة. كبرت بين النقاشات السياسية الحادة، والحوارات الفكرية العميقة، وحكايات النضال التي لم تكن تُروى لي كقصص خيالية، بل كحقيقة معاشة يوميًا. هذا الإرث العائلي جعلني أؤمن بأن العدالة الاجتماعية ليست مجرد شعار، بل قضية تستحق العمل والتضحية من أجلها.

الجذور العائلية: بين نضال الوالدين وتكوين الهوية

أنا ابنة الدكتور محماد فوزي، “طبيب الفقراء”، الرجل الذي لم يكن مجرد طبيب، بل كان مناضلًا سياسيًا ونقابيًا بارزًا ، قدم خدماته الطبية للفئات الهشة والمحرومة ، مؤمنًا بأن الطب ليس فقط مهنة، بل رسالة إنسانية. لم يتوقف والدي عند حدود المغرب، بل حمل قناعاته وإيمانه بالتضامن الإنساني إلى مناطق النزاع والأزمات، حيث عمل طبيبا ميدانيا في الصومال و كوسوفو ضمن البعثة المغربية بشكل تطوعي مساندا الشعوب التي تعاني من ويلات الحرب والحرمان و كذلك انضم الى صفوف الأطباء في مخيم الوحدة بالعيون خدمة لقضيتنها الوطنية المقدسة. كما كان من أبرز الشخصيات التي ساهمت و عملت في تجميع اليسار المغربي، وكان منزله فضاء يلتقي فيه المناضلون التقدميون، يتناقشون حول القضايا الكبرى للبلاد، ويخططون لمستقبل أكثر عدالة.

أما والدتي، فلم تكن مجرد أستاذة علمت الأجيال، بل كانت مناضلة حقوقية ونقابية حملت مشروع اليسار الكبير، وانخرطت منذ عقود في جمعية نسائية ساهمت في وضع بوادر الحركة النسائية في جهة سوس ماسة. ناضلت من أجل تمكين النساء من حقوقهن، خاصة في المناطق المهمشة، ولا تزال ناشطة إلى اليوم، تؤمن بأن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تصبح النساء فاعلات في الحياة السياسية والاجتماعية.
بين هذه القيم النضالية، نشأت وترعرعت، وأصبحت هويتي اليسارية مترسخة في وجداني، ليس فقط كإيمان فكري، بل كمشروع حياة ومسؤولية أخلاقية تجاه المجتمع.

البداية مع النضال النسائي: تجربة غيّرت مساري

كانت أولى خطواتي النضالية الفعلية عبر الجمعية النسائية لمناهضة العنف ضد المرأة، التي لم تكن مجرد فضاء للدفاع عن حقوق النساء، بل كانت مدرسة حقيقية في النضال الحقوقي والاجتماعي. انخراطي في الجمعية مكنني من التكوين في مجالات متعددة، مثل حقوق النساء، السياسات العمومية، والديمقراطية التشاركية، مما ساهم في تعزيز وعيي السياسي والاجتماعي.

ومن أبرز المشاريع التي كنت جزءًا منها، كان البرنامج المشترك مع جمعيتين أخريين حول السياسات العمومية من منظور النوع الاجتماعي، الذي ساهم في خلق أول دينامية جهوية لتقييم السياسات العمومية، وسلط الضوء على التحديات التي تواجه النساء في مختلف المجالات. هذا المشروع جعلني أدرك أن النضال النسائي ليس فقط دفاعًا عن حقوق المرأة، بل هو جزء من معركة أوسع من أجل مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا.

توثيق ضحايا التعذيب: عندما يصبح الطب أداة للنضال

بعد هذه التجربة، توسع عملي الحقوقي ليشمل قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، فانخرطت في الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، التي أتاحت لي فرصة التكوين المتخصص، لأصبح واحدة من 15 طبيبًا معتمدًا في المغرب لتوثيق ضحايا التعذيب وفقًا للمعايير الدولية.
كنا نعمل في إطار شبكة وطنية تجمع 15 طبيبًا و15 محاميًا، حيث سعينا إلى تقديم الدعم القانوني والحقوقي للضحايا، وتعزيز آليات توثيق الانتهاكات. كانت هذه التجربة من أقوى المحطات التي مررت بها، حيث أدركت أن الطب يمكن أن يكون الية قوية في مواجهة الظلم والانتهاكات الحقوقية.

تمكين الشباب: من طاطا إلى تزنيت

إيمانًا مني بأن النضال لا يقتصر على الدفاع عن الحقوق، بل يجب أن يشمل تكوين أجيال جديدة قادرة على قيادة التغيير، وجدت نفسي منخرطة في مشروع يستهدف الشباب في المناطق المهمشة.
بدأت التجربة في طاطا، حيث أسسنا أكاديمية أفوس لتكوين الشباب في السياسات العمومية المرتبطة بالتشغيل، ثم توسعت المبادرة إلى تزنيت. ومن هذه التجربة، وُلد منتدى أفوس للديمقراطية، الذي أصبح فضاءً لتعزيز الفكر الديمقراطي والمشاركة المواطنة، ولا يزال مستمرًا في عطائه إلى اليوم.

الصحة الجنسية والإنجابية: التوعية والتكوين

بعد خضوعي لتكوين متخصص في مشروع مغاربي-شرق أوسطي حول الصحة الجنسية والإنجابية، أدركت أهمية نقل هذه المعرفة إلى الأطر الطبية والاجتماعية، خاصة في ظل التحديات المجتمعية المرتبطة بهذا الموضوع. لذلك، قمت بصياغة برنامج خاص لتكوين الأطر الطبية والاجتماعية، وبدأت في نشر هذه الثقافة الصحية من منظور علمي وحقوقي.

من الهيئة المغربية لحقوق الإنسان إلى العمل السياسي

في إطار التزامي بالدفاع عن حقوق الإنسان، كنت عضوة سابقة في المكتب الوطني للهيئة المغربية لحقوق الإنسان، حيث شاركت في عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز الحريات الأساسية ومراقبة الانتهاكات الحقوقية. هذا المسار جعلني أدرك أن الدفاع عن الحقوق لا يجب أن يظل في الإطار الجمعوي فقط، بل يجب أن يكون له امتداد داخل المؤسسات السياسية، وهو ما دفعني إلى دخول غمار العمل السياسي.

قيادة فيدرالية اليسار الديمقراطي في أكادير

اليوم و بفضل التجارب المتراكمة و المهارات التي اكتسبتها و ثقة المناضلين التي اعتز بها ، كل هذا مكنني من قيادة حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي في جهة سوس ماسة، إضافة إلى كوني عضوة منتخبة في مجلس جماعة أكادير. هذا الموقع منحني فرصة للعمل من داخل المؤسسات، ومحاولة تحقيق التغيير من موقع المسؤولية، وليس فقط من موقع المعارضة.

الشخصيات التي أثرت في مسيرتي

في رحلتي النضالية، كان هناك أشخاص تركوا بصمة عميقة في حياتي، وأعتبرهم قدوتي في مساري السياسي والفكري. من بينهم:

د. مصطفى الشناوي ود. سهام الصقلي، اللذين أعتبرهما نموذجا للنضال السياسي و الحقوقي .
با إيدر أرسلا ذ. الرجواني عبد السلام، ذ. فاطمة بنسيكسي، وذ. بيلا،المناضل سحنون خالد ، د.عبد الكريم المانوزي ،ذ فوزي ابراهيم ، المناضلة خديجة منير … مناضلو اليسار الذين احتضنهم منزل عائلتي وكانوا جزءًا من وعيي السياسي المبكر.
ذ. موزاكي عبد الرزاق، “حبيب الروح”، الذي لعب دورا محوريا في إعادة إشعال شعلة النضال اليساري داخلي بعد غيابي الطويل عن المغرب بسبب دراستي في روسيا.
ذ.اوحتي الحسن البوصلة
ذ حيسان عبد الحق الأب الروحي
عمر بالافريجو آدم بوهدمة ، اللذان يمثلان بالنسبة لي نموذجا للشباب السياسي اليساري الملتزم بقضايا الشعب والعدالة الاجتماعية.

أنا سناء فوزي، وهذا مساري

لم يكن النضال خيارًا عابرًا، ولم يكن طريقًا سهلاً. بين الطفولة التي تشبعت بالفكر اليساري، والدراسة في سانت بطرسبورغ، والانخراط في مختلف الحركات الحقوقية والسياسية، وبين العمل الطبي والنضال الجماعي، أنا اليوم طبيبة مناضلة، مدافعة عن العدالة الاجتماعية، مؤمنة بأن التغيير يبدأ حين نقرر أن نحمل مسؤوليتنا تجاه المجتمع.
في المشهد السياسي المحلي بأكادير، لا تُقاس قوة حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بالعدد أو الانتشار الجماهيري فقط، بل بجودة مناضليها وصلابة مواقفها. فالحزب لم يختر الطريق السهل، بل اختار بناء تنظيم يعتمد على انتقاء المناضلين الحقيقيين، الذين يحملون مشروع اليسار بوعي ومسؤولية، ويؤمنون بأن العمل السياسي ليس وسيلة للارتقاء الشخصي، بل التزام نضالي من أجل وطن يحترم كرامة المواطن ويؤسس لعدالة اجتماعية ومجالية حقيقية.

2 – ما موقع حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بأكادير ؟
حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بأكادير: حضور نوعي وصمود مبدئي في المشهد السياسي

في المشهد السياسي المحلي بأكادير، لا تُقاس قوة حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بالعدد أو الانتشار الجماهيري فقط، بل بجودة مناضليها وصلابة مواقفها. فالحزب لم يختر الطريق السهل، بل اختار بناء تنظيم يعتمد على انتقاء المناضلين الحقيقيين، الذين يحملون مشروع اليسار بوعي ومسؤولية، ويؤمنون بأن العمل السياسي ليس وسيلة للارتقاء الشخصي، بل التزام نضالي من أجل وطن يحترم كرامة المواطن ويؤسس لعدالة اجتماعية ومجالية حقيقية.

حزب بمواقف مبدئية واحترام واسع ، في زمن التذبذب السياسي والانتهازية، يظل حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي قوة سياسية تحظى بالاحترام، سواء من طرف الساكنة أو الأحزاب الأخرى. ليس لأننا قوة انتخابية كبرى، ولكن لأننا صوت صادق في الساحة السياسية، لا نمارس المزايدات، ولا نقايض مواقفن…

3 -ما هي قرائتكم للمشهد السياسي بأكادير ؟

مع تجاوز نصف الولاية الجماعية، يظل تقييم حصيلة عمل المجلس الجماعي لأكادير أمرًا سابقًا لأوانه، إذ يتطلب أي تقييم شامل الانتظار إلى غاية نهاية الولاية، لضمان نظرة متكاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع المراحل التي مرت بها عملية التدبير المحلي.

على مستوى البنية التحتية والخدمات الأساسية، نلاحظ مجموعة من التحدييات التي تواجه المدينة مرتبطة بالتغيرات المناخية التي جعلت من المدينة قبلة للهجرة الداخلية و الخارجية .

أما المشاريع الكبرى التي تم الإعلان عنها، فمن الضروري التريث قبل إصدار أي أحكام نهائية بشأنها، إذ يتطلب تقييمها وقتًا كافيًا لرصد مدى تحقيقها للأهداف المرسومة، مع التأكيد على أهمية الحكامة الجيدة والشفافية كركيزتين أساسيتين لأي تدبير عمومي ناجح.

وفي هذا السياق، يبقى تعزيز التواصل مع المواطنين ومواكبة انتظاراتهم أمرًا أساسيًا، بما يضمن تحقيق تنمية حضرية متوازنة تستجيب لمتطلبات جميع الفئات وتعزز الثقة في المؤسسات المنتخبة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة