حسام باظة من لغة الأرقام إلى لغة المشاعر‎

الوطن الأن24 أبريل 2015آخر تحديث :
حسام باظة من لغة الأرقام إلى لغة المشاعر‎

حسام باظة من لغة الأرقام إلى لغة المشاعر

قاص مصري يستلهم من بيئته الريفية حكايات تعلي من قيم الحب

التشكيك في نيات الآخرين آفة حياتنا

يسلط الضوء من خلال مجموعته القصصية الجديدة “عزرائيل يصل أولاً”, على خبايا الانسان المصري, وطباعه المتغيرة المحيرة, وينحاز فيها للشخص البسيط الذي هزمته الدنيا وانسحب منها بإرداته الحرة.

حول المجموعة الجديدة, التقت “السياسة”, الأديب المصري الشاب حسام أباظة, في هذا الحوار الذي يكشف فيه عن سر اختياره لهذا الاسم, وعالم هذه المجموعة والقضايا التي تناولها من خلالها, ورؤيته للإنسان المعاصر, ولماذا اختار مهنة المحاسبة ثم دخل مجال الادب.

* لماذا اهديت الكتاب لكل من يحمل في قلبة ذرة انسانية؟

* الانسان يثير حفيظتي, فهو المخلوق الذي حير العالم بطباعه, فلا تقدم ولا نمو من دون بناء الانسان, لكننا – وللأسف الشديد – أصبحنا نفتقد القيم الانسانية, ونتعامل مع بعضنا بعضاً بمنتهى القسوة والجفاء والجحود, وتتحكم فينا المصالح فقط, لهذا أهديت كتابي لمن في قلبه ذرة من الانسانية والشعور بالآخرين.

* ما مغزى عنوان مجموعتك القصصية “عزرائيل يصل أولاً”؟

* هو عنوان لإحدى القصص التي تتضمنها المجموعة ولأنني رأيته اسما غامضا, قد يلفت نظر القارئ, ويثير فضوله لمعرفة عما تتحدث عنه هذه المجموعة القصصية, فقد اخترت وأعتقد أنه اختيار موفق.

* ما هدفك من قصة “الشقة المقابلة”؟

* أردت من خلالها أن أعلي من قيمة الحب, وأنه قد يؤدى إلى التغيير الايجابي من أجل من نحب, وأن الالتزام الديني لا يتناقض مع الحب الطاهر العفيف ما دام يسير في الاتجاه الصحيح. ففي هذه القصة تغيرت حياة شاب بعدما ارتبط بفتاة, من العربدة والسكر إلى الطاعة والالتزام, والمواظبة على الصلاة وتلاوة القرآن, ورغم أن تغيره كان ملحوظا وملموسا الا أن أهل الفتاة صمموا على فسخ الخطبة وانهاء العلاقة بينهما, لأنهم سمعوا أنه كان متهورا, رغم أن الله قبل توبته وهدايته.

 

آفة الحياة

 

* ما الرسالة التي حرصت على ايصالها للقارئ من خلالها؟

* أردت توصيل رسالتين, الأولى أن كل انسان بداخله الخير والشر, لكنه يحتاج لمن يحرك بذرة الخير وينميها, والثانية أن هناك أشخاصا يرسلهم الله لنا في مشوار حياتنا ليدفعونا إلى طرق محددة, ثم تختفي هذه الشخصيات وكأنها لم تكن موجودة, فقد أدت دورها وانتهت, كما أردت لفت النظر إلى أن باب التوبة مفتوح من الخالق عز وجل, لكنه للأسف الشديد مغلق من قبل البشر, وأن التشكيك في نيات الآخرين آفة حياتنا, واستباحة الحكم على الآخر من ظاهر الأعمال, غافلين أن الله فقط هو العالم بالقلوب وبالنيات, أردت أيضا ً التشديد على أن الانسان مهما ضل الطريق فهناك بذرة الخير موجودة بداخله, فلا يوجد انسان شرير بطبيعته بل يوجد انسان لوثته علاقاته بالآخرين وجعلت قلبه أسود.

* ماذا عن قصتي “المعطف القديم” والنافذة الزجاجية”؟

* الأولى تعلى من قيمة الوفاء للأب وبره بعد موته, فالأب والأم هما جذور الانسان ومنهما تشربنا قيمنا ومبادئنا, وبعد موتهما يشعر الانسان بأن جذوره تقطعت الا أنه يستطيع أن يعيدها مرة أخرى من خلال تواصل خفي يحدث بين روح الحي وروح الميت عن طريق الذكريات. أما “النافذة الزجاجية” فهي تدعو للرحمة والشفقة على كل من يقابلنا في الشارع ونظنه لوهلة مجنونا أو متسولاً, فنحن لا ندري حقاً ما الذي جعله يفترش الشارع ويهجر العالم الطبيعي المكون من أسرة وأطفال, لكل منا ظروفه التي جعلته يتمرد على ناموس الطبيعة, لذا لابد من عدم التسرع واطلاق الأحكام على هؤلاء ممن عاندتهم الحياة.

* في قصة “مفيش حاجة” هناك أكثر من خط رغم قصرها, لماذا؟

* القصة فيها نوع من الفكاهة, وهي تسير في اتجاهين, الأول, فكرة المراهقة وأحلام اليقظة التي يعيشها الشباب في هذه المرحلة, خصوصا الملتزمين منهم, فهم لا يستطيعون تنفيذ ما يريدون على أرض الواقع فيعيشونه في خيالهم, أما الثاني, وعلينا الا نعامل من هم أقل منا في المستوى المادي أو الاجتماعي وكأنهم ينظرون الينا كنجوم في السماء, ويحلمون بنا وينتظرون منا أن نشعر بهم, بل العكس هو الصحيح, يجب أن ننظر إلى كل منهم باعتبار أن له شخصيته وحياته واعتزازه بنفسه, وهو ما فعلته الخادمة مع طالب الطب.

* لماذا الربط بين الموت والاهمال في قصة “عزرائيل يصل أولاً”؟

* لأن الإهمال من قبل المسؤولين قد يؤدي إلى الموت, فالقصة تدور حول حادثة يتعرض لها شخص في الطريق العام ويتم ابلاغ المسؤولين وتأتي الاسعاف بعد وقت طويل وعندما تقترب من المصاب تجد أن عزرائيل قد سبقهم اليه.

* هل تلوم بطل القصة على موقفه السلبي؟

* هذا البطل فرد يعبر عن مجتمعه, ويعيش حالة من السلبية واللامبالاة التي اكتسبها من هذا المجتمع, ورغم أنه تصرف بأنانية, الا أنه كان أقلهم سلبية حسب سياق القصة, وقد ألتمس له العذر لأنه وجد أن الجميع لا يؤدي دوره المطلوب منه, ومع ذلك حاول بقدر الامكان, الا أنه لم يستطع, وكما قلت هو مجرد بشر وعلاقته بالآخرين تحكمها المصالح, لذا لن أتعجب لو فعل أي أحد مثله كما ورد في سياق القصة, رغم أني قدمت بالقصة اشارة تقول إن الحيوان قد يكون أكثر منا احساساً ورحمه في بعض الأحيان.

 

الثأر والانتقام

 

* هل الحياة في دار المسنين بديل مناسب للبعض كما جاء في احدى قصص المجموعة؟

* ليست هي البديل المناسب, لأنه لا يعيش في دار المسنين الا من تم اجباره على ذلك, وأعتقد أن أسوأ ليلة في حياة الانسان هي أول ليلة يقضيها في دار المسنين, واتخيل أنه يقضيها كلها باكياً وآسفا على عمره الذي ضاع من دون رد للجميل أو معرفة حقه من أبنائه. وقد قادتني الظروف للذهاب إلى بعض دور المسنين, فوجدت فيها قصصا يشيب لها الولدان وجحودا ونكرانا للجميل.

* تعرضت لقضية الثأر والانتقام في أكثر من قصة فهل تشجع عليهما؟

* هناك بعض الأخطاء والجرائم لا يجب التغاضي عنها, بل يجب الثأر من صاحبها لكن بالقانون, كما بينت في قصة “الصديق الوفي”, وأعتقد أنه يستحق ما حدث له, أما في قصة “فتاة الليل” التي تقتل كل من يوافق على قضاء وقت معها, فمن خلال الأحداث نعرف أنها ضحية زوج قاس عذبها وأذلها, وحرمها من أولادها, فكانت تنتقم من كل الرجال.

* تناولت قصة حياة عسكري الأمن المركزي البسيط, ألم تخش أن تَهاجم أو تصنف كفلول؟

* لا, فعسكري الأمن المركزي من الطبقات المهمشة المطحونة في المجتمع المصري, وهو من يدفع حياته ثمناً لأخطاء الآخرين, وغالباً لا يكون له رأي سياسي ما, فقد كان بطل القصة مزارعا بسيطا يساعد والده في أعمال الحقل, وأردت عدم القاء التبعات على من لا ذنب له, فهو فرد يؤدي خدمته وحق الوطن عليه, لذا يجب احترامه وتبجيله, ولولا وجوده في مكانه هو ورفاقه لما شعرنا بالأمن والأمان.

* ما القيم التي تربيت عليها وترى أنها تنقص الأجيال الجديدة؟

* طفولتي كانت في قرية, وبالتالي فلقد تربيت على قيمها ومبادئها, من حب وترابط وتآلف, الى جانب الصراحة والوضوح, وعدم المداهنة والتملق, والالتزام والاعتداد بالنفس, وللأسف كثير من هذه القيم غائبة عن مجتمعنا الآن.

 

المحاسبة والأدب

 

* هل لعملك كمحاسب قانوني علاقة بكتاباتك؟

*اطلاقا, فلغة الأرقام جافة صماء, لا تثري الموهبة الأدبية ولا تنميها, لكن ربما تكون قد أفادتني على المستوى الانساني, حيث أعطتني خبرة في التعامل مع البشر, فعملي يجعلني أحتك بصفة يومية بنماذج بشرية, ممن تتحكم في حياتهم المادة أو بمعنى أدق أراهم عبيداً للمادة والمال, وأنا لا ألومهم في حقيقة الأمر, بل أشفق عليهم من كثرة حرصهم على الادخار للغد, وما يترتب عليه من حرمانهم من متع الحياة, فهم غافلون غير مدركين أننا نعيش مرة واحدة.

* ما أكثر الكتب التي تأثرت بها؟

* اقرأ كل ما يقع تحت يدي, وإن كنت أرى أنني استفدت جداً من كتب التاريخ الاسلامي فهي زاخرة بالأحداث والشخصيات التي لا تنتهي, كما استفدت من كتابات الرواد الأوائل في الرواية والقصة القصيرة, ومنهم نجيب محفوظ, يوسف السباعي, يوسف ادريس, احسان عبد القدوس, محمد عبد الحليم عبد الله.

* هل أثر التقدم التكنولوجي في حياتنا سلباً أم ايجاباً؟

* لكل جديد إيجابياته وسلبياته, فمن الايجابيات سرعة الحصول على المعلومة وانجاز الأعمال بطريقة أفضل, الا أن معظمنا يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لتضييع الوقت فيما لا فائدة منه, وهو ما جعلنا نعيش كجزر منعزلة, وبنظرة واحدة إلى رواد المقاهي نجد كلاً منهم منشغلاً بمتابعة الفيس بوك أو تويتر أو غيرهما, ولا يتحدثون إلا قليلاً وكذلك الحال بين أفراد الأسرة, لذلك أرى أن ثورة التكنولوجيا أتت على آخر شعور انساني بداخلنا, ألا وهو التواصل الانساني الأسري.

* ماذا تضيف مواقع التواصل الاجتماعي للكاتب؟

* هي في غاية الأهمية بالنسبة للكاتب لأنها تمنحه فرصة كبيرة للانتشار, وبناء جمهور, علاوة على التواصل مع القراء من خلالها وكذلك مع دور النشر والمنتديات الثقافية, والاشتراك في المسابقات, إلى جانب استخدامها من قبل الكاتب كوسيلة فعالة في الدعاية والاعلان عن اعمال الكاتب.

* ما جديدك؟

* رواية اجتماعية رومانسية, وهي تجربة ستكون مختلفة تماماً عما سبق, وأتمنى أن تنال استحسان القارئ.

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة