بقلم محمد العبوب / المنبر لرياضي :
يستعد المجلس الجماعي لمدينة تيزنيت لإخراج قانون داخلي جديد لقاعة اناروز و المصادقة عليه في إحدى دوراته المقبلة لتعويض القانون القديم الذي انطلقت معه القاعة و الذي لم يتطرق إلى كل الأمور التنظيمية التي تهم استغلال هذه المعلمة الرياضية . القانون الجديد يختلف كثيرا من حيث الشكل و المضمون عن سابقه و يحمل عدة مستجدات كما يحمل بين طياته تناقضات سنتطرق إليها و سنحاول القيام بقراءة نقدية لما جاء فيه، لكن تجدر الاشارة قبل ذلك إلى أن صياغة هذا القانون تم بطريقة أحادية رغم تواجد عدة شركاء في القاعة، كما لم يحترم إشراك جمعيات المجتمع المدني التي يهمها الأمر و تشكل صلب الموضوع و تملك حق الإخبار و الاستشارة و التقييم على الأقل :
- الفرق بين القانون الجديد و القديم ..
من حيث الشكل تحتوي مسودة القانون الجديد على 17 فصلا بأكثر من 70 بندا في مقابل ستة فصول و 23 بندا في القانون القديم ، و هي غير مرتبة ترتيبا محكما، كما أن بعض البنود مكررة و أخرى منقوصة ، أما على صعيد المضمون فلم تشر ديباجة المسودة بأي شكل من الأشكال لقانون الرياضة و التربية البدنية. و تضمن القانون الجديد عدة مستجدات، من بينها السماح للجمعيات غير الرياضية باستغلال القاعة، و فرض الانخراط و تسعيرة الخدمات، بالاضافة إلى أمور تنظيمية تتعلق بتنظيم ولوج القاعة و الممارسة، كالتأمين و بطائق التعريف. كما تحدث القانون لأول مرة عن الاستشهار و الانشطة ذات الصبغة التجارية و وضع لائحة لتسعير الخدمات ، ورغم كون القاعة في الأصل بنيت لأهداف رياضية فقد فرضت أقصى الشروط على الجمعيات الرياضية في مقابل التساهل مع الجمعيات من مجالات أخرى لاسيما التنشيطية.
- أمور مبهمة ..
احتوت المسودة الجديد على عدة بنود غير واضحة و مصطلحات فضفاضة تحتاج لتفسير أكثر ، و لعل أبرزها هو عدم التفريق بين قاعة أناروز و ملاعبها الملحقة، حيث تتحدث بعض البنود عن القاعة و مرافقها فقط و تضيف أخرى الملاعب. من جهة ثانية تشير بعض البنود إلى ضرورة توفير الحراسة للملاعب من طرف الجمعيات (البند 7 الفصل 2 )، و تحديد الملاعب المراد استغلالها (البند 2 الفصل 2 )، و ضرورة احترام حرمة القاعة (البند 7 الفصل 1)، و ضرورة احترام البعد البيئي للفضاءات الخضراء (البند 8 الفصل 1) … و كلها الأمور تحتاج لتوضيح فنحن نتحدث عن قاعة بملعب واحد كما هو مبين في عنوان المسودة ؟.
و عن علاقة المستفدين بالإدارة و الجماعة المانحة للترخيص لم بفسر القانون باسهاب ما المقصود بالاخلال بالسير العادي للقاعة كما لم يوضح العقوبات المتخذة في هذه الحالة (البند 6 الفصل 11) ، مما يفتح الباب على مصراعيه لإقصاء الجمعيات تحت هذه الذريعة. كما هضم (البند 7 الفصل 2) حق الجمعيات في تلقي الرد عن طلب الترخيص داخل آجال محددة ، و هنا يجب وضع سقف للحيز الزمني الذي تحتاجه الجماعة لإعطاء الجواب .
من جهة أخرى تحدث (البند 5 الفصل 7) عن حق الجماعة في تغيير الموعد الممنوح للجمعيات في حالة احتضان المدينة لتظاهرة رسمية تستوجب استعمال القاعة، لكن ماذا عن الخسائر التي تتكبدها الجمعيات في هذه الحالة، ألا يحق لها أن تتلقى تعويضا عن ذلك، علما أن الجماعة حريصة كل الحرص في هذا القانون على حماية مصالحها إلى درجة حجز بطاقة التعريف الوطنية و فرض ضمانات مادية لأضرار لم تحدث !
يتحدث هذا القانون عن الانخراط السنوي للجمعيات لدى إدارة القاعة مقابل وصل، و هذا أمر مفهوم، و يتحدث أيضا في (البند 1 الفصل 6) عن امكانية فرض انخراط شهري على هذه الجمعيات، لكن لم تعط توضيحات هل يتعلق الأمر باجراء يعوض الانخراط السنوي أو بإجراءات إضافية لاحقة تنضاف حسب السلطة التقديرية للمسؤولين؟!! و هنا أيضا يجب وضع النقاط على الحروف، و علاقة بذلك و بخصوص بطاقة الانخراط التي جاءت في (البند 5 الفصل 6) يجب تحديد بدقة الأطراف التي ستسلم لها هذه البطاقة ..
اجراءات تعسفية لاغبار عليها ..
حاول القائمون على المسودة إغناءها بمجموعة من البنود لتشمل جميع مناحي تسيير قاعة الرياضات أو بالاحرى القاعة المتعددة الاستعمالات كما يخطط لها أن تكون ، إلا أن بعضها يحمل تعقيدات تصل إلى حد التعسف، كإلزام الجمعيات الرياضية بتقديم نتائج المقابلات مؤشر عليها من طرف العصبة أو الجامعة و كذلك إلزامية تقديم التقرير المالي (البند 2 الفصل 2)، فما علاقة هذه الأمور باستغلال هذا المرفق العمومي ؟! .. إذا كانت جماعة تيزنيت ترغب في معرفة نتائج فرق المدينة و حالتها المادية لاستغلالها في تدبير المنح السنوية فالأجدر بها أن تشكل لجنة تتبع منفصلة عن شؤون إدارة القاعة و اعتماد ملف موحد يوضع لدى مكتب الضبط عوض الزام الجمعيات بايداع ملفين كما ورد في (البند 7 الفصل 2).
و للاستفادة من خدمات القاعة يشترط القانون الجديد توقيع التزام بتحميل الأطراف المستفيدة جميع الخسائر الناتجة عن الاستغلال وكذا ايداع ضمانة قدرها 25 درهما عن كل مستفيد (بند 7 الفصل 2)، بالاضافة إلى حجز البطائق الوطنية طوال المدة التي تجرى فيها الأنشطة (البند 2 و 3 الفصل 8).. الالتزام تعاقد مقبول نتفهمه لكن حجز البطاقة الوطنية عمل غير قانوني كما أن الاقتطاع من الضمانة في حالة الخسائر هو قانون الغاب بعينه.. فكيف تسمح إدارة القاعة أو الجماعة لنفسها أن تكون هي الخصم و الحكم في نفس الوقت ؟..فعين الصواب في هذه الحالة هو أن يحرر رجال الأمن الحاضرون محضرا يصف الاحداث و يحصي الممتلكات التي تعرضت للضرر، و بناء عليه ترفع إدارة القاعة تقريرها إلى رئيس الجماعة الذي يلجأ إلى القضاء في حالة لم يصل الطرفان الى تسوية حبية..
من بين أغرب ما ورد في مسودة القانون الداخلي الجديد هو أحد الشروط الذي ورد في ملف الاستفادة و يتعلق بضرورة تقديم شهادة طبية تثبت السلامة العقلية للمستفيدين والأطرالمشرفة (البند 2 الفصل 2)، و كذلك تحديد عدد اللاعبين في 16 دون تحديد نوع الرياضة (البند 3 الفصل 7). و حمل (البند 7 الفصل 2) شرطا غريبا أخر هو ضرورة الحصول على ترخيص من الجماعة عند كل تغطية اعلامية للأنشطة والتظاهرات،و هذا الشرط ورد في الفصل المتعلق بالمسطرة الادارية المتبعة للاستفادة من القاعة و التي تهم الهيئات المستفيدة .. فهل هذ يعني أن الجمعيات لاحق لها في تغطية أنشطتها ؟ أم أن القانون يرمي واضعوه من ورائه إلى قطع الطريق أمام المنابر الاعلامية كم تم قطعه سلفا بخصوص تغطية دورات المجلس ؟ . و هنا ننبه إلى هذا المعطى الخطير الذي سيشكل لا محالة حجر عثرة أمام مجموعة من المواقع الالكترونية المحلية التي تساعد على حفظ الذاكرة الرياضية التيزنيتية، و الأجدر أن تساعد ادارة القاعة و الجماعة على هذا الأمر و تخصص لجنة اعلامية دائمة التواجد بالقاعة لا أن تحرم المواقع القليلة التي تتواجد بالمكان.
- تجاهل لقوانين الرياضة و العصب و الجامعات و اعتداء على اختصاصات الغير ..
تتسم مسودة القانون الداخلي الجديد للقاعة متعددة الاستعمالات بتجاهله أو جهل واضعيه لبنود قانون التربية البدنية و الرياضة 30-09 ، فالديباجة كما سلف الذكر لم تشر إلى مرجع النص القانوني المنظم للمجال الرياضي و الذي يشكل صلب اهتمامات القاعات من هذا النوع. و إن صياغة بعض البنود كتنظيم المراقبة الطبية و توفير الحكام (البند 2 الفصل 7) و التحكم في توقيت المباريات بعد برمجتها (البند 2 الفصل 7) هو من صميم اختصاصات العصب و الجامعات و ليس إدارة القاعة ، فإجراء المباراة من عدمها بعد مرور 15 دقيقة على توقيتها المبرمج هو من صميم اختصاصات الحكم و ليس ادارة القاعة التي أعطاها واضعو القانون الجديد حق إرجائها إلى ما بعد إجراء كل المباريات المبرمجة في نفس اليوم. من جهة أخرى يعد الحديث عن ضرورة توفير مدربين و مكونين أكفاء اعتداء صارخا على اختصاصات القطاع الوصي الذي لا يسلم الاعتماد إلا للجمعيات التي يتوفر فيها هذا الشرط حسب قانون الرياضة السالف الذكر، و هذا أكبر دليل على صياغة المسودة الحالية للقانون الداخلي دون استشارة أطر القطاع الوصي.
و علاقة بالتأمين الذي ذكر في عدة أماكن و خصص له فصل فريد إلى جانب الانخراط (الفصل السادس) ، فيبدو أن واضعو المسودة لا يفرقون بين التأمين الفردي العادي الذي يغطي المنافسات داخل القاعة الرياضية الخاصة بكل جمعية على حدة و كذا المباريات الرسمية الخاصة بالفرق المنضوية تحت لواء العصب و الجماعة، و بين تأمين التظاهرات المناسباتية التي تنظمها الجمعيات، فالأول مفروض بقوة قانون الرياضة و القوانين التنظيمية للعصب و الجامعات ، و الثاني تتحكم فيه الجمعيات المنظمة و غالبا ما يتم إهماله. و لشرح الموضوع فالتأمين الذي يغطي اللاعب خلال المنافسات الرسمية لن يغطيه بالضرورة إن هو أصيب خلال مبارية حبية.
- قيود كثيرة للجمعيات الرياضية و سخاء كبير نحو الجمعيات الأخرى..
عند تفحص ما جاء في مسودة القانون الداخلي الجديد فأول ما يتراءى هو القيود الكثيرة التي لُفت بها الجمعيات الرياضية بالمقارنة مع الجمعيات المشتغلة في مجالات أخرى، فالتأمين مثلا لا يشير في الفصل الفريد إلا للجمعيات الرياضية (البند 3 الفصل 6). و في (البند 2 الفصل 2) فايداع طلب ملف الاستفادة بالنسبة للجمعيات الرياضية لا يتم إلا خلال الفترة مابين فاتح شتنبر الى غاية 30 منه ، في مقابل التساهل مع الجمعيات الأخرى التي يحق لها الانخراط متى شاءت و يكفيها احترام مهلة الثلاثين يوما قبل إقامة النشاط لاغير.. و هنا نتساءل ما الحل في حالة عدم احترام جمعية رياضية للآجال المنصوص عليها ؟
و كذلك تظهر امتيازات الجمعيات الثقافية التي خصص لها فصل فريد إلى جانب المعارض ( الفصل الخامس) في المدة القصوية لاستغلال القاعة و التي تمتد لأربعة أيام، في مقابل يوم واحد على الأكثر بالنسبة للأنشطة الرياضية. و بالرجوع لجدول تسعير الخدمات فلا يبدو الفرق كبيرا بين الجمعيات الرياضية و الجمعيات الأخرى في مدد الحصص التدريبية ، فحصص التدريب بالنسبة للأندية والجمعيات الرياضية المنضوية تحت لواء الجامعات و العصب حددت في ساعة ونصف ، في حين حددت حصص الجمعيات المهنية والاجتماعية في ساعة واحدة. (بند 1 الفصل 7).
- تناقضات صارخة..
يتحدث القانون في الفصل الخاص بالقواعد العامة للاستفادة من القاعة عن حرص الجماعة على ضمان حيادية الأنشطة المنظمة من أي خلفية ايديولوجية أو سياسية أو نقابية ودينية او عقدية (بند 5 الفصل 1)، غير أنه في مكان اخر بالمسودة تم اقتراح مبلغ 2000 درهم خلال يوم واحد بالنسبة للتظاهرات الساسية شريطة الحصول على ترخيص السلطة المحلية وموافقة نيابة وزارة الشباب والرياضة، و هنا يبدو أن واضعي هذه القوانين اعتمدوا على القانون الداخلي للقاعة المتعددة الاستعمالات لمدينة انزكان التي تختلف كثيرا عن قاعة تيزنيت..
مع ذلك يبقى التناقض الصارخ الذي جاءت به المسودة هو اشتراطها على الجمعيات المستفيدة من القاعة تقديم خدماتها بالمجان في الوقت الذي ستستخلص فيه إدارة القاعة مبالغ مالية كبيرة من هذه الجمعيات إلى حد مطالبة بعضها بربع الأرباح إضافة إلى أداء الانخراط (بند 5 الفصل 1) ..فكيف يستقيم ذلك ؟
- مجلس دار القاعة .. هل سيرى النور ؟
عرفت مسودة القانون الداخلي الجديد في الفصل الثامن “مجلس دار القاعة” بكونه هيئة استشارية موازية تساعد ادارة القاعة و المرتفقين في تدبير شؤونها والاشراف على تنسيق برمجتها وتتكون من ممثلين لجميع الفرق و الاندية و المدارس المنخرطة وجوبا بالقاعة ، غير أنه لم يتم الإشارة إلى تدخلات هذه الهيئة في كل الأمور التي ناقشها القانون، و حتى في الفصل الذي يتحدث عن فض النزاعات لم بتم الاشارة الى المجلس ولو من باب الحلول الحبية و تقديم المساعدة، بل تم اللجوء مباشرة الى تحكيم رئيس الجماعة .. و يبدو أن هذه الهيئة لن ترى النور بسهولة و الأقرب أن يتم اغتيالها في المهد كما هو الشأن في السنوات الماضية.
- تسعير الخدمات .. أثمان باهضة و توزيع غير عادل ..
لا يشك عاقل بأن تسعير الخدمات هو مربط الفرس منذ البداية و هو سبب اخراج القانون الداخلي الجديد إلى الوجود، فبعد أن قدمت قاعة اناروز خدماتها للفرق المحلية و من خارج حدود الجماعة بالمجان ارتأى المجلس الجماعي الجديد أن يقطع مع هذه الفترة ليتجه إلى تحويل هذه المعلمة الرياضية إلى مصدر من مصادر الجبايات. و قد وضعت لذلك جدولا هجينا يبدو أنه نتاج لدمج تسعيرات قاعات رياضات مختلفة و يستنتج ذلك من التناقضات الكثيرة التي يحملها.
و من بين الأمور الملاحظة على سبال المثال هو التساهل مع جمعيات الاعمال الاجتماعية مقارنة مع القطاعات المهنية . من جهة اخرى من بين القواعد العامة للاستفادة من خدمات القاعة يتحدث (البند 8 الفصل 1) عن ضرورة الاحترام مقاربة النوع بالنسبة للمستفيدين ، لكن اذا رجعنا إلى جدول تسعير رياضة الايروبيك النسائية و قارناها برياضة مشابهة كفنون الحرب سنستنتج أن واضعي القانون لا يحترمون بتاتا هذه المقاربة: ففي مقابل أداء 20 درهم لكل عنصر نسائي لمدة ساعة واحدة في رياضة الايروبيك، أي أداء 12000 درهم لمدة ثلاث ساعات ، سيؤدي منظمو تظاهرة في فنون الحرب مبلغا اجماليا مقداره 500 درهما لمدة يوم كامل ! ..و هنا تبدو قاعات الخواص للبعض أرحم من مرفق عمومي بهذه الاثمان المجحفة… و أن الاثمنة المفروضة على المدارس الرياضية أيضا ستدفع بالعديد منها الى الانسحاب من الميدان.
مسودة القانون تحدثت عن الاستشهار و الانشطة ذات الصبغة التجارية، و خصصت لذلك الفصل العاشر الذي يرخص للمستشهرين والشركات الراغبة في عرض لوحات الاستشهار لمنتوجاتها بواجهة الملعب أو حوله شريطة أن لا تتنافى هذه الاستشهارات مع المبادئ الرياضية العامة ، لكن أكبر غائب هو جدول الأثمنة و الخطوات العملية لوضع هذه اللوحات و اللافتات .. مما سيفتح الباب أمام تعسفات السلطة التقديرية لبعض المسؤولين…
في الأخير نتمنى أن يسلك المسؤولون القائمون على القانون الداخلي الجديد لقاعة الرياضات اناروز ، التي ستصبح قريبا قاعة متعددة الاستعملات، طريق الديموقراطية التشاركية التي يتغنى بها الكثير و أن يشاركوا جمعيات المجتمع المدني في مناقشة هذا القانون الذي يهمهم بطريقة مباشرة ، سواء في اجتماعات تشاورية أو عبر نشر المسودة على الموقع الرسمي للجماعة للإخبار أولا و لإبداء الملاحظات ثانيا.
عذراً التعليقات مغلقة