كثرت في الآونة الأخيرة تصريحات حول سبب فشل المنظومة التعليمية ببلادنا ، من بينها تصريح وزير التربية والتعليم والذي حمل في عدة مناسبات فشل المدرسة العمومية إلى الأطر التربوية ، واصفا إياهم: ” المدرسون الأكفاء عملة نادرة إن لم تكن منعدمة” .. وصف أقل ما يمكن قوله أنه غير علمي . إذ لم تنبن على أي بحث .
لنسلم صدقا هذا الاستنتاج . الأطر التربوية لا تمتلك المهارات الضرورية لممارسة وظيفتها ، ولكي ترتقي بالعملية التعليمية إلى المبتغى المطلوب . فما هو الحل ؟
الحل واحد من اثنين :
1 – استعاضة الأطر الحالية بأطر جديدة مكونة ومدربة ومؤهلة وهذا من أولى المستحيلات .
2- تنظيم تكوين مستمر للرقي بالمدرسين وتأهيلهم وتحسين كفاءاتهم …
نصوص :
وتر التكوين المستمر يتم العزف عليه دائما دون نتيجة ، بل دون مباشرته ، فبعودتنا للميثاق الوطني للتربية والتكوين ، نجد في المادتين 134 و136 أهمية التكوين المستمر لكل أطر التعليم من مدرسين ومفتشين وإداريين ..
“– تستفيد أطر التربية والتكوين، على اختلاف مهامها أو المستوى الذي تزاول فيه، من نوعين من التكوين المستمر وإعادة التأهيل :
- حصص سنوية قصيرة لتحسين الكفايات والرفع من مستواها، مدتها ثلاثون ساعة يتم توزيعها بدقة ؛
- حصص لإعادة التأهيل بصفة معمقة تنظم على الأقل مرة كل ثلاث سنوات.
تنظم دورات التكوين المستمر على أساس الأهداف الملائمة للمستجدات التعليمية والبيداغوجية، وفي ضوء الدراسة التحليلية لحاجات الفئات المستهدفة، وآراء الشركاء ومقترحاتهم بخصوص العملية التربوية من آباء وأولياء وذوي الخبرة في التربية والاقتصاد والاجتماع والثقافة.
وتقام دورات التكوين المستمر في مراكز قريبة من المستفيدين وذلك باستغلال البنايات والتجهيزات التربوية والتكوينية القائمة، في الفترات المناسبة، خارج أوقات الدراسة .”
(الميثاق الوطني للتربية والتكوين المادة 136)
مرت عشرية الميثاق أو كادت ، فجاء المخطط الاستعجالي وركز على أهمية التكوين المستمر في النهوض بالعملية التعليمية وأشار في المجـــال 3 تحت عنوان :
مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية:
” – تعزيز كفاءات الأطر التربوية
– تعزيز التكوين المستمر:
العمل بنظام جديد للتكوين المستمر على مستوى التعليم المدرسي :
¬ وضع تنظيم مرن و فعال للتكوين المستمر
¬ بسط وسائل التدبير الضرورية لقيادة التكوين المستمر
¬ تطوير مخططات التكوين التأهيلي لفائدة رؤساء المؤسسات، و التكوين المستمر لفائدة
المسيرين و رؤساء المؤسسات بناءا على محصلة الكفاءات.” (المخطط الاستعجالي E3P1 )
مرت سنوات المخطط الاستعجالي ، بميزانية ضخمة وحصيلة مرة ، ملخصها فشل التعليم ببلادنا بإقرار مسؤولينا سابقين وحاليين، وطبعا المسؤول عندهم هو الأستاذ .
فاصبر أيها المدرس صبر الجمل ، واستعد للتكوين المستمر في القريب العاجل لننهض جميعا بالمدرسة العمومية ، فلن يرض ذو مروءة أن يصنف تعليمنا في ذيل الدول . إذ الأهم أن يعمل الجميع من أجل إيقاظ الهمم لنرتقي إلى مصاف الدول الرائدة في التعليم ككوريا الجنوبية وفيلاندا ..
لم تغفل الوثائق التربوية الرسمية المعتمدة أهمية التكوين المستمر للأطر التربوية كما ذكرنا في المقال السابق . لأزيد من 15 سنة ، حصيلتها أن أزيد من 230000 مدرس ليس فيهم أكفاء حسب تعبير وزير التربية الوطنية والتكوين المهني .
عملت وزارة التربية الوطنية على إرساء تكوين مستمر للرقي بالأطر التربوية لأداء مهامها المتعددة، منها التكوين عن بعد والتكوين الحضوري . جودة هذا التكوين و ملاءمته و فعاليته بارزة تلخصها مختلف التقارير الدولية التي تهتم بجودة التعليم من بينها PIRLS و TIMSS فرضت على مسؤولي التعليم أن يكشفوا عن هول الكارثة وهي فشل منظومة التعليم، فحملت الأستاذ المسؤولية الكاملة في ذلك .
( في الدول المتقدمة ، عندما يفشل مشروع ما، يستقيل المسؤول الأول عن ذلك ، رئيسا كان أم وزيرا أو مديرا ، ثم يفتح تحقيق نزيه للوقوف على أسباب الإخفاق ، للعمل على تجاوزها وتحسين المردودية . لكن في وطننا الحبيب تحدث الكارثة ، فيقيل “المسؤول الكبير” ما دونه في السلم في درجة المسؤولية ، وإذا حقق المشروع نجاحا ، يبادر المسؤول الكبير بتقديم نفسه أنه فعل وخطط و و و .)
منصة التكوين عن بعد COLLAB
أنشأت وزارة التربية الوطنية منصة للتكوين عن بعد ، يشرف عليها ثلة من الأطر التربوية ، وقدمت تكوينات مفيدة لعدد كبير من المدرسين في عدة مجالات كلها تروم إلى إنتاج وتعديل وتحسين الموارد الرقمية مع حسن استعمالها في العملية التعليمية التعلمية، و قسمت إلى ستة مجالات ، كل” متعلم ” (إطار تربوي سجل في التكوين ) يستفيد حسب رغبته في المجال أو المجالات التي يختارها :
– إنتاج موارد رقمية و إنتاج مواقع إلكترونية .
– المقلمة (trousse) تضم عدة برانم هي من بين ما ينبغي معرفته بالضرورة لكل ممارس لعملية التعليم : برنام للتعامل مع الصور و برنام للتعامل مع الصوتيات وأخرى لإنتاج المتحركات وأخرى للفيديوهات …
– التعليم بالمشروع ، و مشروع المؤسسة …
هذا المشروع توقف الآن رغم أهميته . لماذ ؟ مجموعة ممن استفادوا من هذا التكوين لم يتوصلوا بشهادة نهاية التكوين منذ ما يزيد على ثلاث سنوات وينتظرون . شهادة تقديرية لا يتجاوز ثمنها 3 دراهم لم يستطع (أو لا يريدون ) القائمون على هذا المشروع إرسالها للمعنيين بالأمر . لعل وزيرنا ومن معه أن يعملوا، وعوض الكلام عن “طابليت لكل تلميذ ” ، أن يحيوا هذا المشروع وتطويره لتدريب وتهييئ من يحسن استعمال “الطابليت” و السبورة الرقمية وما يوازيها من معدات وبرانم ..
المركز الرقمي للتعلم البيداغوجي CNAP خطوات نحو التميز.
لا شك أن إدخال الموارد الرقمية في عملية التعلم الإدارةأحدث ثورة فيهما ، ونعترف أن عددا من المدرسين لما ينخرطوا بعد في إدماج الوسائل التقنية في التعليم ، لأسباب كثيرة موضوعية منها غياب التجهيزات الضرورية في المؤسسات التعليمية (التيار الكهربائي ، الحواسيب ، نقص في البصر ، ..)
أو ذاتية منها ضعف في التكوين لبعض الأطر بل منها من لا يريد أصلا الانخراط في هذه العملية رغم أهميتها ..
لتجاوز هذا النقص عند أطر التربية والتكوين اجتهد رجال ونساء كل حسب قدراته للإسهام في تكوين زملائهم تحت شعار التثقف بالنظير ، بل وتطور البعض فأسسوا مراكز للتدريب على حسن استعمال الموارد الرقمية في التعليم ومن بينها CNAP “centre numérique d’apprentissage pédagogique « أي المركز الرقمي للتعلم البيداغوجي . انطلق هذا المركز بعدد لا يتجاوز أصابع اليد على شكل جمعية تتكون من ستة أفراد، وما فتئ يتطور ويتوسع ويخطو خطوات ثابتة نحو التفوق والتميز . فقد نجح في إنجاز دورات تكوينية في استعمال الموارد الرقمية في العملية التعلمية وما يوازيها من السَنيرة (بفتح السين وتشديدها) (scénarisation ) البيداغوجية ، تمكن أزيد من 500 متعلم من استكمال الدورة والحصول على شهادة نهاية التكوين داخل المغرب وخارجه. والان ينظم دورات أخرى تحت عنوان ” les animations multimédias ” سيكتسب فيها المستفيد منها عدة مهارات لإنتاج متحركات حسب حاجته ومعرفة جودتها ..تتوج بالحصول على شهادة بعد انتاج مشروع شخصي ، لاشك ستستفيد منه المنظومة التعليمية ككل ..
عتاب ل: CMCF و FM6.
فتح موقع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين ، دورات تكوينية عن بعد في عدة مجالات مناه إدخال الموارد الرقمية في التعليم و التكوين الذاتي في شخصية الانسان …لكن بدون مشرفين متابعين ، ثم السحب النهائي لتلك الدروس ، وكان ينبغي تطويرها ليستفيد منها كل راغب ولاشك سيكون وقعها إيجابي على مردودية المدرس..
أما المركز المغربي الكوري للتكوين فحصر تكويناته في الأطر العاملة بالرباط ونواحيها ، إذ ينظم دورات تكوينية حضورية في أنصاف أيام حرة ، لا يمكن لغير الساكنين بالرباط والنواحي أن يستفدوا من خدمات هذا المركز ، لماذا لا يفكر القائمون عليه بتنظيم تكوينات عن بعد أو تكوينات مركزة في العطل لتعميم الاستفادة على كل أطر الوطن الحبيب .
عذراً التعليقات مغلقة