عبد الإله ابن كيران يفكر في النموذج الأنجلوسكسوني الجامعي في بيئة متخلفة وفقيرة مثل المغرب

الوطن الأن24 يونيو 2015آخر تحديث :
عبد الإله ابن كيران يفكر في النموذج الأنجلوسكسوني الجامعي في بيئة متخلفة وفقيرة مثل المغرب

طرح رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يوم السبت 13 يونيو الجاري ضرورة تقليد النموذج الأنجلوسكسوني في التعليم وخاصة الجامعي بفرض رسوم على الطلبة. ولاينطلق ابن كيران من تصور علمي للمساهمة في تقدم البلاد بقدر ما ينطلق من التقليص من نفقات التعليم إرضاء لصندوق النقد الدولي في سياسة التقشف.

وجاءت تصريحات ابن كيران باعتماد النموذج الأنجلوسكسوني في الأداء في حوار أجراه مع مجموعة من نشطاء الفايسبوك. ولم تخلف تصريحات زعيم العدالة والتنمية رجة وسط المجتمع بسبب نيته الإجهاز على أهم مكتسبات البلاد وهي مجانية التعليم، كما هو الشأن في العديد من دول العالم ومنها دول أوروبية.

ولا ينطلق ابن كيران في تصوره من روح وفلسفة النموذج الأنجلوسكسوني في التعليم وأساسا الأمريكي الذي يهدف الى المحافظة على ريادة البلاد بل ينطلق من منطلقات الحرص على تقليص النفقات ونهج سياسة التقشف التي يطالبه بها صندوق النقد الدولي. ويقول في هذا الصدد في اللقاء بنشطاء الفايسبوك يوم 13 يونيو الجاري أن التعليم مكلف ولا يجب على الدولة أن تبقيه في يدها ويجب دعم الفئات المتضررة.

وجاءت تصريحات ابن كيران أياما قليلة بعد صدور كتيب داخلي وسط صندوق النقد الدولي يحذر من الانعكاسات السلبية لسياسة التقشف التي تنهجها بعض الدول بحكم اختلاف اقتصاد عن كل دولة أخرى.

ولم تخلف تصريحات بان كيران، رغم خطورتها، جدلا سياسيا واجتماعيا وسط المجتمع المغربي خاصة وأن سياسة ابن كيران الاقتصادية هي الأكثر ليبرالية في تاريخ المغرب وتقترب من “الليبرالية الجديدة” التي حملت انعكاسات خطيرة على مستقبل بعض الدول.

ولا يمكن تطبيق النموذج الأنجلوسكسوني في بيئة مختلفة ومتخلفة مثل البيئة المغربية. وهذا النموذج ينجح في دولة تتميز بسوق عمل مزدهرة، حيث يفضل الكثير من الشباب التوجه الى سوق العمل بدل إتمام الدراسة الجامعية. واقتصاد دول مثل الولايات المتحدة يوفر العمل للشباب في ظرف قياسي للغاية بفضل ديناميته واختراعاته المتواصلة. ويكفي القول أن القيمة المالية لشركة واحدة مثل آبل أو غوغل يفوق الإنتاج القومي لدولة من حجم المغرب.

في الوقت ذاته، يسمح اقتصاد الدول الأنجلوسكسونية للشباب بالعمل والعودة للدراسة متى شاؤوا، فالاقتصاد الأمريكي يوفر فرص العمل، الأمر الذي لا يحدث مع الاقتصاد المغربي، ثم تسمح قوانين الجامعة بعودة الطالب متى شاء. كما تتوفر الدول الأنجلوسكسونية على جامعات تعمل ليلا وتكون رسومها محدودة للغاية ويستفيد منها العاملون.

نجاح الجامعات الأنجلوسكسونية يتجلى في الارتباط الوثيق بين السوق والتقدم، وهذا يطبق على جامعات كبرى التي اعتمدت الخوصصة منذ عقود، وتتلقى تبرعات من رجال الأعمال وفاعلي الخير والمؤسسات المالية الذين يقدرون البحث الجامعي ويؤمنون بدوره في استمرار احتلال البلاد الريادة. في المقابل نجد، في المغرب، تسابق مؤسسات مالية على تمويل المهرجانات الغنائية. وينجح النموذج الأنجلوسكسوني في الدول التي قطعت أشواطا من التنمية، بينما المغرب مازال يتواجد في المراكز ما بعد 120 في العالم.

نجاح النموذج الأنجلوسكسوني مربتط باستثمار رجال الأعمال وخاصة الذين يرغبون في تمويل جامعات انطلاقا من حس وطني، وهذا تقليد في الغرب. وشهد المغرب مبادرتين خلال السنوات الأخيرة، لكن الدولة المغربية امتنعت عن الترخيص ببناء جامعة في الرباط وأخرى في الجديدة.

ومن سوء حظ أصحاب الدفاع عن التعليم مقابل تأدية رسوم مالية، هو تفكير الولايات المتحدة نفسها تنويع النموذج الجامعي. وطرح الرئيس باراك أوباما في بداية السنة الجارية رسوم مجانية للدراسة في الجامعات الأمريكية بالنسبة لتسعة ملايين شخص.

ومن الأسباب التي تقف وراء استراتيجية باراك أوباما هو مساهمة النموذج الجامعي الأمريكي في خلل وسط المجتمع بتشجيع أقلية دون الباقي. وفي الوقت ذاته، يريد استعادة مجانية التعليم وتعميمه بشكل واسع كما جرى في بداية القرن العشرين.

وكان تعميم التعليم الجامعي في بداية القرن العشرين من الأسباب الرئيسية التي مكنت الولايات المتحدة من الحصول على يد عاملة مؤهلة وكذلك على خبراء، مما جعلها تصبح لاحقا القوة الأولى في العالم. وأمام تقدم دول مثل الصين باعتمادها سياسة جامعية ناجحة، يرغب أوباما في العودة الى السياسة القديمة لاستعادة ريادة الولايات المتحدة في العالم.

وأخيرا، النموذج الأنجلوسكسوني ينجح في بيئة تتميز بالشفافية والمحاسبة والديمقراطية الحقيقية وتكافئ الفرص: فهل هذا يتوفر في المغرب حاليا؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة