حركة على درب 96: من أجل بلورة استراتيجية جديدة…
جاءت حركة على درب 96-إميضر وليدة المخاض العسير للاوضاع التي تعيشها ساكنة إميضر و بسبب عجز “المؤسسات السياسية” عن ضمان حقوقها البسيطة، لتكون إطارا اجتماعيا بديلا لملأ هذا الفراغ و العجز أو على الأقل لضمان استمرار الحياة و حماية السكان، ليؤطر احتجاجات و اشكال النضال و منه خوض اعتصام مفتوح لأزيد من أربع سنوات.
لقد حان الوقت للتوقف عند كثير من النقط ترتبط باعتصام ساكنة إميضر المعروف ب”ألبّان” و تتبع العوامل الكامنة وراء المتغيرات، والآثار الناتجة عنها و الواجبات المنتظرة، كما آن الأوان لوقفة تأمل و اعتماد قاعدة التقييم من أجل التقويم و مدى و عي المحتجين بواجبهم النضالي و الاعتقال السياسي و مدى تأثيره على الحركة، و الفشل الغير معلن عنه للدولة وصولا إلى الوقت الراهن و متطلبات المرحلة لمواجهة الإكراهات المطروحة.
– الوعي الجماعي في ظلّ غياب النخبة… نبش في التاريخ
شاءت الأقدار و الأبحاث الجيولوجية و التقسيم الإداري أن يقع واحد من أكبر المناجم لاستخراج الفضة في النفوذ الترابي لإميضر، و كان بالإمكان أن أن يكون الهيث الاجتماعي لساكنة لإميضر مرادفا لهيث رقم معاملات شركة معادن إميضر، لكن إهمال الشّركة للشق المجتمعي و بمباركة السلطات أفرز لنا واقعا مغايرا، إذ كلما تسلقت الشركة درجات النموّ هوت الساكنة في دركات القهر و الاستغلال، كان ذلك الحلّ لهذه المعادلة التالية: ” للرفع من مستوى الانتاج لابد من استغلال مفرط للثروات الطبيعية”، لكن الساكنة قررت كعنصر فاعل في المعادلة من أجل تغيير البارمترات و تحديد المجهول، فأبانت عن وعي عميق من خلال انتفاصة 1986 ثم 1996 الغنيتان عن التعريف في زمن “البصري” الذي كان فيه الجهر بالوعي من المحرمات، لكن ساكنة إميضر بمتلف شرائحها تعدت الحواجز و خرقت العادة فرفعت صوتها عاليا “كفى من التهميش و الاقصاء”… فحدث ما حدث من تدخّل همجي في حق الابرياء فكانت النتيجة؛ جرحى، معتقلين و شهيد، و من تمّ بدأ تكوين الارث النضالي و تحيين الذاكرة الجماعية للساكنة لتأتي بعد ذلك انتفاضات 2004 المؤنثة ثم 2010 و صولا إلى 2011 و إلى اليوم، و المتأمل في كلّ هذه المحطّات يجد أنه إلى جانب كفاح الساكنة من أجل غد أفضل هناك عامل مشترك بينها و هو غياب شبه تامّ للنخبة، و من هنا ندعو أطر إميضر من سياسيين و اقتصاديين، طلبة و رجال أعمال، إلى تلبية نداء “تمازيرت” و ذلك بالانخراط في صفوف الحركة لبلوغ الهدف المنشود كل من موقعه.
– حركة على درب 96؛ حركة كلّ الإميضريين و الإميضريات….. البديل الأخير
في ظلّ التغييرات الدولية و الوطنية، في عزّ الربيع الديموقراطي و مع استمرار سياسات التفقير و التهميش الممنهجة، جاء المولود الجديد الذي اختير له من الأسماء؛ حركة على درب 96-إميضر، تيمنا بالإرث النضالي للمنطقة، و من خلالها تمّ صياغة الملف الحقوقي في شقّه السوسيو-اقتصادي و البيئي، و التفّت حول كل شرائح المجتمع ليتم اتخاذ خطوات انذارية لم يتعامل معها الطّرف الآخر بالمسؤولية و الجدية الكافية، لتتطور الأمور إلى دخول الساكنة في الاعتصام المفتوح فوق جبل “ألبّان” منذ أواخر شهر غشت 2011 إلى يومنا هذا بالموازاة مع أشكال نضالية أخرى تقتضيها كل مرحلة، لتتدارك الشركة و السلطات خطاها شكلا حيث قبلت بدعوة الساكنة إلى الحوار، لكن ثمة بنية مبنية تقضي إلى كسر شوكة النضال عبر سياسة الترهيب و زرع الفتن و المؤامرات و صولا إلى اعتقال المحتجين بالجملة، و في يوم 19 نونبر 2012 تم التوقيع على “اتفاقية” الغدر بلغة الأعيان في زمن الحداثة و المؤسسات، لكن الطرف الآخر في أبجديات “الإتفاقية” و المشرف عليها يعرفون أكثر من أي كان أنّها ليست بالحلّ و لن تزيد القضية إلا تعقيدا، و الدّليل الميداني على ذلك استمرار الاعتصام و استمرار المؤامرة و الاعتقالات السياسية.
– الاعتقال السياسي… و إذا المعتقل سئل بأيّ ذنب اعتقل ؟
كان الاعتقال السياسي مرادفا للتعذيب و المعاقل السرية و يتم توجيه تهم سياسية مباشرة، لكن مع تطور الأمور و توجيه العالم أنظاره إلى الملف الحقوقي، قلدت الدولة التطور التكنولوجي في مجال الأجهزة البصرية و انتقلت من سنوات الرصاص بالأبيض و الأسود إلى مثيلتها لكن بالألوان، ليتم تعريف المعتقل السياسي باختصار في “كل من حكم علي بتهمة لا يد له فيها”.
أمّا بخصوص اعتقالات إميضر، فلا يعقل أن يحال أكثر من 20 محضرا على وزن “صرح المتّهم…”- مع العلم أن المتهم لا يعرف صك اتهامه حتّى يمثل أمام القاضي- على النيابة العامة دون خضوعها لمسطرة التحقيق بالرغم من توّفر كل ما يلزم التحقيق و خلال المحاكمة يتمّ الاعتماد كليا على كلّ تلك المحاضر بالرغم أنها تعتبر مجرّد “بيانات” في (القانون الجنائي) و يتمّ إهمال مرافعات المتّهمين و دفاعهم، لكن لا استغراب، فذلك و الوجه الحقيقي للمخزن الذي يخفيه وراء قناع الديمقراطية و المقاربة الحقوقية…
و علاقة له بالحركة، فإن الإعتقال السياسي أثّر على نضالاتها سواء من خلال فقدان الطاقات البشرية أو من خلال تقديم المخزن تهديدا لكل من سولت له نفسه السير على خطاهم، و جوابا للسؤال المعنون للفقرة؛ بمطالبتنا بحقوقنا المشروعة و الكشف عن مهرّبي الثّروة حكم علينا سنين.
– أزمة الدولة؛ الفشل الغير معلن عنه !!
لم يشكّل الاعتقال السياسي الوجه الوحيد لفشل الدولة في تعاملها مع القضايا، إذ أن عدم تنزيل مقتضيات “الدستور الجديد” و الحياد السلبي لها، يوضح مدى عمق فشلها في تدبير الملفات الاجتماعية، أما فيما يخص حقوق ساكنة إميضر الاجتماعية، الاقتصادية و البيئية التي اعتمدت حركة على درب 96 في استراتيجياتها على المقاربة الحقوقية و على ضرورة تفعيل التشريعات و النصوص القانونية التي قابلتها السلطات بالرّفض، الشيء الذي يؤكد أنها غير قادرة على تفعيل قوانينها، و نسجل للتاريخ غياب بعض القوانين و الكثير منها يعود إلى فترة الاستعمار.
و تؤكد عدالة قضيتنا و مشروعية ملفنا الحقوقي و اعتراف جهات الدولة ذاتها و المنظمات الحقوقية المؤازرة دليلا على الفشل الذي لحق بالدولة في كل سياساتها، و بقى مدار النّقاش حول سبل تجاوز هذه المعضلات من طرف الحركة في ظلّ التغيرات التي تشهدها الساحة السياسية.
– المرحلة الراهنة و التأثير الجيو-سياسي.. ما العمل ؟
عندما نتحدّث عن المرحلة الراهنة فيجب استحضار الماضي و الحاضر لمعالجة المعطيات و نسج أفكار لاستباق أي خطوة قد تؤثر على المسار النضالي و لعلّ أبرز ما يجب فعله في الوقت الراهن هو ضرورة التدبير الإيجابي للملف و تجنّب الوقوع في الخلل، إذ يجب ضبط توازن القوى و توضيح الرّؤى.
إن المؤشرات و المعطيات الجيوسياسية تحتم علينا جميعا كل من موقعه الوعي بالمرحلة الراهنة، مثلا اقتراعات “4شتنبر” رسمت خريطة سياسية جديدة محليا و جهويا، أمّا استمرار النضال بما هو عليه اليوم فقد يوقعنا في اجترار الأحداث في الوقت الذي نهج فيه المخزن سياسة الصمت و تغليط الرأي العام. إنّ من أبرز المعطيات كذلك، التقسيم الجوي الذي يفرض علينا التعامل معه بذكاء خصوصا ما يتعلق بالتدبير و تسيير الثروات و الموارد الطبيعية، و لهذا يجب التأسيس لنقاشات جريئة و علمية تأخذ بعين الاعتبار مبادئ الحركة و مواقفها الثابتة و مسايرة التغيرات الميدانية و بإشراك الجميع من أجل بلورة إستراتيجية شاملة و واضحة المعالم آملين في الدفع بعجلة الحركة إلى الأمام و من زاوية النقد البنّاء و وفق آليات التحليل المنهجي و الواقعي، يجب الأخذ بعين الاعتبار ما يلي:
– خلق تحالفات موضوعية يغض النظر عن الألوان السياسية لوقف الزحف المخزني؛
– خلق نقاش إميضري-إميضري؛
– اشراك الجهة كفاعل و مسايرة التطورات العامة؛
– تعزيز آليات العمل و إبداع أشكال تواصلية جديدة؛
– تقييم شامل و موسع مع إشراك الكلّ من أجل التقويم الهيكلي للحركة؛
– جعل عمق القضية يسموا على كل شيء، و “ألبّان” يتّسع للجميع.
و في الأخير، نتمنّى أن نكون قد ساهمنا في وضع أرضية لبناء نقاشات و كسر الطّابوهات لتوضيح الرّؤية اكثر، و لكوننا نعيش في زمن المعلومة، يجب على الجميع ان يتوفر على القدر الممكن من المعلومات و المعطيات بهدف أن تكون النّقاشات و الآراء إيجابية نحو المساهمة في الرقي و الازدهار الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي. أمّا فيما يتعلّق بظواهر التغيرات الاجتماعية فتؤكد على سيرورة و دينامية الافراد داخل المجتمع الاميضري.
ابراهيم الحمداوي – عمر موجان
السجن المحلّي بورزازات
عذراً التعليقات مغلقة