في تدوينة مثيرة تنضاف الى عديد من الخرجات الاعلامية مؤخرا التي قام و يقوم بها الاعلامي و القيادي في حزب التقدم و الاشتراكية محمد امنون يهاجم فيها المسؤولين بمدينة انزكان و يتهمهم بالتقصير في خدمة الشأن العام ، هاجم هذه المرة الاغلبية الحاكمة بالمجلس الجماعي لمدينة انزكان المنتسبة الى حزب العدالة و التنمية ، متهما اياهم بنهج استراتيجية ” التحكم الثقافي والرياضي ” عبر تدابير اقصائية تحكمية استعلائية ، في تنافي ثام مع مبادي الدستور التي تنص على المساواة و تكافوا الفرص و الشفافية ،و في تنافي ثام مع توجيهات جلالة الملك في الخطاب الملكي السامي الأخير بمناسبة افتتاح البرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2016 ، الخطاب الملكي البليغ والكاشف الفاضح لتخلف بعض المؤسسات العمومية التي تسعى- في ظن بائس منها أن المواطن إمعة بليد- إلى تدويل السلط المخول لها في اتجاه المحسوبية و الزابونية و اعتبار المال العام غنيمة .
و فيما يلي نص التدوينة كما نشرها عبر صفحته الفيسبوكية :
اقتداء بافتتاحية مارك أنطوني في خطبته البليغة خلال مسرحية ” يوليوس قيصر ” لشكسبير لتأبين الفقيد المغدور بقوله للحشد ” جئت لا لأمتدح قيصر بل لأدفنه ” واقتداء بهذه الحكمة أريد أن أؤكد ، انني أكتب هدا الموضوع حول ما ثم تداوله مؤخرا من تعيين مجموعة من المقربين من الاغلبية الحاكمة كمياومين بالجماعة الترابية لإنزكان…انني هنا اكتب عن الموضوع لا لأمتدح أحدا أو لأهجوه ولا لادفنه حيا أو ميتا ، بل لأفهم الأفعال وأسبابها ، أقول هذا لأن الدين حاولوا ركوب مغامرات المدح والهجاء عندنا كثرة كثيرة ،كذلك نفس الشيء بالنسبة للدين حاولوا اقناعنا بان اعلان العهد الجديد بالمدينة قد انطلق . لكن المطلوب في هذه اللحظة على ما يبدو لي هو فهم بعض الناس على حقيقتهم بعيدا عن الأقنعة و تفسيرهم بشكل أفضل و فهمهم قبل فوات الأوان وكل ذلك لا يمكن إلا من منطلق الصالح العام و النقد العلمي ، وذلك هو هدف هذا المقال المتواضع الدي اعتبره بمثابة وجهة نظر صحيحة ما لم يثبت العكس .
نعم من حقنا – اخلاقيا و قانونيا – كمواطنين ان نتسأل عن خبايا مجموعة من التدابير التي يقوم بها بعض مدبري الشأن العام المحلي بمدينة انزكان ، بداية بمحاولة ” التحكم الثقافي والرياضي ” عبر مجموعة من الانشطة تخصص لها ميزانيات مهمة من المال العام من عرق جبين دافعي الضرائب … يثم اختيار و في سرية تامة مجموعة من المقربين و الموالون المعروفين لتدبيرها و تسييرها ،كأن انزكان ذات 130 الف نسمة ليس فيها الا تلك الوجوه “الستة ” و هو ما وصفه المتتبعين بنوع من تقسيم الغنيمة على الموالون … و بينما يناقش الراي العام خطورة مثل هده التدابير ” التحكمية و الاستعلائية ” ، حتى تسرب خبر تعيين او اختيار مجموعة من الشباب ك”مياومين ” بالجماعة ، و كالعادة في سرية تامة دون فتح باب الترشح او المنافسة عبر “إعلان” ذلك كما وقع في تشكيل هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع … تعيين او اختيار في سرية تامة امام صمت الاجهزة التي لا تنام من سلطات اقليمية و مؤسسات امنية و عدالة … في تنافي ثام مع مبادي الدستور التي تنص على المساواة و تكافوا الفرص و الشفافية ؟؟؟ و في تنافي ثام مع توجيهات جلالة الملك في الخطاب الملكي السامي الأخير بمناسبة افتتاح البرلمان بتاريخ 14 أكتوبر 2016 … الخطاب الملكي البليغ والكاشف الفاضح لتخلف بعض المؤسسات العمومية التي تسعى- في ظن بائس منها أن المواطن إمعة بليد- إلى تدويل السلط المخول لها في اتجاه المحسوبية و الزابونية و اعتبار المال العام غنيمة ، و كما يقال بالمصري أول ما شطح نطح! ، والى كيف تولى هؤلاء هذه المسؤوليات التي يتقاضون منها اجرة من المال العام ، في تنافي مع المقتضبات الدستورية و القانونية و التوجهات الملكية السامية .
لقد شكل دستور فاتح من يوليوز2011 ، الدي جاء بعد حراك شعبي – حركة 20 فبراير – ضد الفساد وقلبه النابض ” الفساد الاداري ” ، نقلة نوعية في تاريخ دساتير المملكة، بالخصوص من جانب التأكيد على مجموعة من الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية التي يجب على الدولة أن تكفلها للمواطنين، إن من حيث توفيرها بشكل كامل، أو من حيث تعبئة الوسائل الكفيلة بتحقيق الاستفادة منها على أكمل وجه.
في هذا الإطار، يؤكد تصدير الدستور الجديد على كون : ” المملكة المغربية (…) تواصل (…) إرساء دعائم مجتمع يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم “.
على هذا الأساس، جاء الفصل 31 من نفس الدستور لينص على أن «تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في:
الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي.
ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق.
دستور جديد بفلسفة جديدة تقوم على ان ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، يجب ان يوازيه الحرص و ضمان ” تكافؤ الفرص” في الولوج لتلك الحقوق “على قدم المساواة”. من الواضح إذن أن فلسفة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما جاء بها الدستور الجديد، تستهدف بطبيعة الحال إحقاق تلك الحقوق، ولكن وفي نفس الوقت، توفير كل الحظوظ والفرص لجميع المواطنات والمواطنين للاستفادة من تلك الحقوق على أكمل وجه.
و من هنا ووفق فلسفة الدستور الجديد فان مبدأ تكافؤ الفرص يشكل حاجة ملحة في دولة ينص قانونها الأسمى على الحريات الفردية والجماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات. من هذا المنطلق، وجب على الدولة توفير الظروف والشروط اللازمة، لتفجير الطاقات والكفاءات، والاستحقاق لجميع المواطنين، مهما كانت أصولهم الاجتماعية او السياسية .
تكافؤ الفرص بصيغة أخرى، يهدف إلى إلغاء أو التقليص من أي تمييز سلبي تجاه أي مواطن او مواطنة، بسبب قربه من هدا المسؤول او داك او لأي سبب اخر ماديا كان او سياسيا … في هذا الإطار، تؤكد إحصائيات البنك الدولي أن ما بين 65 في المائة و 90 في المائة من حالات عدم الإنصاف في و لوج ميدان التشغيل بقطاعيه الخاص و العام في دول العالم الثالث بين البالغين يرجع السبب فيها الى منطق الولاءات السياسية و المحسوبية و الرشوة . وتكشف هذه الظروف النقاب عن مستوى انعدام تكافؤ الفرص في هذه الدول ومن ضمنها المغرب.
تكافؤ الفرص في جميع مجالات حياة المواطن يظل المعيار الأساسي لمدى توازن واستدامة النموذج التنموي للمجتمعات، بين أفراد الجيل الواحد من جهة، وبين الأجيال الحالية والمستقبلية من جهة أخرى. هذا التكافؤ لا يتوقف عند مجال التشغيل بالقطاع العام كما قد يبدو للبعض ، و إنما يمتد ليشمل توفير نفس الإمكانات المتاحة في كل المجالات دون استثناء، وفي جميع القطاعات الحياتية الحيوية في أفق تحقيق المواطنة الكاملة.
سياسة تكافؤ الفرص بالنظر لما يراد لها من دور الرافعة الأساسية لتعزيز قيم المواطنة والانتماء، عن طريق الاعتناء بالفئات الهشة والمهمشة، لا يمكن أن تقتصر على التوظيف بالقطاعات العامة أو بوزارة من الوزارات، مهما كانت أهميتها ومركزيتها في الخارطة الحكومية، بل هي تتعدى ذلك لتكون استراتيجية وطنية تقودها الحكومة، ويلتف حولها كل المتدخلين العموميين والخصوصيين من وزارات وجماعات ترابية ومؤسسات وشركات عمومية، مع الانفتاح بالضرورة على الفاعلين الخواص المؤمنين بمسؤوليتهم الاجتماعية.
المساواة هي الركن الأساس لدولة القانون والقاعدة التي تنطلق منها قيم ومبادئ حقوق الإنسان وهي مفتاح البناء الديمقراطي السليم ،وهي أساس المواطنة ، كما أنها الضمانة الحقيقية للحقوق والحريات وللاستقرار والأمن ، ولذلك فإن الإخلال بمبدأ المساواة يعتبر هدماً لدولة القانون وتمييزاً بين المواطنين وانتهاكا صارخاً لحقوق الإنسان ومعولاً لتقويض إنجازاتنا وطموحاتنا والإطاحة بأحلامنا في ترسيخ أسس الدولة الديمقراطية التي تصون وتحترم كرامة وحقوق كل مواطنيها دون تمييز .
وعليه يعتبر مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص في و لوج المسؤوليات العامة – كل عمل عام بمقابل من المال العام – من المبادئ الدستورية التي تمثل حجر زاوية في البناء الديمقراطي لأية دولة حديثة ، ولقد تضمنته دساتير الغالبية العظمى من دول العالم ويشمل هذا المبدأ التأكيد على شفافية الاعلان عن مناصب تولي المسؤوليات العامة كيفما كان نوعها و حجمها و دورها .
ان ما وقع من تعيين او اختيار مجموعة من الشباب في سرية تامة كمياومين من طرف مسؤولي الجماعة الترابية لإنزكان – ان صح الخبر – يعتبر انقلابا صريحا ووقحا على مقتضيات المادة 120 من القانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات . ومرد ذلك في نظرنا هو طغيان هاجس ارضاء الاتباع و الموالون عند أغلب المنتخبين المحليين، مع الجهل التام بأسباب نزول هذه المقتضيات القانونية الجديدة – ديباجة الدستور الجديد و المادة 120 من القانون التنظيمي و اخيرا مضامين الخطاب الملكي السامي في افتتاح الدورة التشريعية يوم 14 اكتوبر 2016 – وخلفياتها النظرية، أو أحيانا بتجاهل إرادي لتلك الأسباب والخلفيات، أو أحيانا أخرى بالالتفاف عليها من خلال تفعيلها شكليا، وإفراغها من روحها ، فخلق لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، هو استجابة لحق إنساني أساسي، حق المواطن في أن يلمس، على مستوى مضمون القرارات المتخذة محليا و كل الانشطة الثقافية و الرياضية و الفنية الممولة من المال العام ، احترام القيم والمبادئ الإنسانية الأساسية ومنها المساواة، تكافؤ الفرص … و لكن مع ما وقع و امام الصمت السلبي لكل الاجهزة … فقد ثم تحويل خلق لجنة المساواة وتكافؤ الفرص و مقاربة النوع ، من تمرين ذاتي على الديمقراطية التشاركية، بمعية مختلف الفاعلين التنمويين المحليين، إلى إجراء تقني بيروقراطي و فوقي.
عذراً التعليقات مغلقة