أحمد الطالبي :….تيمزكيدا la mosquée …

الوطن الأن7 مارس 2017آخر تحديث :
أحمد الطالبي :….تيمزكيدا la mosquée …

……………من وحي الطفولة -1-……………
منشور قديم بتاريخ 31 يوليوز 2014 على صفحة دوار إغير أيت حربيل طاطا ……
. …………………تيمزكيدا la mosquée ………………

من منا لا يحتفظ في مخيلته بذكريات من زمن الطفولة ، ذكريات ترتبط لدى البعض بولوجه مؤسسة التربية الأولى بعد الأسرة ، وهي – تيمزكيدا- فهذه حال العديد من شباب قريتنا و من جيلنا الذي لم يحالفهم الحظ في ولوج المدرسة ، رغم وجودها . بل منهم من لم يلج لا هذه و لا تلك .ونحن و إن كنا من الذين حالفهم الحظ في ولوج المدرسة ، إلا أن تيمزكيدا بصمت حيانتا ، لكوننا نلجها ايام العطل الصيفية ، أو ربما جمعنا بينهما في فترة من الفترات خاصة عندما نعمل في المدرسة بصيغة التناوب ، بحيث يدخل الكبار كما نسميهم في تلك المرحلة – ولي مقورنين- وننتظر نحن الصغار حصتنا بعد العاشرة صباحا ، إن لم تخني ذاكرتي…
على اية حال فحكي اليوم ، سينصب على تيمزكيدا كما كانت تسمى وما زالت، وكيفية تلقي المبادئ الأولى في القراءة ، وحفظ القرآن وتعلم مبادئ الدين ..
وكيف كان اباءنا يحرصون على انضباطنا و التزامنا بالحضور اليومي لحصص تعلم القرآن ، وكذلك وجوب الإلتزام بالحضور في أداء صلاة الجماعة مع الناس ، بل وقراءة الحزب الراتب ، ويا ويلك إذا خالفت التعليمات ….
أذكر في ما أذكر انني ولجت تيمزكيدا و أنا صغير جدا ، دون أمنية و دون خلفية أو هدف فقط لأن الأطفال يذهبون إليها وكان الإمام آنذاك هو سيدي محمد أوالكبير ، لم أعد اتذكره كثيرا ، كلما أذكره هو اننا نقرا في أخربيش أوفلا ، وهو عبارة عن ما نسميه نحن في إغير- إزغي -une sorte de terrasse مستطيل الشكل ، مفتوح في جهة الوادي ، بحيث يمنحك منظرا بانوراميا على الوادي ، ومنطقة تسمى – تاضانبوت- وهي منطقة رملية واسعة يستغلها الأطفال آنذاك مكانا للعب ، و يلعب فيها الكبار الكرة بعد الحصة المساءية ….
لم أبلغ بعد سن ولوج المدرسة ، لذلك ارافق إبن عمي -حماد- إلى تيمزكيدا ، ولصغر سني آنذاك ربما لم ابدأ في تعلم القرآن و لا حتى الحروف .. لم اعد أذكر ، لكن ما يعتبر مهما بالنسبة لي آنذاك ، هو أن شابا من البلدة لا يعرفه الجيل الجديد ، وهو سيدي محمد بن عبد الرحمان حسيني -وكنا نسميه سيدي محمد أوعبد رحمان – كان شابا ذكيا وقتها ، يكلفه سيدي محمد أوالكبير أن يعلمنا بعض مثون إبن عاشر في التوحيد ، و العقائد و اركان الإسلام ، و بإيقاع يشبه الغناء ، وهي الحصة التي كنت اتفاعل معها قلبا وقالبا..
ونردد جماعة :
قواعد الإسلام خمس واجبات
وهي الشهادتان شرط الباقيات.
ثم الصلاة و الزكاة في القطاع ..
والصوم و الحج على من استطاع….
إلخ
وكنا إذا اقتضى الحال نضيف المد في غير مكانه أو نحذفه ليستقيم اللحن كأن نقول مثلا: قوعدوو….
وقد ذكرني الأخ إبراهيم بونحاس يوم أمس أن شجرة لوز كانت سامقة ومرتفعة إلى أن بلغ علوها جدار- أزور الجير-من جهة تلكوط بالضبط حيت يوجد باب مقصورة الصلاة الآن ، وهو باب مستحدث في السنوات الأخيرة كما الصومعة الجديدة …..
وكنا نلح المسجد-تيمزكيدا- من الباب الخلفي الموجود ، بدرب إزدار قبالة منزل إد سي حماد -عائلة مستغين ، في الطريق إلى إكيوام…….
وعندما انتهت مرحلة سيدي محمد أوالكبير ، جاءت مرحلة سيدي الحسين أوماولود وهو فقيه من دوار إشت ، ومعه ، أتذكر حصص التدريس و الحمل- حمالة- لمن لم يحفظ ، كما أتذكر بياض بشرته ، وملابيسه وجلابيبه ، وصوته وهو يلقي خطبة الجمعة فوق المنبر من كراس قديم ومهترئ و بشكل متكرر حتى حفظنا تلك الخطب…
كانت الحصة تبدأ في الصباح الباكر جدا بحيث يأتي الجميع ، بدون فطور إلى المسجد ، أذكر أن والدي يوقظني باكرا جدا جدا ، , افيق مسترخيا بدون دافعية و لا تحفيز ، وعندما أخرج من منزلنا أتقاعس و أتكاسل و أنام في عثبات المنازل ب :-درب إزدار -لعلي أفوز بقسط من النوم ، و أحيانا أنام بركن من اركان المسجد – بالميضي- أو دو المرجل- مكان تسخين الوضوء لكن سيدي الحسين يكتشفني و يوقظني ناهرا : نيركر أياغيول …..
نعرض ألواحنا ، ثم نغسلها ، ونتحلق حول سيدي الحسين ، ليفتي لنا ، كل حسب الجزء الذي وصل إلية ، نحيث يقول الطالب – أمحضار- مثلا :
أسيدي : الرحمان علم القرآن ، ويرد الفقيه : خلق الإنسان علمه البيان .. وهكذا دون أن يراجع المصحف ، كنا نكتب بأقلام قصبية نصنعها نحن لكن المحظوظين منا يحصلون على أقلام من صنع المرحوم دا الحسن أوبلوش الذي نتحلق حوله ونراقب بشعف مهارته و هو يصنع الأقلام بدقة متناهية ، ويبعث بها إلى سيدي الحسين الذي يدعو له ، كما كان بارعا في صنع القفاف -تيزكيوا – و السلال والحبال من سعف النخيل أو مادة الفدام ، كما يصنع المروحات في فصل الصيف بدرب أوكرام عند القيلولة رحمه الله ….
نعود إلى المنزل بعد كتابة الألواح نفطر و نعود للحفظ و العرض ، و اثناء العرض أو قبله يختبرك الفقيه في درايتك ببعض قواعد الكتابة لم أك افهمها و كنت أستغرب كيف بفهم الآخرون دوني : وكنت أسمعهم فقط يقولون : ليف إخفاض أو أنصاب أو أرفاع بصيغة نطق أما زيغية ،علم غريب لم أفهمه إلى حد الآن .
وعندما ننتهي نخرج للعب و الإستراحة وقبل الخروج كان سيدي الحسين يكلف الكبار منا لقطف ثمار الكرموص -تازارت- من كرمة المسجد الموجودة جهة الغرب ويوزعها علينا قبل الخروج ، وكانت هذه المهمة من إختصاص : موشى الحسين ووها أحمد ند مسعود وبعوام إبراهيم أومحمد و أحيانا و في غفلة من سيدي الحسين نتسلل إليها و نأكل منها ما تيسر .
عندما نخرج نجد الناس بمنطقة درب أوكرام أو إمي نبرا و نسلم عليهم واحدا واحدا ونقبل أيديهم احتراما وتقديرا ، فكانوا يدعون معنا قائلين : آكن إعلم ربي أتاروانو بمعنى الله إعلمكوم .
الحصة المسائية تمر أكثر رثابة من حصة الصباح ، يصيبنا الملل ونتتاءب من فرط الثعب و قلة النوم ، فمنا من يتظاهر بالقراء ة ويقول اشياء من تلقاء نفسه ، ومنا من يصطاد ذبابة ، ويغرس في بطنها عودا رقيقا ويطلقها لتطير ، وهي تحاكي الطائرة في السماء .. وما يرهقنا كثيرا في زحمة أخربيش إزدار هو كثرتنا و كثرة الغازات التي نطلقها ، عندما نغفو سهوا ، وكذلك رائحة العرق التي تنبعث من أجسامنا ، وتنطبع كخطوط بيضاء على ملابسنا – إقشبان – يا لها من طفولة جميلة ..
وعندما يحس أحدنا بالرغبة في قضاء الحاجة : يخاطب الفقيه طالبا للرخصة : آد اسيدي كح برا..
قد يوافق الفقيه و قد يرفض ، وتحاول أن تتغلب على حاجتك و أنت تتلوى من الألم ، وسبب رفض الفقيه هو أننا أحيانا نتظاهر فقط رغبة في كسر الرتابة و الملل….
ننتظر بصبر كبير ، ونقاوم إلى حين سماعنا صوت المرحوم : اشعديل يصدح بالأذان وقت العصر لنرمي ألواحنا بشكل عشوائي و نطلق سيقاننا للريح ، وكان المرحوم اشعديل مؤذنا ،مكفوفا ، لذلك يكلف سيدي الحسين الكبار منا لقياس الظل لمعرفة هل بلغ وقت الآذان أم لا ، وما أن ينادي على أحدهم للقياس حتى نحس بالحياة تذب في أوصالنا. وكان المرحوم اشعديل ، يقطن بحانوت بالمسجد ، قرب دو المرجل -مكان تسخين ماء الوضوء حيث يوجد مرجل كبير من النحاس معلق بسلسلة كبيرة إلى السقف ، لست أعرف هل ما زال هناك أم لا ؟
وكان المرحوم اشعديل به ما يشبه خللا عقليا ، ليس حادا لكنه من حين لآخر يشتكي ل سيدي الحسين أوماولود من الشيطان ، حيت يقول بأنه يأتي إليه في غرفته ويحاول إلهاءه عن الآذان .. رحم الله هذا المؤذن الذي كرس كل حياته لهذه المهمة دون غيرها من أمور الدنيا ، ورحم كذلك ّ دا حماد ند سي عبل الذي جاء بعده ، وواضب على مهمته إلى حين وفاته ، ورحم كذلك أورير الحاج براهيم أوبلا من بعده ، الذي مازال الجميع يذكر تهليلته الصباحية ، بعد استعمال مكبر الصوت الحاد الذي يشبه مكبر صوت العطارين في الأسواق و المواسم :
تمغارت أوريتزلان تايديت نكر تكما ..
أركاز أوريتزلان أغيول إفردن أليم …
في حصة ما بعد المغرب ، وهي حصة لا اعرف إسمها لأنه غريب ، بحيث نقول : أنكس تيغوديوين ، نسيت الهدف منها ربما هي للمراجعة وما شابه ذلك ، نصعد إلى أخربيش اوفلا قرب غرفة الفقيه ونشغل النار ونقرأعلى ضوئها و بالكاد نرى ما كتب عليها . ومما احتفظت به ذاكرتي من الطرائف ، هو عندما يغفل سيدي الحيسن ، يتطوع المرحوم بوعوام إبراهيم أومحمد ويتحف مسامعنا ببعض قصائد الرايس أحمد بيزماون ، أو أمنتاك مرفوقة باللحن : تتردتان تردتان تردتان ، ايلا إخ إجران اردينغي .أو : إميك ايكا الذهب إحكم كلول فلمالي إميك ايكا الزين إكاس مولانا تيست … أو :نكي ياوزور الورد اس كولو كيح أكالي ، إريناغت أوفيخ اضونس اييت إملان ….
كان المرحوم بعوام إبراهيم يتوفر على آلة تسجيل و كثير من ألأشرطة ، رحمه الله و رحم أباه دا محمد و جميع من توارى عن أنظارنا من أهل إغير ..
وطيلة ايام الأسبوع ، ننتظر جميعا نحن و الفقيه أن يطل علينا يوم الأربعاء ، نحن ننتظره لأنه آخر يوم في الأسبوع وسنرتاح يومي الخميس و الجمعة ، وهو ينتظره للحصول على : العربا قطع نقود نأتي بها إليه كل يوم أربعاء ، وهناك من يأتي بالبيض أو ما شابه ، وننتظر كذلك و على أحر من الجمر ايام العواشير لنطوف على المنازل و نجمع الصدقة و نحن نردد الأدعية ، وبيضا بيضا ياتكلايت تيسنات ماسا نكلاا لالواح لالواح ن الطاب ، ونسأل الله الرحمة و المطر النافع ، وفي النهاية نتوج الأيام بالزردة ، تحت إشراف سيدي الحسين .وبها تكتمل الفرحة ..
كنا نكتب بمادة الصمغ التي نصنعها من صوف النعاج و الخرفان ، خاصة ما نسميه تافزوت و تيغرار وهي نوع من الصوف لا استطيع و لا أعرف كيف أصفه ، نضعه على قطعة خزف فوق النار و نضع ليه حجرا ثقيلا و عندما يطبخ نحصل على أقراص سوداء نمزجها بالماء في قنينات زجاجية أو بلستيكية بالكاد نجدها ، ونحصل على سائل اسود ، ويشتد سواده مع الخبرة في الصنع …
ومن الطقوس الجميلة كذلك ، هي انتظار تانعريفت ، وهي وجبة كسكس باللحم يأتي بها ، كل من أتم حزبا و بدأ حزبا جديدا ، أو تامغرا القرآن أي عرس القرآن و هي حفلة يقوم بها من يختم القرآن ، ووراء كل صلاة عصر ، يجتمع الطلبا بغرفة تسمى : أحانو نطلبا ،لشرب كأس من الشاي ، و أذكر منهم : سي بريك اباموح ، الحاج عبلا نايت همو ، و محمد أسيحماد ، سيموح ند سي عبل ، وسي موح أوعبايل وغيرهم .. ومن يرافقهم من بعض وجهاء الدوار ، طقوس جميلة كانت ، حافظت على لحمة الدوار ، ومنها ايضا المداومة على
قراءة القرآن صبيحة كل يوم جمعة قرب ضريح سيدي مولاي المهدي ، وكان المرحوم الحاج عبلا او الفضيل ، وهو من رموز إغير يكرم القراء بوجبة طعام أو ما شابه ….
كنا نحن صغارا آنذاك لم نبلغ من القرآن ما يخولنا من امتياز مرافقة الطلبة إلى إخراج السلكة ، و كنا نحسد الكبار منا عندما يخرجون من سلكة ما ويحكون لنا بالتفصيل الممل ما أكلوه من طعام و لحم ، فتنفتح شهيتنا على الفراغ و نظل نحلم ، متى سنرتقي إلى تلك المرتبة ، و قد تحقق لي ذلك يوما ليس لأني بلغت المرتبة ، بل لنقص حاصل ذلك اليوم في القراء ، و كان ذلك عند المرحوم سيدي موح المودن الله يرحمه و يشمله بالعطف و الرضوان ….
وكغيري من إمحضارن ، ما زلت أحتفظ بذكرى سلخي يوما من طرف سيدي الحسين ، عندما لم احفظ ، حيث حملني أربعة من الطلبة -إمحضارن- و أكلت ما تيسر من عصى رمان طرية تركت ، خطوطا زرقاء على ظهري ، فما كان مني إلا أن قذفت سيدي الحسين بالسب قائلا : الله إنعل ماك ، وغادرت المسجد و لم أعد إليه منذ ذلك اليوم ، وقد بلغت من القرآن الحزب : إليه يرد علم الساعة ، ونسيت كل ما حفظته ، سامحني الله . بعد ذلك تفرغت للمدرسة فقط …
شيء جميل لم افهمه حيث لا نحقد على الذين يحملوننا عند الفلقة و التعلاق ، ننسى ذلك ونلعب سويا عند خروجنا كأن شيئا لم يكن ، إنه الإنضباط لقواعد اللعبة عند توزيع العقاب المقدس بالقصط ، وكثيرا ما نصبر أنفسنا قائلين إن نار جهنم لا تحرق المكان الذي مرت منه عصى الفقيه ، وهو ما يقوله الآباء و الأجداد و الأمهات ….
لكن جحيم الفقهاء ربما اشد من جحيم الآخرة ..
كانت تلك بعض من الصور ، نقلتها إليكم بصدق و بإخلاص لأضعكم في الصورة ، ويا لها من ايام جميلة ، و إلى سرد آخر دامت لكم متعة القراءة و السلام عليكم .و جزا الله سيدي محمد أوالكبير و سيدي محمد أوعبدرحمان و سيدي الحسين أوماولود خيرا ، وسامحنا الله على وقاحتنا …
ملحوظة : معذرة إن كانت هناك أخطاء تتلق بالرقن فهي خارجة عن إرادتي لعدم التمكن من اللوحة بشكل كافي ….
…………………..الطالبي …………………

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة