تيزنيت …ساكنة تارسواط وتافروات بين الإهمال وغياب العدالة المجالية

خرجت عشرات النساء من دواوير جماعة تارسواط التابعة لدائرة تافروات، في وقفات احتجاجية سلمية، تنديدًا بانعدام مياه الشرب وغياب أدنى شروط العيش الكريم. ووجوه أنهكها العطش، كانت كلها عناصر حاضرة في احتجاجات تعكس واقعًا مريرًا تعيشه الساكنة منذ سنوات.

أزمة المياه: معاناة يومية في صمت

تعاني دواوير جماعة تارسواط، من انعدام شبه كلي لتزويد المنازل بالماء الصالح للشرب. السكان، نساءً ورجالًا، يضطرون إلى قطع مسافات طويلة نحو العيون الجبلية أو الآبار التقليدية، التي لم تعد تفي بالغرض بسبب الجفاف وتراجع منسوب المياه.

ورغم النداءات المتكررة للسلطات المحلية والجهات المنتخبة، لم تُسجل أي تدخلات فعالة أو مشاريع مستدامة لحل الأزمة، باستثناء بعض الصهاريج المتنقلة التي لا تغطي سوى جزء يسير من الحاجيات اليومية.

بنية تحتية مهترئة تزيد من العزلة

إلى جانب أزمة المياه، تعاني المنطقة من ضعف كبير في البنية التحتية، خاصة الطرق والمسالك الجبلية التي تربط بين الدواوير. هذه الوضعية تعيق حركة السكان، وتمنع وصول الخدمات الأساسية، من بينها سيارات الإسعاف، النقل المدرسي، والصهاريج المائية.

كما أن غياب مراكز صحية مجهزة، ومؤسسات تعليمية مؤهلة، يزيد من حدة التهميش، ويجعل من الحياة اليومية تحديًا مستمرًا، خاصة في فصل الشتاء حيث تزداد العزلة بفعل الأمطار والانهيارات الصخرية.

مهرجانات في زمن العطش: أولويات مقلوبة

في مفارقة تثير الاستغراب، تستمر بعض الجماعات المحلية بدائرة تافروات في تنظيم مهرجانات وحفلات موسيقية، تُصرف فيها ميزانيات ضخمة، في وقت تعاني فيه الساكنة من العطش وانعدام الخدمات.

هذه الأنشطة، التي تُروج لها على أنها دعم للثقافة والسياحة، تُقابل برفض واسع من طرف السكان، الذين يرون فيها تبذيرًا للمال العام في غير محله.

رموز سياسية دون أثر تنموي

تافروات، التي أنجبت عددًا من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، من بينهم رؤساء حكومات ، لم تستفد من هذا الزخم السياسي في تحسين أوضاعها التنموية. هذا الواقع يطرح تساؤلات حول مدى التزام هؤلاء المسؤولين بقضايا مناطقهم الأصلية، ومدى تأثيرهم في توجيه السياسات العمومية نحو العدالة المجالية.

مطالب الساكنة بتافروات : الحق في الحياة الكريمة

يطالب سكان جماعة تارسواط وتافروات عمومًا بـ:
– توفير مياه الشرب بشكل عاجل ومستدام.
– إصلاح وتعبيد الطرق والمسالك الجبلية.
– إطلاق مشاريع تنموية تهم الصحة والتعليم.
– مراجعة أولويات الإنفاق المحلي بما يخدم حاجيات السكان الأساسية.

أزمة الماء في تارسواط ليست مجرد مشكل تقني أو ظرفي، بل هي عنوان لفشل السياسات التنموية في المناطق الجبلية، وغياب رؤية شاملة تضمن العدالة المجالية. وبين العطش والوعود، تظل الساكنة صامدة، ترفع صوتها في وجه الإهمال، وتطالب بحقها في الحياة الكريمة.