في مدينة تافراوت، حيث تتقاطع الجبال مع الذاكرة الجماعية، يُنظم مهرجان تيفاوين سنويًا تحت شعار الاحتفاء بالثقافة الأمازيغية والتنمية المحلية. غير أن هذا الحدث، الذي يفترض فيه أن يكون فضاءً للانفتاح والمشاركة، بات يثير جدلاً متزايدًا حول ما يُوصف بـ”الريع الثقافي الممنهج”، الذي يستفيد منه فاعلون بعينهم دون غيرهم، في ظل غياب آليات واضحة للشفافية والمحاسبة.
رغم الطابع العام للمهرجان، تشير عدة أصوات محلية إلى أن الاستفادة الحقيقية من فعالياته تظل محصورة في دائرة ضيقة من الأشخاص والمؤسسات. فالفنانون المدعوون، الشركات المتعاقدة، وحتى الجمعيات المشاركة، غالبًا ما تُختار وفق منطق العلاقات الشخصية أو الولاءات، لا بناءً على الكفاءة أو التنافسية. كل هذا يجعلنا نلاحظ مايلي :
– احتكار التنشيط الفني: نفس الأسماء تتكرر كل سنة، مما يغلق الباب أمام المواهب الجديدة.
– شركات بعينها تتولى التنظيم والتجهيز، دون فتح المجال أمام عروض بديلة أو طلبات عروض شفافة.
– غياب المحاسبة المالية: لا تُنشر ميزانية المهرجان بشكل علني، ولا تُعرف مصادر التمويل بدقة، مما يفتح الباب أمام التساؤلات.
كما نسجل تناقض بين الخطاب والممارسة ،ففي الوقت الذي يرفع مهرجان تيفاوين شعارات التنمية، المشاركة، والهوية، الا أنه في الواقع يعكس أحيانًا ممارسات تُناقض هذه القيم. فحين تُقصى الكفاءات المحلية، وتُحتكر فرص العرض والترويج، يتحول المهرجان من أداة للتنمية إلى وسيلة لإعادة إنتاج الامتيازات.
أمام كل هده التناقضات يطالب عدد من الفاعلين المدنيين والإعلاميين بضرورة :
– إرساء آليات شفافة لتدبير المهرجان، تشمل نشر الميزانية وتفاصيل الشراكات.
– فتح باب المشاركة أمام الجميع، وفق معايير واضحة وعادلة.
– إشراك المجتمع المحلي في اتخاذ القرار، بدل الاكتفاء بدور المتفرج.
رغم كل هذا ، سيبقى مهرجان تيفاوين فرصة ثمينة لتافراوت، لكن استمراره في ظل منطق الريع قد يُفقده شرعيته المجتمعية. الإصلاح ليس ترفًا، بل ضرورة لضمان استمرارية المهرجان كمشروع تنموي حقيقي، لا مجرد واجهة احتفالية.
Sorry Comments are closed