أكدت الكاتبة مايسة سلامة الناجي حضْر موقعها “افريقيا”، بسبب مقال عنوانه ينتقد ما قامت به السلطات المغربية في الريف، مؤكدة على أن المقال وفي ظرف ساعة حصد أزيد من سبعين ألف قراءة.
وهذا نص المقال كاملا:
لم أستطع أن أكتب شيئا مساء أمس عما يحدث في الحسيمة لأني وقت الصدمة والخذلان أتصرف بطريقة “علي وعلى أعدائي” وأسيء لنفسي كثيرا ولابد أن الأجهزة التي تتنصت على مكالماتي الهاتفية تعرف انتقامات أزماتي العاطفية الهستيرية حين تهتز ثقتي وأكتشف أن الذي آمنت له وآمنت به وبصدقه واستقامته ودافعت عنه طلع كذاب مخادع صلكوط وولد الحرام مقطر ـ نفس إحساسي اتجاه “العهد الجديد” ليلة أمس.
حاربت الكثير من الأفكار الاستفزازية التي راجت بذهني ليلة أمس وأنا جالسة بغرفتي في مدينة العيون ـ محاصرة من كل جانب كي لا ألتقي بشباب من البوليزاريو راسلوني عبر الإيميل رغبة في التحدث إلي ـ أشاهد نشرات القنوات العمومية التي ركزت فقط على البلاغ الهستيري لوكيل الملك الذي وظف الدين للأمر باعتقال ناصر الزفزافي على خلفية صراخه على الإمام بالمسجد.. بينما أخبار حقيقية تصلني من الريف عن هستيريا الداخلية التي اعتقلت أكثر من 20 ناشط وعن اقتحام البيوت من طرف الأمن والطائرات التي تمشط المنطقة كأنهم يبحثون عن بن لادن وسط جبال أفغانستان.. لم أشعر بفرحة دخول الشهر المبارك وأصدقائي وإخوتي في الحسيمة تفرقوا بين الدواوير ومنازل الغرباء هاربين من جنون وزير الداخلية لفتيت المصاب بهوس القمع.. مختبئين، هواتفهم مقفلة، والآخرون يجيبونني مذهولين.. ناصر في مخبأ، وجلول لا يعرفون له مكانا، وآخرون في الخارج يجهزون لمسيرات ووقفات أمام السفارات والمنظمات الدولية لسحل سمعة النظام، تلك السمعة المفبركة التي يبذر لأجل تلميعها في المنابر الإعلامية الأمريكية والأوروبية الملاييير من فلوس الشعب سنويا (..) في وقت أصيب الفايسبوك بهستيريا من الشماتة.. أتذكر أني قلت لناصر يوم كان هاتفه لا يكف عن الرنين من طرف حقوقيين يريدون لعب دور الوساطة وإعلاميين يريدون منه حوارا: أغلب هؤلاء الذين يصفقون ويتملقون لك اليوم بسبب نجاح المسيرة السلمية سيشمتون فيك عند أول خطأ أو هفوة.
غادرت الحسيمة سعيدة بعد تلك المسيرة السلمية وقد تم صبغ شعار “الله الوطن الملك” وتنظيف الطرقات واستقدام رجال شرطة لتنظيم السير وأخبار كانت تروج عن زيارة الملك محمد السادس وترقب التقائه بشباب الحراك، غادرت ظنا مني أن تدخله لوقف مجزرة الداخلية المبرمجة كان بصفة نهائية وأن لائحة 40 اسم المبرمج اعتقالهم تم تمزيقها وتحويلها إلى الربعين شاب الذين سيلتقيهم الملك.. ظننت أن رجال النظام المغربي فيهم الحكيم والرشيد الذين يقرؤون عقلية الشباب المندفع، عقلية فقراء مقطعين ليس لديهم ما يخسرون، عقلية منطقة هُمِّشت أعواما خوفا من هويتها وتاريخها لم تعد تحتمل، وأنهم قادرين على الاستجابة واحتواء الوضع بالتواضع والحوار… إذا بي أرى دولة أكثر تهورا واندفاعا تنطعا وعنادا، تعمدت تهميش شباب الحراك واستقدمت عصابتها الحكومية للحوار مع جمعيات وحقوقيين مزورين.. تعمدت استفزاز الساكنة بخطابات دينية مسيسة مستغلة الدين لتدجين المواطنين.. تعمدت خلق الهستيريا والرد عليها بهستيريا وسحل الجميع إلى الانقسام بين متعاطفين وشامتين وخلق السباب والشتيمة الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي. نظام خبير في خلق الأزمات، نظام غبي يجتهد لإنهاء تواجد المينورسو بالصحرا وفي نفس الوقت يفتح لهم الطريق كي يذهبوا لمراقبة حقوق الإنسان في الريف.. نظام بليد يتفنن في خلق بؤر التوتر من لاشيء، وصناعة أبطال من شباب ضعيف مسكين متهور، وخلق النضال من مطالب خبزية، وخلق الهستيريا الجماعية
ـ مايسة
عذراً التعليقات مغلقة