أحمد الطالبي …..كآبة مدينة -2- فوسوس له الشيطان…..

الوطن الأن2 يوليو 2017آخر تحديث :
أحمد الطالبي …..كآبة مدينة -2- فوسوس له الشيطان…..

رياح عاتية جافة تذك اسوار المدينة من الجهة الشرقية ، يهرع الناس بحثا عن بعض رطوبة قرب الحدائق و النافورة البليدة للمدينة التي ترقص مياهها بلا إيقاع والتي يتحلق حولها المارة فاغرين أفواههم لترطيب حلوقهم الجافة من ملح القهر و من عهر الزمان ، غير بعيد و بمحاداة السور العثيق تنبعث روائح البول من كل ركن ، الناتجة عن أداء الواجب الوطني في ري أسوار المدينة من طرف المتسكعين …
في مدخل السوق البلدي ، إبن الشخاذة الشتوكية يتبول في قنينية ماء معدني صغيرة ، ويشرب من بوله بعض جرعات ويتمايل منتشيا بسكرته قبل أن ينهره بائع حلوى ، ومن حين لآخر يصرخ الصغير في نزق عابثا بسلع البقالين المحادين للواجهة الغربية للسوق ، بائع الثمر المعجون القادم من عمق اساطير الجنوب يرمق المارة بنظرة ملؤها الأمل ويمسح عرقه براحة يديه والذباب يطير حينا و يحط آخر على سلعته ، إمرأة عجوز يشاغبها قط صغير نحيف و يعاكسها ، تحمله كل مرة بيدها و ترميه بعيدا وتعيد خلط ما تعرضه من فواكه البحر بيدها لتحافظ على طراوتها ، يعاودها القط المتساقط الشعر فترميه من جديد وتعود لتعبث بفواكهها …
غير بعيد عن السوق ، سمع دوي شعارات حرية كرامة…. لباعة جائلين هاجمتهم قوات الأمن و اعتقلت منهم ما يقارب العشرة زج ببعضعهم في السجن بينما أطلقوا سراح الباقين وفاء للعرف المخزني : نخلطوا العرام و من بعد نستيو ……
بباب مدرسة تجمهرت نساء كثيرات قادمات من أحزمة الفقر و أحياء الهامش لمرافقة الأطفال الخارجين للثو من محجزهم البيداغوجي ، سألت عوراء إبنتها : ياك ما ضرباتك المعلمة اليوم ؟
طفل صغير يثلو سورة الكافرين على مسامع المارة مزهوا بحفظها ، و آخران يتحدثان بحدة عن جهنم و عذاب القبر و مصير الكفار و أعداء الله ….
مرتادو مقهى الحديقة يتصايحون و كادوا يتشابكون بالأيدي بعد أن صفر الحكم معلنا ضربة جزاءلأحد الفريقين بل سب بعضهم بعضا من لاضروات حتى لاكوش ومنهم من كسر قنينة مشروبه غضبا بينما مديع قناة أخرى يتحدث عن مواجهات بين الأمن و المحتجين المطالبين بتحسين الوضع الإجتماعي واعتقال المئات منهم في إحدى مدن البلاد..
في زاوية جدار المسجد المقابل للمفهى تساطح رجل كث اللحية تعلو أسنانه الأمامية صفرة فاقعة، مع شقراء ممشوقة القد و القوام- ستيل غجري – فأشاح الملتحي بوجهه مستعيدا بالله من الشيطان الرجيم ….،
سمعته الشقراء ذات الشعر المتطاير فرددت شطرا شعريا لعمر الخيام : لا تشغل البال بماضي الزمان .. ولا بآتي العيش قبل الأوان .. واغنم من الحاضر لذاته .. فليس في طبع الليالي الأمان – بلحن أم كلثوم .
و بمحاذاة سور بناية العمالة يعتصم عامل إنعاش رفقة أبنائه الصغار ، ومن حوله جيش من المخبرين يترصودن تفاصيل معتصمه والمارة يرمقونه بحذر و يمرون بسرعة و منهم من يغير الوجهة و يبتسم للمخبرين ، أطفاله من حين لآخر يصدحون بشعار : حرية كرامة عدالة اجتماعية …
أفواج من البدو بجلابيب رثة يغادون قاعة المحكمة مستنكرين في صمت ما لحق أراضيهم من نهب و سحناتهم تنم عن حسرة و انكسار و يأس ، صاح أكبرهم : حسبنا الل……. فلكزه واحد منهم وصمت.
.ما كملش.. …….
توجهوا للثو إلى المسجد مع الجموع القادمة من كل صوب و حدب لأداء الصلاة ، فعلا صوت الفقيه من المنبر يحذر الناس من الفثنة ، فلعن كل من يحاول العبث باستقرار البلاد و استحمار العباد ، وصف دعاة الحرية وتابعهيم بالهراطقة والعملاء وصاح في الناس غاضبا و الزبد يتطاير من فمه :
أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ….
إياكم و شق عصى الطاعة تأسوا يرحمكم الله بالسلف الذين ما طالبوا يوما بشغل و مستشفى و لا بزيادة في الأجور، فإنما توفون أجوركم عند الله يوم القيامة ، تزودوا لآخرتكم عباد الله و اتركوا الدنيا الفانية….وووووووووو…..
مر شابان بمحاذاة المسجد ، تبادلا نظرة اندهاش فقال أحدهما: القوالب…….
بعد الصلاة هرول المصلون و تحلقوا في طوابير أما م بائعي الألبان وفي اليوم الموالي شاهد الكثيرون آليات تسريح مجاري الواد الحار بالكثير من نقط التقاطع …………
إنطفأ لهيب الحر و تلطف الجو مع أول نسائم المساء ، فغصت الشوارع و ألأزقة و الناس يحتك بعضهم ببعض في ألأزقة الضيقة ، يتصايحون ، يتغامزون ،يتناشلون ، يتخاورون …
وفي منتصف الليل و الخمارات تلفظ ما تبقى فيها من سكارى، مرت طوابير من سيارات الأمن المصفحة ، متجهة إلى الشمال ، بينما المدينة تغط في نومها العميق تتقلب ذات اليمين و ذات الشمال وتحت جسر الوادي تنبعث همهمات المتسكعين و المشردين الممزوجة بروائح الدوليو و الكحول …..
تنبيه : لي دار جيم إعطيني درهم هههههههههههههه هادي غير ضحك …..
عنداكوم تقولو عاوتاني أنا محرض ، تسليييييييم أ سيدي مخزن قاهر البلاد وناهب السماوات و الأراضين و البحار ، راه غير الشيطان ولد الحرام كايضور بيا مرة مرة .و كا يوسوس ليا هادشي لعنة الله عليه ، أما أنا راني زوين…

………………….الطالبي…………….

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة