المجلس الإداري لأكاديمية سوس–ماسة.. مشاريع طموحة وفجوات الأداء الإقليمي تكشف الواقع!

الوطن الأن48 دقيقة agoLast Update :
المجلس الإداري لأكاديمية سوس–ماسة.. مشاريع طموحة وفجوات الأداء الإقليمي تكشف الواقع!
المجلس الإداري لأكاديمية سوس–ماسة.. مشاريع طموحة وفجوات الأداء الإقليمي تكشف الواقع!

صادق المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة، بإجماع الأعضاء، على برنامج العمل الجهوي ومشروع الميزانية برسم سنة 2026، ومخطط التكوين المستمر لنفس السنة، وكذلك النظام الداخلي النموذجي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي المتضمن لـ “ميثاق التلميذ(ة)”، وتقرير الأداء.جرى ذلك خلال أشغال المجلس المنعقد يوم الأربعاء 10 دجنبر الجاري بمقر الأكاديمية، برئاسة محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. 

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الوزير برادة أن هذه المحطة تشكل مناسبة سانحة لفتح حوار بناء حول سبل النهوض بالشأن التعليمي على مستوى الجهة، مشيداً بالمجهودات القيمة والمتواصلة لأعضاء المجلس الإداري في مواكبة ودعم أوراش الإصلاح التربوي على المستويات الجهوية والإقليمية والمحلية.

 وأبرز أن المرحلة الدقيقة في مسار وزمن الإصلاح تتطلب الوقوف على التقدم الحاصل في تنزيل المشاريع الإصلاحية، وتسريع وتيرة هذا التنزيل، مع التركيز على أوراش ذات الأولوية، خاصة التقليص من الهدر المدرسي، ومواصلة التوسيع التدريجي لنموذج “مؤسسات الريادة”، وتوسيع العرض المدرسي، والتأهيل الجزئي أو الشامل للمؤسسات التعليمية والداخليات.

عرض مفصل للحصيلة والمشاريع

وإثر تلاوة تقارير اللجان الدائمة المنبثقة عن المجلس الإداري والمصادقة عليها، قدم إدريس واحي، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس-ماسة، عرضاً مفصلاً تناول فيه الحصيلة المرحلية لتنزيل خارطة الطريق 2022-2026، وتنفيذ البرامج المدرجة في الإطار الإجرائي 2024-2025، ومشروع برنامج العمل الجهوي ومشروع الميزانية لسنة 2026، ومشروع مخطط التكوين المستمر، إلى جانب مشروع النظام الداخلي النموذجي المتضمن “ميثاق التلميذ(ة)”، ومشروع تقرير الأداء برسم سنة 2025. كما قدم المديرون الإقليميون مداخلات حول حصيلة مؤسسات الريادة وبعض المؤشرات التربوية على صعيد كل مديرية.

تقرير تدبيري وحصيلة الإنجازات 2025

قدّمت الأكاديمية تقريرها التدبيري برسم سنة 2025، الذي يبرز الانخراط الجهوي في تنفيذ خارطة الطريق الإصلاحية 2022-2026، ويعرض منجزات مهمة في مجالات الحكامة، وجودة التعلمات، وتوسيع العرض المدرسي، والحد من الهدر، إلى جانب تطوير التكوين وتعزيز البنيات والتجهيزات. وقد شكلت السنة محطة حاسمة في تفعيل آلية عقود نجاعة الأداء بين الأكاديمية والمديريات الإقليمية والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، مما مكّن من توحيد الأهداف وتنزيل المشاريع وفق مقاربة التدبير بالنتائج.

تيزنيت..عرض إقليمي بلا بوصلة يسقط الأساتذة والمفتشين من معادلة الريادة!

غير أن أشغال المجلس الإداري لم تمرّ كلها بنفس الدرجة من الانسجام والجاهزية، إذ أبانت بعض المداخلات عن تفاوت لافت في مستوى التملك المعرفي والالمام بمعطيات الملفات المعروضة. فقد بدا تدخل المدير الإقليمي لتيزنيت ضعيف البناء، مرتبك اللغة، ومفتقدًا للدقة المفاهيمية والمنهجية، سواء على مستوى صياغة المؤشرات أو تفسيرها، وهو ما جعل عرضه أقرب إلى سرد شفوي متعثر منه إلى تقديم تدبيري متماسك. وما زاد من ضعف العرض، وفق ما ورد في مداخلته، اعتماده شبه الكلي على احتضان المنتخبين وجمعياتهم لمشروع “الريادة”، متجاهلاً الدور المركزي والمحوري للأساتذة والمفتشين…  في إنجاح أي مشروع تربوي، وهو ما خلق فجوة واضحة بين الأداء الواقعي والتمثيل المؤسساتي للمبادرات الإصلاحية.

ففي مقابل هذا العرض المتذبذب، قدّم زملاء المدير الإقليمي، بالإضافة إلى مدير الأكاديمية ذ إدريس واحي، عروضًا متماسكة تستند إلى معطيات دقيقة، ومؤشرات مضبوطة، وربط واضح بين الجهود الفردية للأطر والنتائج الميدانية، مؤكدين أن الأساتذة والمفتشين هم الركيزة الأساسية لأي إنجاز تربوي، وأن الدعم المؤسساتي والتوجيه المهني لا يُعوَّض بالاحتضان الخارجي وحده، مهما بلغت مساهمة المنتخبين وجمعياتهم في التهيئة والمرافقة.

ولم يخفَ هذا التفاوت في الجودة على رئاسة المجلس، إذ بدا أن الوزير التقط بوضوح الفارق بين عرض المدير الإقليمي لتيزنيت، الذي اعتمد على تزيين الأرقام واستعراض الشركاء الخارجيين، والعرض المؤسسي المتكامل الذي قدّمه مدير الأكاديمية، والذي أظهر تحكماً واضحاً في التدبير بالنتائج، وربط محكم بين الأهداف والوسائل والآثار المنتظرة، مع توضيح مساهمة الأطر في تحقيق النتائج الحالية. وهو ما أعاد التأكيد على حقيقة أساسية: أن نجاح أي ورش إصلاحي لا يُقاس بحجم الشعارات أو الدعم الخارجي، بل بقدرة المسؤولين على ترجمة السياسات العمومية إلى نتائج ملموسة قابلة للقياس والمساءلة.

المجلس الإداري لأكاديمية سوس–ماسة.. مشاريع طموحة وفجوات الأداء الإقليمي تكشف الواقع!

توسيع نموذج “مدارس الريادة” وتحسين التعلمات

أبرز تقرير مدير الأكاديمية توسعًا غير مسبوقا في نموذج “مدارس الريادة”، حيث ارتفع عدد المؤسسات الرائدة بالسلك الابتدائي إلى 380 مؤسسة تستوعب 189,843 تلميذاً، يشرف عليهم 7,261 أستاذاً. كما شمل التوسيع السلك الإعدادي بـ 66 مؤسسة رائدة، يستفيد منها أزيد من 71 ألف متعلم، مع دينامية تكوينية قوية شملت 8,772 مستفيدًا و94 مفتشاً، واعتماد التقييمات المستقلة لتعزيز جودة الممارسات البيداغوجية.

تحسين ظروف التمدرس وتطوير الفضاء المدرسي

وسجلت الأكاديمية إنجازات واسعة في تحسين ظروف الاستقبال بالمؤسسات التعليمية، شملت تأهيل 196 مؤسسة متضررة من زلزال تارودانت، وإحداث 18 مؤسسة جديدة، إضافة إلى 4 داخليات جديدة. كما تم تجهيز 2,086 قاعة بوسائل العرض الرقمي، ومختبرات رقمية، وأجهزة حاسوب للأساتذة، مع تعميم ركن القراءة وتوسيع تدريس الأمازيغية والبرمجة والروبوتيك.

الحد من الهدر المدرسي وتقوية الدعم الاجتماعي

تم تقليص الهدر المدرسي بفضل تفعيل خلايا اليقظة، مع متابعة 8,127 تلميذاً مباشرة، و35 ألفًا من المسارات البديلة، إضافة إلى دعم مدارس الفرصة الثانية والمراكز الصيفية. ارتفع عدد المستفيدين من الإطعام والداخليات إلى 33,239، ومن النقل المدرسي إلى 65,344 مستفيداً، مع تعزيز شراكات الدعم الاجتماعي.

تقدم مالي ومستوى تنفيذ مرتفع للميزانية

بلغت نسبة تنفيذ الميزانية 100% في باب الموظفين، و84.9% في ميزانية التسيير، و79% في باب الاستثمار، مع مساهمة التمويلات الخارجية للشركاء بما مجموعه 100.9 مليون درهم.

مناقشة غنية وتوقيع اتفاقيات

انصبت مداخلات أعضاء المجلس على تثمين الحصيلة المحققة، مع تقديم اقتراحات عملية لضمان تنزيل أمثل لخارطة الطريق 2022-2026. كما شهد المجلس توقيع عقود نجاعة الأداء بين الوزارة والأكاديمية والمديريات الإقليمية، واتفاقيات شراكة متعددة مع مؤسسات عمومية وخاصة لدعم المشاريع التربوية والبنية التحتية والبرامج التعليمية.

 نجاح مؤسساتي وسط تفاوت الأداء

في نهاية أشغال المجلس الإداري، تتجلى صورة واضحة: نجاح الأكاديمية الجهوية لجهة سوس ماسة ليس ثمرة شعارات أو عروض شفوية، بل نتاج تخطيط محكم، ومؤشرات دقيقة، وانخراط فعلي للأساتذة والمفتشين، الذين يشكلون الركيزة الحقيقية لأي إنجاز تربوي. بالمقابل، كشفت مداخلة المدير الإقليمي لتيزنيت عن فجوات كفاءة واضحة، واعتماد مفرط على الدعم الخارجي للمنتخبين والجمعيات، مع إهمال الدور المركزي للأطر التربوية والمفتشين، مما أعاد التأكيد على أن الجودة في التعليم لا تُصنع إلا بالمهارة المؤسسية والالتزام المهني.

وتؤكد هذه الدورة أن نجاح ورش الإصلاح مرتبط بقدرة المسؤولين على تحويل السياسات العامة إلى نتائج قابلة للقياس والمساءلة، وإلا ستظل المشاريع مجرد شعارات على الورق. وبينما يواصل الوزير ومدير الأكاديمية دعم ورش التجديد، يظل التحدي الأكبر في تمكين كل المديرين الإقليميين من ارتقاء مستوى تقديمهم وارتباطهم بالأساتذة والمفتشين… كمحرك أساسي للتغيير، لضمان أن تتحول الرؤية الإصلاحية إلى أثر ملموس على أرض الواقع.

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
    Breaking News