باسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة للسلطان في شهر الغفران
الحمد لله كثيرا و الله اكبر كبيرا و سبحان الله بكرة و اصيلا و صلى الله على نبي الهدى و الرشاد وعلى اله و الاصحاب. ثم اما بعد.
فهذه مجرد نصيحة و ذكرى و سبيل تبصير موجهة لله و في الله، بلا خوف و لا طمع، من عبد ضعيف مهوان فقير اكثر من غيره، لكن ليس الا الى رحمة الله و عفوه، الى من هو عنه مسؤول و عن اربعين الف الف على الاقل من المسلمين يوم يقوم الناس عامة و الاشهاد خاصة لرب العالمين سبحانه و تعالى,
ذلك هو محمد السادس ملك و عظيم المغرب وفقه الله و اصلح امره و نور قلبه بالتقوى و الايمان فليسمع اذن باذن واعية صاغية و قلب خاشع منيب ما كان وجوبا عينيا تكليفيا لا محيد عنه و لا مناص و لا نيابة و لا شفاعة و لا مندوحة و لا عذر، ان يسمعه، لولا افة الجبن و الانخذال المطبقين ممن يحيطون به و على راسهم علماء الدين المقربين و مستشاروه بمختلف مشاربهم و اعضاء حكومته ذات التوجه “الفكري الاجتهادي العقلاني الاسلامي” و التي تناست او تجاهلت او تغافلت ان هذا الدين الذي تتبناه، زورا و مكرا تكاد تزول منه الجبال، كمرجعية سياسية مغشوشة و مدسوسة انما هو، اي الدين الاسلامي، محصور باحكام متقن و دقة متناهية في امر واحد الا و هو النصيحة في الله مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم: الدين النصيحة… و كفى على ذلك شاهدا و دليلا قياسيا قوله عليه السلام في حديث اخر: الحج عرفة. وبالتالي فاذا كان من المعلوم من فقه المناسك بالضرورة و البداهة ان من فاته الوقوف بعرفة فلا يصح حجه و لا يجزئ، بل يتعين على الناسك اعادته جملة و تفصيلا من جديد في العام القابل. فكذلك الدين ومن باب اولى و اعم و احوط ، اذا افتقر الى النصيحة فان صاحبه يعتبر كمن لا دين له حتى ينصح. و لا يستثنى من هذه القاعدة الاصيلة حتى ذوو الاعذار كما في نص الاية الجليلة الصريحة: ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله و رسوله… و ظاهر الاية يقر بان انتفاء الحرج و سقوط العذر لا يتحقق عمليا الا بثبوت النصح.
ذلك و حيث ان الاصل في النصيحة او الموعظة الحسنة، و هي قصدنا و غايتنا المرومة، ان تكون موجزة و بجوامع الكلم الطيب، خصوصا اذا كانت لولي الامر لولا ان خطب المسؤولية اعظم من ان يحاط بصددها في كلمات معدودات او جمل و اسطر قليلات او صفحات حتى، فاني لا اجد في نفسي ادنى حرج لا تحدث بنوع من الاسهاب و الطول و التفصيل الذي ارجو الا يكون في بعض الاحيان مملا مسئما.
النصيحة الاولى: اعلم بادئ ذي بدء ايها الملك، انك ستموت، و كفى بالموت واعظا و بالاكثار من ذكره رادعا و هو والجنة و النار اقرب اليك من شراك نعلك، و انك ستسال حين تبعث و على سبيل، وقفوهم انهم مسؤولون، عن كل صغيرة و كبيرة و دقيقة و جليلة و جاجة و داجة مسطورة في كتاب لا يغادر شيئا الا احصاه مما حدث في مملكتك منذ اول ثانية تقلدت فيها المشؤولية الى اخر نفس تتصعده من انفاسك. فاعد للاسئلة الكثيرة و الكبيرة و الوعرة اجوبة صحيحة ناجعة و لهول المشهد و طول الموقف و حر الطقس عدة و زادا و خيره التقوى و صالح الاعمال. و استشعر منذ اليوم انك انت المسؤول الاول خلال فترة حكمك عن كل مسلم مسلم من افراد رعيتك بدليل قول الرسول الاكرم الذي شرفك الله بالانتساب الى شجرته الطاهرة الطيبة صلى الله عليه و على اله في الحديث العامر المشهور:… كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته. دليل ثان يعضد الاول و يقويه و يتجسد في تكرار عبارات مسؤولية الراعي عن الرعية في خطاباته عليه السلام الى الملوك و الزعماء بقوله لكل واحد منهم: اسلم تسلم و ان توليت او ابيت فان عليك اثم اهل القبط بالنسبة للمقوقس… و اثم المجوس بالنسبة لكسرى فارس… و اثم الاريسييين بالنسبة لقيصر الروم… كما هو ماثور مسطور في السير…. و قس على اولئك من يقاس عليهم منزلة و مكانة و اقتضاء في كل زمان و مكان.
النصيحة الثانية: اعلم ايها الملك ان العادة المشهورة في الملوك انهم اهل ترف و رفه و فرح و مرح و تنعم و تمتع و زينة و تكاثر و تفاخر و افراط و اسراف و غيرها من دواعي الغرور و طول الامل و اتباع الهوى و النفس… فاحذر ان تفتن بما فتن به كثير ممن سبقوك و استشعر قول ربك الكريم الجليل في حقهم: كم تركوا من جنات و عيون و زروع و مقام كريم و نعمة كانوا فيها فاكهين كذلك واورثناها قوما اخرين. فما بكت عليهم السماء و الارض و ما كانوا منظرين. و في اية اخرى: افرايت ان متعناهم سنين (نكرة لها دلالتها في المقام) ثم جاءهم ماكانوا يوعدون: ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون.
النصيحة الثالثة: اعلم ايها الملك ان الظلم و الفساد و الجرم و القتل و الهرج و الفتن قد استشرى سرطانها في مملكتك بشكل ما شهد له التاريخ مثيلا و لا نظيرا في عهد حكومة الاسلاميين مما يفضي عليه صبغة الشرعنة الموجبة للعقاب و سوط العذاب و وشوك الهلاك اكثر مما لو كان الامر او الحال في عهد حكومة ذات توجه اخر. مع العلم ان كل ما لا يوافق شرع الله في دولة دينها الاسلام فهو ظلم و لو حاول من يحاول تزيينه و تزويقه و تلميع محياه و تصقيل واجهته و صورته في عقول الناس كما هو الحال بشان الديمقراطية و الحداثة و العولمة و العصرنة و ما شاكلها من المناهج الحكمية الوضعية التي ما تركت خيرا او خلقا او عملا شريفا نبيلا كريما جاء به الاسلام و حض عليه و اقره و رتب عليه ما رتب من الاجر و الثواب و السعادة و الاطمئنان و الامن و الاستقرار في الدنيا و الاخرة الا و اتت بنقيضه و ضده لتبثه بثا في المسلمين حسدا من عند روادها و من والاهم مصداقا لقوله جل و علا: ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق… ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم… و لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا و الاخرة…وو الله لو تاملنا مفهوم الردة في هذا الزمان لوجدنا ان كثيرا من ابناء الاسلام يصبح مومنا ويمسي كافرا ويمسي مومنا و يصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل… فاللهم الطف بنا و بجميع المسلمين، عامتهم و الخاصة فقد اشتقنا الى استنشاق عبير دينك الطيب في اوطاننا التي يخشى عليها مقتضى قولك في مضرب الامثال انذارا و تخويفا و موعظة: وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون.
النصيحة الرابعة: اعلم ايها الملك ان القوانين التي تحكم البلاد مدنيا و عسكريا و سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و قضائيا و اخلاقيا حتى، هي قوانين مناهضة مناوئة لشريعة الله الغراء العادلة الرحيمة و انك انت المسؤول الاول عن وخيم مضارها و سوء عواقبها على المسلمين من رعيتك. فبادر رعاك الله بابطالها و احلال حكم الله محلها تنل بذلك رضا الله و تدخل برحمته في عباده الصالحين مع النبيئين و الصديقين يوم لا ينفع مال و لا بنون و لا ملك و لا جاه و لا نسب و لا حسب الا من اتى الله بقلب سليم و عمل مبرور صالح و منه اتباع هذه القطوف الدانيات موضوع هذه النصيحة الخالصة الامينة ان شاء رب العالمين، و ما ذلك عليه بعزيز.
النصيحة الخامسة: اعلم ايها الملك كما قال ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ان الله ليغير بالسلطان ما لا يغير بالقرآن. و ان سوء الاخلاق و ارذل الخلال و الخصال قد انتشر، كالجراد اذا انتشر، في شرايين المجتمع فابدل جهدك و افرغ طاقتك في العمل على استئصال جذور مفسدات و خوارم المروءة و الاخلاق و في قائمتها تبرج النساء و ابداء سوءاتهن المغلظة و السوق و الاعناق و السرر و النحور و ايضا الزنا و الخنا و الغناء و الخمر و الربا و الميسر و جميع ما نهى الله عنه من الفواحش و المنكرات ما ظهر منها و ما بطن و ما بين ذلك، بدءا بمن تعول. و لئن فعلت فليضعن عنك ربك وزرك وليرفعن لك ذكرك وليوتينك اجرك وافيا مضاعفا بعدد التائبين على يدك ممن مردوا وشبوا و شابوا على مواقعة و اقتراف تلك الرذائل المزينة من لدن ابليس اللعين و جنوده من الجن و الانس ممن افسد الله بالهم و اعمى ابصارهم. فتبا لهم و سحقا وبعدا كما بعدت مدين وعاد وثمود.
النصيحة السادسة: اعلم ايضا ايها الملك ان اقامة العدل كلية و ثابتة من كليات و ثوابت الدين و ان العدل رهينة و ضمانة للاستقرار و الازدهار في البلاد و ان الامام العادل ينضوي في قائمة السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة تحت ظل عرشه فاحرص رعاك الله ووفقك لرضاه على نيل هذا الوسام الرباني كغنيمة باردة لا تكلفك، و كذا ما سلف بيانه، الا اختيار الصلحاء الاتقياء الربانيين كمستشارين مخلصين لربهم الدين و خطابا اصلاحيا انقاذيا امينا و صادقا تلقيه على شعبك العزيز و تدعوه فيه الى الاستمساك بالعروة الوثقى و المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك الا و هي كتاب الله عز وجل و سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم. فكل ما خرج عن حيز هذين المصدرين التشريعيين للهداية و الرشاد فهو جور و ضلال و خسران مبين ما بعده خسران. و استعن على ذلك كله بمقتضى قوله تعالى: ان اريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب… فانه سبحانه و تعالى اكرم و ارحم و افرح بمن ينيب اليه من ان يرده خائبا صفر اليدين.
و قوله ايضا عزت قدرته: و ابتغ فيهما اتاك الله الدارالآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا و احسن كما احسن الله اليك. فالسعيد الموفق من حقق في نفسه هذين الاصلين في زمان اصبح فيه حال ومقال الناس، بلا مبالغة و لا مزايدة: ان اريد الا الافساد ما استطعت… و ابتغ فيما جمعت فاوعيت و بنيت فعاليت و استغنيت فطغيت (او طغوت) الحياة الدنيا و لا تنس نصيبك من الاخرة: اي صل و صم و حج و اخرج زكاة مالك، لمن فعل حقا و صدقا و قليل ماهم، وذلك مبلغ علم قاصري الفهم لحقيقة الاسلام.
النصيحة السابعة: و هي بمثابة مواد للاستثمار الفكري و التحليل و التدبر العميق خاصة في لحظات الخلوة بالله عزو جل و اعتزال الناس، اخترتها بعناية و تامل معتبرا ان وقعها سيكون ايجابيا نافعا مباركا رخاء في نفسك ايها الملك الهمام باذن الله.
1) قوله تعالى يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب. وقوله تعالى في حق التابع والمتبوع، اذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا وراوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب.
2) يحكى في التاريخ ان ابن السماك الواعظ دخل على هارون الرشيد فطلب منه ان يعظه فيوجز فقال: لو منعت يا امير المومنين شربة ماء حين يشتد عطشك حتى توشك ان تهلك اتفتديها بنصف ملكك؟ قال نعم. قال: لو منعت اخراجها من مسالكك اتدفع نصف ملكك الآخر لتخرج؟ فاجاب بالايجاب فقال ابن السماك: فلا خير في ملك لا يساوي شربة ماء. و في رواية: ملك لا يساوي شربة ماء احق ان يزهد فيه. الا ما كان اصدقه رحمه الله. و لكن اين نحن من صدقه و حكمته وورعه في ايامنا العصيبة التي اصبحت فيها القيم و المكارم سلعة بائرة كاسدة بلا رواج و لا دولة. اليس كذلك؟
3) قول عمر بن الخطاب مخاطبا رعاياه: احبكم الي من رفع الي عيوبي. و في المسؤولية العامة قال: و الله لوان بغلة في العراق عثرت لظننت ان الله سائلي عنها. فانظر رعاك الله و سدد مسعاك الى الورع و الوجل المحسوس به في حق دابة عجماء. فما بالك بحال ملايين المسلمين المضطهدين المغلوبين على امرهم و المفتونين في دينهم و دنياهم.
4) قول الفاروق نفسه لاحد حاشية السوء اراد ان يمدحه:المغرور من غررتموه. وهذا ينطبق، و الملك لن يكون قد فاته ان يعلم ذلك، على كثير ممن ينتسب الى العلم و ممن قد اهمتهم انفسهم ليس الا و لا يبالون، كما في المثل، اسار الجيش ام ركب الامير. سلبية مركبة مقيتة لا تطاق.
5) قول عثمان بن عفان في نفس السياق: احثوا التراب في وجوه المداحين و يدخل في حكمهم المقربين غير الناصحين الكتامين بعد العلم و البينة لحقيقة الاسلام. كذاب آل حزب و حكومة الاسلاميين الذين امضوا اربع سنوات عجاف مجدبة في الحكم بغير ما شرع الله دون ان يكون لهم، و لو لمرة واحدة، مثقال ذرة من شجاعة و انفة فيقدموا النصح لاول مسؤول في البلاد قبلهم مباشرة امام الله عز وجل فيما حدث و يحدث ابان حكمه. بل الادهى و الاخزى انه حتى اذا اخطا في امر من الامور وهم شاهدون و يعلمون علم اليقين بذلك جعلوا اصابعهم في اذانهم و استغشوا ثيابهم و اصروا على التخاذل في النصح بل شانهم في ذلك مقتضى قول من قال:
ان الكرام اذا راوا خللا كسوه من حسن تاويلهم حللا
ولعل اقرب و ابسط مثال على ذلك ان جلالة الملك كما قيل في الاعلام الذي هم عنه مسؤولون، رغم انف الخلفي الذي اصبح في ايامه الاخيرة يبيض واحدة في العش و اخرى بجنبه، اقول ان الملك اوصى مصطفى الرميد الفارس الموشح بعدم متابعة من يهين شخصه فاقره على ذلك ضدا على مبدا الاسلام الذي لا يجيز البتة اهانة اي انسان كان من كان و لو يهوديا او نصرانيا او مجوسيا او وتنيا بل حقيقة الامر وصميمه في الاغيار في ديننا ما صرحت به الاية و اوضحت: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين. فتامل معنى البر و القسط المامور بهما في الاية في حق كل الناس باستثناء صنفين محددين هما المقاتلون في الدين (و الصيغة حصرية سياقا) و المخرجين من الديار ظلما و عدوانا و علوا و استكبارا. اما فيما بيننا نحن كمسلمين موحدين فالاصل اننا جميعا تتكافا دماؤنا و اعراضنا و يسعى بذمتنا ادنانا و نحن يد على من سوانا. لا فضل فينا لعربي على اعجمي و لا ملك على مملوك و لا ابيض على اسود (ولو كان حبشيا زمهرا سمقلا) و لا غني على فقير و لا شريف وضيع الا بالتقوى: ان اكرمكم عند الله اتقاكم… فاين تذهبون يا من يرضون باهانة مسلم، و اي مسلم، و لو استشير احدكم في قتل من ينصح و يصدع بالحق و يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي و الطغيان لاشرتم بقتله على مضض. فالله خير حافظا و هو ارحم الراحمين.
6) يروى في التاريخ ايضا ان احد العلماء راى الحجاج في المنام من جوف الاخرة فساله عن حاله فاجاب: والله انني قد قتلت قتلة واحدة عن كل نفس قتلتها في الدنيا الا نفس سعيد بن جبير فاني قتلت بها سبعين مرة. و بالرغم من ان الاحكام في شرعنا لا تترتب عن الرؤى و لو من ولى مشهود له بذلك، فالعبرة تكمن في تامل هول مشهد القصاص ورد المظالم و محاسبة من استرعاه الله امرا من امور المسلمين. و اعلم، ايها الملك، ان الفتنة اشد من القتل و ان العبد الضعيف الذي يخاطبك قد مورس عليه من الظلم و العدوان المقنن المشرعن الممنهج ما لو وقع على جبل لصدعه و فتت اركانه. او كما قال ابي بن خلف عند موته: و الله لو كان الذي بي باهل الحجاز لماتوا جميعا. و مصدر هذه المحنة التي دامت سنوات عديدة و مازالت اجراءات دعواها القضائية سارية دون فصل و لا حسم الى الان و منبع شرها و باعث جرمها و فتيلة نارها يعلمه اغلب اهل تيزنيت و ملخص حاصله في نزاع مشؤوم مع تعاونية سكنية متنكبة جملة و تفصيلا عن الشرعية القانونية. و ان تعجب فعجب ان يتحمل مسؤولية ادارة شؤونها سابقا و لاحقا عضوان اسلاميان “بارزان” من حزب العدالة، اي عدالة؟ و التنمية، اي تنمية؟ اولهما يدعى جامع المعتصم مدير ديوان بنكيران المتفلت المتسلل دون محاكمة و لا عقاب و لا حساب عن تهم غليظة منسوبة اليه في جماعة تبريكت بسلا ليس الا بفضل ضغط المظاهرات الحاشدة ضد اعتقاله منظمة من مناضلي حزبه الاوفياء لبعضهم حتى في الخيانة و الباطل، عجبا. اما الثاني فالمدعو عبد الجبار القصطلني النائب البرلماني السابق عن مدينة تيزنيت، و اللذان (والله يلعن لي ما يحشم) من الخزي و العار في تاريخ القضاء (و رحم الله القضاء في البلاد) الا يحاكما و لا يعاقبا راسا عن المنسوب اليهما من تهم و مخالفات واضحة فاضحة تلبسية كاشفة سافرة مؤكدة باليقين و الجزم. بل الافظع و الامر ان يكتوي بنار ظلمها المؤجج المؤيد المزكى من طرف محكمتي تبزنيت و اكادير من كرس خمس سنوات طوال من شبابه من العمل الدؤوب المفعم بالصدق و الامانة و الاخلاص لرب العالمين، و كفى به شهيدا في السر و العلن و القول و العمل، من اجل مصلحة تلك التعاونية التي ليس فيها من الخير الا الاسم و الى الله المشتكى و هو القائل سبحانه: فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا، يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا و نسوق المجرمين (جرما دون جرم) الى جهنم وردا. في الختام. و لئن تعمدت ذكر هذه القضية اللعينة ضمن هذه النصيحة الامينة فلانني اعلم علما لا يساوره شك و لا امتراء ان جلالتكم سيسال عن محنتي مع هؤلاء المعتدين الظالمين على غرار ما قاله ذلك الاعرابي لفاروق الامة و اصدقها فراسة عمر و ما ادراك ما عمر: و الله عن حالتي لتسالنه، يوم تكون المسؤوليات جنة (بضم الاول و تشديد الثاني) و الواقف المسؤول بينهن –اما الى نار و اما الى جنة – فبكى عمر حتى اخضلت لحيته. فاللهم اني قد بلغت فاشهد. و انت وحدك لا شريك لك اسال ان تتقبل مني سائر اعمالي عامة و هذه الرسالة خاصة و تجعلها ذخرا لي عندك لاحاج و اجادل بها يوم العرض عليك كل محاج و مجادل و خصم يا اعدل العادلين و يا احكم الحاكمين و يا خير الفاصلين. اللهم ادخل عظيم جرمنا في عظيم عفوك و ادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين و اغفر لنا ما قدمنا و ما اخرنا و ما اسررنا و ما اعلنا و ما انت اعلم به منا يا ذا الجلال و الاكرام اللهم اشرح صدورنا عامة و صدور ولاة الامور خاصة للاسلام الذي ما انفك تنقض عراه عروة عروة امام اعيننا وبين ظهرانينا اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر. واذا اردت بعبادك فتنة اكبر من هذه التي ما اظنها تركت مومنا مخلصا الا صفعته فتوفنا غير مفتونين و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و من والاه والحمد لله رب العالمين
عبد الله ابوحميدة
عذراً التعليقات مغلقة