الحمد لله رب العالمين الآمر عباده وجوبا بقوله : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون . وصلى الله على سيدنا محمد الذي من هديه القويم ونصحه السديد الامين وإقراره الحكيم البليغ ما في الحديث الجميل المشهور : يولد المولود – كل مولود – على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه . وقس على ذلك كل نحلة ومله ومنهاج وسبيل للشر والضلال من محدثات وبدع الامور على مر الدهور والعصور . ألا وإن الفطرة هي دين الاسلام الذي من ابتغى غيره دينا ، كالديمقراطية نموذجا ، فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين.
أما بعد،
فرحم الله عبدا أخلص نيته لله فتطهر وتوضأ وعمد الى مصحفه وقرأ بتدبر وخشوع واستحضار قلب واستجماع فكر “سورة الاسراء” المسماة أيضا ، كما أكد العلماء الاجلاء ، بسورة بني اسرائيل ليكتشف بإذن الله وتوفيقه ان من اسرارها مؤيدا او معضودا بما في غيرها بذات الصدد من قرائن واستحكامات انها تبين ان عزل اليهود ، الملعونين اول ما لعنوا على لسان انبيائهم كداوود وعيسى ابن مريم ، عن منصب قيادة الانسانية كان نتيجة حتمية جدلية ومتوقعة لارتكابهم للجرائم والغدر والمكر والخيانة والتحريف والتزوير والتضليل والطغيان والافساد حسدا من عند انفسهم ومصداقا لقوله عز وجل : وليزيدن ( واللام لام القسم ) كثيرا منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا، والقينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة ، كلما اوقدوا نارا للحرب أطفأها الله،ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المفسدين . مع الاشارة في الاية الى لطيفتين لغويتين اولاهما ان لفظة ” كلما ” الشرطية غير الجازمة تفيد تكرار الفعل على سبيل العادة والدأب والاستمرارية كما ان جواب الشرط عليه يكون تلقائيا بمجرد الصدور. والثانية ان صيغة المضارعة في ” يسعون ” تدل على الحاضر والمستقبل يعني الدهر كله الى أن يشاء الله رب العالمين . وفي هذا عبرة وحكمة بالغة لاولي الابصار والافهام السليمة.
اجل ان من أفدح واقبح مظاهر وصور هذا الافساد اليهودي الخبيث العظيم الهائل ما كان ضحاياه الاول والمباشرون والمسؤولون عنه في نفس الوقت هم نحن المسلمون الذين استدرجنا واستجلبنا واستلبنا كما يفعل بالحوتة الموضوع لها الطعم في السنارة، وبمنتهى البلادة الحسية والفكرية ، الى الانسلاخ رويدا رويدا ، خطوة ماكرة خطوة ، ذراعا بذراع ، شبرا بشبر، يوما بيوم، شهرا بشهر، عاما بعام، جيلا بجيل، عن فطرتنا النقية الحيية الطاهرة فنكون بذلك قد تخنزرنا وتقردنا عن طواعية وطيب خواطر، بعد أن صدق علينا ما حذرنا منه نبينا الكريم الحريص علينا والرؤوف الرحيم في حديثه الجامع الكبير الطويل ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : لتتبعن سنن الذين من قبلكم – أي اليهود والنصارى المغضوب عليهم والضالين – حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. وقد فعلنا او فعل بنا بكل صراحة وبراءة واعتراف وهو سيد الادلة في القضاء وفي غيره. كيف ذلك ؟
الحقيقة ان الجواب جوابان اولهما مجمل وعام يغني فيه لسان الحال عن منطق المقال ومفاده ان من نظر بعمق وتفحص بدقة وإمعان في حياة المسلمين العامة والخاصة الظاهرة والباطنة اليوم وتأمل ما يقاسون من الشقاوة والمرارة والضيم والتيه والهوان والهذيان وما فشا وعم وطم في مجتمعاتهم من المنكرات والفواحش والفضائح والجرائم وتقاطع الارحام وتباعد القلوب واختلاف الاراء والمعتقدات وارتاع الاهواء وانشقاق الصفوف وتشتت الشمل والكلمة وما يواجهون جراء ذلك من الغصص والقلائل والبلايا والفتن المظلمة الحالكة الناشئة اساسا حقا وصدقا عن البعد عن دينهم الحق واتباع السبل المناوئة لسبيل الله والمشاققة ، جهارا ظهارا ، لهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ، أقول أن من فعل ذلك كفي مؤونة البحث والاستدلال النظري والتنقيب الباطني واستقصاء الشواهد والحقائق التي ليس خير واصدق وابلغ ما يلخصها بإيجاز واعجاز من قوله تبارك وتعالى : ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون . فاللهم رد بنا اليك ردا جميلا ووفقنا للرجوع والانابة اليك بعد ما اسرفنا على انفسنا وفرطنا في جنبك وفي حق سنة نبيك المصطفى عليه الصلاة والتحية الزكية والسلام.
ثاني الجوابين يستدعي منا تشريح وتجريح وتنقيح ما اوردناه مجملا على سبيل التشخيص وسنسلط فيه اضواء البيان والتحليل على جانبين حيويين جوهريين من صميم حياتنا المعاشة متمثلين تحديدا في السياسة والاخلاق وكل ذلك بإيجاز واقتضاب شديدين.
اولا: وحيث ان من حسن بل من سوء طالعنا وشؤمه ان الحكومة السائسة لشؤون البلاد الامينة اليوم هي حكومة ذات توجه اسلامي مزعوم، وبناء على مالاحظناه من خلال تجربتها الفاشلة بكل المقاييس في الحكم طيلة اربع سنوات تقريبا، فإن من اوجب فروض الاعيان علينا ان ننصحها في الله وننبهها هي ومن والاها واعانها واستعان بها ورضي بسياستها الممارسة باسم الدين الى ما يلي :
- ايتها الحكومة : ان الدين في المعاملات وان المعاملة هي السياسة وان السياسة في أيامنا العصيبة هذه صنفان لا ثالث لهما، سياسة شرعية قائمة ومسترشدة في العمل بها بمنهاج الله عز وجل في كل شيء وهي المطلوبة يإلحاح حثيث وسياسة طاغوتية تستقي مبادئها وافكارها من معين مناهج اليهود والنصارى ومن سار على شاكلتهم ووالاهم واتبع سبيلهم ضدا على أصليين ركينين اساسيين من أصول العقيدة قولا وعملا وهما الكفر بالطاغوت والايمان بالله على قاعدة التخلية قبل التحلية وعلى وفق ما قررته بكل وضوح وصراحة سورة الفاتحة التي نقرؤها على الاقل سبعة عشر مرة في اليوم في الصلاة المكتوبة دون النفل وفيها قوله تعالى : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ( اليهود ) ولا الضالين ( النصارى ). وفي نفس الصدد يقول سبحانه وتعالى بعد اعظم آية في القرآن وهي آية الكرسي للدلالة على عظم شأن الكلام : قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها . وانما الانفصام والعطبان والخسران والهلاك المبين فيما دونها من السبل والمناهج التي في مثلها قال الحسن البصري الذي قالت عنه امنا عائشة رضي الله عنها إن كلامه كان يشبه كلام الانبياء : ليس العجيب لمن هلك كيف هلك. ولكن العجيب لمن نجا كيف نجا. نسأل الله العافية والرحمة والعصمة من شر فتن الزمان ومن اضلها وانكاها اتباع سبيل من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت . فكل ما عبد من دون الله فهو طاغوت حتى النفس والهوى وما دار في فلكهما ونتج عن اجتهادهما الممقوت .
- ايتها الحكومة التي لا على أمثالها تعد الأخطاء : ان من أفدح الأخطاء والاوهام المعطوبة في التصورات والمفاهيم الشائعة في الناس والتي تتحملون المسؤولية فيها كإسلاميين مقصرين مفرطين انهم يعتبرون الاسلام محصورا في التعبديات الشعائرية الخمس التي هي في الحقيقة ليست سوى اركانه التي بني عليها . و من المعلوم ان حتى في ميدان الهندسة والعمران ان البنيان المرجو تأسيسه والإنتفاع به هو ما فوق الاساس المخفى بطبيعته تحت الارض. وعليه فإن الاسلام يا قوم ، هو تلك الكتلة المتراصة المتماسكة غير القابلة للفتق والانفصام والشاملة لجميع مناحي ومناطات ومظان ما يجري في الحياة باسرها، حتى الحراءة . مع العلم ان بهذا المضمار تأثير البنيان على أساسه اكبر وأعظم وأوقع من تأثير الاساس في البنيان ومن الادلة القاطعة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
- في شهادة لا اله الا الله محمد رسول الله التي حقها ان تحجز قائلها ومعتقدها عن محارم الله ، فما موقفكم وموقعكم من ذلك علما انكم كحكومة مسؤولة عن شعب مسلم تقرون وتشرعون وتتعاملون بما حرم الله كالربا والزنا والخمر وغيرها من المحرمات التي لا تعد ولا تحصى بعد حاسب.
- في الصيام : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه . وبالله عليكم هل ترون زورا وبهتانا واثما مبينا أعظم واضر واظلم من ان تحكموا ايها الاسلاميون بغير ما انزل الله تحت طائلة الظلم والفسوق واتباع سبيل غير المومنين المفضي الى جهنم يقينا .
- في الحج : اذا حج رجل بمال من غير حله فقال لبيك قال الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك.
- في الصلاة : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. والحديث فيه قول وضعف لكن معناه مفهوم يعتبر به وضعفه وانكاره على واضعه، ومع ذلك فإن ضعفنا وهواننا عقيدة وعلما وسياسة وفي كل شيء من أمور دنيا الناس يستجيز لنا الاحتجاج به لان من العدل والمنطق ان الاقوياء الاصحاء يحتجون بالقوي والصحيح والضعفاء المعلولون يحتجون بالضعيف والعليل : لكل ديك اعور فولة مسوسة (بتشديد الواو) .
- في الزكاة والصدقات : ان الله طيب لا يقبل إلا طيبا وان الله تعالى أمر المومنين بما أمر به المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا … والاعمال الصالحات ليست بالضرورة محصورة ومختزلة في الجوانب التعبدية التوقيفية فحسب وهذا اوضح من ان يحتاج الى مزيد بيان وتفصيل و إلا فسنقع في مقتضى من يفسر الماء بعد الجهد بالماء .
- في عموم الامر : لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له : وهل العمل السياسي إلا امانة وعهد ووعد وعمل صالح إمامه علم رباني نافع على غرار ما قال سيدنا يوسف السياسي القوي الامين : اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم. فأين سياسيونا الاسلاميون منهم والديمقراطيون وما بين ذلك ممن يدعي ويقر، طوعا أو كرها، قناعة أو مجاملة وتملقا، بفصل الدين عن السياسة او السياسة عن الدين ، وما أدري ولا احب أن أدري ما الفرق بينهما، من هذه القيم المثلى والثوابت النبيلة والمقدرات العظيمة التي يزخر بها هذا الدين الذي غايته ان يخرج الناس من ظلمات الجهل والوهم الى نور الحق والعلم ؟ افيدونا بعلم او اثارة من علم ان كنتم صادقين واروني ما الذي جنيناه عدا الشقاء والضلال منذ حلت بساحة ديارنا الديمقراطية واخواتها من السبل التي حذرنا الله ورسوله من اتباعها تحت طائلة اشد الوعيد والعقاب في الدنيا والاخرة. هذا وللعلم والتذكير فان كل الذي يقول لكم هذا العبد الضعيف وستعلمون وتذكرون أهميته ومغازيه ومبانيه ولو بعد حين. انما هو من باب النصح الموحى او المؤسس على سبيل قول سيدنا نوح لقومه: قال يا قوم ارآيتم ان كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون … ولا ينفعكم نصحي ان اردت ان انصح لكم ان كان الله يريد ان يغويكم ( وانتم والله في اعماق بحر الغواية والضلال القديم تخوضون) هو ربكم واليه ترحعون. وأيضا: قل ما اسألكم ( ولا أسأل غيركم من دون الله) عليه من اجر الا من شاء ان يتخد الى ربه سبيلا… قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ( ضخموا به ارصدتكم البنكية في الداخل والخارج ). وبعدها فأين تذهبون؟.
- ثانيا: الجانب الاخلاقي: وكل ما قيل في الذي قبله يمكن انزاله عليه مع اضافة طفيفة مفادها ان سقوط كل الحضارات التي عرفها التاريخ انما كان سببه انهيار الاخلاق وطغيان النساء وهما عنصران متداخلان.
انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
ألا فلنبك جميعا معشر المسلمين وبدموع ساخنة حارة مالحة ذهاب مكارم الاخلاق في مجتمعنا وفي ذروتها خلق الحياء الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: لكل دين خلقه وخلق الاسلام الحياء. وهو وحده شعبة من شعب الايمان بمعنى انه يشمل صفات وشمائل وسجايا وخصائص عديدة ومتنوعة نستغني عن استقرائها في هذا المقام ونكتفي بالقول انها كلها محيت واضمحلت او تكاد من شباب الامة خاصة لتحل محلها اضدادها ونواقضها والخوارم وعلى رأسها العري والخلاعة والوقاحة المفرطة والزنا المقنن والمجاهر به واللواط، اضافة الى تغيير خلق الله في الهيئات والحالات والحلاقات وكشف السوؤات والتشبه الاعمى والاضل بمن لا يعقل وغيرها من ايحاءات وتسويلات وتسويفات النفوس الامارة بالسوء وجنود ابليس اللعين الذي احكم قبضته على قلوب ابناء المسلمين في بلاد المسلمين وفي غهد حكومة ” الاسلاميين ” المنكرين لنعمة الله بعد معرفتها والقرآن بين ظهرانيهم يتلى ويقول صارخا وباعلى صوته من باب التحذير والانذار والاعتبار بمن سلف: ان يدعون من دونه الا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولاضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ( وهو محل الشاهد ) والملاحظ ان كل هذه التضليلات الشيطانية وردت على صيغة القسم المؤكد وفي ذلك ما فيه من الحكم والعبر والدلالات. فتأمل ترشد، فالرشد لا يحل عادة حيث الغي كما قال أبو العتاهية .
هذا والجدير بالاشارة ان مثاني ومثيلات هذه الايات كثيرة في القرآن ومنها: يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما … الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء … وهل، بالله عليكم أيها الحكام وعلماء الكراسي لكم تبع، تتصورون فحشاء أفحش واكبر وانتن مما يشاهد في قنواتنا الاعلامية الرسمية اليوم، وفي شواطئ بحارنا وفي شوارعنا ومتاجرنا ومؤسساتنا ومدارسنا وجامعاتنا وفي وفي وفي، وحتى في مساجدنا أحيانا. نعم في مساجدنا التي تخلت عن دورها ووظيفتها الحيوية الجوهرية في الامر الفعلي الصادق بالمعروف والنهي الصارم الرادع عن المنكر … بل ان حتى عمارها ( ومنهم أئمتها المحصور عملهم في الغالب على تعليم الناس فرائض الصلاة والوضوء ونواقضهما والمبطلات ( ومنها الريح) واحكام الحج واحكام الصيام والزكاة عند حلول كل موسم ونفحة وفي اطار محدود من تعداه من تعد فلا يلومن الا نفسه وهو المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية فايا احدهم اياه ان يفعل و( … سدات مدام ) . أقول ان حتى عمار مساجدنا المزخرفة المطيبة المضاءة اللينة الافرشة المكيفة الاهواء المحكمة الهندسة والبناء عز ان تجد فيهم متوفرة الصفات الخمس متكاملة كشرط لاستحقاق نيل وسام الهداية التكريمية التشريفية المختوم به قول الله عز وجل: انما – حصرا وتقييدا – يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش الا الله ( وهذه هي الصعبة الوعرة المحفوفة بالمشاق والاخطار) فعسى أولئك ان يكونوا من المهتدين.
ذلك وان كل ذلك واقع وما خفي الا على الله أعظم في الوقت الذي كان بامكاننا ان نحذر ما حذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم بخصوص مثل هذه الفتن الحالقة قبل وقوعها في كثير من الاحاديث ومنها مثلا لا حصرا: كيف بكم ايها الناس اذا طغى نساؤكم وفسق فتيانكم وتركتم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر … واشد من ذلك اذا رأيتم المنكر معروفا والمعروف منكرا ؟ وفي الحقيقة الجلية ان واقعنا لا يعدو ان يكون صورة طبق الاصل لما جاء في هذا الحديث الجليل المفيد الذي ليس البتة من الاهمية بمكان ان نخوض في درجة صحته طالما انه لا يترتب عنه حكم شرعي ولا حق مستحق ولا تفوت بالاحتجاج به مصلحة راجحة ولا تنتج عنه مضرة ولا مفسدة ولا معرة ولا شيء من هذا القبيل بما فيه الخدش في عقيدة معتقد ومتبني ما حواه من معاني وحقائق … والله تعالى أرحم وأعلم بمن ظل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين .
هذا باختصار عن الاخلاق اما عن فتنة النساء في عهد حكومة الاسلاميين فالحديث فيها طويل وعريض وموضوعها دسم سمين وغورها عميق وكنهها عزيز المنال ولذلك نكتفي فيها ببعض الخطوط القصار ومنها ما في الآتي ذكره مما نراه ونلحظه في مجتمعنا من ترجل النساء الذي مهما كان فهو على كل حال اهون وايسر من تخنث الرجال على غرار قول من قال:
وما العجيب ان النساء ترجلت ولكن تخنث الرجال عجيب
أجل، ان من ابرز وافتك الاسلحة التي استعملها اعداؤنا التقليديون وهم اليهود طبعا لمحاربتنا في قعر ديارنا وفي صميم ديننا هو قضية المرأة التي ما افتضح مكر الماكرين من قتلة الانبياء والمرسلين في امر من الامور اكثر واجلى واخطر من افتضاحه بشأنها ليوافق بالتحديد والتدقيق ما تحدثنا عنه سلفا عن الانسلاخ المهول من الفطرة الاصلية والذي من مظاهره الواضحة في المرأة خاصة كجنس لطيف: شديد القابلية للتأثير والإمالة للقلوب والأفئدة وهي هواء بطبيعتها.
أولا: هذا التبرج السافر الواضح الفاضح الكاشف لما ستر حتى عند البهائم العجماوات باستثناء المعز والقردة والخنازير التي ليس من الصدفة والاعتباطية ان قد اقتبست منها مصطلحي ” التخنزر والتقرد”.
ثانيا: هذه الشجاعة والجرأة والاندفاعية العنيفة والاستقواء المفرط الذي اضحى باديا على سلوكات المرأة وخصوصا في الخصام والجدال والترافع ضدا على طبيعتها الفطرية اللطيفة الحنونة التي اشارت اليها إعجاز وايجاز اية جليلة جميلة من سورة الزخرف عند قوله تعالى : اومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين؟ وانا لا اشك مثقال ذرة ان هذه المصيبة الكبرى سببها المباشر هو تلك التلقيحات والجرعات المسمومة الاتية من عند اعدائنا والمحقونة حقنا في دماء اطفالنا ونسائنا، اضافة الى تأثير كل المواد الغذائية والدوائية والتجميلية وغيرها من المستوردات التي مصدرها الاغيار الغربيون بمختلف مشاربهم ووجهاتهم التي هم مولوها ولكن في احضان ملة واحدة متحدة ومجتمعة على كلمة سواء وهي معاداتها الحاقدة والقديمة للاسلام الحنيف على وفق قوله تعالى: ها انتم اولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتومنون بالكتاب كله واذا لقوكم قالوا آمنا واذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ …قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور
في الختام، وعلاقة بدور النساء في سقوط الحضارات كما اشير الى ذلك سابقا، فمن الامثلة عليه ان حضارة الاسلام نفسها كادت ان تسقطها في مهدها امرأة يهودية تدعى زينب بنت الحارث التي اهدت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية واكثرت السم في احب الاعضاء اليه وهي الكراع فلما ذاقها اكتشف انها مسمومة فلفظها ثم دعا بها فاعترفت بجريمتها التي بقي اثرها في جسده الطاهر الى يوم وفاته صلى الله عليه وسلم حيث قال لعائشة رضي الله عنها وهو يعالج سكرات الموت: ما ازال اجد الم الطعام المسموم الذي اكلت بخيبر. او كما ورد في الاثر المبطل للنظر.
مثال ناطق ثان مفاده ان هذه الفتن الجائحة الغازية الزاحفة للامة الاسلامية في الشرق والغرب، لو تتبعنا خيوط مسارها ومسالك مجاريها في التاريخ لخلصنا الى انها انما هي نتيجة بعيدة الامد لتخطيطات المنظرة الاستبصارية اليهودية الخبيثة الكلبة المسماة كولضا مايير المعروف عنها انها كانت تقضي ستة عشر ساعة من يومها معتكفة على الدراسة والتحليل والبحث في مكتبها في الوقت الذي كان فيه حكام المسلمين وكثير من علمائهم، كدأبهم في السابق واللاحق، عاكفين في ليلهم على ما لا حاجة من ذكره ولا يستيقظون غالبا الا بعد طلوع الشمس بقدر رمح او انقص منه او زد عليه قليلا او كثيرا. وقس على كولضا مايير اختيها في الشر وفي الملة والمكر انديرا غاندي ومارغريت تاتشر الحديدية وغيرهن من نسوان يهود. ومن لف لفهم وولج جحرهم طوعا أو كرها،
هذا وبصفة عامة فالواجب ان يعلم ان الامة الاسلامية ان هي ارادت استرجاع مجدها وعزها الذي ليس الا في دينها وايمانها وحسن اخلاق ابنائها فلا بد لها من الاخذ بالاعتبار ضرورة اصلاح هذه الامور المشار اليها انفا مسترشدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص فتنة النساء خاصة ويقاس عليها غيرها :
- ما تركت بعدي فتنة اشد على الرجال من النساء.
- وفي حديث طويل قال: يامعشر النساء تصدقن فاني رايتكن اكثر اهل النار .. الى ان قال: ما رأيت من ناقصات عقل اذهب للب الرجل الحازم من احداكن .. وهما حديثان صحيحان لا يجوز فيهما النقد ولا التشكيك ولا الهزء ولا الاستخفاف تحت طائلة حبوط العمل: يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. صدق الله العظيم وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين.
عبد الله أبو حميدة
عذراً التعليقات مغلقة