كشف المحامي والقاضي السابق “محمد الهيني”، التحاقه رسميا بحزب “الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية” عبر رسالة أسماها بـ”رسالة الإنتماء للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية”.
وساق “الهيني” في رسالته ، مجموعة من الأسباب والدوافع التي دفعته إلى الإلتحاق بحزب “عبد الرحيم بوعبيد” و”المهدي بنبركة”.
وهذا النص الكامل لرسالة انتماء “الهيني” رسميا إلى حزب “الوردة”:
رسالة الانتماء للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
محمد الهيني
في اطار سداد التواصل مع عموم الراي العام اجمالا ، و المهتمين خصوصا ، و الاصدقاء / الرفاق و الخصوم تحديدا . و من اجل تيسير سيولة القناعة الحاصلة ، عن قناعة راسخة . و حتى يتسنى لنا ، توطيدا لعرى التواصل البناء و الإيجابي ، و لأن المساهمة في مشاركة الراي العام كل ما يتجدد من معطيات ؛ يشكل مدخلا لتجويد طبيعة العلائق في أبعادها الفكرية و السياسية ، كمنطلق لتحديث آليات اشتغال التواصل ، بعيدا عن مختلف تمظهرات الازمة في الفهم على اساس الشخصنة في بناء الإستنتاجات و في خلق توصيفات غير سوية . فإن اللحظة التاريخية الدقيقة تملي علي اصدار هذا الكتاب ؛ تنويرا للراي العام ، و تفاعلا مع مختلف ما يكتب ، هنا و هناك ، تحت دواعي موضوعية حينا ، و بسيكو – ذاتية ظرفية جامحة احيانا اخرى . و لا جرم إن دواعي هذا المثن تعزى إلى ما أسيل من حبر بخصوص ما جد من تموقع سياسي حزبي من لدن عبد ربه المذنب . و بناء على ما سلف ، اود ان اتفاعل كتابة ، تقديرا للتعليقات التي ولدت من رحم السؤال ؛ في هكذا مضمار سياسي يخصني قناعة شخصية ، و تنزيلا لإحدى أهم حقوق الإنسان المكفولة دستوريا ، و المؤكدة بمقتضى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ؛ كمصدر من مصادر التشريع مغربيا .و تفاديا للغة الحشو و الاستطراد ، و احتراما للراي العام المغربي إجمالا . اسجل بعض الملاحظات بخصصوص التحاقي بصفوف حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . و لذلك ، و باديء ذي بدء ، اؤكد ، و التاكيد لا يختلف فيه اثنان ، أن الحق في ممارسة السياسة ؛ من أسمى حقوق الانسان . و لأن السياسة فعل نبيل مرتبط بالادوار الطلائعية المنوطة بالاحزاب السياسية ، كمؤسسات دستورية تناط بها مهام التاطير و المواكبة ؛ و ذلك بمقتضى المثن الدستوري الذي تعاقد عليه المغاربة عام 2011 . و لا مندوحة إن ما حصل من وعي سياسي بخلفية علمية / اكاديمية طيلة سنوات من التحصيل المعرفي الاكاديمي ، كان له التاثير المباشر في البحث عن توصيفة مناسبة للمساهمة المؤسساتية في التفكير الجماعي لصالح المصلحة الفضلى للشعب . و عليه ، فما حصل من انخراط رسمي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؛ يعزى الى كل هذه الدواعي ، و إن كان الانخراط في سلك القضاء ، و تحت محددات واجب التحفظ ، قد أجل الانضمام الرسمي للسياسة ، من مدخل التحزب ، كحق من حقوق الانسان المكفولة ، دون ادنى شك . و يبقى السؤال المشروع هو لماذا الانتماء الى حزب الاتحاد الاشتراكي؟؟ و لماذا الان دقة و تحديدا ؟؟ و ما الغايات و الاهداف المتوخاة خلف هكذا قرار ؟؟
ابدأ تفاعلا بسؤال لماذا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؛ كخيار موقع ، و عن قناعة و يقين . و و من باب تحري الموضوعية و الحياد ، و اعترافا بقامات سياسية شامخة ؛ كان رجالات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من بين الرعيل الاول المؤسس لممارسة سياسية رصينة و مؤمنة بالتراكم الايجابي ، عبر مدخل دمقرطة الدولة و المجتمع ، من خلال المشاركة الايجابية و البناءة في بناء المؤسسات ، دون السقوط في متاهة تاويل عدمي متشنج للسلطة . و لذلك ، فشخصيا ، كنت متابعا يقظا لمسار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، ايمانا مني بأهمية اليسار الديموقراطي كرافعة لبناء دولة ديموقراطية قادرة على انضاج شروط الانتقال الديموقراطي نحو ديموقراطية ناضجة و متمكنة من التداول الديموقراطي للنخب ، لصالح دولة ديموقراطية يليق بها الألتحاق بنادي الدول الصاعدة .
و تحت دواعي الايمان بنبل الهوية اليسارية في توطيد لبنات الدولة الديموقراطية ، على قاعدة الايمان بالمؤسسات ، شاءت القناعة الحاصلة ان يكون حزب الاتحاد الاشتراكي باحة للاستقرار من اجل ممارسة فعل عمومي نبيل تجسده السياسة الفاضلة . و على الرغم مما يقال حول هذا الحزب الذي مر بمنعطفات ، كغيره من المؤسسات الحزبية ، تفاعلا مع رجات موضوعية . و مهما يكون النقد لاذعا احيانا حيال هذا الحزب . فإن الفهم عندنا يبقى سديدا ، ببساطة لان حجم تطلعات المواطنين مرتفعة ، و هو ما ينعكس على حجم الدفوعات التي توجه سهام النقد إزاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. و شخصيا ، و بعد قراءة متأنية للمشهد الحزبي ، فكرا و ايديولوجيا و ممارسة . و بعد ضبط دقيق للخطوط النظرية و للخلفيات الايديولوجية المؤطرة لواقع الممارسة الحزبية في الحقل السياسي المغربي . اعتقد ، و اعتقادي راسخ ، إن اللحظة التاريخية تؤكد إلحاحية الفكر اليساري الديموقراطي .
إن الاتحاد الإشتراكي ، بناء على ما سلف ، مدرسة للقيم الإنسانية النبيلة ، و التي ناضلت ديموقراطيا ، و في مختلف المحطات ، من أجل المساهمة في بناء الدولة الديموقراطية المنشودة من لدن مختلف الفاعلين وطنيا . و امام هذا التميز ، و من أجل المساهمة المتواضعة ، من موقعي ، حصلت القناعة في الانضمام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؛ مستحضرا زخم الارث الاتحادي المتراكم ، بعد عقود من البناء و التأصيل ، و تحت تاثيرات وخيمة تتجلى على ضوء الوطني و الدولي / الخارجي و الداخلي . و لأن حزب الاتحاد الاشتراكي كان ، و ما يزال ، ارثا فريدا و تراثا سياسيا نزيها ، حتى ان ادب السجون حرر بحبر اقلام يسارية اتحادية منتصرة لماهية الشعب و لشموخ الوطن ، كما تلك المساهمات الايجابية من لدن فطاحل الاتحاد من الذين أرخوا لمرحلة الانصاف و المصالحة ، كمدخل لطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ، من خلال تجاوز واع لخلافات الماضي الأسود ، الموسوم بالجبر و الرصاص ، لصالح عهد جديد قوامه بناء مرحلة جديدة ، على انقاض ويلات الماضي الموشوم في الذاكرة السياسية اليسارية الاتحادية . و لكل ذلك ، وقع الاختيار على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لما قدمه و لما زال يقدمه من تضحيات جسام من اجل وطن شامخ متسع للجميع . و من كبار هذا الحزب منذ لحظة التأسيس ، الى لحظة اغتيال الشهيد عمر من لدن الآيادي الأثمة ، نحو الرفاق الذين التفتوا لنا في خضم الصراع الذي خاضته ضدنا قوى القمع النكوصي المتخصصة في تكميم الافواه ، عبر مبررات واجب التحفظ ؛ كقول حق اريد به باطل . و إنصافا للرجال ؛ أنحني ، اجلالا و امتنانا ، لكل من سجل تضامنه معنا ، في سياق موسوم بتجبر فكر أغلبي يمتطي صهو الديموقراطية لشرعنة ممارسات غير ديموقراطية جملة و تفصيلا .
و للتأكيد ؛ اسجل ان دواعي الانضمام لعرين الاتحاد تعزى الى ما يشهده الوطن من رجات حاصلة هنا و هناك ، و لاسباب متعددة ، و إلى ضرورة مساهمة كل الضمائر الحية و كل القوى الديموقراطية من اجل حماية المشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي ؛ و المهدد بما يحصل من امتداد الفكر النكوصي / الارتكاسي في مختلف بنى المجتمع . و لأن الديموقراطية قضية كل الديموقراطيين ، فأنني لست أدعي بطولة واهمة و زائفة . بالاحرى ، وانما أروم فقط المساهمة المتواضعة ، الى جانب كل الشرفاء ، من أجل خدمة الوطن من مدخل الممارسة الحزبية النبيلة .
فكيف لا استعجل الانضمام الى ممارسة السياسة ، لربما ننجح ، بمعية رفاقنا ، كل من موقعه ، في التاسيس لممارسة سياسية نوعية و فاضلة تتسامى على التأويلات السياسوية المجسدة للبؤس السياسوي من خلال خطابات شعبوية منمطة بخلفيات العقيدة الأرثوذوكسية المعادية للفكر السياسي النقدي . و بالمناسبة ، اؤكد ان اللحظة التاريخية تسترعي انخراط كل الشرفاء في العمل السياسي ؛ لعلنا ننجح جميعا في ترميم ما لحق بالسياسة من تصدعات مكشوفة بأيادي الشعبوية و التفاهة و الرداءة التي استئسدت على اشلاء نبل السياسة . و لست أدعي ، ها هنا ، شرف البطولة ، مهما كان و مهما سيكون . بل فقط مجرد رغبة صادقة في الانتصار للقضايا العادلة للوطن و الشعب من منطلق الانخراط المؤسساتي الايجابي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
و تحقيقا للصدق و للاخلاص في تقدير الموقف ؛ اؤكد ان اية تاويلات ضيقة لمواقفنا ، و دون روية او تمحيص ، لن يكون سوى تمظهرا لسوء تقدير . فمعركتنا جميعا تبقى هي بناء دولة فاضلة بوطن شامخ ، من خلال خلق جبهة يسارية وطنية صادقة اصيلة ومتجددة دوما شهدت بتميز رجالات يساريين مغاربة من طراز عبد الرحيم بوعبيد و عبد الرحمان اليوسفي ، في اتجاه كل الضمائر اليسارية الحية ،لان هدفنا هو بناء وطن شامخ قائم على انجاح الطفرة ، بتوافق مع الفهم المؤسساتي للاصلاح ، لصالح حسم الانتقال الديموقراطي تحصينا للاستثناء المغربي .
و ختاما ، اترفع عن اية اهداف ضيقة تنتصر للذات ، بمنطق فرداني جامح ، و لست مسؤولا عن اية تأويلات فجة تسيء قراءة التراكم الحاصل لدينا قناعة فلسفة و منهجا . إذ بالمقابل ، اؤكد على سلامة الفهم و على سداد الايمان . فما يؤطر القناعة ليس سوى خدمة الوطن و الشعب . و في ذلك فليتنافس المتنافسون . و ختاما اقول ما جاء في محكم الذكر الحكيم { فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الارض } صدق الله العظيم ، و به الشكر و السلام .
حرر بتطوان على هامش اشغال المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين الاتحاديين
عذراً التعليقات مغلقة