في خضم الإستعدادات التي تجريها جبهة “البوليساريو” لتخليد الذكرى الـ41 لما يُسمى بـ”إندلاع الكفاح المُسلح”، وخلال لقاء جمعه بكبار الشخصيات الصحراوية وعدد من الممثلين للأقاليم الصحراوية للمغرب، اعتبر محمد عبد العزيز رئيس “البوليساريو” في معرض رده على إستفسار حول الأسباب التي تمنع أو تؤخر تحقيق تضامن شعبي حقيقي للصحراويين بمناطق النزاع مع جبهة “البوليساريو”، على أن ” الأمر راجع إلى عدم قدرتنا من حيث التنظيم على خلق تفاعل جماهيري مع الأحداث الدائرة بالمنطقة، رغم أننا الأقدر والأقرب للوصول إلى الصحراويين من الأجهزة المغربية “.
وعزا محمد عبد العزيز الأمر، وفق ما أوردته وثيقة صادرة عن منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، إلى أسباب عدة يمكن تجاوزها بالاشتغال عليها مع الزمن، بإستثناء أمر واحد يصعب تجاوزه في الوقت الراهن وهو “اعتماد المغرب على بطائق الإنعاش الوطني يفسد علينا في كل مرة نشوة الانتصار ويقف حجر عثرة في طريق تحقيق غاياتنا” على حدٌ تعبير عبد العزيز.
ووفق ما جاءت به نفس الوثيقة، فإنَ محمد عبد العزيز، إستطردَ في حديثه ليفصل دور السياسة المغربية عقب أحداث مخيم اكديم ازيك في عرقلة مخططات جبهة البوليساريو بالقول: ” كنت في كل مرة أستقبل وفدا قادما من المناطق المحتلة، سواء من أبنائنا المقيمين بها أو من المستفيدين من برنامج تبادل الزيارات العائلية، أطرح سؤالا واحدا فقط : ما الذي يقدمه المغرب حتى يستطيع تضليل هذا الكم من خيرة أبنائنا وأقرب المقربين منا؟ وكيف استطاع إقناعهم بالاستقرار والبقاء عنده؟. ولا أخفيكم أننا حين قررنا عدم منع من يريدون الذهاب إلى المغرب، كنا على قناعة تامة أنهم راجعون لا محالة، وسينقلون لإخوانهم بالمخيمات الواقع البئيس للصحراويين بالمغرب، إلا أن المفاجأة كانت أن أغلب من يذهب إلى المغرب قد يعود بالفعل إلى المخيمات لكن سرعان ما يحن إلى الرجوع من جديد إلى المغرب، وهذه المرة يرجع بمعية آخرين يستهويهم تجريب نفس المغامرة”.
ويُضيف ” كنت أتساءل ماذا يقدم المغرب لهؤلاء حتى يعودوا إليه، فوجدت أن ما يمنح لهم من إغراءات مالية بسيطة كبطائق إنعاش وغيرها، تقطع عن صاحبها بمجرد عودته إلى المخيمات وهذا أمر نعرفه في المغرب وليس غريبا عنه، إلا أن الخطير هو أن الشخص بمجرد رجوعه من جديد إلى المغرب يتقاضى راتبه فورا، من هنا عرفت أن هناك خطرا كبيرا وسياسة جديدة لم نعهدها في المغرب على مر الصراع، إنها تدبير يستهدف إفراغ المخيمات من ساكنتها ..ولا أخفيكم سرا أنها سياسة نجحت إلى حد بعيد “. حسب ما أوردته الوثيقة ذاتها وهي الصادرة عن منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف.
وزادَ الـ”فورساتين” كاشفاً، أنَ محمد عبد العزيز وجدَ في سياسة المغرب الخاصة بالإنعاش الوطني عقب مخيم اكديم ازيك، وجد فيها شماعة علق عليها المسؤولية في تراجع الصحراويين عن الاحتجاج بالمناطق الجنوبية، خاصة إبان زيارات المبعوث الأممي كريستوفر روس والبعثات الأجنبية إلى المنطقة، باعتبار أن ما قدم المغرب من إغراءات مادية وبطائق إنعاش عقب مخيم اكديم ازيك نجحت في إخماد الاحتجاجات وساهمت بشكل كبير في تناقص أعداد الصحراويين المتظاهرين بالشوارع، مطالبا بأن : “يجب أن نحافظ على ما حققناه من نصر في الأيام الماضية إلى حين فرض مراقبة حقوق الإنسان بالمناطق الصحراوية، لذا من اللازم أن ننشر ثقافة التمرد على المغرب، أو نجعله يقطع بشكل أو بآخر بطائق الإنعاش الوطني عن الصحراويين، حتى نضمن عودة قوية للاحتجاج من أجل بناء جبهة داخلية قوية قادرة على إقناع المنتظم الدولي بأننا شعب مضطهد يسعى إلى تقرير مصيره، وليس شعبا مستكينا يخنع ويخضع لمجرد الحصول على مقابل مادي بسيط. وأن تحقيق أهدافنا لن يتأتى إلا بنكران الذات والتضحية بالنفس والمال والولد “.
يذكر أن الجبهة الداخلية للبوليساريو تأثرت كثيرا بفعل السياسات الجريئة التي تبناها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي تنسبها البوليساريو لسياسة الإنعاش الوطني وتتهمها علانية بالتأثير على إشعاعها بين الصحراويين، ولا تنفك تبعث الرسائل في كل المناسبات إلى الصحراويين لثنيهم عن العودة إلى أرض الوطن بعدما أثبت المغرب قدرته على استيعاب آلاف العائدين وتمكينهم من دعم مادي ومعنوي يمكنهم من الاندماج في المجتمع دون أدنى إحساس بالنقص أو العيش عالة على عائلاتهم المقيمة بالمناطق الجنوبية.
عذراً التعليقات مغلقة