يختبئن وسط الجموع للتواري عن الأنظار. نفرن من أسرهن بحثا عن حياة أفضل ليصطدمن بواقع أفضع. يجابهن غول مدينة لا ترحم، ويدخلن في دوامة تكاد لا تنتهي، أو تنتهي إلى متاهات أخرى.
هكذا استهلت جريدة الأخبار، في عدد يوم نهاية الأسبوع، ملفا عن “الهاربات، وهن بنات تركن منزل العائلة ليواجهن الاعتداء والتحرش الجنسي وقسوة الشارع بالبيضاء.
وتشير اليومية نفسها إلى أن حكايات “الهاربات” تختلف وتتقاطع مع قاسم مشترك يتلخص في مفاتيح كلمات من قبيل الفقر، والتفكك الأسري، والتحرش، والفضيحة. ويتخذن من الفضاء المحيط بالمحطة الطرقية بالبيضاء ملاذا لهن في انتظار بارقة أمل.
جريدة الأخبار اقتحمت عالما خفيا، كما تقول، وسط الزحام لفتيات لم يكن ذات طفولة يتوقعن أن ترمي بهن الأقدار إلى ما هن عليه اليوم، وحيدات في مواجهة الجحيم، بعدما أصبحت كلمة “الهاربات” لصيقة بهن في ما يشبه السبة أو اللعنة.
الأخبار نقلت بعض قصص “الهاربات”، كما حاورت محمد السربوتي، أستاذ علم الإجتماع بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة،الذي أشار إلى أن الظاهرة لا تقتصر على الإناث، بل حتى على الذكور، وأن ربط الظاهرة بالإناث أكثر من الذكور يحيل على نظرة المجتمع إزاء الفتاة التي تتركك بيت الأسرة دون علم أحد إلى وجهة أخرى، وما يرتبط بذلك من ضرب لقيم أخلاقية وعادات ثقافية لا يجوز للفتاة اقترافها.
لعنة الفقر
وبخصوص أسباب فرار الفتاة من منزل الأسرة يقول السربوتي للجريدة نفسها، إن هروب بعض الفتيات بالمناطق القروية الهامشية من كنف أسرهن في اتجاه بعض المدن، تختلف من حالة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، إلا أن القاسم المشترك بين جل الحالات يتمثل في عامل الفقر.
عذراً التعليقات مغلقة