متابعة / عبد اللطيف الكامل
بعدما سبق لها أن استقبلت منذ سنوات خلت الشاعر والروائي محمد الأشعري من أجل تسليط الضوء على أعماله السردية والشعرية في لقاء تربوي مع تلميذات وتلاميذ المؤسسة ،استضافت صباح يوم السبت 23 نونبر2024،ثانوية بدرالتأهلية الكاتب والروائي المغربي عبد القادر الشاوي،وذلك في لقاء ثقافي وتربوي مفتوح حول”الرواية والمجتمع “.
ويعد فرصة ثمينة لتلامذة المؤسسة لمحاورة أحد رواد الرواية المغربية صاحب الروايات المقروءة والذائعة الصيت”كان وأخواتها،دليل العنفوان،الساحة الشرفية،باب تازة،التيهاء ،مربع الغرباء..
وصاحب الكتابات التحليلية ذات البعد النقدي مثل”المجاورات” و”بالنيابة عني يا ايها القناع” و”مديح التعازي” و”الكتابة والوجود”و”كتاب تجربة الحياة”التي اختزلت مساره السياسي والثقافي في معترك الحياة والإعتقال وقساوتهما،واختزلت أيضا تجربته في الحياة الدبلوماسية كسفير سابق للمملكة المغربية بدولة الشيلي.
ويأتى اللقاء على هامش الملتقى الدولي للرواية بأكادير المنظم في نسخته التاسعة،كما جاء في سياق تنفيذ البرنامج السنوي المندمج لأنشطة مؤسسة ثانوية بدرالتأهيلية،حيث أتاح هذا الموعد فرصة ثمينة للمتمدرسين لمتابعة العرض البيداغوجي القيم الذي قدمه الروائي عبد القادرالشاوي حول العلاقة التفاعلية الوطيدة بين الرواية كجنس أدبي سردي خيالي وبين المجتمع بكل مكوناته وتنوعاته واختلافاته.
ونظرا لتجربة الكاتب السابقة في التعليم،في بداية السبعينات من القرن الماضي،بثانوية حي البرنازيل بالدارالبيضاء،تناول موضوعه بطريقة سلسة وبيداغوجية تفاعل معها التلاميذ والتلميذات بشكل إيجابي من خلال محاورته لهم حول تحديد مفهوم “الرواية” كجنس أدبي سردي متخيل وأيضا في التعريف لمفهوم لفظة”المجتمع”وتحديد العلاقة بينهما،حيث أعطى
الكاتب أمثلة كثيرة عن هذه العلاقة من خلال بعض الروايات العربية والفرنسية على الخصوص الرواية الواقعية لدى كل من”فلوبير”و”بلزاك”و”إميل زولا”…
وانتهى عبد القادرالشاوي من خلال محاورته ومساءلته المباشرة لتلامذة المؤسسة إلى أن الرواية هي بنية ثقافية ومعمار فني يقوم على مقومات وتقنيات وأسس لابد منها للإبحارفي عوالم التخيل منها أولا امتلاك ناصية اللغة من حيث المهارة في انتقائها وتحديد مفاهيمها وانتقاء الأسلوب الفني لها.
وثانيا من خلال اختيارالشخصيات وتنويع هوياتها وتحديد الأمكنة والأزمنة وامتلاك طرائق السرد والوصف وامتلاك تقنيات التخيل لإغناء العواطف والعمل في النهاية على نسج هذه البنية الفنية المعمارية بتقنية عالية تفتح شهية القارئ على التهام المقروء.
بيد أن هذا العمل كله لن يتأتى،يقول عبد القادرالشاوي،إلاعبرالقراءة المستدامة وامتلاك رصيد لغوي تساعد على نهج استراتيجية لغوية تواصلية تيّسرللتلميذ خوض تجارب في الكتابة كتجربة شخصية تمتنح قدراته لدى القراء.
وفي هذا السياق ذكر الشاوي الحاضرين،كيف فوجئ بمستوى التلاميذ من خلال مواضيعهم الإنشائية المختلفة وبروعة أساليبهم عندما طالبهم بإنجازإنشاء أدبي،حيث انبهركثيرا لمستواهم الأسلوبي واللغوي العالي نتيجة استدامتهم على القراءة رغم هشاشة وضعهم الإجتماعي وهذا ما دفعه،يقول المتحدث،إلى نشرإنجازاتهم بمجلة أقلام المغربية.
وأوضح أثناء إجابته على أسئلة التلميذات والتلاميذ،أن المجتمع يشمل عدة مكونات مختلفة تتكون من مؤسسات عمومية وخاصة ومن عائلات وأفراد وأشخاص تجمعهم علاقات مختلفة،وبالتالي يقوم المجتمع على أسس ثابتة لديه تتمثل أساسا في الإختلاف والتنوع في الأجناس والرؤى والأفكار واللهجات واللغات والأحزاب والجمعيات…
ولهذا تحرص الرواية،يضيف الشاوي،على تمثل هذا الواقع /المجتمع الموسوم بالإختلاف والتنوع في الشخوص والرؤى والأمكنة والأزمنة بشكل خيالي لأن الرواية تكاد تحاكي الواقع تخيلا من منظورالرواية الواقعية لدى بلزاك وفولبير.
وختم عبد القادرالشاوي عرضه القيم بالحديث عن روايته الشهيرة”كان وأخواتها”التي استعرض فيها،وبطريقة فنية،تجربته في الكتابة من داخل السجن في سنوات الجمر والرصاص موجها في النهاية نصائح إلى تلميذات وتلاميذ المؤسسة من أجل التحصيل الجيد عبر القراءة الدائمة ودعاهم إلى استثمار”التعلم الرقمي”بمشاهدة ومتابعة الفيديوهات الثقافية بهدف الإطلاع على كتابات المثقفين المغاربة في الآداب والعلوم.
وحثهم أيضا على الإجتهاد المثمرمن خلال تفاعلهم الإيجابي مع الذكاء الإصطناعي مع تحذيرهم من الآثارالسلبية لبعض المواقع التواصل الإجتماعي التافهة التي دأبت على نشر الأخبارالمزيفة والكاذبة التي تتسبب في البلبلة والفوضى والتسيب وفي خلق اللبس لدى المتابعين لها.
وتجدر الإشارة إلى هذا اللقاء الثقافي والتربوي حقق نجاحا كبيرا من خلال الحضورالكبير سواء من تلميذات وتلاميذ المؤسسة أو أطرها التربوية والإدارية،بحيث تميزافتتاح اللقاء بكلمات الترحيب بهذا الهرم الروائي الكبيروتثمين عقد هذا اللقاء بثانوية بدرالتأهلية من أجل تمكين تلامذة المؤسسة من التعرف على أحد الكتاب المغاربة وعلى أعمالهم الأدبية المختلفة.
وهكذا تناوب على كلمات الترحيب كل من مدير المؤسسة الأستاذ عبد السلام باحمي ورئيس جمعية الآباء وأمهات وأولياء التلاميذ بذات المؤسسة الأستاذ محمد باعدي والقيّم على الخزانة بالمؤسسة الكاتب والروائي المتميزمحسن الوكيلي
عذراً التعليقات مغلقة