الإهــــداء
§ إلى الرفيقة المناضلة الحقوقية، والنقابية، والسياسية حكيمة الشاوي، في مواجهتها المباشرة، وغير المباشرة، لأزلام التطرف، والإرهاب، في فرادتها، وفي صمودها.
§ من أجل مجتمع متحرر، وديمقراطي.
§ من أجل أفق بلا إرهاب.
§ من أجل قيام جبهة وطنية عريضة ضد التطرف، وضد كل الشروط الموضوعية المؤدية إلى قيمه.
§ من أجل الدفع في اتجاه قيام مؤدلجي الدين الإسلامي بمراجعة ممارستهم النظرية، والمسلكية.
محمد الحنفي
****************
الهجوم على الشاعرة مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية:…..8
ومن المكونات الثقافية الشعبية، التي تعد مصدرا للقيم التي تتحكم في مسلكيات الأفراد، والجماعات: العادات، والتقاليد، والأعراف التي تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، والتي تقر كونها مصدرا للقم الثقافية، بحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، التي ترتفع إلى مستوى سلطة القانون، بحكم صيرورتها حاضرة في فكر، ووجدان كل فرد من أفراد المجتمع.
وبما أن قيم العادات، والتقاليد، والأعراف، قد تكون آتية، في الأصل، إما من المعرفة البدائية، أو المتوسطة، أو العميقة، أو من الثقافة الحقوقية، أو من الممارسة النقابية، أو السياسية، أو من القوانين المعمول بها، أو من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان باعتبارها قوانين دولية، فان مؤدلجي الدين الإسلامي يعملون إما على:
أولا: نفي القيم المنبعثة عنها‘ باعتبار أصلها، وتكفير كل من يمثلها، بإصدار فتاوى في هذا الاتجاه وتحريض كل المجيشين ضده، حتى يتخلى، وبصفة نهائية، عن تلك القيم، ويعلن التوبة، والخضوع لمؤجلي الدين الإسلامي.
ثانيا: العمل على إشاعة قيم العادات، والتقاليد، والأعراف المتناسبة مع أدلجة الدين الإسلامي، واستغلال التحلي بتلك القيم لإشاعة قيم أدلجة الدين الإسلامي، التي تصير متداخلة مع أدلجة العادات، والتقاليد، والأعراف، من أجل الوصول إلى أوسع قاعدة من الجماهير الشعبية الكادحة، من أجل تجييشها وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، باسم القيم الدينية، التي يعمل مؤدلجي الدين الإسلامي على إشاعتها بينهم.
والتفاعل مع المكون الثقافي: العادات، والتقاليد، والأعراف، يختلف بحسب الانتماء الطبقي، لأنه لكل طبقة اجتماعية عاداتها، وتقاليدها، وأعرافها، وباختلاف المستوى المعرفي، هل هو بدائي، أو ابتدائي، أو متوسط، أو عميق موسوعي؛ لأنه كلما ازداد ثراء الإنسان المعرفي، كلما تحرر من قيم العادات، والتقاليد، والأعراف السائدة، ليعوضها بعادات، وتقالي،د وأعراف مناسبة للطبقة الثرية، التي ينتمي إليها. ولذلك فعادات وتقاليد وأعراف الطبقة الإقطاعية، ليست هي عادات وتقاليد وأعراف البورجوازية التابعة، أو البورجوازية الليبرالية، أو البورجوازية الصغرى. والذي تستعبده قيم العادات، والتقاليد، والأعراف، ودون وعي هم الكادحون، الذين يبيعون قوة عملهم، من أجل الحصول على قوتهم اليومي. وهؤلاء هم الذين يركز مؤدلجو الدين الإسلامي على استعبادهم بقيم العادات، والتقاليد، والأعراف، وجعلهم ينقادون وراءهم بسبب أدلجتهم لتلك القيم، وجعلها جزءا لا يتجزأ قيم أدلجة الدين الإسلامي.
ومن المكونات التي تعمل على بث القيم الثقافية المختلفة، اللغة التي تكون سائدة في المجتمع، لأنها تكون مكثفة للقيم التاريخية، ولقيم الواقع في نفس الوقت، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ولذلك كان التركيز على اللغة من قبل المهتمين بالثقافة بصفة عامة، ومن قبل الدارسين بصفة خاصة، يكتسي أهمية كبيرة، نظرا للحمولة القيمية للغة، ولدورها في انتقال القيم، وبالسرعة المطلوبة، بين جميع أفراد المجتمع.
وانطلاقا من أهمية القيم الثقافية للغة، نجد أن مؤدلجي الدين الإسلامي يعملون على تسييد مصطلحات لغوية معية، لها حمولة قيمية معينة، تتناسب مع أدلجة الدين الإسلامي، وتساهم بشكل كبير في إعداد المتقمصين للنظام اللغوي المؤدلج للدين الإسلامي، من أجل القبول بالتجييش وراء مؤدلجي الدين الإسلامي.
وبناءا على أهمية دور النظام اللغوي المؤدلج للدين الإسلامي، نجد أن مؤدلجي الدين الإسلامي يعملون على ابتداع:
أولا: مصطلحات خاصة بالواقع الاقتصادي، لإيجاد مصطلحات ينتظم في إطارها ما يصطلحون على تسميته “الاقتصاد الإسلامي”، من أجل الإيغال في التضليل، وفي أفق إعطاء الشرعية للنظم الاستغلالية السائدة في المجتمع، التي يصير نمط اقتصادها الإقطاعي، أو الرأسمالي أو الرأسمالي التبعي، اقتصادا “إسلاميا”، ما دام يخدم التطلعات الطبقية لمؤدلجي الدين الإسلامي. ولذلك يصير الحرص على إنتاج المصطلحات اللغوية اللازمة لهذا النوع من الاقتصاد حاضرا في فكر، وفي ممارسة مؤدلجي الدين الإسلامي، ويصير الحرص على ترويج تلك المصطلحات، وبكل الوسائل، حاضرا أيضا في ممارستهم، حتى تصير اللغة الاقتصادية منمطة، وحاملة في تنميتها أدلجة الدين الإسلامي.
ثانيا: مصطلحات خاصة بالواقع الاجتماعي، يهدف إلى تنميط اللغة الاجتماعية المستعملة في الحياة اليومية العامة، والخاصة، من باب الأسرة “الإسلامية” والمجتمع “الإسلامي”، والمدرسة “الإسلامية”، والسكن “الإسلامي”، والتعليم “الإسلامي”، وغير ذلك من الألفاظ، والعبارات التي تصير متداولة في العلاقة بين أفراد المجتمع، الذين يصيرون عن طريق اللغة، ودون قصد، من مروجي أدلجة الدين الإسلامي، ومنمطين للقيم الاجتماعية الفردية، والجماعية.
ثالثا: المصطلحات المتعلقة بالحياة الثقافية، حيث يعمد مؤدلجو الدين الإسلامي إلى نفي كل المصطلحات التقدمية، والتنويرية، وتعويضها بمصطلحات ثقافية، تتناسب مع ثقافة أدلجة الدين الإسلامي، بغاية نفي القيم الثقافية التقدمية، وتعويضها بالقيم الثقافية القائمة على أساس أدلجة الدين الإسلامي. وهو ما يفرض خضوع المجتمع المغربي برمته إلى التنميط القيمي، والناتج عن التنميط الثقافي، الذي تلعب اللغة الثقافية المؤدلجة للدين الإسلامي فيه دورا كبيرا.
رابعا: المصطلحات المتعلقة بالحياة المدنية، والتي تهدف بواسطتها، ومن خلالها، أدلجة الدين الإسلامي، من بث القيم المؤدية إلى نفي القيم الثقافية المدنية، التي تسعى إلى تحقيق المساواة بين الرجال، والنساء، وأمام القانون، وإلغاء كل الفوارق التي يمكن أن تقوم على أساس الانتماء الطبقي، والعرقي، واللغوي، والتي تكرس التمايز بين البشر، وعلى جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. ذلك أن المصطلحات المتعلقة بالحياة المدنية، تشكل هاجسا كبيرا، وأساسيا بالنسبة لمؤدلجي الدين الإسلامي، لدورها في تكريس القيم اللاغية للمساواة بين الرجل، والمرأة، باعتبارها قيما “إسلامية”، لا يمكن تجاوزها إلى المطالبة بالمساواة بينهما، انطلاقا من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، ومنها، بطبيعة الحال، ميثاق إلغاء كافة إشكال التمييز ضد المرأة.
خامسا: المصطلحات المتعلقة بالحياة السياسية، والتي تعتبر غاية في الدقة بالنسبة لمؤدلجي الدين الإسلامي، لأنها تستهدف العمل على نشر القيم السياسية المؤدية، بالضرورة، وبالسرعة المطلوبة، إلى تجييش المسلمين المضللين بالخصوص، وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، في أفق السعي إلى تأبيد الاستبداد القائم، باعتباره “دولة إسلامية”، تسعى إلى “تطبيق الشريعة الإسلامية”، أو في أفق السعي إلى إقامة استبداد بديل، يهدف إلى سيطرة مؤدلجي الدين الإسلامي على أجهزة الدولة ، من أجل توظيفها لبناء “الدولة الإسلامية”، التي تقوم ب “تطبيق الشريعة الإسلامية” بين المسلمين. وعليهم بعد القضاء على الكفار، والملحدين، وعلى جميع القيم الوافدة من الغرب، والتي يجب على المسلمين التصدي لها، لأنها قائمة على أساس تفعيل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تعمل على نشر الكفر، والإلحاد، وغير ذلك من القيم التي تخرب المجتمع.
وبذلك يتبين أن اللغة كمكون ثقافي، تعتبر أفضل قناة لتمرير القيم المختلفة إلى المجتمع، الذي يصير قابلا بسيادة قيم معينة، تبث في الواقع، عبر المصطلحات اللغوية. ونظرا لأهمية اللغة في هذا الإطار، فإن مؤدلجي الدين الإسلامي يحرصون على تنميط لغة المجتمع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل تنميط القيم التي تقود بدورها إلى تنميط الأفكار، والمسلكيات، الذي يؤدي إلى تسهيل عملية تجييش المسلمين. وفي المقابل نجد أن مؤدلجي الدين الإسلامي، يسعون، باستمرار، إلى نفي كل المصطلحات الحاملة للقيم النقيضة للقيم المؤدلجة للدين الإسلامي، والتي تعرقل عملية التنميط، التي يهدف إلى تحقيقها مؤدلجو الدين الإسلامي. وفي هذا الإطار يأتي هجومهم على المصطلحات التي تعتمدها الشاعرة حكيمة الشاوي، لأنها تقود إلى التحلل من القيم المؤدلجة للدين الإسلامي، وبمصطلحات لغوية مساعدة على التحلل والانعتاق من أدلجة الدين الإسلامي، وامتلاك قيم تقود المتحلي بها إلى النضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. وهو ما يعمل على نفيه، وبكل الوسائل مؤدلجو الدين الإسلامي.
عذراً التعليقات مغلقة