أصدرت الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، بيانا تنتقد فيه المنهجية المعتمدة لمناقشة مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية و مدى استجابتها للديمقراطية المناصفة، وقد جاء فيه :
إن جمعيات المجتمع المدني، العاملة في إطار الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، من خلال مساهماتها المتعددة في النقاش العمومي الجاري حول مشاريع القوانين التنظيمية الثلاثة، سواء من ذلك الجهات، أو العمالات والأقاليم، أو الجماعات، ومن خلال الأنشطة والمرافعات التي تقوم بها، تلاحظ باستغراب كبير، المنهجية التجزيئية التي اعتمدتها الحكومة لدراسة هذه المشاريع الثلاثة.
إن المتابعة المتأنية، بينت أن الأمر يتعلق في آخر المطاف بنص واحد تم استنساخه ثلاث مرات، مع اختلاف يتعلق بالاختصاصات فقط، وهو ما أدى إلى معالجة غير صائبة، لا تتماشى مع فلسفة الدستور الذي يذهب في اتجاه مدونة واحدة للجماعات الترابية، يسهل من خلالها مناقشة المقتضيات المشتركة، وهي كثيرة جدا، حتى تكون منسجمة فيما بينها.
إن النقاش البرلماني الحالي، وفق هذه المسطرة التجزيئية، لن يؤدي إلى النتائج المرجوة منه، وذلك لأسباب عديدة، نذكر من بينها غياب التصور المتكامل الذي سيجعل الفرق والمجموعات البرلمانية تناقش النص المتعلق بالجهات، وتُقدم التعديلات اللازمة بشأنه، رغم أنه قد يكون لها موقف آخر عند تقديم التعديلات على النص المتعلق بالعمالات والأقاليم أو بالجماعات، مما يعني أن النقاش حول أي نص ينبغي أن يراعي مقتضيات النصوص الأخرى التي لم تُناقش بعد. والأكثر من هذا، أنه عند الانتهاء من دراسة نص معين أمام مجلس النواب، وإحالته لمجلس المستشارين، سيتم إدخال تعديلات أخرى لا تراعي النص الذي ستتم إحالته لاحقا.
ومن هنا، فإننا في الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، نعتبر أن هذه المقاربة، أفقدت مشاريع القوانين التنظيمية ذلك الانسجام المطلوب بين النصوص الثلاثة، إلا إذا كانت الحكومة، مُدعمة بأغلبيتها عازمة على تمريرها في الصيغة التي اقترحتها دون تعديلات جوهرية. وهذا يُشكل بدوره ضربة للنقاش العمومي المدني والسياسي، الذي يتوخى تطبيق الدستور بشكل تشاركي يُحقق قفزة نوعية في الحكامة الترابية، التي يُراهن عليها الجميع للرقي بالبلاد.
إننا ندعو، إلى المزيد من تعميق النقاش حول هذه النصوص مُجتمعة، غير مجزأة، وعدم تقديم أية تعديلات على المشاريع إلا بعد الانتهاء من المناقشات التفصيلية للمشاريع الثلاثة ليتبين أولا التوجه العام للمقتضيات المشتركة، ثم ثانيا خصوصيات كل مستوى من مستويات الجماعات الترابية.
وفي هذا الصدد، فإننا نعتبر أن مبدأ المساواة و آلية تحقيقه المناصفة ، ينبغي أن تحتل مرتبة مركزية عند مناقشة هذه المشاريع الثلاثة التي لا زالت تحتاج إلى المزيد من الملاءمة. فكيف يُعقل أن يتم التعامل بنفس المنطق مع مجلس للجهات تُمثل فيه النساء بنسبة الثلث، ومجلس تُمثل فيه النساء وفق نظام للدوائر الإضافية التي تٌحقق للنساء تمثيلية تصل إلى 12 % فقط، ومجلس للعمالات والأقاليم ليس بها أي مقتضى أو تدبير أو تمييز إيجابي لصالح النساء؟ وكيف يُمكن الاستمرار في النقاش دون التمييز بين “الانتدابات الانتخابية” التي تُحقق النساء من خلالها تمثيلية على مستوى المجالس، وبين تكافؤ لفرص بين الرجال والنساء في ولوج “الوظائف الانتخابية” المنصوص عليها في الفصل 30 من الدستور والتي ينبيغ تجسيدها من خلال وظائف تدبير مجالس الجماعات الترابية؟
لكل هذه الأسباب، فإننا نرفض هذا المنطق التجزيئي الذي يتعامل مع قضايا النساء بأشكال وصيغ مختلفة عن بعضها البعض دون أية مراعاة للانسجام الذي ينبغي أن يتحقق في أي تصور، واذي ينبغي أن تكون مقاربة النوع منهجية عمل متكاملة، وليس مجرد سياسات انتقائية.
عذراً التعليقات مغلقة