لأني تعبت من التشبث، ولأن التشبت تعب مني، ولأن كل ماتشبتت به خذلني..فقد قررت ان أقدم استقالتي.
سأقدم استقالتي لأني بصراحة ما عاد يبدو لي شيء آخر يمكن ان أتشبت به..
سأترك منصبي في الحكومة غير نادم، بل واثقا من أني فعلت الصواب، لأن الذي جاء فجأة ك”الباكور” الذي ينضج قبل الأوان دائما مايرحل سريعا، وفي ذلك عزه وعزي..
سأقدم استقالتي لأني اتعبتكم معي، وحان الوقت لتستريحوا مني ومن زئبقيتي وكي يكون لي أخيرا ذكر طيب عندكم فتقولوا لأول مرة “يلاقالها يقد بيها”.
بعضكم لن يعجبه قراري، لكن ليته يعرف كم مرة كنت مثل سيزيف بالجلباب واللحية، واثقا من الصخرة التي على كاهلي، وموشكا على الوصول إلى حيث الراحة المقيمة، قبل أن يرحل عني فجأة توازني وأعود إلى السفح مغبرا وأعزل إلا من أوهامي.
في البدء رميت أعدائي وخصومي بالتماسيح والعفاريت وقلت هذا سلاحي الفتاك الذي يحميني منهم ومنكم ومن إلحاحكم أيضا، لكنه لم يعط نتيجة.
بعدها أخرجت وعيد الربيع العربي وقلت هذا سلاحي المنسي، كيف غفلت عنه ولم ألوح به لردع الخصوم والمتربصين، ولكم لوحت به حتى لوحته الشمس فعاد خريفا بعد أن كان ربيعا، ولم ينفعني هو الآخر بشيء.
بعد ذلك بحثت في زوادتي علني أقع على ما تبقى من أسلحة، لكني وجدتها فارغة، فلم يبق لي غير الشكوى سلاحا ضد نفسي وضد مالا أعرف، وشكلت نخبة من صقوري واستنفرتهم على الدولة العميقة التي تريد ابتلاعي إلى ظلماتها العميقة، لكنه لم ينفع هو الآخر.
ثلاث جولات آخرها الشكوى، فلم يبق لي لتدشين الرابعة سوى الاحتماء، فهو الخيار الموالي لمن تعب من الشكوى، وهكذا دخلت تحت طرف سلهام الملك، ملكيا أكثر من الملك نفسه، بعد ان قلت لنفسي لماذا لا أكون مثل كل من سبقني، أحتمي وراء الملك وأقرأ حصيلتي في البرلمان وأسير جنب الحائط في النهار وبالليل آوي مبكرا إلى فراشي..لكنه لم ينفع، وهل بربكم كان لينفع بعد خطاب الملك في عيد العرش الذي أعلن فيه انضمامه إلى حركة 20 فبراير؟
كل ماتشبت به خذلني في أربع جولات أو أكثر، فهل من خيار آخر لي غير الاستقالة من منصبي إذا كنت غير قادر على الاستقالة من جلدي القديم ومن عقلية “الباكور” التي بدأت بها سيرتي فوق هذا الكرسي العتيق؟
عذراً التعليقات مغلقة