انعقد بعون الله وحسن توفيقه يومي السبت والأحد 27-28 شوال 1446هـ الموافق ل 26-27 أبريل 2025م المؤتمر الوطني العادي التاسع لحزب العدالة والتنمية، والذي انطلق بجلسة افتتاحية شهدت حضورا جماهيريا حاشدا بحضور قيادات وطنية سياسية ونقابية واقتصادية وفكرية وعلمية وثقافية ومدنية، ووفود من دول شقيقة من تونس وموريتانيا والسنغال وتركيا.
وقد افتتحت هذه الجلسة بقراءة عطرة لآيات بينات من القرآن الكريم للمقرئ أحمد الخالدي، تلتها كلمة ترحيبية لرئيس المؤتمر الأخ جامع المعتصم.
وقد تميزت هذه الجلسة بكلمات كل من الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، من علماء موريتانيا الشقيقة وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؛ والسيد رضا ادريس القيادي بحركة النهضة من تونس الشقيقة؛ والسيد حمادي ولد سيدي المختار، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” من موريتانيا الشقيقة؛ وكلمة السيد عثمان ثيوف، رئيس حزب رابطة الوطنيين للعدالة والتضامن من السنغال الشقيقة؛ والسيد دوغان بيكين، نائب رئيس حزب الرفاه الجديد و مسؤول العلاقات الخارجية من جمهورية تركيا الشقيقة.
وقد نوهت هذه الكلمات عاليا بالتجربة المغربية والمسار السياسي والتنموي للمغرب بقيادة جلالة الملك حفظه الله، وبالأدوار والمواقف الوطنية لحزب العدالة والتنمية، كما دعت إلى الوحدة والتعاون ورص الصفوف بما يحفظ استقرار الدول العربية والإسلامية ويحقق طموحات شعوبها.
كما تميزت هذه الجلسة بكلمة مباشرة -عن بعد- للدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية من رام الله من فلسطين الشقيقة؛ وبكلمة مسجلة -عن بعد- للقيادي فوزي برهوم الناطق الرسمي باسم حركة حماس، ألقتا الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني عامة وسكان غزة خاصة في ظل الاحتلال الصهيوني النازي وحرب الإبادة الجماعية ومحاولات التطهير العرقي في ظل تواطؤ دولي غير مسبوق، وعجز الأمة العربية والإسلامية عن وقف هذا العدوان، كما نوهت بمواقف المغرب المساندة للقضية الفلسطينية، وبالمسيرات والفعاليات الشعبية المتواصلة الداعمة للمقاومة الفلسطينية المشروعة والرافضة للاحتلال والعدوان الصهيوني النازي.
كما تميزت هذه الجلسة أيضا بكلمات الأمناء العامين للأحزاب السياسية الوطنية، حيث تدخل كل من السيد محمد أوزين الأمين العام للحركة الشعبية؛ والسيد محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية؛ والسيد محمد جودار الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري.
كما تميزت هذه الجلسة أيضا بكلمة للوطني والقيادي والسياسي الأستاذ مولاي امحمد الخليفة؛ وللسيد محمد الزويتن الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب؛ والسيد أوس الرمال رئيس حركة التوحيد والإصلاح.
كما تميزت هذه الجلسة بوصلات فنية هادفة وراقية لمجموعة السهام المغربية؛ وللمنشد السوري محمد أبو راتب؛ وللفنان أحمد المغربي.
وبعد هذه الكلمات القوية والمعبرة لضيوف المؤتمر من خارج المغرب ومن داخله، والفقرات والأناشيد والشعارات الحماسية، تقدم الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الإله بن كيران بعرض مركز للتقرير السياسي للمؤتمر بسط فيه قراءة الحزب لهذه المرحلة وتحدياتها ودور الحزب اتجاه تطوراتها انطلاقا من مرجعية الحزب والثوابت المنهجية الواردة في وثيقته المذهبية المحينة ومقومات هويته الفكرية وقواسم نموذجه التنظيمي ،والتي شكلت رافعة في انطلاقته وحصانة في مسيرته انطلاقا من مبادئ واختيارات قوامها أنه حزب وطني إصلاحي ديموقراطي مناضل ومستقل يحمل لواء العدالة والتنمية، ينطلق من ثوابت الأمة الجامعة التي يسعى لتمثلها في علاقاته ومسلكياته وأدائه ومواقفه.
كما أكد الأخ الأمين العام على ارتباط الحزب وانشغاله الدائم بقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتزامه وتعبئته للدفاع عن القضية الوطنية الأولى، وكل القضايا المشروعة للمواطنين والمواطنات، وسعيه للمساهمة في رفع تحديات ترسيخ مصداقية الاختيار الديمقراطي والحقوق والحريات الدستورية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، بما يوفر شروط الإقلاع الحضاري والنهضة الشاملة لبلدنا وشعبنا، وهو ما قدمت تجربة الحزب في المعارضة أو في الحكومة أو في الجماعات الترابية، وخاصة في العقود الثلاث الماضية شواهد دالة وملموسة عليه.
وبعد اختتام الجلسة الافتتاحية، انطلقت عملية تصويت المؤتمرين والمؤتمرات لانتخاب أعضاء المجلس الوطني ليشرع بعد ذلك في عملية الفرز والتي استمرت إلى فجر يوم الأحد.
وخلال الجلسة الأولى للمؤتمر، مساء يوم السبت قدمت الأمانة العامة أمام أعضاء المؤتمر تقرير حصيلة أداء الحزب، والبرنامج العام للحزب “الورقة المذهبية المحينة”، وتوجهات الحزب للمرحلة اللاحقة “الأطروحة السياسية”، والنظام الأساسي المعدل، كما سبق ووافق عليها المجلس الوطني في دورته العادية في يناير الماضي.
وبعد مناقشة هذه الأوراق من خلال تقارير قدمها الكتاب الجهويون للحزب انطلاقا من النقاشات التي عرفتها اللقاءات الجهوية لأعضاء المؤتمر في 23 فبراير الماضي، تم عرض هذه الأوراق للمصادقة من طرف أعضاء المؤتمر، حيث تمت المصادقة بالإجماع على البرنامج العام “الورقة المذهبية المحينة”، وبأغلبية كبيرة على كل من توجهات الحزب للمرحلة اللاحقة “الأطروحة السياسية”، والنظام الأساسي المعدل.
وصباح يوم الأحد، وبعد إعلان رئاسة المؤتمر عن نتائج انتخاب أعضاء المجلس الوطني، انطلقت عملية انتخاب الأمين العام، والتي استغرقت أزيد من 5 ساعات عبر المراحل الثلاث التي حددتها المسطرة ذات الصلة وهي: الترشيح والتداول ثم التصويت.
وقد أسفرت هذه العملية عن انتخاب الأخ عبد الاله ابن كيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية.
وفي ختام أشغال المؤتمر الوطني العادي التاسع للحزب، وإذ يشيد المؤتمر بالمسار الإيجابي الذي عرفه الحزب منذ المؤتمر الاستثنائي لسنة 2021، وما حققه من مكاسب على طريق استعادة الحزب للمبادرة واسترجاعه لمكانته ودوره وإشعاعه خاصة في القضايا الرئيسة التي تهم الأمة والوطن وتشغل اهتمامات المواطنين في قضايا المرجعية والهوية والسياسات العمومية، ولاسيما في مجال الدفاع عن المكتسبات الحقوقية والتراكمات الإيجابية سياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا، وكذا على صعيد فضح الفساد وتضارب المصالح والتصدي لمحاولة المس بمرجعية المغاربة وقيمهم بخصوص الأسرة والثقافة والمدرسة والإعلام، يعبر المؤتمر عن المواقف التالية:
أولا- على مستوى المؤتمر وسيره ونتائجه
الحمد لله سبحانه وتعالى أولا على توفيقه وحسن عونه، ثم التنويه الكبير بالجو الأخوي والحماسي والمسؤول الذي ساد أشغال المؤتمر وما كشفه من انطلاقة جديدة للحزب وانخراط عموم الأعضاء في هذه الدينامية الصاعدة، وبأجواء النقاش الحر والقوي والمسؤول والحرص الجماعي على إنجاح هذه المحطة السياسية والحزبية والتنظيمية النوعية والهامة، وبالمجهودات التي ساهم بها أعضاء اللجنة التحضيرية ورئاسة المؤتمر واللجان التنظيمية وقيادات ومسؤولو ومناضلو الحزب في مختلف المستويات، ودعوة الجميع إلى الانخراط في هذا المجهود الجماعي وإلى المزيد من العطاء والتضحية لترصيد هذه المكتسبات وتحويلها الى نفس نضالي عام تنظيميا وسياسيا.
ثانيا- على المستوى الخارجي والعربي والإسلامي
رفضنا للانحدار الذي تعرفه العلاقات الدولية، وصعود النزعات التحكمية والاستعمارية التي تسعى إلى تقويض قواعد القانون الدولي وتنتهك سيادة الدول واستقلال قرارها وتستهدف هوية الشعوب ومقدراتها وثرواتها، وهو ما يفرض إعادة الاعتبار للعنصر البشري كمصدر قوة حقيقي، باعتبار أن الإنسان الضعيف والمفتقد لأساس عقدي وإنساني وأخلاقي لا يمكن الرهان عليه لضمان استمراريتنا كأمة في ظل الصراع الحضاري والثقافي والسياسي والاقتصادي والتجاري المحتدم عالميا.
إدانتنا لحرب الإبادة الجماعية الصهيونية المستمرة على الشعب الفلسطيني عامة وعلى غزة خاصة، والسعي إلى تهجيره في ظل عدوان شامل توسع ليشمل غزة و الضفة ولبنان وسوريا واليمن، ورفعت معه شعارات “إسرائيل” الكبرى من النيل إلى الفرات، بدعم مباشر وغير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية، ويقابل ذلك ما سجله طوفان الأقصى من ثبات استثنائي وأسطوري للمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني البطل، مع تضحيات كبيرة قوامها ما يناهز 60 ألف شهيد وشهيدة ضمنهم حوالي 18 ألف طفل و13 ألف امرأة، وتجديد يقيننا في نصر الله عز وجل أولا، ثم في صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته ثانيا، وفي يقظة أمتنا العربية والإسلامية وتسخير مقدراتها ثالثا، لإجهاض مشروع التطهير العرقي ومحاولات التوسع الصهيوني الاستعماري وإفشال خطة التهجير ودفنها كما أفشلت ودفنت قبلها خطط عديدة.
تجديد وتأكيد تقديرنا لمبادرات ومواقف جلالة الملك حفظه الله، رئيس لجنة القدس، في رفض العدوان والدعوة لإنهائه، والتي أكدها في خطابه السامي أمام الدورة الاستثنائية للقمة المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية في 11 نونبر 2023 بالرياض، وفي رسالتيه الساميتين الموجهتين بتاريخ 29 نونبر 2023 و26 نونبر 2024 إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير قابلة للتصرف، والتي كان آخرها تأكيد جلالته في خطاب العرش على أن” الاهتمام بالأوضاع الداخلية لبلادنا، لا ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق.” وتأكيده في مناسبات عدة على أن المغرب يضع القضية الفلسطينية في نفس مستوى القضية الوطنية.
تسجيلنا بكل فخر واعتزاز للمواقف الشامخة للشعب المغربي الذي وكعادته يؤكد في كل مرة التزامه الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية المشروعة، إذ لم تتوقف وإلى الآن وخلال كل أسبوع منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الصهيوني النازي المسيرات الوطنية والفعاليات الشعبية الأسبوعية الداعمة للمقاومة والمنددة بالاحتلال الصهيوني النازي وبحرب الإبادة الجماعية.
تأكيدنا لخيارنا الراسخ والثابت في الحزب في الاصطفاف إلى جانب المقاومة الفلسطينية المشروعة في مواجهة الاحتلال الصهيوني النازي إلى حين إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتأكيدنا أننا -وكما كنا دائما- سنظل دائما ضد التطبيع مع كيان عنصري وغاصب واستيطاني، وأننا وإنصاتا وتفاعلا مع الموقف الشعبي الرافض للكيان الغاصب ولعدوانه الهمجي، نجدد الدعوة إلى إغلاق مكتب الاتصال الصهيوني كما حصل في نهاية سنة 2000 عندما تم الاعتداء على المسجد الأقصى، وحل ما يسمى زورا لجنة “الصداقة” البرلمانية مع الكيان الصهيوني الغاصب، وإلغاء كل الاتفاقيات مع العدو الصهيوني وإنهاء كل شكل من أشكال التعامل معه، ومواجهة الاختراق الصهيوني المتصاعد لبلادنا في عدة مستويات بما في ذلك في الجامعات المغربية والمؤسسات الاقتصادية والثقافية والفنية..
ثالثا- قضية الصحراء المغربية والوضع المغاربي المؤسف ومشاريع التجزئة
وعلى مستوى قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الصحراء المغربية ومعها سبتة ومليلية والجزر المحتلة، نؤكد موقف الحزب المنخرط تحت قيادة جلالة الملك في تأكيد وتثبيت وحسم مغربية الصحراء، وأن مقترح الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية تحت سيادة المغرب وفي إطار وحدته الترابية، هو الحل الوحيد والنهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
كما ننوه ونثمن ما شهدته هذه القضية الوطنية من تطورات دالة تحت قيادة جلالة الملك وذلك على طريق الحسم النهائي لهذا الملف في إطار المسار الوحيد المعتمد داخل الأمم المتحدة والمتمثلة في المواقف الإيجابية لعدد من الدول الأساسية كإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وقبلهم الولايات المتحدة الأمريكية، في مقابل المأزق الوجودي الذي يعاني منه الطرح الانفصالي، وهو ما يكشف عنه تفاقم اليأس في مخيمات تندوف في مقابل المجهود الوطني المبذول لتحقيق التقدم التنموي للأقاليم الجنوبية واندماج ساكنتها في تدبير شؤونهم، وهو ما يفرض تقوية الجبهة الوطنية الداخلية لصيانة المكتسبات ورفع مستوى التصدي لسعار الانفصال ومحاولاته اليائسة.
وبهذه المناسبة، يتوجه المؤتمر بدعوة خاصة للأشقاء في الجزائر لتغليب منطق الحكمة وروابط الأخوة والكلمة السواء والتعاطي الإيجابي مع اليد المدودة لجلالة الملك، واستحضار ما يجمع بين الشعبين الشقيقين من روابط الدين واللغة والتاريخ والجوار والمصالح المشتركة في مواجهة عالم يموج بالتحديات والمخاطر، وهو ما يفرض شرعا وعقلا ومصلحة التعاون وتكاثف الجهود لمصلحة الشعبين الشقيقين ومصلحة شعوب المنطقة، وتجنب الفرقة والصراع التي لن تفيد سوى أعداء أمتنا وشعوبنا ومنطقتنا.
كما يدعو المؤتمر الى بعث الروح في العمل العربي المشترك واعادة تأهيل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي للقيام بدورهما في النظام الدولي والاقليمي الآخذ في التشكل في ضوء مخرجات الطوفان وتبدل موازين القوى ومعادلات التوازنات الدولية والجهوية في ظل الصراع المتأجج حول مصادر الطاقة والمعادن النفيسة ومعابر التجارة.
يجدد المؤتمر مواقف بلادنا المنحازة الى إرادة الشعوب وحقها في الحرية والكرامة والتحرر، ويبارك للشعب السوري انعتاقه من عصر الظلم والقهر والذي ذهب ضحيته الملايين من الشهداء والنازحين والمهجرين وأدى إلى تفكيك البلاد وجعلها مسرحا للتدخلات الأجنبية والأعمال الارهابية خدمة لأجندات معادية للأمة ولوحدتها، ويدعو القادة الجدد إلى مواصلة وتعزيز ما أظهروه من حكمة واتزان وسعي إلى توحيد البلاد ولم شمل جميع مكونات الشعب السوري في إطار سوريا حرة موحدة وفاعلة في منظومتنا العربية والاسلامية وداعمة لقضايا أمتنا العربية والإسلامية.
يؤكد المؤتمر على دعمه الثابت للشعب التونسي في نضاله المستميث لاستعادة مكتسبات ثورته المجيدة والتي زُجَّ بقادتها ومكوناتها في السجون، بعد أن كانت تونس منشأ الربيع الديمقراطي العربي وعنوانا ورمزا للديمقراطية والحرية.
رابعا– ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟدﯾﻣوﻗراطﻲ
يسجل المؤتمر ﻟﻸﺳف تعرض ﻣﺳﺎر اﻟﺑﻧﺎء اﻟدﯾﻣوﻗراطي ببلادنا ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة لتراجعات مست ﻣﺻداﻗﯾﺗﮫ، وأﺛرت ﺳﻠﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ اﻟﻣواطن ﻓﻲ في جدوى المشاركة السياسية والعملية الانتخابية وما تفرزه من مؤسسات هشة فاقدة للثقة والمصداقية وبدون شرعية حقيقية، ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗﺳﺗﻧد ﻗوة ﺑﻼدﻧﺎ وﻗدرﺗها ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻدي ﻟﻠﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وترسيخ اﻟﺳﯾﺎدة واﻟوﺣدة اﻟﺗراﺑﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻗوة جبهتها اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﺗﻼﺣمها، وھﻲ ﻗوة ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑوﺟود ﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﻗوﯾﺔ ذات ﻣﺻداﻗﯾﺔ ﺗﻣﺛل اﻹرادة ﻟﺷﻌﺑﯾﺔ وﺗﻌﺑر ﻋﻧﮭﺎ ﺑﺣرﯾﺔ وﻧزاھﺔ وﺷﻔﺎﻓﯾﺔ.
وﻣن ﻣﻧطﻠق اﻟواﺟب واﻟﺻراﺣﺔ، ينبه المؤتمر ﻋﻣوم اﻟﻣواطﻧﯾن واﻟﻣواطﻧﺎت وﻧﺧب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻗواه اﻟوطﻧﯾﺔ الحية إﻟﻰ ﺧطورة ﺳﻠوك اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة والعزوف، ﻷن اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد اﻷول ھو ﺷﺑﻛﺎت اﻟرﯾﻊ واﻟﻔﺳﺎد واﻹﻓﺳﺎد، واﻟﺗﻲ ﯾزداد تغلغلها وتغولها ﻛﻠﻣﺎ ازداد ﺣﺟم اﻻﻧﺳﺣﺎب واﻟﻌزوف وإﺧﻼء اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣن اﻷﺣزاب اﻟﺟﺎدة وﺗﺑﺧﯾس ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت وتراجع اﻟﻣواطﻧﯾن عن اﻟﻌﻣل اﻟﺣزﺑﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وإﺿﻌﺎف اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺣزﺑﯾﺔ وﺗﻣﯾﯾﻊ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ، وهو ما يعززه أيضا اﻻﻧﺣدار اﻟﻌﺎم ﻟﻺﻋﻼم اﻟوطﻧﻲ وﺗراﺟﻊ اﻟﻧﻘﺎش اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻓﯾﮫ، وﺗﻐول اﻟﻣﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻣﺗداداﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم.
ﯾؤﻛد اﻟﻣؤﺗﻣر أن اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ترسيخ مصداقية الاختيار اﻟدﯾﻣوﻗراطﻲ، ﻓﻼ ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺑدون دﯾﻣوﻗراطﯾﺔ، وﻻدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺑدون اﺣﺗرام اﻹرادة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ، ويعتبر أن ﻣن ﻣداﺧل ذﻟك إطﻼق ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺧﻠﯾق ﺷﺎﻣﻠﺔ ومعها ﺑث دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ وﻧﻔس ﺳﯾﺎﺳﻲ وﺣﻘوﻗﻲ ﺟدﯾد واﺳﺗﺣﺿﺎر روح اﻹﻧﺻﺎف واﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﺗﻌزﯾز اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت.
ﯾؤﻛد اﻟﻣؤﺗﻣر أن ﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟدﯾﻣوﻗراطﻲ ﺗﻣر ﻋﺑر اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت نزيهة وﺷﻔﺎﻓﺔ وﺣرة، وﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻧﺎ ﻛﺑﻠد رهين ﺑﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻧﺗﺧﺑﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ وذات ﻣﺻداﻗﯾﺔ وﺑﺄﺣزاب ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺷﺗﻐل ﻓﻲ إطﺎر ﺗﻌﺎﻗد ﺟدﯾد ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟدﺳﺗور، وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت وﺿﻣﺎن اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء وﻧزاھﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت، وھو ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب إرادة ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وإﺻﻼﺣﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ وﻋﻣﻠﯾﺎ وشاملا ﻟﻠﻣﻧظوﻣﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ، ﻓﻲ غيابها ﺳﺗظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ ﻣﺷوھﺔ وﻏﯾر ﺻﺎدﻗﺔ وﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺷﺑﻛﺎت اﻹﻓﺳﺎد واﻟﺗﻼﻋب ﺑﺎﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻟوﺑﯾﺎت ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﺗﻧﻔذة.
ﯾدﻋو اﻟﻣؤﺗﻣر إﻟﻰ ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺗراﺟﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﻣﺳت ﻋددا ﻣن النصوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ وﺧﺎﺻﺔ منها ﻣس اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺣر ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ، واﻹﺻرار ﻋﻠﻰ ﺗﻣرﯾر ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳطرة اﻟﻣدﻧﯾﺔ وﺑﻌده ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳطرة اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻣس ﻣﻛﺗﺳﺑﺎت دﺳﺗورﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ويقلص من ﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ واﻷﻣن اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع. كما ينبه إلى استمرار تماطل الحكومة في ترتيب الآثار القانونية لقرار المحكمة الدستورية بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، ويدعو بالتسريع إلى ذلك وإخراج هذا القانون التنظيمي المهم في مجال ترسيخ الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.
يدعو المؤتمر إﻟﻰ ضرورة اﺳﺗﻌﺎدة دور اﻻﻋﻼم ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺣزﺑﯾﺔ، وﺿﻣﺎن ﺣق اﻟﻣواطن ﻓﻲ اﻟﺧﺑر بمهنية وﻓﻲ اﻟرأي اﻵﺧر، وإﻟﻰ ﺻﯾﺎﻧﺔ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟﺻﺣﺎﻓﺔ وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﯾﯾن أﺛﻧﺎء مزاولتهم لمهنتهم، ودمقرطة هيئات حكامة القطاع وضمان استقلاليتها واﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻵﻟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻣﻧﮭﺎ ﻗﺎﻧون اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ واﻟﻧﺷر ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرض اﻟﻌﻣل اﻟﺻﺣﻔﻲ، ﻋوض ﺟر اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء وتجريمهم وتغريمهم.
ﻛﻣﺎ ﯾدﻋو اﻟﻣؤﺗﻣر إﻟﻰ ﺗوﺳﯾﻊ اﻻﻧﻔراج اﻟﺣﻘوﻗﻲ اﻟذي اﻧطﻠق ﻣﻊ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻋﯾد اﻟﻌرش 2024 ﺑﺈﻋﻣﺎل اﻟﻌﻔو اﻟﻣﻠﻛﻲ ﻓﻲ ﺣق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن واﻟﻧﺷطﺎء، وھﻲ اﻟﻣﺑﺎدرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻘﯾت اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ وﺗرﺣﯾﺑﺎ ﺷﻌﺑﯾﯾن واﺳﻌﯾن، وﺷﻛﻠت اﻧﻔراﺟﺎ ﺣﻘوﻗﯾﺎ ﺳﺑق ﻟﻠﺣزب أن اﻟﺗﻣﺳﮫ ﻓﻲ ﻋدة ﻣﻧﺎﺳﺑﺎت، وھﻲ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻧﺟدد اﻟﺗﻣﺎﺳﻧﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣؤﺗﻣر ﻟﺗوﺳﯾﻊ داﺋرة اﻟﻌﻔو اﻟﻣﻠﻛﻲ اﻟﻛرﯾم ﻟﻛﻲ ﺗﺷﻣل اﻟﻣﻠﻔﺎت اﻟﻣﺗﺑﻘﯾﺔ.
خامسا- ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ: ھوﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدا واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ وﺗﻧﻣﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ
دفاعا عن الهوية الإسلامية والأسرة والتعليم والثقافة
يؤكد الحزب أن قضية الأسرة هي أولى الأولويات باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، وذلك في مواجهة توجهات مساعي تفكيك الأسرة وضرب مقومات تماسكها وتيسير شروط فسخ وانحلال عقدها، ويشدد على أن نجاح أي إصلاح مشروط بالانطلاق من المرجعية الإسلامية واحترام الثوابت الدستورية والالتزام بالتأطير الملكي وباعتبار المصلحة الحقيقية للمجتمع المغربي المسلم.
يثمن المؤتمر حسم قضية المرجعية الإسلامية وتأكيد سموها في مراجعة مدونة الأسرة، وتقدير الدور المفصلي لجلالة الملك أمير المؤمنين في تثبيت ذلك والذي ما انفك يؤكد على ضابط ثابت ” لا أحل حراما ولا أحرم حلالا” وعلى ضرورة “صيانة تماسك الأسرة واستقرارها”، كما يثمن دور المجلس العلمي الأعلى والسادة العلماء ومكانتهم المعتبرة لدى المجتمع المغربي المسلم.
يدعو المؤتمر إلى مواصلة النضال من أجل إقرار مدونة للأسرة تشجع الزواج الشرعي وتحافظ على وحدة الأسرة واستقرارها ودوامها باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، ومعالجة التحديات المرتبطة بالآثار والمآلات السلبية لبعض المقترحات، خاصة في ظل المخاوف الكبيرة التي أثارتها لدى عموم المواطنين من حيث نتائجها السلبية والخطيرة على تكوين الأسرة ودوامها واستقرارها، باعتبارها مؤسسة تقوم أولا وأساسا على المودة والرحمة والسكينة والمعاشرة بالمعروف والمكارمة والفضل، ولا ينبغي لها أن تتحول إلى شركة تجارية مبنية على المحاسبة والمشاححة المفضية حتما -في حالة الأسرة- إلى تفاقم ظاهرة العزوف عن الزواج، والصراع والنزاع المؤدي إلى تضاعف حالات الطلاق وضياع الأطفال، وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة التي تهدف إلى تشجيع الزواج والتماسك الأسري بما يحصن المجتمع ويقوي نسيجه وسواده، لاسيما في ظل المؤشرات المقلقة التي أبرزها الإحصاء العام للسكان الأخير، من انخفاض معدل الخصوبة وتباطؤ معدل النمو السكاني، بمقابل تزايد الشيخوخة.
يؤكد المؤتمر على الحاجة المستعجلة لتصحيح واستئناف مسار الإصلاح وتجاوز حالة التخبط والاحتقان من أجل إنقاذ المدرسة العمومية والجامعة الوطنية، وذلك على أساس التعاقد الوطني المتمثل في الرؤية الاستراتيجية المعتمدة من قبل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، عوض محاولة فرض رؤية مستحدثة تحت مسمى “خارطة الطريق 2022 – 2026″، ومسمى “المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار- 2030″، خارج هذه المرجعية التشاورية والقانونية.
وفي هذا الإطار، يجدد المؤتمر رفض الحزب لسياسة الأمر الواقع الذي يكرس هيمنة اللغة الفرنسية كلغة للتدريس ويهمش اللغة العربية، ويدعو إلى التراجع عن جميع القرارات والقوانين المتعارضة مع الثابت الدستوري والعمل على تصحيح واقع الهندسة اللغوية بما ينسجم مع عمقنا الحضاري ومقومات الهوية المغربية الراسخة باعتماد اللغة العربية كلغة للتدريس في جميع المستويات، وتعزيز مكانة اللغة الأمازيغية، مع الانفتاح على مختلف اللغات الأجنبية الاكثر تداولا في العالم. كما يستنكر بهذه اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ وﺑﺷدة اﻟدﻋوات والهجومات اﻟﺗﻲ تستهدف اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺗﯾق وﻣﺎدة اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أنها ﻣﺎدة أﺳﺎﺳﯾﺔ وواﺟﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎھﺞ واﻟﺑراﻣﺞ اﻟدراﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻠدﻧﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره دوﻟﺔ إﺳﻼﻣﯾﺔ.
ﯾدﯾن اﻟﻣؤﺗﻣر اﻻﻧﺣراف الذي تعرفه اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ تتبعها ﺣﻛوﻣﺔ 08 ﺷﺗﻧﺑر2021 واﻟذي يهدد ﺑﻣوﺟﺔ اﺳﺗﯾﻼب ﺣﺿﺎري وﺛﻘﺎﻓﻲ وأﺧﻼﻗﻲ، ﻓﻲ ظل ﺗﺳﯾب ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟدﻋم اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻓﻲ ﻗطﺎﻋﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﺳﯾﻧﻣﺎ واﻹﻋﻼم واﻟﺷﺑﺎب وﻓﻘدان اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة، واﻟﺧﺿوع ﻟرﻏﺑﺎت ﻟوﺑﯾﺎت اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ وﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺿﻐط اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ذات اﻟرھﺎﻧﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ أو اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟرﺑﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾﻊ واﻻﻧﺣﻼل وﺗرﻣﯾز ،ﻧﻣﺎذج تافهة واﻟﺗﻣﻛﯾن لها ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﻣوﻣﻲ وﻓﻲ ﺑراﻣﺞ اﻟﻣﺳﺎﺑﻘﺎت اﻟﺗﻠﻔزﯾوﻧﯾﺔ والمهرجانات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ، دون أﯾﺔ ﺻﻠﺔ ﺑﺧدﻣﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻷﺻﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟﺳدھﺎ اﻟﻧﺑوغ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻹﺑداﻋﯾﺔ أو اﻟﻣﺳﺎھﻣﺔ ﻓﻲ اﻟرﻗﻲ ﺑﺎﻟذوق اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻟﻌﻣوم اﻟﺷﻌب المغربي.
دﻓﺎع ﻣﺳﺗﻣر ﻋن ﻛراﻣﺔ اﻟﻣواطن وﻋن اﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
يجدد المؤتمر التزام الحزب ﺑﺈرﺳﺎء ﺣﻣﺎﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻓﻌﻠﯾﺔ وذﻟك ﻓﻲ مواجهة اﻟﺗراﺟﻌﺎت اﻟﺗﻲ شهدتها اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ﻋن اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ ﻣﻧذ 2012 ﺑﻌد ﺗﻌﻣﯾم ﻧظﺎم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟطﺑﯾﺔ -راﻣﯾد- وينبه إلى اﻟﺗﻧزﯾل اﻟﻣﻌﯾب ﻟﻣﺷروع تعميم الحماية الاجتماعية في شقها المتعلق بتعميم التغطية الصحية واﻟدﻋم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر، وﯾدﻋو إﻟﻰ اﻻﻧﺧراط ﻓﻲ ﺗوﻓﯾر ﺷروط ﻧﺟﺎﺣﮫ وﺗﺟﺎوز اﺧﺗﻼﻻﺗﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﻌﺎﯾﯾر اﻻﺳﺗﻔﺎدة، ومؤشر وﻋﺗﺑﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة، وﺗﻌﺑﺋﺔ اﻟﻣوارد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺗﻣوﯾل وﺿﻣﺎن استدامتها، وﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺑراﻣﺞ اﻷﺧرى، وﺣﻛﺎﻣﺔ ھذا اﻟﻧظﺎم، واﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻹﻧﺻﺎف اﻟﻣطﻠوﺑﯾن، وھو ﻣﺎ ﯾدﻋو إﻟﻰ ﺗﻌﺑﺋﺔ وطﻧﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻹﻧﺟﺎﺣﮫ وﺿﻣﺎن اﺳﺗداﻣﺗﮫ.
ﻛﻣﺎ يدﻋو المؤتمر وﺑﺎﺳﺗﻌﺟﺎل إﻟﻰ ﺗﺻﺣﯾﺢ اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﻣﺳت ﺑﺣﻘوق اﻷراﻣل واﻷﯾﺗﺎم، وإﺧراج ﻣﻼﯾﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن واﻟﻣواطﻧﺎت ﻣن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻧظﺎم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟطﺑﯾﺔ “راﻣﯾد”، أو إﻗﺻﺎء ﻓﺋﺎت ﻣن اﻟدﻋم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر وﻣن اﻟﺗﻐطﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط واﻟﻣﺳﺎطر واﻟﻣؤﺷر واﻟﻌﺗﺑﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة، واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﺑﺧﺻوص دﻋم اﻷراﻣل واﻟﻣﻧﺢ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ وﺑرﻧﺎﻣﺞ ﺗﯾﺳﯾر وﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻣﻠﯾون ﻣﺣﻔظﺔ، ﻓﺿﻼ ﻋن اﻋﺗﻣﺎد ﺗﺻور واﺿﺢ ﻟﺿﻣﺎن اﺳﺗداﻣﺔ ﺗﻣوﯾل ھذا اﻟورش اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ.
ﯾﻧﺑﮫ اﻟﻣؤﺗﻣر إﻟﻰ اﺳﺗﻣرار ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺧﺑط وﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺄزﯾم ﻓﻲ ﻗطﺎع اﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻠﯾﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻠطب واﻟﺻﯾدﻟﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣراﻓق اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ، ﺑﻌد ﺷﺑﺢ ﺳﻧﺔ ﺑﯾﺿﺎء ھددت ﻣﺻﯾر أزﯾد ﻣن 000 طﺎﻟب وطﺎﻟﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻛل اﻟﻛﻠﯾﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻠطب واﻟﺻﯾدﻟﺔ، وﻣﻌﮫ اﻟﺗوﻗف اﻟﻣﺗﻛرر ﻟﻠﺧدﻣﺎت اﻟﺻﺣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت، والتي تخدم صنفا جديدا وغير طبيعي برز مؤخرا في القطاع الصحي الخاص، بتوجهات تجارية وربحية وريعية معلنة تتطور بسرعة خيالية وبشكل غير طبيعي على شكل شبكة مصحات عابرة للمدن أصبحت في وضع هيمنة على حساب القطاع الصحي بشقيه العام والخاص العادي، والتي ستؤدي حتما إلى اختلال التوازن المالي للقطاع الصحي وتهدد استدامة الخدمات الصحية ومشروع تعميم التغطية الصحية برمته.
وإذ ﯾﺳﺟل اﻟﻣؤﺗﻣر ﺗﻔﺎﻗم ﻣوﺟﺔ اﻟﻐﻼء اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﻣﻌظم اﻟﻣواد، واﻟﻐذاﺋﯾﺔ منها ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺧﺻوص وذلك في ظل تفاقم أرباح الشركات المحتكرة والمتواطئة وتضاعف ثروات من بيده القرار بهذا الخصوص فيما يكرس الجمع بين المال والسلطة وما ينجم عنه من تضارب المصالح والانصياع للوبيات في التشريع والتقرير وتفصيل القوانين على المحظوظين وهو ما يعبر بشكل جلي عن فشل الحكومة الذريع. لذلك، ﻓﺈن اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺗﺗطﻠب ﺗﺟﺎوز ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﺳﻼم اﻟﺣﻛوﻣﻲ أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻻﺣﺗﻛﺎر واﻟﺟﺷﻊ واﻋﺗﻣﺎد ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻗوﯾﺔ ﺿد اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ وﺗﺳﻘﯾف أﺳﻌﺎر اﻟﻣﺣروﻗﺎت وﺗﺻﺣﯾﺢ إﺟراءات اﻟدﻋم أو اﻹﻋﻔﺎء ﻣن رﺳوم اﻻﺳﺗﯾراد واﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﺿﺎﻓﺔ لاستيراد المواشي واللحوم.
يؤكد المؤتمر أن ﺗﻔﺎﻗم ﻣﻌدل اﻟﺑطﺎﻟﺔ اﻟذي ﺗﺟﺎوز 13 % ، وهي ﻧﺳﺑﺔ ﻟم يسجلها اﻟﻣﻐرب ﻣﻧذ 2000، وﺗزاﯾد ﻋدد اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﻔﻠﺳﺔ، ھو ﻧﺗﯾﺟﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻵﻓﺔ اﻟرﯾﻊ وانعدام المنافسة الشريفة واﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﺎل واﻟﺳﻠطﺔ وﺟﻌل ھذه اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ ﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺣدودة، واﻻﺳﺗﺋﺛﺎر ﺑﻔرص اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر واﻹﻧﺗﺎج واﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻛﺑرى ﺿدا ﻋﻠﻰ ﻋﻣوم اﻟﻣﻘﺎوﻻت اﻟوطﻧﯾﺔ، وﻣﺎ ﯾﻧﺟم ﻋن ﻛل ھذا ﻣن ﺗﺑدﯾد اﻟﺛﻘﺔ وﺧﻠق أﺟواء ﻣن اﻻﻧﺗظﺎرﯾﺔ واﻹﺣﺟﺎم واﻹﺣﺑﺎط ﻟدى اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن، وﻓﻲ ﻏﯾﺎب ﻣراﺟﻌﺔ ﺟذرﯾﺔ ﻟﮭذه اﻷﻋطاب ﻓﺈن ﻣﺂل ﺧرﯾطﺔ اﻟطرﯾق اﻟﻣﻌﻠﻧﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺷﻐﯾل هو اﻟﻔﺷل.
اﻟﻔﺷل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق وﻋود اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺿﻣﺎن اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ ورﺑﺢ رھﺎن اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ واﻷﻣن اﻟﻐذاﺋﻲ
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣؤﺗﻣر أن اﻟﻔﺷل اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑرز ﺑﺷﻛل أﻛﺛر ﺣدة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﺗﻧﻣوي، ﺳواء من خلال عجز الحكومة ﻋن ﻣواﺻﻠﺔ وﻟﯾس إطﻼق اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻛﺑرى وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ واﻟﺗﻘﺎﻋد، أو ﻓﻲ اﻋﺗﻣﺎد ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺿرﯾﺑﯾﺔ ﺟﻣرﻛﯾﺔ ﻣﺣﻔزة ﻟﻼﺳﺗﺛﻣﺎر وإﻧﺗﺎج اﻟﺛروة او ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن الانهيار.
وإذ يذﻛر المؤتمر ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﺟﺎد واﻟﻣﺳؤول واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﻣﻛﻧت اﻟﯾوم ھذه اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣن اﻟﺗوﻓر ﻋﻠﻰ 100 ﻣﻠﯾﺎر درھم ﻣن اﻋﺗﻣﺎدات ﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﻔﺿل إﺻﻼح ﻧظﺎم اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ ﻟﺗﻣوﯾل اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺻﺣﺔ وورش ﺗﻌﻣﯾم اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ، ﻓﺈن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﯾوم ﻋﺎﺟزة ﻋن ﺑﻠورة وﺗﻧزﯾل إﺻﻼح طﻣوح وﺷﺟﺎع وﻣﺳؤول ﻻﺳﺗﻛﻣﺎل إﺻﻼح ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ، ﻟﺗﺟﺎوز ﺗﻛرﯾس اﻟرﯾﻊ واﻟﻔﺳﺎد أواﺳﺗداﻣﺔ اﺳﺗﻔﺎدة اﻟﻧﺎﻓذﯾن ﻣن ﺻﻧدوق اﻟﻣﻘﺎﺻﺔ، وﺗوﻓﯾر اﻟدﻋم اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﻔﺋﺎت الهشة وﺗوﺟﯾﮫ اﻟدﻋم ﻧﺣو اﻟﻔﺋﺎت اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ، وھو اﻟﻣوﻗف ﻧﻔﺳﮫ ﺑﺧﺻوص ﻣﻠﺣﺎﺣﯾﺔ إﺻﻼح أﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻘﺎﻋد.
يسجل المؤتمر أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻻ ﺗﻔﺗﻘد ﻓﻘط ﻟﻺرادة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ للنهوض ﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑل إن سياستها موسومة بتضارب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﺳﺗﻐﻼل اﻟﻧﻔوذ وﺷﺑﮭﺎت اﻟﻔﺳﺎد وﻏﯾﺎب اﻟﻧزاھﺔ واﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر واﻟﻣﺎل واﻻﻋﻣﺎل وﻓﻲ اﻟوﻟوج إﻟﻰ اﻟﺻﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ، واﻋﺗﻣﺎد سياسة ﺿرﯾﺑﯾﺔ وﺟﻣرﻛﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎس وﺧﺎﺻﺔ من خلال ﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ﺳﻌر اﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﺻﻐرى ﻣﻘﺎﺑل ﺗﻘﻠﯾﺻﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻛﺑرى، واﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺣروﻗﺎت ﻣن ﺗطﺑﯾق ﺳﻌر %40، ﺿدا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻹطﺎر وﻋﻠﻰ ﺗوﺻﯾﺎت ﻣﺟﻠس اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ، واﻟﺗراﺟﻊ ﻋن اﻹﺟراءات اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ واﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻣﺗﺧذة ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟوطﻧﻲ وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣﺣﻠﻲ ودﻋم ﻣﺷﺎرﯾﻊ ﺗﻌوﯾض اﻟواردات ﺑﺎﻟﻣﻧﺗوج اﻟوطﻧﻲ، وذﻟك ﻓﻲ ﺗﺣﻠل ﺳﺎﻓر ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺑﺗﺷﺟﯾﻊ وﺳم “ﺻﻧﻊ ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب”، دون ﻧﺳﯾﺎن إﺿﻔﺎء اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺿرﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻟﻌﺎب اﻟﻘﻣﺎر وعدم ﻣراﻋﺎة اﻵﺛﺎر اﻟوﺧﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘرار اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻸﺳر وﻋﻠﻰ اﻟﻧشء وﺣرﻣﺗﮫ اﻟدﯾﻧﯾﺔ وذﻟك ﺿدا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺻل 32 ﻣن اﻟدﺳﺗور.
يحذر المؤتمر من مغبة اﺳﺗﻧزاف اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واللجوء المفرط إلى الاستدانة والاعتماد بشكل كبير على اﻟﺗﻣوﯾﻼت اﻟﻣﺑﺗﻛرة، دون استحضار المخاطر الناجمة عن اللجوء المكثف إلى هذا النوع من التمويلات عند نفاذها وبالنظر للنفقات والتحملات الناجمة عنها مستقبلا، حيث بلغت المديونية 71,6% من الناتج الداخلي الخام بعد أن تم التحكم في نسبة المديونية في الأسبق في حدود تناهز 60% من الناتج الداخلي الخام، باستثناء سنتي 2020 و2021 ارتباطا بجائحة كوفيد، وتفاقم حجم المديونية بما يناهز 200 مليار درهم خلال الثلاث سنوات من عمر هذه الحكومة، وهي زيادة كبيرة وغير مسبوقة، بالرغم مما توفر لهذه الحكومة من موارد ضريبية استثنائية وبحجم غير مسبوق، وبالرغم من لجوء الحكومة بشكل كبير للتمويلات المبتكرة التي بلغ حجمها أزيد من 85 مليار درهم خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ويوجه المؤتمر الحكومة إلى واجب استخدام هذه العوائد الضريبية الاستثنائية لتسريع وتيرة خفض الديون إلى مستويات ما قبل الجائحة، عوض مواصلة سياستها الإنفاقية بدون حساب وبدون ترشيد.
اﻟﺗﺻدي ﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ﺧدﻣﺔ اﻟﻔﺳﺎد واﻟرﯾﻊ
ﯾدﯾن اﻟﻣؤﺗﻣر ﻣﺎ ﯾﺳﺟل ﻣن ﺗﺿﺎرب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ وﺗﻔﺎﻗم اﻟرﯾﻊ واﻟﺧﺿوع ﻟﻠوﺑﯾﺎت اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺣروقات واﻷﺑﻘﺎر واﻷﻏﻧﺎم واﻹﺛراء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع، وﺗﺟﻠﯾﺎت ذﻟك ﻓﻲ رﻓض اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻟﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ ﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق ﺣول شبهات اﺳﺗﯾراد وﺗﺻدﯾر اﻟﻧﻔط اﻟروﺳﻲ، وبعدها رﻓض ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ ﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق ﺣول دﻋم اﺳﺗﯾراد المواشي واﻟﻠﺣوم، وﻋدم ﺗطﺑﯾق اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻟﻠﺗوﺻﯾﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟرأي ﻣﺟﻠس اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﺧﺻوص اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻛﺑﯾر ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻣﺣروﻗﺎت ﻗﺑل ﺻدور ﻗراره اﻷﺧﯾر، واﻧﺗﺷﺎر ﻓﺿﺎﺋﺢ اﻟﻔﺳﺎد اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻟﺗدﺑﯾري ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ وﺗواﻟﻲ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت بها.
وانطلاقا مما سبق وأمام ﺗراﺟﻊ ﺑﻼدﻧﺎ ﻓﻲ ﻣؤﺷر إدراك اﻟﻔﺳﺎد، ﻣن اﻟﻣرﻛز 86 ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 2020 إﻟﻰ اﻟﻣرﻛز 99 ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 2024، ﯾﻌﺑر اﻟﻣؤﺗﻣر ﻋن اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﻠﺣﺔ ﻟﻣﺑﺎدرة وطﻧﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﻔﺳﺎد وﺗﺧﻠﯾق اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ وإﯾﻘﺎف ﻣﺳﺎر اﻟﺗطﺑﯾﻊ ﻣﻊ اﻟﻔﺳﺎد واﻟرﯾﻊ واستهداف ﻣؤﺳﺳﺎت ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﻔﺳﺎد واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ، وإنهاء اﻟزﺑوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﺻب اﻟﻌﻠﯾﺎ، واﻋﺗﻣﺎد ﺗﺷرﯾﻊ ﻣﺳﺗﻘل ﻟﺗﺟرﯾم اﻹﺛراء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع.
ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑوﻋود والتزامات البرنامج الحكومي
وفي المحصلة، يسجل المؤتمر أن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻗد أﺧﻠﻔت وعودها، ولم تفلح في تطبيق التزاماتها اﻟﻌﺷرة اﻟﺗﻲ تضمنها اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﻲ ومنها وعدها بإﺣداث ﻣﻠﯾون ﻣﻧﺻب ﺷﻐل ﺻﺎف ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺧﻼل اﻟﺧﻣس ﺳﻧوات، ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺑﻠﻐت ﻓﯾﮫ اﻟﺑطﺎﻟﺔ أزيد من 13 في المئة وبلغ عدد العاطلين أزﯾد ﻣن ﻣﻠﯾون و600.000 ﻋﺎطل، أو وﻋدھﺎ ﺑﺗﻔﻌﯾل اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ، إذ على اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﻓﻘد ﺗم إﻗﺻﺎء 8,5 ﻣﻠﯾون ﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن ﻣن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻧظﺎم اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻋن اﻟﻣرض “أﻣو ﺗﺿﺎﻣن”، أو وﻋدھﺎ ﺑﺈﺧراج ﻣﻠﯾون أﺳرة ﻣن اﻟﻔﻘر والهشاشة، حيث وعلى اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﺗﺿﺎﻋف ﻋدد اﻟﻔﻘراء، ﻓﺿﻼ ﻋن ﻋدم وﻓﺎء اﻟﺣﻛوﻣﺔ بوعدها بزيادة 2.500 درهم في أجرة بداية مسار الأستاذ، وعدم وفائها ﺑﺗوﻓﯾر “ﻣدﺧول اﻟﻛراﻣﺔ” بقيمة 1.000 درهم في أفق 2026 ﻟﻣن ﺗزﯾد أﻋﻣﺎرھم ﻋن 65 ﺳﻧﺔ، واﻻﻟﺗﻔﺎف ﻋﻠﯾﮫ ﻋﺑر ﻣﻧﺣﺔ ﺷﮭرﯾﺔ ﺗﺑﻠﻎ 500 درھم ضمن ما سمته الحكومة التعويضات العائلية لأسر تعول أشخاصا مسنين…
وفي الختام، وإذ يستحضر المؤتمر حصيلة عطاء الحزب طيلة ما يفوق عقود، وخاصة طيلة عشر سنوات من العمل الحكومي وكذا في موقع المعارضة، وهي حصيلة مشرفة استطاع الحزب وفي إطار ما توفر له من سلطات واختصاصات وفي إطار الأغلبية التي كان يشتغل ضمنها، القيام بأدوار تاريخية حقيقية لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، وكما أكد ذلك الأخ الأمين العام المنتخب الأستاذ عبد الاله ابن كيران في كلمته الختامية على إثر إعلان نتائج التصويت، يدعو المؤتمر كافة أعضاء الحزب والمتعاطفين معه إلى التعبئة الشاملة والكبيرة لكل المناضلين والمناضلات من أجل مواصلة مسار النضال بقوة وشجاعة وثبات، متشبثين بثوابت الوطن والدستور وبمرجعية الحزب الإسلامية وهويته الوطنية، وتجديد المشروع النضالي للحزب والتعبئة للقيام بالمسؤوليات والمهام والاستحقاقات التي يركزها الشعار المركزي للأطروحة السياسية التي صادق عليها المؤتمر الوطني التاسع للحزب وهو: “النضال من أجل مصداقية الاختيار الديموقراطي وكرامة المواطن”، والعمل على تنزيل التوجهات الخمس لهذه الأطروحة وهي: أولا– تكريس المرجعية الإسلامية للحزب عبر تعزيز تشبث وتمثل مناضلي ومناضلات الحزب وقياداته لقيم ومقتضيات المرجعية الإسلامية في الممارسة السياسية والتعاطي مع تدبير الشأن العام، والدفاع على الثوابت الوطنية الجامعة للأمة المغربية؛ وثانيا– صيانة السيادة الوطنية والدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية ودعم القضية الفلسطينية؛ وثالثا- استعادة مصداقية الاختيار الديموقراطي وتعزيز الحقوق والحريات ومكافحة الفساد؛ ورابعا- تصحيح مسار النموذج التنموي والنهوض بالأسرة والتعليم؛ وخامسا- صيانة استقلال القرار الحزبي وتوسيع دائرة التعاون.
“وَقُلِ اِعْمَلُواْ فَسَيَرَي اَللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥوَالْمُومِنُونَ
وَسَتُرَدُّونَ إِلَيٰ عَٰلِمِ اِلْغَيْبِ وَالشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”
سورة التوبة الآية 106
وحرر ببوزنيقة، الأحد 28 شوال 1446هـ،
الموافق لـ 27 أبريل 2025م.
Sorry Comments are closed