في مشهد حقوقي يعيد رسم ملامح العلاقة بين المواطن والإدارة، احتضنت نقطة الاتصال لمؤسسة وسيط المملكة بجهة سوس ماسة، يوم 13 أكتوبر 2025، لقاءً تواصلياً نوعياً مع المرصد المغربي لحقوق الإنسان – فرع أكادير، في إطار سياسة الانفتاح التي تنتهجها المؤسسة لتعزيز ثقافة الوساطة والحوار، وترسيخ قيم الإنصات كمدخل لإصلاح العلاقة بين الإدارة والمواطن.
في مستهل اللقاء، قدم السيد نبيل لحبيب، المكلف بنقطة الاتصال، عرضاً تعريفياً شاملاً حول مؤسسة وسيط المملكة، أبرز فيه موقعها الدستوري باعتبارها هيئة مستقلة تُعنى بترسيخ مبادئ العدالة الإدارية وصيانة الحقوق، وتجويد علاقة المواطن بالمرفق العمومي. كما استعرض آليات اشتغال المؤسسة وطرق تدخلها في معالجة التظلمات وإبداء التوصيات ذات الطابع الإصلاحي لمواجهة مظاهر الشطط أو انغلاق الإدارة.
وتوقف السيد لحبيب عند البرنامج الوطني الذي أطلقته المؤسسة تحت شعار “نحو إدارة المساواة بين الجنسين”، مبرزاً أبعاده الفلسفية والاجتماعية الرامية إلى تفكيك البنية الذكورية التي لا تزال تتخلل بعض مفاصل الإدارة العمومية، والدفع نحو ترسيخ مبدأ المساواة كقيمة مؤسسة للمواطنة الكاملة. كما دعا المجتمع المدني إلى الانخراط الفعّال في النقاش العمومي حول الموضوع، من خلال المنصة الرقمية التي أحدثتها المؤسسة، والتي تتيح للمواطنين والمواطنات الإسهام بآرائهم ومقترحاتهم في أفق ممارسة ديمقراطية تشاركية حقيقية.
من جهته، كان المرصد المغربي لحقوق الإنسان بأكادير فاعلاً نقدياً في النقاش، حيث قدم رئيس المرصد وأعضاء مكتبه المحلي قراءات ميدانية ومعاينات دقيقة حول اختلالات المساواة بين الجنسين في الولوج إلى الخدمات الإدارية والمرافق العمومية، مستعرضين حالات واقعية تبرز الحاجة إلى إصلاح ثقافي وإداري متكامل.
وتحول اللقاء إلى فضاء مفتوح للحوار حول قضايا العدالة الإدارية والحق في المعلومة والإنصاف الإداري، والتدبير الترابي للحقوق، في نقاش تميز بالعمق والمسؤولية.
وفي ختام اللقاء، برزت قناعة مشتركة لدى الطرفين بأن العدالة الإدارية ليست شأناً تقنياً فحسب، بل هي رهان مجتمعي وأخلاقي وفعل ثقافي يؤسس لكرامة المواطن في علاقته بالمرفق العام.
إن هذا اللقاء، بما حمله من دينامية فكرية وتشاركية، يشكل خطوة نوعية نحو ترسيخ فلسفة الوساطة المواطنة، التي لا تقتصر على معالجة النزاعات بين المواطن والإدارة، بل تسعى إلى بناء الثقة واستعادة روح الإنصات كشرط أساسي لأي إصلاح إداري حقيقي.
وفي زمن تتزايد فيه الشكاوى وتتداخل فيه مسارات العدالة، تؤكد مؤسسة وسيط المملكة والمجتمع المدني على شراكتهما في مهمة نبيلة قوامها إعادة الاعتبار للإنسان كمحور للسياسات العمومية، والمساواة كقيمة تتجاوز النصوص إلى الممارسة اليومية.
Sorry Comments are closed