ما من أمة تعيش حالة فصام حادة كما تعيشها الأمة الإسلامية ، وما من أمة تتشبت بفصامها كما الأمة الإسلامية حتى صارت أضحوكة بين الأمم أجمعين ، وما من أمة تنظر إلى فصامها على أنه الحق و الحقيقة كما الأمة الإسلامية ، ولكثرة تشبت هذه الأمة بفصامها ، إنفصلت عن الواقع و التاريخ ولم يعد لها حتى من إمكانية للعودة إليه ، ضاعت منها كل الفرص ولم يبق لها سوى الجنون ، وقد بدأت أعراض الجنون على هذه الأمة مند مدة تزيد عن قرنين أي مند صدمة الحداثة – مع نابوليون بونابارت – التي بدل أن تكون فرصة للنقد و التفاعل الإيجابي مع الآخر ، كانت بداية الإنتكاسة و تدمير الذات بتكبيلها بقيود تراثية ما أنزل الله بها من سلطان ، فكان أن تم إفشال المشروع النهضوي الذي بدأ مع الأفغاني و عبده ، وترصد كل محاولة لإحياء العقل ، ما أدى إلى محاكمة علي عبد الزاق و طه حسين في مابعد ، وتكفير فرج فوده و قتله و تهجير نصر حامد ابو زيد من مصر بعد تطليقه من زوجته بتهمة الردة ومحاولة دبح الأديب الكبير نجيب محفوظ بتهمة الكفر بعد نشر رواية أبناء حارتنا ، و إهدار دم سيد القمني …. وهلم جرا …
وزاد هذا الجنون بشكل حاد مع ما ترتب عن انتفاضات كان شعارها الحرية و العدالة و انتهت استبدادا و قهرا و تسلطا ، فأكدت بالملموس أن هذه الغمة ليس لديها ما تقدمه للعصر و للإنسان المعاصر غير الحماقات و الحهالات في أبشع صورها ، بل هي تشكل خطرا على الإنسانية وما راكمته الحضارة الإنسانية مند قرون ، كيف لا وهي تضع جهلها و جهالتها رهن إشارة كل مرتزق يريد إعادة تشكيل العالم على هواه ، أو كل انتهازي فاشل يريد تسلق كرسي السلطة باسم المقدس ، أو تاجر حرب كسدت تجارته فينفخ فيها و تشتعل نارا و قتلا تقتل نفسها أول ما تقتل ، وتحرق مستقبلها أول ما تحرق ، فهل هناك جنون أكبر من هذا ؟
وعلى افتراض أن لنا “حضارة ” فما بال هذه الحضارة لم تصقل وجداننا ، و تهذب أخلاقنا و إنسانيتنا لنكون مدرسة لغيرنا في القيم و العلم و الأخلاق ؟ اين يكمن الخلل يا سادة ، فأنتم تعرفون جيدا أن الحضارة ضد الهمجية و التوحش ، فما بالكم تصرون على العودة القهقري إلى عصور ما قبل الحضارة ؟ وزيادة في العلم فتلك الحضارة صنعها الفلاسفة و الشعراء و المتكلمون والموسيقيون في شرط تاريخي تفاعلت فيه مختلف الثقافات ، يونانية و فارسية و هندية ، تلك الحضارة لم يصنعها السيف و لا النص ، بل صنعها التثاقف و التفاعل و العقل و أهل العقل ….
عندما قال نتشه بأن الفيلسوف طبيب الحضارات ، كان على حق وعلى صواب ، فالحضارة تصنعها الفلسفة وتعالجها إذا مسها سقم ، فانظروا إلى حالنا بعد أن أن أزحنا الفلسفة و كفرنا أهلها و حشرناهم مع الزنادقة و المهرطقين ، وفسحنا المجال لشيوخ ينطقون جهلا و جهالة و يسفهون العقل و العلم ، ويدعون إلى القتل دون ورع ودون وجل من الله وعلى الهواء والمباشر ، يكفرون ذات اليمين و ذات الشمال كاشفين عورات جهلهم المركب للعالم أجمع ..
والمشكلة في الشخصية الفصامية ، أنها لا تعرف معنى الفصام كمرض لتعالج نفسها منه ، هذا هو حال هذه الأمة /الغمة ، تأكل النعمة و تسب الملة ، تتهافت على منجزات الحداثة استهلاكا ، وتسب نسقها الفكري و القيمي ، بل وتدعي انها صاحبة الفضل على الغرب إد لولا ابن رشد ما وصل الغرب ، لكن في مواضع أخرى تكفر ابن رشد و تزندقه و تطمس تراثه و فكره ، و للعلم فحضارة الغرب و الحداثة عموما قامت على تقويض أركان منظومة أرسطو من طرف الثورة الكوبرنيكية ، وابن رشد لم يكن سوى شارحا من شراح أرسطو ، بل اعتبر أرسطو أكمل العقول ، فكيف له أن يؤسس الحداثة و هو لم يتجاوز أرسطو ، والحداثة بهذا المعنى هي تجاوز لإبن رشد نفسه الذي لم يكنن سوى نسخة أرسطية : كوبيي / كولي .
كيف لأمة تخاطب غيرها بابناء القردة و الخنازير أن تتقدم و تتخلص من جهلها المركب ؟ وهل تفعل أمة لها حضارة ما شابه ذلك ؟ ..
وعلى ذكر هذا ، فلنفرض أن هؤلاء ، يعني ابناء القردة و الخنازير دخلوا يوما في ملتنا ، فهل ستسقط عنهم بنوة القردة و الخنازير ، يا له من منطق و يا له من جهل ..
وا سييييييييروا تصلعوا ماحد بكري ، بزاف عليكوم القرن 21…
………الطالبي …………………
عذراً التعليقات مغلقة