أحمد الطالبي : …..تشكيل الحكومة بين الوهم و الحقيقة ….

الوطن الأن18 مارس 2017آخر تحديث :
أحمد الطالبي : …..تشكيل الحكومة بين الوهم و الحقيقة ….

على مدى خمسة اشهر و نيف التي استغرقتها مفاوضات تشكيل الحكومة التي وصلت إلى الباب المسدود ، كثر القيل و القال ، وزاد منسوب الخطاب الشعبوي الذي أفرغ العملية السياسية برمتها من معانيها خاصة من لذن الجهة التي تم تكليفها ، وبثنا نسمع تعابير المسخ من قبيل : إذا دخل فلان أو علان فأنا ماشي كريط ، أو راه حنا ماشي بطاطا ، إنه المنحدر الذي يؤذي بنا حقيقة إلى الواد الحار مباشرة ويسقطنا في غوغائية غير مسبوقة لم نرمثيلا لها من قبل ..
في ظل هذا الإصرار على التناول الغوغائي ضاعت الحقيقة و تاه الكثير من الناس ولم يعودوا يعرفون حقيقة ما جرى ، وما يسعى إليه هذا النوع من الخطاب الشعبوي هو طمس الحقيقة و تسطيح وعي الناس لحاجة في نفس يعقوب و للتملص من تحمل المسؤولية الأخلاقية و السياسية في الذفع بابلاد نحو الهاوية و اقتناص الفرص بعد إشعال فثيل الفثنة بعد ذلك ..
ولكي نستجلي بعضا من جوانب الحقيقة التي يراد طمسها حول تدبير المفاوضات لا بد من الوقوف على مسألة في غاية الأهمية تتمثل في ما يلي :
لا أحد سيجادل في مسألة نسبية النظام الإنتخابي المغربي والذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن كل الأحزاب معنية بتشكيل الحكومة وفق تراتبية النتائج الإنتخابية التي تؤهل الحاصل على الرثبة الأولى لرئاسة الحكومة وفتح المفاوضات مع جميع الأحزاب أو على الأقل الأحزاب الخمسة الأولى ، وفق منهجية واقعية و عقلانية تروم التوافق على برنامج حكومي قابل للتنزيل ، وتراعي كذلك السياقات الإقليمية و الدولية و ما يحيط بالبلاد من مشاكل على المدى القريب و المتوسط ، فهل حصل هذا فعلا ؟
الظاهر أن الوقائع تقول عكس ذلك ، ذلك أن رئيس الحكومة المكلف مند بداية مشاوراته إركتكب جملة من الأخطاء نجملها في عدم استحضار معنى النظام الإنتخابي النسبي الذي يلزمه بالتفاوض وفق المنهجية التي أشرت إليها سابقا وهذا لم يحصل البثة خاصة و أنه حول المفاوضات إلى لعبة لي الذراع و شيطنة من يعتبرهم خصوما ، والذين ليسوا في النهاية سوى مغاربة مثله و تعمل أحزابهم وفق القوانين المعمول بها في البلاد بل منهم من دبر الشأن الحكومي لسنوان وراكم في ذلك خبرة كبيرة بل و يتوفرون على أطر و رجال ذوي كفاءة ورزانة أكثر من بنكيران نفسه ..
ثاني الأخطاء التمسك بمن كان يعتبرهم سابقا خصوما و وحمقى مثل شباط الذي كاد يتسبب في أزمة دبلوماسية مع موريطانيا وهي الأزمة التي كلفت الدولة جهدا كبيرا لإحتوائها ، ثم المفاضلة غير المفهومة بين التقدم و الإشتراكية و الإتحاد الإشتراكي الذي تم رفضه على اعتبار أن مقاعده لا تتؤهله لدخول الحكومة ، وعلى كم حصل التقدم و الإشتراكية بالسلامة ؟
ثالت الأخطاء إطلاق الكلام على عواهنه عندما كان رئيس الدولة في مهام رسمية بإفريقيا من أجل تكريس عودة المغرب إلى الإتحاد الإفريقي ..
رابع الأخطاء ، المزايدة بالإرادة الشعبية التي لم تمنحه في الحقيقة غير 6 في المائة من من الذين لهم حق التصويت ..
خامس الأخطاء يتمثل في المزايدة بالديمقراطية التي لا تؤمن بها حركات الإسلام السياسي جملة و تفصيلا، لأن معنى الديمقراطية لا يمكن فصله عن حاضنه الإجتماعي التاريخي المتمثل في فلسفة الأنوار و الحداثة ، وهو الفكر الذي يعاديه الإسلام السياسي صراحة جهارا نهارا ..
سادس أخطاء بنكيران : حصيلته الكارثية التي أتت على الأخضر و اليابس سياسيا و اقتصاديا و حقوقيا ، دكدك فيها كل شيء وسواه أرضا ، مما يفقده صفه رجل الإصلاح الذي يمكن أن يطمئن له المغاربة ….
بعد استعراض هذه الأخطاء وجب طرح السؤال الجوهري الثالي : لماذا أصر بنكيران على أن ينحى بالمفاوضات في هذا المنحى ؟
لن نجانب الصواب إذا قلنا بأنه اختار قصدا هذا التصعيد لدفع الأمور إلى الباب المسدود ، من أجل شيطنة كل الفاعلين و إظهارهم بمظهر من يعادي الديمقراطية – التي لا يؤمن بها أصلا – والسعي بالثالي إلى رفع أسهم قطيعه في سوق النخاسة السياسية لعل وعسى أن تعاد الإنتخابات ليحقق مكاسب إضافية تمكنه من وضع يده على مقاعد إضافية تضعه في موقع تفاوضي قوي و مريح ، على اعتبار أن بنية حزبه التنظيمية و كل أدرعها جاهزة للحصاد ، وهو الذي يتحاشى في كل لقاء جماهيري قول الحقيقة حول حصيلته الكارثية في التدبير ، وعوض ذلك إما أن يبكي أو يرقص أو يحكي أساطير وقصصا و نكثا تحت تصفيقات غوغائه ، و أخطر ما قاله لحظة إقالته : غادي نمشي نتوضا و نصلي ، بمعنى أنه الرجل مظلوم وسيطلب من الله أن يأخذ الحق في من ظلمه ، هذه هي الرسالة و الله أعلم من المعني بهذا التشيار المرموز ..
خلاصة القول ، فالمغرب في حاجة إلى ثورة ثقافية و فكرية مؤسسة على تفكيك عميق للموروث الثراتي الذي يستغله كل دجال أفاك يسعى إلى أخونة المغرب ضدا على تاريخه و هويته و تعدده و تنوعه و عمقه ، بل و حتى جغرافيته كملتقى الثقافات و الحضارات ، كما هو في حاجة إلى دولة حديثة و عصرية تتأسس فيها العلاقة بينها و بين أفراد المجتمع على مبدأ المواطنة حقووقا وواجبات ، دولة يحضى فيها المواطنون بكامل حرياتهم جماعات و أفراد ، دون ذلك ما بان ليا والو …
الغوغاء لا تصنع الأوطان يا سي بنكيران …..
…………….الطالبي…….

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة