قد يكون المغرب في أحسن حاله.. بلا حكومة ولا برلمان ولا أغلبية ولا معارضة.. تلكم عبارات ما فتئ يرددها المغاربة في دردشاتهم اليومية بالمقاهي والأزقة والشوارع والجلسات الأسرية.. أو تدويناتهم وتعليقاتهم المكتوبة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.. عبارات زادت انتشارا في عهد حكومة سعد الدين العثماني. حيث غياب التجاوب والتفاعل بينها وبين الشعب. وحيث استفحال زلات بعض وزراءها، وخرجاتهم غير المحسوبة التي تبرز بجلاء أنهم مبتدئين في عالم السياسة، وأنهم يجهلون معنى الوطنية والوطن. هذا ما يراه المغاربة المحبطين من أدوار الأحزاب السياسية والنقابات، وصمت وتواطؤ زعمائها المثيرين للسخرية والبكاء والتفاهة. اقترب فصل الصيف بعد شتاء ممطر وربيع مزهر. وينتظر المغاربة أن تكون الغلة وفيرة بدون أدنى تدخل للحكومة. وعاد المغرب إلى حضنه الإفريقي من بابه الواسع..وأخذت قاطرة الحياة مسارها بدون أصحاب السعادة والوسادة، السادة الوزراء.. وتأهل المنتخب المغربي إلى الإقصائيات النهائية لكأس العالم بروسيا . ولو أن نبضات قلوب الموظفين لم تعد للاستقرار في انتظار الإجهاض على مخطط التقاعد الظالم… وقع ويقع كل هذا في غياب الحكومة وحتى بعد إحداثها، ونوم أعضاءها. المغاربة يرون أن المغرب يسير بخطى آمنة وسليمة، بدون سلطة تنفيذية. كلهم يتذكرون كيف أجهضت حكومة عبد الإله بن كيران في رحم الأحزاب السياسية. وكيف سارت البلاد لعدة أشهر بدون حكومة. وكيف كتب لها أن تنجب في ظرف أسبوعين برئاسة رفيقه في حزب المصباح سعد الدين العثماني بتشكيلة حزبية غريبة جمعت بين الإسلامي والشيوعي والاشتراكي والمحافظ والأرنبات وداكشي.. مخاض لم يرى منه المغاربة سوى (وحم) بعض الأحزاب السياسية بالاستوزار..الكل كان يريد ويسعى إلى التموقع داخل الأغلبية… والكل كان يفاوض من أجل كعكة الاستوزار ومعها مئات المناصب السامية والوظائف داخل دواوين الوزارات ومرافقها المركزية والفرعية. المغاربة يتهامسون ويتغامزون ويتسلون بالحديث عن دور الحكومة. وماذا بإمكانها أن تقدم لهم. مقابل ما يستنزفه أعضاءها (وزراءها) من رواتب وتعويضات سمينة، وسيارات وخدم ومنازل فخمة ومجانية استهلاك الماء والكهرباء والهاتف والوقود.. وسلطة تستغل في غير محلها..أموال بالجملة تهدر سدى من أجل مؤسسة يفرضها الدستور داخل بلد نام بأحزاب نائمة، لا يمكن أن تلعب سوى دور تسويقي وإشهاري شبيه ب(الفترينا أو التوجيهة) لإطفاء طعم الديمقراطية التي تفتقدها حتى الدول العظمى. والظهور بمظهر الحكومة الجادة.. مؤسسة غير ذات جدوى.. تزيد من نزيف ميزانية الدولة…. وعوض أن تلعب دورها الحقيقي وفق ما يخول لها الدستور المغربي.. يختار أعضاءها الغوص في ملفات وقضايا جانبية أو الرد بحقارة واستبلاد على مطالب الشعب وغضبه. وإطلاق كلمات كلها مهينة للمواطنين الذين أبهروا العالم باحتجاج (المقاطعة). الذي لن يحتاج إلى قوة عمومية وشغب وعنف وتخريب للممتلكات واعتقالات.. من قبيل (مداويخ، خونة، مجهولين..)، أو الترفع عن المواطن (ولد الزنقة). علما أن المغربي المجرد من الوطنية والغيرة الأكيدة على الوطن، لا يمكن أن يحظى بمنصب المسؤولية. لأنه ببساطة لن يكون أهل لها. هذه هي الحصيلة التي وجب الوقوف عليها، وتحليلها مضامينها، لأنها أبانت على أن الحكومة شكلت في معظمها من وزراء مبتدئين، ورضع في التواصل والسياسة والتدبير العقلاني. وأنها جلبت على نفسها غضب الشارع في عدة مناسبات، بطرق أقل ما يمكن القول عنها أنها تافهة ومجانية، وكان بالإمكان تفاديها لو أن رئيس الحكومة ضبط لسانه وألسنة وزراءه، وحثهم على التحاور والتواصل في ما يخص عملهم بلا زيادة ولا نقصان. والابتعاد عن الارتجال والحديث الفضفاض… خرجات وفلتات ألسنة أدخلت وتدخل المغاربة في جدل عقيم، وتفرض عليهم الغوص في نقاشات وحوارات حول مواضيع تافهة بعيدة عن مصالح البلاد وأولويات التنمية … وتصبح تلك الأموال التي تصرف للحكومة من ميزانية الدولة.. أموالا غير مستحقة.. وتتحول تلك الحكومة، إلى ما يشبه عصابة علي بابا والأربعين حرامي.. التي تسرق أحلام وآمال المغاربة في وطن يحضن ويرعى كل مواطنيه بكل فئاتهم الاجتماعية.
وجهة نظر
تابعونا على تويتر
انضم الينا على فيسبوك
انضم الينا على فيسبوك
24 ساعة
عذراً التعليقات مغلقة