يتميز الغطاء النباتي في المغرب بتنوعه وغناه، ووجود بعض النباتات القادرة على التكيف مع كل الظروف، وتعد أشجار الصبار من أقدر تلك النباتات على تحمل الجفاف، ومقاومة العطش ولو لسنوات طوال، والصبار أنواع متعددة منه ما يزهر ويثمر، وما يزهر فقط، وما لا يزهر ولا يثمر، وقد شكلت أشجار الصبار المثمرة وفواكهها مصدر رزق الكثير من العائلات في القرى والمداشر المغربية، يتاجرون ويتغذون على فواكهها التي تنضج في فصل الصيف، ويجعلون من أوراقها علف للماشية، في سنوات القحط وأيام ندرة العلف، ولعل ما شجع على الاستثمار في غرس مساحات شاسعة من حقول الصبار في السنوات الأخيرة كون فلاحتها وغرسها لا يكلف أي جهد، فيكفي ألقاء ورق صبار على أي نوع من الأراضي لترسل جذورها وتنمو دونما حاجة لري أو عناية … فهي تنمو في الجبال كما في السهول، في الصحراء كما في المناطق الرطبة، بل إن فاكهتها تكون ألذ كلما كان الظروف والجغرافية المناخية أصعب، فتمرة الأراضي الصخرية ألذ من تمرة في الأراضي الخصبة، وفي المناطق الجافة تكون ألد منها في المناطق المطيرة …
لكل ذلك، حاولت بعض المناطق الجافة اتخاذ عدة إجراءات لتثمين نبتة وفاكهة الصبار، فتوسعت حقولها في المغرب، وتمت هيكلة عدد من التعاونيات والمؤسسات فغدت تمرة الصبار موضوع حديث عدد من المتخصصين يناقشون مكوناتها وفوائدها، لما تحويه من مضادّات الأكسدة والالتهابات وما بها من وفيتامينات وألياف غير ذائبة، ناهيك عن الأحماض الأمينية والكربوهدرات …. وما يمكن أن يستخرج من تلك النبتة من مواد تدخل في صناعة الكريمات والزيوت التجميلية والطب البديل… لذلك لا غرو إذا وجدنا بعض المناطق تبني استراتيجية مستقبلها على الاستثمار في الصبار كما حدث بإقليم الرحامنة، التي جعلت من هذه النبتة وفاكهتها “بترول الرحامنة”.
لكن المغاربة في هذه السنة يلاحظون غياب عربات بيع فاكهة الصبار(الهندية أو الزعبول) التي كانت تغص بها شوارع مدن المملكة وتلقى إقبالا متزايدا كلما اشتد الحر، ومنه غياب تلك الفاكهة عن الموائد المغربية، والسبب يعود لحشرة تعرف بـ”الحشرة القرمزية” التي بخرت أحلام “بترول الرحامنة” وقضت على ألاف الهكتارات من أشجار الصبار في سرعة كبيرة، وهو ما جعل الشجرة مهددة الانقراض في المغرب، وأكيد ستدخل التاريخ قريبا إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، وإذا لم تتدخل الجهات المسؤولة لإيجاد الحلول المناسبة.
ذ. الكبير الداديسي
عذراً التعليقات مغلقة