غزلان حموش …المشهد السياسي المغربي بين الشرعية المفقودة والمشروعية المستنزفة

الوطن الأن48 ثانية agoLast Update :
غزلان حموش ...المشهد السياسي المغربي بين الشرعية المفقودة والمشروعية المستنزفة
غزلان حموش ...المشهد السياسي المغربي بين الشرعية المفقودة والمشروعية المستنزفة

تعيش الديمقراطية الوطنية اليوم حالة غير مسبوقة من الاهتراء المؤسسي العميق. حيث يتضح بقوة التوتر القائم بين الشرعية الشكلية والمشروعية المجتمعية. هذا التوتر يتجلى بوضوح في كل من البرلمان والحكومة، إذ أصبحت مؤسسات الدولة المنتخبة في نظر فئات واسعة من المواطنين مؤسسات بلا مصداقية، فارغة من مضمونها التمثيلي، وخاضعة لمنطق المال والنفوذ بدل منطق الكفاءة والمسؤولية.

بل إننا نشهد اليوم انكسارا حقيقيا للعقد الديمقراطي، إذ لم تعد الانتخابات سوى طقس موسمي مفرغ من دلالاته العميقة، ولا تؤدي سوى إلى إنتاج نخب مشكوك في تمثيليتها. المشروعية لم تعد تمنح من الشعب، بل تفصل على مقاس المصالح لصالح من يدفع اكثر.

في هذا السياق، تبرز تصريحات البرلماني السابق رشيد الفايق، المتهم في ملفات فساد، حول تسلم أحد الموظفين لرشوة بقيمة 8 ملايين درهم مقابل تسهيل فوز مرشحين في انتخابات 2021، نعم انه مؤشر خطير على واقع الممارسة الانتخابية والسياسية. وقد سبق لعدد من الأحزاب السياسية أن نبهت إلى خطورة هذه الانزلاقات، التي تضرب في مبدأ النزاهة والمصداقية الديمقراطية، بل وتدق ناقوس الخطر حول مستقبل التعددية السياسية وشرعية المؤسسات.ممارسات لا ادري هل هي ممارسات موظف فاسد، ام ان الامر اخطر خصوصا انه يتكرر في عدة مناطق.من طرف موظفين يمكن ان اصفهم بمسامر الطبلة ،احترفوا بيع الانتخابات ومناصب العريفات والمقدمية بل ان منهم من احترف بيع التأشير على مقررات دورات المجالس الجماعية لا تستغربوا يا سادة انه الواقع البئيس. بل منهم من سيطر على اراضي الجموع و اصبح يفوتها كما يريد …..

نقف أمام مشهد عبثي من جهة، تصريحات صادمة من داخل المؤسسة التشريعية، ومن جهة أخرى، صمت رسمي كأن المؤسسات تكتفي بالفرجة على صورتها وهي تنهار.

في الوقت الذي تواصل فيه المؤسسات المنتخبة أداء وظائفها الدستورية من الناحية الشكلية، فإنها، من حيث الجوهر، فقدت إلى حد بعيد قيمتها الرمزية والسياسية. نحن أمام برلمان لم يعد يعبر عن الإرادة الشعبية، ولا يقدم تمثيلا حقيقيا الأمة المغربية. ممارسات من قبيل شراء الذمم واستغلال المال السياسي لا تطرح فقط سؤال الشرعية القانونية، بل تضرب أيضا في المشروعية الشعبية التي تعتبر أساسا لكل ديمقراطية حقيقية.

المفارقة الموجعة أن الشكل محفوظ والجوهر ممزق. الاستعراض الديمقراطي مستمر، لكن الروح السياسية للمؤسسات تغيب.

من يمثل من؟!! ومن يراقب من؟!! إنها أسئلة تتوارى خلف ستار من الخطابات الفارغة.

لقد تحول البرلمان إلى فضاء يطغى عليه منطق العلاقات والمصالح، وأصبح أشبه بمسرح تباع تذاكره لمن يدفع أكثر، لا لمن يعمل أكثر. وهنا يطرح سؤال أساسي بالخط العريض ما مدى مشروعية القوانين التي يصادق عليها برلمان من هذا النوع!!!!!!؟ ألم بتم وأد الشرعية الأخلاقية للديمقراطية المغربية!!!!!؟
لقد أصبحت “التمثيلية” مجرد واجهة، تخفي خلفها اتفاقات صامتة، لا تراعي سوى حسابات الربح والخسارة، لا حسابات الوطن والمواطن.

والبرلمان، بدل أن يكون محرابا للنقاش الحر تحول إلى صدى خافت لما يملى في الكواليس. جزء من مسرحية سيئة الاخراج.

أما على مستوى الأداء التشريعي، فالوضع لا يقل خطورة. النقاش البرلماني أصبح سطحيا، تطغى عليه الرداءة، وتغيب عنه المبادرات الجريئة والرقابة الجادة. تحول البرلماني إلى مدافع عن الحكومة بدل أن يكون ممثلا عن الشعب، وبهذا أُفرغ العمل البرلماني من معناه الرقابي والتشريعي، وتحول إلى ممارسة شكلية تستهلك الزمن المؤسساتي دون أن تنتج حلولا أو قوانين تلامس هموم المواطنين.

إن فقر النقاش، وضعف اللغة، وغياب البدائل، تكشف أن الأزمة أعمق من مجرد غياب نخب كفؤة. إنها أزمة تصور جماعي للعمل السياسي، حيث ينظر إلى البرلمان كمنصة عبور وليس كرافعة تغيير.

وإذا انتقلنا إلى الحكومة، فإنها لا تعدو أن تكون سوى امتدادا لهذا الفراغ البرلماني. حكومة أفرزها برلمان فقد مصداقيته لا يمكن أن تكون إلا حكومة تكرس أزمة الثقة. حكومة لا تستمد شرعيتها من دعم شعبي حقيقي، بل من توازنات حزبية وانتخابية مشبوهة. هي حكومة الشرعية الشكلية والمشروعية المقتولة.

حكومة بدون ظهر شعبي، هي حكومة عرجاء مهما قويت أدواتها. كيف لها أن تقرر في السياسات، وهي تعلم أن الشارع لا يثق بها!!!!؟ بل كيف تتحدث باسم المغاربة، وهي لم تنتج سوى الخيبة والتكرار و تكريس ازمة التقة!!!!!؟

نعم هي الديمقراطية تنهار أمام أعيننا، وأزمة الثقة أصبحت العنوان الأبرز للمرحلة. لا ديمقراطية بدون ثقة، ولا مؤسسات بدون مشروعية مجتمعية. الإصلاح الحقيقي يبدأ من إصلاح المنظومة الانتخابية، من إعادة النظر في قانون الأحزاب، ومن تفعيل مبدأ استقلالية السلط وتحديد واضح للأدوار والوظائف.

إنه زمن الحقيقة. إما أن نعيد للسياسة شرفها، أو نتركها تباع في المزاد العلني. وإما أن تعود السيادة للناخب، أو ان يبقى الوطن رهين مافيات انتخابية وحزبية، لا تسأل إلا عن مصالحها. اما ان يعلوا مصطلح احزاب الوطن او دولة الحزب حيث تذوب التعددية لصالح احزاب الهيمنة اي دولة الحزب.

تصبحون على ديموقراطية الفعل السياسي ، تصبحون على وطن حر، ينبعث من رماد الهيمنة .

غزلان حموش
عضو المكتب السياسي
للحزب المغربي الحر

Comments

Sorry Comments are closed

Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
    Breaking News