عبدالله الخراز…تيزنيت مدينة تبني ولا تفعل: حين يعود منطق “بني واخلي… ترك أو علي” مع مشروع الفضاء الثالث

في خضم احتجاجات التجار والفلاحين داخل السوق الأسبوعي “الخميس” بمدينة تيزنيت، يطفو إلى السطح سؤال جوهري: هل تحتاج المدينة فعلا إلى تشييد فضاء ثالث داخل فضاء الجملة، في وقت تتراكم فيه بنايات جاهزة ومهيأة منذ سنوات دون أن تفعل أو تستثمر؟

على مقربة من فضاء الجملة، ينتصب سوق السمك الجديد، مغلقا، بلا نشاط أو مستفيدين، وكأنه شاهد صامت على سوء ترتيب الأولويات. كيف يعقل أن تهمل بناية مكتملة وقابلة للاشتغال الفوري، بينما يقتطع جزء من فضاء حيوي لاحتضان مشروع جديد لم تتضح بعد جدواه أو ضرورته؟

الفضاء الذي كان يحتضن السوق الأسبوعي سابقا، وتحول لاحقا إلى المحطة الطرقية، أصبح اليوم مجرد بناية بلا وظيفة. موقع استراتيجي في قلب المدينة، كان بالإمكان تحويله إلى مشروع تجاري أو ثقافي أو اقتصادي فعال، لكنه ترك للإهمال.

لو أن المجلس الجماعي تبنى رؤية عميقة وجريئة، لكان هذا الفضاء قادرا على احتضان مشاريع كبرى دون المساس بمورد رزق التجار داخل فضاء الجملة. لكن يبدو أن منطق تشييد الجديد يطغى على التفكير في إعادة تأهيل القائم، وكأن القيمة تكمن في الحجر لا في الخدمة.

أليس من المفارقة أن يقام مشروع جديد في قلب نشاط اقتصادي حساس، بينما تهمل بنايات قائمة وجاهزة؟ عشرات التجار والفلاحين يعتمدون على فضاء الجملة كمصدر رزق يومي، والمكان ليس مجرد سوق، بل شريان اجتماعي واقتصادي.

تيزنيت لا تعاني من نقص في الفضاءات، بل من غياب في الرؤية والتدبير. فعدد من البنايات قائمة فعلا، لكنها بلا روح:
– مراكز سوسيو–ثقافية بلا برامج
– سوق السمك بلا نشاط
– المحطة الطرقية بلا وظيفة
– فضاءات عمومية خارج أي رؤية تنموية واضحة

المشكلة لا تكمن في “الفضاء الثالث” كفكرة، ، في مكان إنجازه، وغياب المقاربة التشاركية بشأنه. التجار يحتجون لأن المشروع يهدد مواقعهم ومداخيلهم، والساكنة تتساءل لأن الأولويات تبدو مقلوبة.

التنمية الحقيقية تبدأ من استثمار الموجود قبل بناء الجديد، ومن حماية أرزاق الناس قبل إطلاق مشاريع تجميلية، ومن الإنصات والتشاور قبل اتخاذ القرار.

قبل الحديث عن الفضاء الثالث، على صناع القرار في المدينة أن يجيبوا بوضوح:
– لماذا لا يزال سوق السمك مغلقا؟
– لماذا تركت المحطة الطرقية بلا وظيفة؟
– ولماذا تهمل هذه الفضاءات لصالح مشروع يقتطع من أرزاق مئات الأسر؟

إلى أن تأتي هذه الإجابات، سيظل مشروع الفضاء الثالث عنوانا جديدا لمنطق:“بني واخلي… ترك أو علي”