محمد إنفي:عن أوهام”خيرات”:”اللهم اجعل أَخِّرنا أحسن من أَوَّلنا”

الوطن الأن25 يناير 2015آخر تحديث :
محمد إنفي:عن أوهام”خيرات”:”اللهم اجعل أَخِّرنا أحسن من أَوَّلنا”

لا يعتقدنَّ أحد أني أقصد، بهذا الدعاء، المآل المادي والاجتماعي بعد نهاية الخدمة؛ وإن كان هذا الجانب له أهمية كبيرة؛ فلا أحد يكره أن يحسن وضعه المادي والاجتماعي. ويمكن القول بأن الإنسان يعيش طيلة حياته يعمل من أجل ذلك، ما دام قادرا على العمل؛ وقد يصبح عبدا لهذا الهدف. ويبدو أن هذا هو حال “عبد الهادي خيرات” الذي عميِّت بصيرته إلى درجة دخوله معركة خاسرة (أخلاقيا وسياسيا ومنطقيا وقانونيا، مرغت، في التراب، تاريخه النضالي ووضعه الاعتباري داخل الاتحاد الاشتراكي، حيث أسقطت عن وجهه القناع وأسقطت “القيادي البارز” في عيون المناضلين، كما عبر عن ذلك الأخ “حميد العكباني” في مقال بعنوان “أسقطت نفسك في عيني ياخيرات”)  بغية الحفاظ على ريع حزبي، قررت القيادة الحالية للاتحاد وضع حد له.     

الدعاء الذي وضعناه عنوانا لهذه السطور، يمكن أن نعوضه بدعاء آخر له نفس المعنى: “اللهم ارزقنا حسن الخاتمة”؛ وحسن الخاتمة، هنا، لا أقصد به سوى النجاح في الحفاظ على الرصيد النضالي والأخلاقي والإنساني… الذي يراكمه المرء خلال مراحل ما قبل التوقف عن نشاط ما؛ وليكن هذا النشاط سياسيا أو نقابيا أو جمعويا أو صحافيا أو تدبيريا… أو هذا كله معا. لهذا، يقال في لغتنا العامية: “الله يْخرَّجْ سربيسنا على خير”. ولنا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أمثلة مشرقة عن نكران الذات والتواضع وتقديم مصلحة الحزب والوطن على المصلحة الشخصية. كما لنا، أيضا، أمثلة عن بعض المرضى بحب الذات الذين يعتقدون بأن العالم لن يسير بدونهم. ولحسن الحظ أنهم قلة وينكشفون كلما شعر أحدهم بتهديد مصالحه الشخصية، فينقلبون إلى أدوات تدميرية دون أي اعتبار لما يتسببون فيه من أضرار لأنفسهم ولحزبهم معا؛ بحيث يعطون الفرصة للصحافة المأجورة والأقلام المكسورة لنفث سمومها ضد الحزب، تارة بذرف دموع التماسيح على وضعه وتاريخه ووو؛ وتارة بالنهش في لحم قادته وأطره؛ كما يقدمون، بذلك أيضا، خدمة كبيرة، بالمجان فيما نعتقد، لخصوم الحزب السياسيين وأعدائه. وما أكثرهم !!! 

وبما أن  قيمة الإنسان لا تكمن فيما يملك من عقارات أو أرصدة بنكية؛ ولا تكمن  في الوظيفة التي شغلها أو يشغلها أو في المنزل الذي يسكنه أو السيارة التي يركبها…بل في أشياء أخرى قد يكون الجانب المادي مساعدا لها- لكنه ليس هو الأساس-، فإن دعائنا أعلاه لا نقصد به إلا الأشياء المعنوية؛ ومن بينها: الأمانة والصدق والمصداقية والتواضع والحِلم والكرم والإيثار وحب الخير للناس، وغير ذلك من القيم النبيلة التي يجبل عليها البعض وتغيب عند البعض الآخر، بغض النظر عن الوضع المادي والاجتماعي لهذا وذاك.

فقد يحدث أن تجد في عون بوزارة ما(مرتب في أسف السلم الإداري) من الخصال الحميدة ومن القيم النبيلة الشيء الكثير مما يعدمه الوزير الذي يستعين بخدمات هذا العون (ولن يعدم القارئ أمثلة على ذلك). وقد تجد نفس المفارقة بين طبيب ومساعده (أو مساعدته) أو محام وكاتبه (أو كاتبته)؛ وقس على ذلك.

 ما دفعنا إلى الاحتماء بالدعاء أعلاه، هو المستوى المخجل الذي ظهر به القيادي الاتحادي”عبد الهادي خيرات” أمام الرأي العام الحزبي والوطني، جاعلا بذلك نفسه في وضع لا يحسد عليه؛ وذلك إثر شروع المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في اتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ قرار اللجنة الإدارية الوطنية، المتعلق باستعادة الممتلكات الحزبية؛ ومن بينها المؤسسة الإعلامية الاتحادية.

لقد اتضح – من خلال ردود الأفعال التي تم الإقدام عليها، سواء على شكل حوارات هنا وهناك أو قرارات، عفوا حماقات، وصلت إلى حد توقيف جريدتي الحزب عن الصدور (وهي سابقة من نوعها) –  أن “خيرات” قد فقد صوابه وأصبح يخبط خبط عشواء ويهذي كمن اشتدت به الحمى أو طفح به السكر أو عصفت به الصدمة …وأعتقد أن حواره الأخير(الجمعة 23 يناير 2015) مع صحيفة “تلفيق بوعشرين” خير دليل على ما يعيش فيه من أوهام  وما استبد به من غرور وجهالة… 

ولو لم يكن الأمر مرتبطا بالابتزاز وبالشروع في جريمة “السرقة الموصوفة” والدفاع الأعمى عن الريع الحزبي، ضدا على المصلحة العليا للحزب، لرثيت لحاله (كما سبق وأن فعلت مع “محمد بوبكري” الذي لم تعد تراهاته وسفاسيفه وسخافاته تستهوي إلا مرضى النفوس ومحبي الضحالة) وكفى.

لكنه بعد أن فعل ما فعل، لم أجد أبلغ من هذا الدعاء (“اللهم اجعل أخرنا أحسن من أولنا”) لوصف حالته النفسية ووضعه الحالي داخل الحزب ألذي بوئه مكانة غير أهل لها. لقد قدم لنا الدليل تلو الدليل بأنه لا يستحقها؛ إذ أبان عن أنانية مفرطة وعن انتهازية مقرفة وعن جهل  بين بالقانون…الشيء الذي أسقطه في عيون المناضلات والمناضلين…(فاللهم لا شماتة !).  

لقد جعله الريع يفقد أجمل ما في الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بتحميله مسؤولية الأمانة. لقد وصل به الجشع والطمع إلى مستوى خيانة الأمانة؛ إذ ليس لمحاولته الوقحة، المتمثلة في السطو على الإعلام الاتحادي، من معنى آخر غير ذلك.  وقد صدقت الأخت “رشيدة بنمسعود” – التي تعرف “خيرات” جيداـ حين قالت بأن “خيرات” عاش طيلة حياته مستفيدا من الريع. لذلك، فهي لم تستغرب، ربما، من موقفه الذي نحن بصدده. وأتصور أنها لم تفكر أو لم تتمكن من فعل شيء لفضح انتهازيته قبل اندلاع فضيحة محاولة الاستيلاء على جريدتي الحزب، لكونه استطاع أن يصنع لنفسه هالة خدعتنا جميعا، قيادة وقواعد؛ بل انخدع فيه حتى القائد الاتحادي الكبير، الفقيد “عبد الرحيم بوعبيد” الذي قربه إليه ووضع فيه ثقته وجعل منه الفتى الاتحادي المدلل.

وحتى لا يعتقدن أحد بأني أستل خنجري من غمده بعد أن سقطت “البقرة”(“طاحت البـﮜرة”) وتمت تنحية “خيرات” عن إدارة الجريدتين الحزبيتين (كما سيفعل بعض الجبناء الذين هم الآن في صف خيرات)، أشير إلى أنني كتبت مقالين خاصين به بعد أن أطلق العنان للسانه السليط للنيل من المؤسسات الحزبية، في محاولة منه لإبقاء الوضع على ما هو عليه ليظل مستفيدا منه ريعيا؛ ناهيك عن مقال عن الريع الحزبي والنقابي والجمعوي وآخر عن  الفرق بين المناضل والانتهازي، وهلم جرا.

 ويبقى السؤال، بعد أن فشلت البلطجة والعجرفة والمزايدات والمساومات والتعالي والغرور…، هل إلى هذا الحد يمكن أن يتغابى الإنسان ويفقد الإدراك والتمييز بين ما هو جائز وما هو غير جائز؟ هل إلى هذا الحد يمكن للأنانية أن تدفع بالمرء إلى أن يخسر نفسه ولا يبالي؟… فاللهم إنا نسألك حسن الخاتمة !!! وأقصد هنا الخاتمة الحقيقية وليس خاتمة أصحاب الريع المنكشفين.    

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة