وهو مبلغ كبير تتكبد ميزانية مدينة حضرية لا تعاني من إشكال الماء الصالح للشرب، وقضية مصاريف السقايات في البيضاء ما هي إلا الشجرة التي تخفي غابة التخبط في التسيير.
وحسب أرقام تتعلق بمداخيل العاصمة الاقتصادية ومصاريفها، فإن أول ملاحظة تثير الانتباه هي أن لا فرق كبير بين المصاريف والمداخيل، ففي سنة 2012 جنت البيضاء ما مجموعه 2 مليار و700 مليون درهم، في حين صرفت 2 مليار و500 مليون درهم.
ولا ترتقي هذه المصاريف إلى إرضاء ولو نصف الساكنة، المتخبطة بين الازدحام وارتفاع نسبة التلوث وصعوبة العثور على سكن، ناهيك عن الافتقار إلى المساحات الخضراء ومشاكل البطالة والعنف المحكوم بالهاجس الامني.
وحركت الغضبة الملكية على مسيري وأسلوب الحكامة في “كازابلانكا” الكثير من المياه الراكدة في المدينة الغول، فبين من يربط غضبة الملك محمد السادس من الوضعية التي آلت إليها البيضاء، بمشروع القطب المالي لبيضاء، على اعتبار دراسة قدمها القيمون على مشروع “كازا فينانس سيتي”، أظهرت اختلالات كبيرة، وهو ما دفع بالملك إلى أن يخلص إلى أن البيضاء لا يمكنها أن تتحول إلى قطب مالي ما دامت تعاني من مشاكل في الحكامة، وذلك رغم غناها المالي وتعدد مواردها.
مصادر ، قالت إن افتحاصا أشرف عليه خبراء من سنغافورة قدموا خصيصا إلى البيضاء، لإنجاز دراسة جدوى لمشروع القطب المالي للبيضاء، غير أن خلاصاتهم كانت صادمة وسوداوية، خاصة فيما يتعلق بمعدل الجريمة وتفشي الرشوة في الإدارات العمومية، ناهيك عن المستويات المرتفعة للتلوث وانتشار الريع الاقتصادي، وتدني جودة التعليم، وانتشار الفوارق الاجتماعية، بين غنى فاحش وفقر مدقع، وهي الخلاصات التي رفعها سعد الإبراهيمي إلى الملك.
فيما لم تستبعد مصادر أخرى أن يكون مشروع “كازا فينانس سيتي” القشة التي قصمت ظهر البعير، وأن تقارير من وزارة الداخلية وتحديدا ولاية الدارالبيضاء الكبرى، هي من كشفت عن ثغرات فاضحة في تسيير ميزانية المدينة المليونية أظهرت أن موارد المدينة غير مستغلة بالشكل الجيد.
فمثلا تراجعت حصة مجلس المدينة من منتوج الضريبة على القيمة المضافة بـ 41.93 في المائة مقارنة مع 2011، أي من 605 مليون درهم سنة 2011، اندحرت إلى 351 مليون درهم سنة 2012.
ومن بين الأرقام الصادمة مثلا، وهي أن البيضاء تصرف سنويا ما قيمته 32 مليون درهم و700 ألف درهم كمساعدات اجتماعية للساكنة سنة 2012، أما المساعدات الرياضية والاستجمام فكبدت ميزانية المدينة 15 مليون درهم.
ويسيطر الغضب الملكي على مسيري الدارالبيضاء على كل نقاشات البيضاويين، المجمعين على أن مدينتهم ضحية تسيير بالدرجة الأولى، وأن غناها المالي هو سبب محنتها وتكالب الانتهازيين على نهبه.
ويعيش البيضاويون حالة ترقب كبير، ممزوج بانتشاء لأن ملك البلاد خصص لها في خطابه عند افتتاح البرلمان نصيب الأسد، وهو ما يرى فيه كثير من البيضاويين بارقة أمل لتوضع “كازا” على سكة المتروبولات العالمية الكبيرة.
ويتناقل البيضاويون أن الملك محمد السادس سيقوم بزيارة مرتقبة للبيضاء، بعد عودته من زيارة خارج أرض الوطن، ستكون مؤشرا على كثير من التغييرات، يمكن أن تحدث زلازل كبيرة في نسيج تسيير المدينة الغول.
عذراً التعليقات مغلقة