امام الوضع الخطير الذي تعيشه أغلب جماعات ، دوائر وأقاليم جهة سوس ماسة، نتيجة الحصار المفروض على الساكنة من طرف مافيات الرعي الجائر ، واستغلال الحجر الصحي للاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم ، وبعد ان وضعت جمعيات مدنية شكايات لدى وكيل الملك بتزنيت ضد الرعاة الرحل المعتدين وورود اخبار تتحدث عن استعدادات جارية ، على قدم وساق ، لرفع دعوى قضائية في مواجهة المديرية الاقليمية للفلاحة بتزنيت بسبب إخلالها بالتزاماتاتها وخرقها للاتفاقات ومسؤوليتها الثابتة في هذه التطورات ، نتيجة اخفاقها في تدبير برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال بالمنطقة ووقوفها وراء تعثر مشاريع فلاحية وهمية ، من بينها مشروع محمية بهضبة «آداداس» ، بجماعة تاسريرت بإقليم تزنيت ، الذي أضحى بؤرة تستقطب جحافل الرحل والآلاف من قطعانهم ليعيثوا فسادا وخرابا في الأراضي الفلاحية للسكان المستقرين.. ،
امام كل هذا ، ارتأينا الوقوف عند بعض المحطات التاريخية الاساسية ، والتي كانت في نظرنا الخلفيات الحقيقية لما يجري الآن ، لعلها تذكرنا بأصل البلاء ، وتميط اللثام عن المسؤولين الحقيقيين على مآسي ساكنة سوس- ماسة :
*-البداية كانت مع تبني ما سمي ببرنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال بجهة سوس ماسة ، من طرف وزارة الفلاحة ، بدعم من دولة قطر وتدشين محاولات تنزيله يإقليم تزنيت .
– ففي نهاية سنة 2013 ، سيتم وضع مشروع القانون المتعلق بالترحال وتهيئة و تدبير المجالات الرعوية و المراعي الغابوية لدى الأمانة العامة للحكومة ،
في سرية تامة ، سيقضي هذا المشروع حوالي سنتين بين الدواليب والدهاليز الحكومية، ولن تتم إحالته على المؤسسة التشريعية إلا بتاريخ 28 غشت 2015 -*- خارج أية مقاربة تشاركية ، لا مع المعنيين من مجتمع مدني ولا مع ممثلي الساكنة ولا حتى السلطات المحلية المعنية بالبرنامج ، ودون إخضاعه لرأي المؤسسات المعنية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، سيصدر بالجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ : 19 ماي 2016 ،
* أما المراسيم التنظيمية الخاصة بتنفيذ القانون فلن يتم إصدارها إلا نهاية سنة 2018…،
– وفي مفارقة قانونية خطيرة سيبدأ الشروع في إحداث محميات حتى قبل صدور القانون المنظم للمجالات الرعوية والمراسيم التنظيمية المحددة لكيفية تنزيلها ،
* هكذا ، وفي تحد صارخ لمطالب الساكنة ولاحتجاجات الشارع السوسي ، ستتجنذ مصالح وزارة الفلاحة والتنظيمات الموازية ،في تهافت مفضوح ، لإنزال القانون باستعمال كل الأساليب بما فيها تجنيد ممثلي الساكنة والسلطات المحلية وأتباع الحزب المسيطر على الفلاحة والمياه والغابات ، الشيئ الذي خلق مواجهة مكشوفة مع السكان الأصليين المتضررين من الرعي الجائر وتبعاته وشجع على تدفق الرحل على المنطقة…،
* أمام هذه التطورات المتسارعة ، ومع تصاعد اعتداءات الرحل ، في ظل تقاعس السلطة المحلية ، وتغييب مقتضيات القانون الجنائي ، سيلجؤون إلى الخبط خبط عشواء وابتداع هيئات من قبيل اللجن الجهوية والاقليمية للمراعي ،التي لازال البعض ،مع الاسف ، يتعامل معها متناسيا موقفها المشؤوم في اجتماع تزنيت ، حين اكدت دعمها للرحل المعتدين وفتحها ابواب الاقليم لتوغلاتهم بشكل يتعارض حتى مع القوانين الجاري بها العمل ويضرب عرض الحائط مصالح ملاك الأراضي ،الفلاحين والكسابة المستقرين….،
* اما قمة النفاق فإنها تتجلى حين ادعوا ان ضرورة القانون فرضتها الرغبة في وضع قانون وطني جديد وتغيير ظهير 10/10/2017 بخصوص العقوبات الزجرية ضد الرعي الجائر ..؟؟!!
* ورغم تشدقهم ان هذا القانون « وطني» ووضع لمعالجة الرعي الجائر على مستوى كل ربوع المملكة ، فإن تزامن وضع القانون 113/13 مع إبرام الاتفاقية المغربية القطرية المتعلقة ببرنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال بجهة سوس ماسة ، كما أن المطلع على مواده سيكتشف ، بما لا يدع مجالا للشك ، أنه وضع لمنطقة سوس تحديدا ….فالمواد الخاصة بالمجالات الرعوية المستهدفة ، وشجر الاركان…وعدم الإشارة إلى نوعية محددة من الأراضي التي لا توجد بمنطقة سوس تؤكد نواياهم..،
كما أن فتح الباب لآلاف القطعان والمئات من الإبل وجحافل الرعاة الرحل …لتكتسح منطقة سوس ،دون باقي الجهات ، بالموازاة مع التحركات الموجهة والمشبوهة لممثلي المياه والغابات بالمنطقة ، بمباركة السلطات الإقليمية والجماعاتية لدليل ساطع على حقيقة السياسة المتبعة والجهات المستهدفة……،
إنها ، بكل اختصار ، ودون لف ولا دوران ، ساكنة سوس المستقرة التي وضعت، وفي ظرف حرج يتعذر فيه الخروج للاحتجاج ، امام ابتزاز دنيئ ، إما قبول القانون 113/13 أو الاستمرار في معاناة اعتداءات الرحل على الممتلكات والأرواح بدون حسيب ولا رقيب… .
بقلم: آمصري عبدالقادر ، من أبناء تاسريرت
عذراً التعليقات مغلقة