حول الغاء موسم / لمعروف ن إيسمكان، تطفو على السطح لغة تستحق الوقوف عندها مليا… يأتي بيان العائلة محملا بشحنة أورستوقراطية استعلائية تحكمية، تتوشح بنوع من الحنين إلى زمن سيدي هاشم ونجله سيدي الحسين، فيما يقابله إعلان تأجيل المهرجان بلغة انكسار يحمل توقيع جمعية إسمكان مصحح الإمضاء من السلطات!!
هذه النصوص والبلاغات وحدها تشكل وثيقة تكشف عن طبقات عميقة من الذاكرة المتشابكة مع السلطة، وتستحق القراءة من زوايا تاريخية وانثروبولوجية وحقوقية.. واتمنى ان يخرج جنرلات الأعراس و المهرجانات من سباتهم الشتوي ( جامعيين وسدنة المراكز الثقافية بسوس الملحقة بكراتيل أخنوش الجمعوي )للتحليل التاريخي والانتربولوجي، ويكفوا عن الحديث فقط في مهرجانات الصيف والريع..
يدعي البيان ان التراث مملوك لعائلة محددة، والحق ان التراث ملك مشترك للجميع… “اسمكان” تراث وطني ينتشر عبر ربوع المغرب، يبدع في فرجته وطقوسه المغاربة بغض النظر عن اصولهم…لمعروف ن “اسمكان” ينظم في مناطق شتى، باداوكران واداومحند باشتوكن، وبتماعيت بامسكين، وبازرو على ضفة واد سوس، وبالمزار والتمسية واحاحان… واذا كانت عائلة ما قد اسهمت في احتضان هذا الطقس في منطقة من المناطق، فهذا لا يحوله إلى ملكية خاصة. فالاصل التاريخي الذي يستند اليه البيان يتناسى حقيقة ان الطقوس تتغير وظائفها بتغير الشروط التاريخية، فرقصة “تاسكيوين” مثلا، التي ارتبطت بوظيفة حربية، لم تعد تقتصر على هذا المعنى.
ويصل التناقض في بيان العائلة إلى حد اعتبار حدث الاحتفاء والتكريم سابقة اجتماعية تؤرخ للطقس، كأن التاريخ يبدأ مع هذا التكريم، متناسيا ان الطقس اقدم من اي مناسبة احتفالية في منطقة معينة.. كما ان القول بارتباطه “تاريخيا واسميا” بعائلة من العوائل يتناقض مع اعتراف البيان نفسه بانه جزء من “الذاكرة الجماعية للمنطقة”. بل ان الادعاء بكون العائلة “الوريث الشرعي الوحيد للذاكرة الاصلية” يطرح أسئلة جوهرية عن مدى معقولية احتكار الذاكرة، وعن صلاحية تطبيق قوانين ارث الماديات على ارث المعنى والرمز.
هذا الخلاف يدفعنا إلى التساؤل: هل “إيليغ” تراث وطني يخص كل المغاربة، أم هي سردية أحادية تروج لسلطة سابقة؟ كان من المأمول، خلال الفعاليات الاكاديمية المصاحبة للمهرجان، ان يفتح نقاش جاد حول محور اساسي غيب، علاقة العبودية بالسلطة.. كان بالامكان تقديم قراءة في عمل مهم مثل كتاب “جند وخدم وسراري: الرق في المغرب” للباحث محمد الناجي، الذي يسلط الضوء على ما اسماه “خرافة معاملة العبيد بالحسنى”. اغفال هذا الحقل من البحث يترك فراغا في فهم التركيبة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي قامت عليها سلطة ابو دميعة وخلفائه.
الاشكل هو ذاك الحنين الخفي الذي يتنفس بين سطور بيان المنع، حنين إلى مرحلة يبدو انها لم تنقرض من الوعي الجمعي للبعض. وهذا ما يجعل لغة البيان تستبطن منطق وصاية يذكر بعلاقات الهيمنة القديمة، كأن الذاكرة تدار من “مالك” لا من مجتمع حي.. إن تحويل هذا الطقس الرمزي، الذي صنف من قبل اليونسكو عام 2019 كإراث انساني غير مادي ملك للشعوب، إلى أداة منع ووصاية، هو تشويه لمعناه وضرب لوظيفته الثقافية والروحية. ولا يحق لاي كان ان يحتكر التراث او يحتكر معناه، فالتاويل وتعددية المعنى من صميم الحيوية الثقافية لاي طقس.
اذا كان المكان الذي يقام فيه الطقس يزعج البعض، فلتذكر العائلة ان ارض اليغ اوسع من اي ملكية ضيقة، فهي فضاء مفتوح يفيض رمزية وتاريخا وذاكرة جماعية…
الخلاصة هي أن إليغ ليست ذاكرة عائلية فحسب، بل هي جزء من نسيج تاريخي مغربي معقد.. المطلوب هو مقاربة نقدية تضع العلاقة بين العبودية والسلطة في مركز التحليل، وتعترف بالتراث كملك جماعي للشعوب، وتحرر التاريخ من سجن الأسطرة والاستغلال.. فلنقرأ تاريخنا بعيون ناقدة، ولنحفظ تراثنا كارث انساني للجميع، ولنرفض اي محاولة لاختزاله او احتكار معناه، لأن التراث يمارس بالانتماء لا بالإذن كورد طريقة صوفية..
هذا ماكان والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون ولايعقلون
ملاحظة: اتقاسم هذه الوثائق..كما قلت سابقا، هي مادة تغري بالاشتغال عليها تاريخيا و أنثربولوجيا وثقافيا وحقوقيا واعلاميا!

















Sorry Comments are closed