محمد إنفي:ما سر هذا الإهمال الذي طال مستشفى “بن صميم”؟

الوطن الأن26 ديسمبر 2014آخر تحديث :
محمد إنفي:ما سر هذا الإهمال الذي طال مستشفى “بن صميم”؟

يؤسفني، السيد الوزير والسادة المسئولين عن الشأن العام في هذه البلاد، أن أعبر لكم (كمواطن يؤلمه ما يراه من مظاهر التردي؛ لكنه يُسرُّ بنقط الضوء التي يراها في بلاده) عن امتعاضي وغيظي مما رأته عيني من مظاهر الإهدار لثروة مادية ومعنوية هائلة، يمثلها مستشفى الأمراض الصدرية بقرية “بن صميم”، قرب مدينة آزرو بإقليم يفرن.

لقد قادتني الصدفة إلى اكتشاف ما يمكن أن نطلق عليه “جريمة” في حق هذا الوطن؛ وهي جريمة متعددة الأوجه والأبعاد: إنها جريمة في حق التاريخ والجغرافيا؛ وفي حق الثقافة والاقتصاد والمعمار؛ وفي حق الطبيعة وحق كل الناس المحتاجين للخدمات التي كان يقدمها هذا المستشفى.

لم تكن في نيتي زيارة هذه المعلمة الفريدة؛ بل كنت قاصدا منبع عين “بن صميم”. لكن، ككل زائر لهذه العين، استوقفتني البناية الشامخة المنتصبة وسط جبال الأطلس المتوسط والمتمثلة في مركب معماري رائع، تمر، بالضرورة، من أمامه وأنت متوجه إلى عين “بن صميم” المشهورة.

لا أعتقد أن هناك إنسانا يرى الإهمال الذي تعرض له مستشفى “بن صميم”، دون أن يشعر بالحزن والأسى ودون أن يستبد به الغضب والغيظ على هذا المصير الذي لاقاه أشهر مستشفى للأمراض الصدرية بالمغرب، وربما  بأفريقيا.

ثم، لا أعتقد أن هناك مسؤولا لا يعلم بوجود هذا المستشفى؛ لكن لا أحد يريد أن يهَّب لإنقاذ هذه المعلمة التاريخية والإنسانية من هذا الإعدام الإرادي لأسباب نجهلها.

ونحن إذ نتوجه إليكم، أيها السادة، من خلال هذه الرسالة المفتوحة، نتغيا الأهداف التالية :

  • إثارة الانتباه (وقد سبقني إلى هذا العديد من الغيورين على ثروة هذه البلاد المادية والمعنوية) إلى ما يمثله مستشفى “بن صميم” من إرث تاريخي وحضاري؛ وبالتالي من ثروة لا مادية هائلة. فبناؤه يعود إلى نهاية الأربعينيات من القرن الماضي. ويحكى أن نشأته أتت بناء على طلب تقدم به مواطن فرنسي إلى سلطات بلاده التي كانت تستعمر المغرب. وقد أوضح من خلال هذا الطلب أن المكان ملائم جدا لمعاجلة الأمراض الصدرية، لكون هذا المواطن الفرنسي كان يعاني من مرض السل وتعافى منه لمجرد الإقامة لبعض الوقت في المنطقة المعنية.   
  • تسجيل، حسب المظهر الخارجي للمركب الاستشفائي، سهولة ترميمه لإعادة استغلاله رغم أنه مقفل منذ السبعينيات من القرن الماضي. إنه يقف شامخا، صامدا، وشاهدا، من جهة، على مناعته وقوته…؛ ومن جهة أخرى، على خطورة الجريمة المقترفة في حقه من قبل من كانوا وراء إغلاقه.
  • مطالبة كل الجهات المعنية، كل من موقعه وحسب درجة مسئوليته، بالقيام بما يتعين من أجل إعادة تأهيله خدمة لمصلحة الوطن والمواطنين. وإذا تعذر إعادة تشغيله في المجال الذي أنشئ من أجله، فاليتم تحويله إلى خدمات أخرى تعود بالنفع على المنطقة وعلى الجهة وعلى الوطن كله. إنه من العيب ومن الإجرام أن يتم إهدار الثروات المادية والمعنوية التي تزخر بها بلادنا؛ ولا ناهي ولا منتهي !!

     أملي كبير، السيد وزير الصحة المحترم، في أن تبذلوا المجهود المطلوب من أجل إعادة تأهيل هذا الصرح الصحي الذي سيقدم، ولا شك، خدمات جلا ليس لأهل المنطقة فقط، بل للجهة، وربما للوطن كله.

فمهما كانت ميزانية إعادة تأهيله، فلن تمثل إلا جزء يسيرا مما يتطلبه بناء مستشفى جديد من حجم المستشفى الذي نتحدث عنه. ولن تجدوا مكانا يساعد المريض على الشفاء أفضل من هذا الذي يوجد به مستشفى “بن صميم”.

أتمنى أن لا يخيب ظني. وتفضلوا، سيدي، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.

                                                      مكناس في 24 دجنبر 2014

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة