بسم الله الرحمن الرحيم . سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر وصلى الله على سيدنا محمد
الرسالة 42 الجزء 2:
من مظاهر ظلم قوانين حكومة الإسلاميين. ويليها إهداء فيه شريعة وسياسة وعاطفة وتنظير واستبصار.
ألا وإن من روائع وجلائل مثل وقيم ديننا الحنيف العظيم ان اعتبر المسلمين كلهم جميعا من ادنى الارض الى أقصاها كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو واحد تداعى له سائر الأعضاء والجوارح والغرائز والاحاسيس بالحمى والسهر والحزن والهم والوجع والوجل والفزع والضجر تضامنا وتناصرا ومواساة . ويقاس على ذلك كل الحالات التي يحتمل أن يمر بها الانسان في أي لحظة من لحظات حياته وهي التي لا تخرج بحال عن إطار رباعي مزدوج الاضلع ومضادها ومؤداه أن يكون إما في طاعة الله ورضاه وإيمان به أو في معصية له وسخط منه وكفر به عياذا بالله :
هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مومن . وإما أيضا في نعمة وخير أو في بلاء وشر : كل نفس ذائقة الموت ( والصيغة كلية موجبة ) ونبلوكم بالشر والخير فتنة و الينا ترجعون. ومن جنسها ايضا: و جعلنا بعضكم لبعض فتنة، اتصبرون : والاستفهام هنا قد يراد به الامر ، أي فاصبروا. والله أعلى وأحكم وأعلم بمراده . وما علينا اذن امام هذه المعادلة و بصفة عامة و شمولية و دائمة الا ان يجدنا الله عز وجل حيث امرنا و يفتقدنا حيث نهانا. و اذاك نفوز و نسعد و نغنم غنيمة باردة فضلا من الله و نعمة.
ذلك وأن المسلم الحق الصادق هو الذي يفرح بفرح أخيه ويحزن لحزنه وينصره ان ظلم وينصحه ويعاتبه ويردعه بالحسنى ان ظلم ، ويغبطه في النعماء ولا يحسده ويواسيه في الضراء وحين البأس ولا يتشمت به ولا يتشفى . وذروة ذلك وملاكه أن يحب له ما يحبه لنفسه أو خيرا من ذلك فيكون حقا مومنا كامل الإيمان بإذن الله عز وجل وفضله وامتنانه . ورحم الله الصديق أبا بكر حين قال : أربع من كن فيه كان من خيار الناس : من فرح بالتائب واستغفر للمذنب وأعان المحسن ودعا المدبر . وأضيف من عندي الخامسة ومؤداها من أبغض في الله شرطا، حزب العدالة والتنمية المخضرم المرجعية المزدوج الوجه ، مرة اسلامي وأخرى ديمقراطي . والحقيقة أنه لم يعد لا هذا ولا ذاك إلا أنه هو للديمقراطية أقرب منه للإسلام فجاز إذن أن نسميه اصطلاحا اسلامقراطيا او إن شئتم نعتبره ديمقراطيا ولكن بقلب القاف هاء مضمومة والطاء همزا . ولولا حيائي ومروءتي – ديميك نتمقرضا لعار – لاستبدلت الهاء خاء فيكون المعنى أبلغ وربما أعدل وأنصف ، ولكن حاشا معاذ الله .
ألا وإنه لمن البداهة المعلومة من الدين بالضرورة الملحة ان التوحيد والاعتصام بحبل الله هو حقيقة الاسلام الذي لا يعضى ولا يقبل التجزئ والتقسيم بل هو جسم واحد كالشمس يشمل نوره ( وناره أيضا ) جميع مناحي الحياة ومناطاتها بلا استثناء وعلى جميع الاصعد ضدا على أهواء ونقيضا لغايات المعرضين الناقمين الذين سولت لهم أنفسهم واستوحت لهم شياطينهم من الجن والإنس وزينت لهم وزخرفت ، غرورا واستخفافا بعض الأفكار المبتدعة الضالة المعطوبة السقيمة المعوجة الرائجة في أوساط ومخيلات من لا دين له ولا مروءة ولا عقل ولا نخوة ولا ذوق ولا حتى ادنى وعي ودراية بوظيفة الإنسان السامية الراقية النبلى في هذه الحياة ألا وهي تحقيق العبودية التامة المطلقة لله وحده عز وجل حصرا وقصرا غاية وتعليلا على وفق قوله تبارك اسمه وتعالى جده : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
من بين تلك الأفكار السخيفة الى درجة البله والاستحماق الذي أعيى من يداويه فكرة فصل الدين عن السياسة أو السياسة عن الدين . وبالله عليكم ماذا يبقى منه بعد ذلك علما أن جميع الأنبياء والرسل ، حملة دين الله والأمناء الفطناء الأقوياء عليه ، إنما بعثوا ، وكأنهم في موكب مترابط متسلسل عبر التاريخ ، ليسوسوا اقوامهم بهذا الدين الموحى إليهم من لدن رب العالمين والأكوان وهو القائل : شرع لكم ( أيها المسلمون خاصة وأيها الناس عامة كأمتي دعوة وإجابة ) من الدين ما وصى به نوحا ( جد الأنبياء ) والذي أوحينا اليك ( يا خاتم النبيين) وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. ويفهم من الآية الجليلة أن النهي الرادع الصريح التي ختمت به إنما عني التفرقة في سياج الدين وحضنه على مستوى الفهم والرأي وارتاع الأهواء على شاكلة حالقة الحوالق وطامة الطامات وهي قضية السنة والشيعة وما دونها وما فوق من الطرائق القدد المتناحرة المعروفة فيما مضى بما يسمى علم الكلام . وهو في حقيقة الأمر ليس علما وإنما جهل وسفسطة وضلال و مثار الشكوك و الاوهام التي لا طائلة منها ولا فائدة تذكر. ويقاس على تلك الفرق الضالة المضلة (وهنا محل الشاهد ومكمن الظلم) هذه التحزبات والتكتلات والتحالفات المذهبية والعرقية والسياسية التي إنما هي مكرسة ومشرعة ومحمية و مؤسسة تأسيسا محكما وماكرا بمكر الليل والنهار على منهاج وهوى تلك القوانين الوضعية الأرضية المضاهية لشرع السماء وهذا هو رابع أكابر مظاهر ظلمها المزكى والمبارك من حكومة الإسلاميين المهلهلين بل المجثثين هوية ومبدءا. الى درجة أنه لم يبق لهؤلاء المستأجرين لمن اشتراهم من التبعية والاقتداء والامتثال للغرب الديمقراطي إلا ان يولوا وجوههم في الصلاة شطر واشنطن أو روما أو لندن (ضعف الطالب و المطلوب و خسر البائع و المشتري). فاللهم سلم سلم … فبعد كل الذي حصل وما برح يحصل لم يعد يؤمن على المسلمين أن يكونوا فتنة للظالمين والكافرين حتى فيما كان يعتبر من قبل ضربا من الأساطير والمستحيلات، ضدا على مقتضى الاية الوعيدية العتابية الموجهة مباشرة الى نبي الهدى المستقيم صلى الله عليه و سلم: و ان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره، و اذن لاتخذوك خليلا، و لولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا، اذن لاذقناك ضعف الحياة و ضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا.
من منظور آخر فإن الأنكى والأنكر هو تفريق الدين ككتلة متماسكة متراصة البناء والتركيب ، وتبعيضه على منوال أفاعيل المستهزئين المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين أي مجزءا مكفورا ببعضه ومؤامنا ببعض ( ان صح التعبير وجاز ) وبالتالي فهذا هو عين الجهالة والسفاهة والتيهان بل هو عين الكفر وحقه بدليل مرسوم الآية الكريمة الفاصلة : … ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نومن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا . والضمير المنفصل “هم” بعد ” أولئك ” يفيد الحصر والقصر المقوى بلفظ ” حقا ” ، بمعنى أنه ليس بعد كفرهم ولا فوقه كفر . فتأمل ترشد واعلم أن الكلام كلام الله العليم الحكيم الخبير بمن خلق فسوى وقدر فهدى ، في حق المنافقين المدبدبين ذوي الدأب دأب أهل المصالح النفعية الشخصية الأنانية المغرضة . ويقابلهم رجال المبادئ الأوفياء لها والذين بقدر ثباتهم وعضهم بالنواجد عليها يعزوا ويشرفوا ويسودوا ويمكن لهم ولو بعد حين . أما اذا هم تخلوا عنها وانخذلوا واخلدوا الى الارض وارتكسوا زالت فزالوا بزوالها من غير رجعة .
ذهب الحمار بام عمر فلا هي رجعت و لا رجع الحمار.
كلشي ادا- لا ايياون لا افراون- الالا حادا. و هذا هو لا محالة مصير حزب حكومتنا الغريبة العجيبة المضحكة المبكية التي لا هي اسلامية في ظاهر و باطن امرها فتنال حظها من خير دين ربها في الدنيا و الاخرة و لا هي ديمقراطية كما في اول المقالة فتستفيد من ديمقراطيتها في الدنيا الفانية كما استفاد منها، بشكل ملحوظ و مهول، صانعوها و راودها و على راسهم ما يسمى بالحلف الاطلسي (و الضد في العدالة و الخير و الاخلاق و الانسانية حلف الفضول و لو ابرم في الجاهلية الاولى) بزعامة امريكا المذللة لبني صهيون الذين ما اجتمعوا في ارض فلسطين الحبيبة الغصيبة الا للهلاك الذي يفرون منه و فاتهم انهم انما يركضون و يسارعون لملاقاته ثم يردون الى اشد العذاب. و لاوليائهم و اذنابهم امثالها و زيادة.
اجل انهم اليهود المصدرون لبلادنا هذه القوانين التي يحكمنا و يحاكمنا بها الاسلاميون، و الذين ، اي اليهود، يقول لسان حالهم و مقالهم و تزكى ذلك افاعيلهم “و عولمتهم” و غطرستهم و اطماعهم التوسعية و جوعهم النهوم و تعطشهم تعطش الهيم في البيداء الى السيطرة و الهيمنة على الدنيا باسرها و غضها و غضيضها، ما اشار اليه قول ذي البطش و الانتقام الشديد في حق قوم عاد المجرمين الطواعيت الجبارين المستبصرين: فاما عاد فاستكبروا في الارض بغير الحق و قالوا من اشد منا قوة او لم يرو ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة و كانوا باياتنا يجحدون.
و من الحكم و الدقائق في امر قوم عاد المبعدة و الجديرة بالذكر و التفكر و الاعتبار و المقارنة بما تعيشه الانسانية اليوم من ظلم و جاهلية مقننة بل مشرعنة ان كل الاقوام الذين كانوا يدعون القوة، جهلا و عدوا، و يغترون بها، كان رد الله عز وجل عليهم انه اهلك من هو اشد منهم قوة و بطشا، الا هم اجابهم بمقتضى الاية السالف ذكرها ايذانا منه سبحانه و تعالى و اخبارا انه ليس فوق الارض قوة اشد من قوتهم الا قوة الله العزيز الجبار القهار القائل في سورة النجم، و ما ادراك ماهية، بخصوص سنته السارية في اهلاك و قطع دابر فصائل الظالمين و استئصال شافتهم: و انه اهلك عادا الاولى (و ذاك مآل الثانية) و ثمودا فما ابقى و قوم نوح من قبل انهم كانوا اظلم و اطغى و الموتفكة اهوى فغشاها ما عشى، فباي الاء ربك تتمارى. صدق الله العظيم و الى اللقاء ان شاء الله ربنا الرحمن في الجزء الثالث من هذه السلسلة المباركة. و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا محمد و على اله وصحبه و الحمد لله رب العالمين.
و الان الى نص الاهداء المذكور في العنوان فاليكموه:
الحمد لله رب العالمين، شرع النكاح، وحض عليه وخصه في شريعته الغراء بالثواب العظيم، وحرم السفاح وبغضه وأدرجه في خانة الفواحش القبيحة عقلا ونقلا وفطرة وذوقا، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى الكريم الذي رغب في الزواج المبكر واعتبره سنة من أأكد سننه العملية التي من رغب عنها مع الاستطاعة فقد سفه نفسه وكأنه انشق عن سبيله ونهجه القويم صلى الله عليه وسلم. أما بعد.
فانه لمن حسن طالع هذه السلسلة المباركة ويمنها وفألها وعميم خيرها بإذن الحنان المنان الجواد الودود ان تزامنت كتابة جزئها التأصيلي مع تاريخ خطبة وعقد قران ابنتي وقرة عيني وفلذة كبدي ام المكارم اسية أبوحميدة مع بعلها ابي المعالي الشاب الفاضل الحيي الحليم ابي يحيى زكرياء تزبنو. أقول ان هذا التزامن الميمون ليس في اعتقادي الراسخ من محض الاعتباط ولا من ضرب الصدفة التي اكفر بها كفرا بواحا صراخا معتبرا ان كل ما هو واقع ليس الا على وفق مقتضى قوله تعالى: وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. وبالتالي فاسوتي المرومة وفألي المرغوب في هذه الحالة بالذات هو مفهوم ما يجسده قول النبي صلى الله عليه وسلم حين تزامن رجوع عمه جعفر من الحبشة مع نهاية فتح خيبر فحار فرحة وبشرى ثم قال: والله لا ادري بايهما افرح ، ابقدوم جعفر ام بفتح خيبر، او كما قال عليه الصلاة والتحية والسلام.
وعليه، فلا يسعني، وغمرة الفرحة تملأ قلبي ويفيض بها وجداني، بهذه المناسبة السعيدة الا ان أهدي اليهما، أصالة عن نفسي ونيابة عن أهلي وأولادي، وكذا الى اسرتيهما خاصة والى جميع شباب المسلمين عامة وذويهم هذه الرسالة المتواضعة كثمرة أو عصارة باكورة أفرزتها بنات فكري القاصر الضئيل بعد ان أخذت العهد المسؤول والميثاق الغليظ على نفسي لاكلفها مشقة خوض غمارها مع علمي المسبق واحساسي الغريب انها ستكون اصعب واضنى وارهق الرسائل التي باشرت كتابتها الى الان كما اشرت الى ذلك في خاتمة سابقتها.
ذلك. وحيث أولا كان بامكاني بل من واجبي ان اخصص رسالة كاملة ومستقلة لهذين الزوجين العزيزين السعيدين بسعادة الدارين ان شاء الله كما فعلت في حق ابنتي فاطمة الزهراء وزوجها عبد الرحمن تحقيقا للانصاف والعدل و الوفاء في الكيل .
وحيث ثانيا، تجدر الاشارة انني بكل صراحة وصدق وبراءة، أجد نفسي هذه الايام منشغل الفكر والكيان والبال، أشد من انشغال ذات النحيين بنحييها كما في المثل العربي الاصيل المشهور. ليس الا بهم و ثقل مسؤولية ما ينتظر مني، على سبيل ابراء الذمة والاعذار الى ربي الغفار، كمسلم مكلف وحامل لرسالة وأمانة، وذي وظيفة دعوية الى الله عظيمة ونبلى وفي حدود الاستطاعة بعد بذل كل الجهد واستنفاد الوسع والطاقة عن اخرها، ان ابينه للناس بخصوص مواد هذه الرسالة الوعرة بكل المقاييس والتي ارجو من الله عز وجل ان يوفقني لاتمكن من استفراغ كل ما في وعاء خلدي بشأنها وهو جليل كبير بل في بعض الاحيان خطير، أقولها صراحة. واعني بها من ادري انهم يدرون انهم المعنيون المباشرون بها على سبيل المثل التلميحي: اياك اعني فاسمعي يا جارة وابلغي من خلفك من ازواجك و اسيادك ولو كانو بحق ممثلي الصدارة و الزعامة الدنيوية الزائفة في العالم و الممزوجة بالظلم و الاستكبار بجميع اجزائه و لوازمه. و التي اول ضحاياها هم بطبيعة الحال المسلمون المهينون المذلون لانفسهم فهانت على اعدائهم اعراضهم و دماؤهم كهوان اعراض البغايا و الدعار و الفساق و دماء الخنازير و القردة و الكلاب.
وحيث ثالثا، واستنادا على القاعدة الاصولية ان العبرة بعموم اللفظ والغاية لا بخصوص المناسبة والسبب، اعتبر والله يشهد ان كل الذي ذكرته في الرسالة 26 تحت عنوان رسالة الى العروسين كانت نيتي منه ان يستفيد منه كل من كتب الله له ان يطلع عليها من شباب امتي الاسلامية الماجدة قاطبة في الحاضر والمستقبل. ولتلك الغاية بالذات نشرتها في الموقع الالكتروني لتبث في اكبر عدد من الناس فتعم الفائدة ويثبت الاجر المبتغى بإذن الله. و على هكذا منوال يجب ان يكون شان كل مسلم في كل ما ياتي و مايذر بمعنى ان يكون معطاء مبذالا منفاعا للناس كالنخلة ينتفع من ثمارها و من سعافها و جريدها و ظلها بل ثبت مؤخرا ان حتى نواة ثمرتها فيها منافع صحية للناس و الانعام. لا كالشجرة الخبيثة النكدة المجثتة من فوق الارض ما لها من قرار، او لتقريب المعنى اكثر، كالاتان، انثى الحمار لا تزكى عينها كمال و لا تذكى فينتفع بلحمها كالانعام و لا يستفيد من حليب ضرعها الا جحشها و احيانا حتى هو يؤدى الثمن عضا و ركلا.
وحيث رابعا، وتحاشيا لتكرار نفس المعلومات والنصائح الواردة في الرسالة الاهدائية الاولى من باب تحصيل الحاصل ومن غير ضرورة ولا جدوى. لا سيما وانني بذلت فيها ما استطعت من جهد بغية الاحاطة بما تيسر بفضل الله مما له علاقة بموضوع الحياة الزوجية الغليظة الميثاق البالغة التعقيد المتشعبة المتشابكة التركيب العظيمة المسؤولية دنيا واخرى وبشكل اكبر واجل من ان يتناوله امثالي من ذوي الباع العلمي القصير والبضاعة الفكرية المزجاة والكعب الثقافي العام المنحط بالدراسة والتحليل تعريفا وتشريعا ومقصدية وادبا وفقها “وفلسفة ” وامانة على وجه الاهمية والخصوص ، ولكن ومع ذلك كله فاني لاحمد الله عز وجل متحدثا بنعمته ان وفقني واعلى من همتي وطموحي فحققت منها بغيتي ولو بشكل جزئي ونسبي على سبيل: ما لا يدرك كله لا يترك جله او بعضه ” اللهم العمش ولا العمى ” ؟؟
ذلك و استنادا تاصيليا على هذه الحيثيات الاربع:
فانه يسعدني كثيرا جما ويثلج قلبي ويملأه حبورا ونشوة لا يصفها اللسان ولا البيان، ان احيل العروسين الجديدين ومن خلالهما جميع حديثي، بل وحتى قديمي العهد بالزواج من شباب امتنا واوتاد حضارتنا وحماة بيضة ديننا واوطاننا في الحاضر والمستقبل بحول الله وقوته وعونه، الى الرجوع مباشرة لقراءة هذه الرسالة من اولها الى الاخر. رغم طولها باحتوائها على قرابة خمسين صفحة وارغبهم ترغيبا حثيثا في الاستفادة والانتفاع مما لم يكن حظي منه الا هذا الجهد المتواضع في البحث والتنقيب والربط بين افكار ومعلومات ما التقطته واستقيته هنا وهناك من علوم اولئك العلماء الاجلاء الذين اخذت عنهم جزاهم الله خيرا واحسانا. كما انهم هم ايضا انما اخذوا تلك العلوم من غيرهم من المشايخ وهكذا دواليك في سنة الله في تحصيل والتقاط العلم النافع التقاطا بعد استيفاء ادابه وشروطه الكثيرة التي اختصر الشاعر اهمها بقوله لله دره:
اخي لن تنال العلم الا بستة سانبئك بتفصيلها ببيان
ذكاء وحرص وافتقار وغربة وتلقين استاذ ( الشاهد ) وطول زمان
وهذه في الحقيقة وبكل بساطة وإيجاز هي فلسفة الكتابة والتاليف، ورغم ذلك فانها لمن الصعوبة والمشقة بل من المحنة والبلاء المبين بمكان.
ومن شك فليسأل أهل الفن ورجال الميدان ولا ينبئك مثل خبير . فيا ويل ويا حسرة ويا غبن من يكتب ويألف ويضيع هذا الجهد الفكري والروحي وحتى البدني بأن يجعله لغير وجه الله وابتغاء مرضاته فيكون ممن يناله وعيد قوله تعالى : وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا . ذلك ان كل عمل تعوزه النية الخالصة لله عز وجل وحده لا شريك له فيها ، مع كونها حقا وصدقا من أشد وأصعب ما يعالجه العاملون، فهو لا محالة عمل هدر مضمحل زاهق باطل. الا فكل ما خلا الله باطل.
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف اليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا وباطل ما كانوا يعملون.
ذلك وبعدما استذكرت مجملا كل الذي تناولته تلك الرسالة تبين لي ان امرا واحدا هو الذي يستحق ان يضاف في هذا المقام المحمود ان شاء الله ومفاده ان التحديات والرهانات المستقبلية القريبة التي تنتظر شباب الامة الاسلامية عجفاء وشهباء وكبيرة وعصيبة وعسيرة على الظالمين غير يسيرة على ضوء ما تمليه الظروف الحالية والتي تطرقنا لبعض جلي واضح منها على سبيل الذكرى وتوصيل القول واقامة الحجة قبل حلول النقمة التي لها اسبابها وارهاصاتها ومقدماتها ومن ابرزها وافظعها ان امتنا الاسلامية اوشك بها الحال ان يذهب ما بقي من ريحها اذ اصبحت، كما يبدو لكل ذي لحاظ سليم، مأمورة مؤتمرة متمسكنة منهارة القوى منحطة المعنويات تتقاذفها ريح الاعادي من كل جانب، فلم يعد لها ادنى قيمة ولا هيبة في اعين الناس ودنياهم الى درجة انها اليوم، وبكل اسف وحزن وحسرة وأسى وبشكل غير مسبوق مستكرهة ومغلوبة على امرها ولا اختيار ولا استئذان ولا استئمار لها حتى في نفسها فيكون لها على الاقل حكم البكر العذراء الخجولة حياء او الثيب المحنكة الواثقة من نفسها في حريتها واستقلاليتها في الزواج كحق مشروع على سبيل القياس، بعدما انسلخت او كادت من هويتها الحقيقية المتمثلة اساسا وجوهرا في الاستمساك بدين ربها ذي الجلال والاكرام. لتكون بذلك قد افتقدت كل شيء واخلت الساحة وحلبة الرهان لاراذل خلق الله وهم اليهود ومن والاهم ليتحكموا في زمام دواليب حياة الناس الخاصة والعامة في جميع اقطار الارض بلا استثناء. فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون. فقد اصبح بطن الارض خيرا من ظهرها وبلا مبالغة. ورحم الله زمان ابي هريرة وما ادراك ما ابوهريرة حين قال لصاحب له حين استنصحه: اذا استطعت ان تموت فمت. والعلة كما قال الشاعر:
كيف يبلغ العطاش الى ارتواء اذا استقت العيون من الركايا
وان ترفع الوضعاء يوما على الرفعاء من احدى الرزايا
اذا استوت الاسافل والاعالي فقد طابت ملازمة المنايا
وبالتالي فملخص نصيحتي لقرتي عيني وفلذتي كبدي خاصة وكذا لجميع شباب الامة الاسلامية عامة في مشارق الارض و مغاربها أن يتجهزوا و يعدوا ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل و يتزودوا بخير وأغلى الأزواد و هو التقوى و الايمان والاستقامة على طاعة الله في السراء و الضراء والمكره و المنشط وفي السر و العلن ويثبتوا على ذلك ولا يقنطوا من رحمة الله وروحه في مواجهة ومقاومة هذه التحديات في خضم أجواء وأحوال الفتن و المحن التي تشهدها الانسانية اليوم وعلى غير نظير أو مثيل سابق في تاريخها العريق , أي وربي . والحقيقة أن حتى الأقطار العربية الأسلامية التي تبدو نسبيا بل استغفالا أنها آمنة في سربها وغير معنية بما طال غيرها من قلاقل واضطرابات وفتن كقطع الليل المظلم وكنتاج طبيعي لمؤامرات شيطانية مبيتة بليل ومحاكة بدقة وتخطيط وكيد عظيم هائل من قبل الأعداء التقليديين للإسلام فإن ذلك لا يعدو أن يكون من محض المغتاطة الوهمية بمعنى أن المسألة إنما هي مسألة وقت وتحيين وتربص الفرصة . وإلا فالعدوى بهذا الصدد لا يؤمن شرها طالما لم يقطع دابرها من أصله . مع العلم أن توقيها ممن لمن يصبع بعد بها أعظم وأشد وطئا ممن نال نصيبه منها من ذي قبل على قاعدة أن السوء والمكروه إذا نزل أورث الحزن والألم وأما إذا كان متوقعا فإنه يورث الخوف والهلع والفزع . خصوصا إذا اعتبرنا عناصر الجوار الجغرافي والرحم الإسلامية والهوية العربية فيمن هو مستهدف وهو يدري مسبقا أنه كذلك طال الزمان أو قصر. والنتيجة باختصار : فما ينفع الجرباء قرب الصحيحة منها ولكن الصحيحة تجرب
ختاما أسأل الله العلي القدير وأتضرع اليه من أعماق قلبي وأتوسل اليه بأخلص أعمالي و أزكاها و أحبها اليه بعد القبول أن يبارك للعريسين الحبيبين ولهما وفيهما وأن يجمع بينهما في حيز طاعته ورضاه و في كل خير من خيري الاخرة والأولى وان يحقق بينهما المودة و الرحمة و الصحة و التوفيق المؤدي الى سبيل سعادة الدارين، انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا جميعا ونعم الوكيل. امين. ولجميع شباب امتنا الرائدة امثالها. ونجعل مسك الختام على ذلك قراءة ام القران والسبع المثاني: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . إياك نعبد وإياك نستعين . اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين امين. اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
عبد الله أبو حميدة
عذراً التعليقات مغلقة