الحمد لله رب العالمين القائل قولا فصلا غير ذي عوج، بل هو محكم قطعي الدلالة، صريح المعنى، واضح الأسلوب، بليغ العبارة، مفهوم اللفظ، سديد الكلمة ميسور للذكر لكل ذي قلب سليم وبصيرة فطرية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها طالما أنها محفوظة ومحصنة بإيمان وتقوى صاحبها المسلم وكفى به من النعيم صفة ونسبا: ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المومنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) … (إن الذين كفروا (كفر عقيدة أو نعمة) وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا (كما ظل من كان قبلهم) ضلالا بعيدا. إن الذين كفروا أو ظلموا (ظلما دون ظلم) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا). والصلاة والسلام الأطيبين الأزكيين على منقذ ومخرج من شاء من عباد الله من ضلالات وظلمات الجهل والإشتباه والهوى والوهم والزيغ إلى نور اليقين والحق وسبيل الهداية والرشد بإذن ربه الجواد الكريم الحنان المنان، ولله در الإمام مالك إذ قال وما كان أصدقه : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. ثم رحم الله من قال وأفاد وأجاد:
برئت من الخوارج لست منهم من الغزال منهم وابن باب
ومن قوم إذا ذكروا علــــــــــيا يردون السلام على السحاب
ولكني أحـــــب بكل قلبـــــــــي وأعلم أن ذاك من الصواب
رسول الله والصــــــديق حبـــا به أرجو غدا حسن الثواب
أما بعد،
فمن روائع معجزات ودلائل نبوة نبينا الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم أنه ما انتقل إلى الرفيق الأعلى والمقام المحمود إلا بعد ما أخبر أمته الرائدة الراشدة عن كل ما هو واقع في المستقبل القريب منه والبعيد، إما على سبيل الوعيد والإعذار والإنذار، وإما على سبيل الوعد والبشرى لإقامة الحجة على الناس : ” رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ”… ″ ولقد وصلنا له القول لعلهم يتذكرون ”… ” وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ‟.
وللعلم وحيث أن النبوات والرسالات قد ختمت بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فإن وظيفة الدعوة والتبليغ قد انيطت بأمته الخاتمة للأمم، ما لم تطلع الشمس من مغربها.
ومن قبيل ما سلفت الإشارة إليه مثلا لا حصرا ولا استقراء ولا اطرادا ما تضمنه الحديث الشريف الذي نبه فيه صلى الله عليه وسلم إلى أول وأخطر فرقة مبتدعة على الإسلام وأهله حتى من اليهود والنصارى ومن والاهم من أهل الكفر والشرك والإلحاد. ألا وهي طائفة (الخوارج) التي ظهرت (قصم الله ظهرها وظهر من ائتم بها) في عهد الخليفتين الراشدين عثمان بن عفان إثر موته وعلي بن أبي طالب بعد مبايعته كرم الله وجهيهما.
يقول صلى الله عليه وسلم في حق هذه الفرقة الباغية المتمردة المارقة الضالة المضلة المتسلطة المتصلفة وفي حق كل من استنن بسننها السيئة وسلك دربها الظلامي في القديم والحديث إلى يوم الدين في حديث مشهور مروي عن مجموعة من الأئمة الأعلام النبلاء عن أبي غالب عن أبي أمامة : شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء وخير قتيل من قتلوه، كلاب أهل النار ( كناية عن الخوارج) قد كانوا مسلمين فصاروا كفارا. وفي حديث آخر : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية. لا يتجاوز إيمانهم حناجرهم … وفي رواية: يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم… وما أكثر وأظلم وأجرأ على الله عز وجل وأضل من أزواجهم وأمثالهم في الأمة اليوم خصوصا في مجال السياسة والفكر ممن يدعون ظلما وزورا وباطلا، احتكار الحق والحقيقة من دون الناس، وفاتهم، من بين ما فاتهم، أنهم إنما هم في اضغاث أحلام وسرابات هلوسات ووساوس وأنهم ليسوا البثة على شيء من ذلك كله إلا من قبيل:
وكلا يدعي الوصل بلــيلى وليلى لا تقـــر لهم بذاكــــا
بل قل، بلا حرج ولا خجل، إن شأنهم بلغ من التفاهة والسفاهة والسخافة والإستخفاف من المنظور الشرعي طبعا ما يستفاد من قصة أحد البلهاء الغمر الخرق حين جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يشتكي إليه مظلمة حاصلها أن رجلا زعم أنه احتلم بأمه فأجابه قائلا : اذهب إلى صاحبك فاقمه في الشمس واضرب ظله حتى تشفي فيه غليلك ( ديو دري لمو، سلكمت أحشمي إماس )
لا شك أن الراسخين في معرفة العبد الضعيف المتتبعين لمسيرة جهاده المستميت والمستمر منذ عشر سنوات وحتى الموت بوسائله البسيطة والمتاحة فكريا وأدبيا وثقافيا بل حتى ماديا ومعنويا، سيكتشفون أن المعنيين بكلامي هذا هم بالذات مناضلو حزب العدالة والتنمية بتيزنيت وتعاونية الخير المحابية والتابعة لهم كتبوع الفصيل لأمه والمنعوت للنعت في النحو، واللذان يعلم القاصي والداني في البلاد أنني تعرضت من جانبهما لما الله به عليم وعليه شهيد ورقيب من الأذى والظلم والعذاب الأليم خصوصا في السجن دون تلقي أدنى نصرة أو مواساة أو مساندة معنوية ولو على سبيل الرمزية من أهل تيزنيت الذين اعتبر موقفهم خذلانا وخيانة لمواطن منهم يعرفهم ويعرفونه له ما لهم وعليه ما عليهم وأنه مظلوم ظلما مقننا مشرعنا بادية مظاهره وعلاماته ضدا على قوله صلى الله عليه وسلم :”انصر أخاك ظالما أو مظلوما…” وخاصة إذا علمنا أنهم على علم شبه يقيني وتام بمواقفي المبدئية المشروعة بل الإضطرارية مع القوم الظالمين المجرمين المتكبرين المتعالين حتى على قوانين الدولة وتشريعاتها دون رقيب ولا حسيب، إلا الله الذي عنده تجتمع الخصوم. ولكن، وبالرغم من ذلك فلا ضير ولا داعي للعجب ولا الحزن بل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والذي أفرغ علي من الصبر والحلم والتجلد وضبط النفس ورباطة الجأش (أو الجحش) وقوة العزيمة ما جعلني أستوعب وأستسيغ مرارة كل تلك الضربات والطعنات من الخلف ومن المأمن وهي طعنات قاسية وعميقة لم أسلم من بأسها الشديد حتى من بعض أقاربي وإلى الله أشكو بثي وحزني .
وإخوانا حسبتهم دروعـا فكانوها ولكن للأعادي
حسبتهم رماحا طاعنات فكانوها ولكن في فؤادي
وعلى أية حال فهذا ليس إلا من البلاء الذي سرعان ما يزول وأسأل الله أن يخففه عني أو أن يقوي ظهري لتحمله :
اشتدي أزمة تنفرجــي قد آذن ليـلك بالبـــــلج
وبهذا المضمار يعجبني كلام قاله المرحوم سيد قطب : ” إن كلماتنا وكتاباتنا تبقى هامدة حتى إذا متنا من أجلها انتفضت ودبت فيها الحياة …إلخ فلا داعي إذا إلى اليأس فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وإن الله لا يضيع أجر المحسنين. جعلنا الله عز وجل منهم.
وهذا لا يعني قطعا باتا أنني سأستسلم وأهين أو أتنازل عن حقي مثقال ذرة بل كما قال صلى الله عليه وسلم لصحابته في إحدى بيعاته : بل الدم الدم والهدم الهدم حتى تضع الحرب أوزارها لأنني أقولها بصراحة ليعلم ذلك العدو قبل الصديق والبعيد قبل القريب والكافر قبل المؤمن :
كالسيف إن لاينته لان مسه وحداه إن خاشنته خشنان.
وحجتي في ذلك قوله عز وجل : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون … يا أيها النبيء جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم.)
ذلك وكما قلت سلفا فكفاني شرفا واعتزازا وكرامة أنني وبعد عشر سنوات وازددن ثلاثا ما زلت صامدا متجلدا محتسبا عند الله عز وجل الثواب الجزيل والأجر العظيم عن هذه الحرب الفكرية والحقوقية والمبدئية والنفسية مع القوم المجرمين حتى النصر الذي ما هو إلا من عند الله : واصبر وما صبرك إلا بالله … واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين … ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين … والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. فاللهم نقمتك عليهم حتى ترينا فيهم عجائب قدرتك وشدائد محنتك وعظائم عقابك …وهذه دعوات يبدو أنها قاسية وعنيفة تتناسب مع حجم الظلم والطغيان الذي مورس علي من هؤلاء الخونة الغششة الكذبة، ولكنها في الحقيقة ممزوجة بنوع من الرحمة متجسدة في طلب القصاص في الدنيا قبل الآخرة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في ما معناه أن الله إذا أحب عبدا عجل له العقوبة في الدنيا :” ومن يكن حازما فليقس أحيانا على من يرحم”. أتمنى ذلك وأرجوه من الله تبارك وتعالى .
أما بالنسبة إلي كمظلوم مهضوم الحق فأسوتي وعبرتي في قول النبي صلى الله عليه وسلم :”إني لأعلم آية لو عمل الناس بها لكفتهم: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب … ومن يتوكل على الله فهو حسبه . وأيضا :
إن الرياح إذا اشتدت عواصـــفها فليس ترمي سوى العالي من الشجر
وبالخصوص إذا كانت هذه العواصف والزوابع صادرة من حزب له ما له من الحظوة والحيثية والوجاهة والمسؤولية ما تنوء الجبال بحمله والذي لئن وصفت أهله ” ذوي المرجعية الإسلامية” المزيفة المدسوسة المغبوشة بأنهم كلاب أهل النار فلقد فعلت ذلك عن بينة ودليل ومقتديا في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شرع وأقر تلك الصفة لكل من استوفى عناصرها بعضا أو كلا. ولأن الله تبارك وتعالى وصف في قرآنه المجيد المتلو إلى يوم البعث أمثالهم، إن لم يكن هؤلاء شرا مكانا، بمثل ذلك كما في قوله عز وجل : كمثل الحمار يحمل أسفارا … كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث … كمثل العنكبوت اتخذت بيتا … إن شر الدواب عند الله … ولقد ذرأنا لجهنم ( واللام لام المآل لا التعليل) كثيرا من الجن والإنس، لهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولائك كالأنعام (إزكرن ديرامان دتهراي) بل هم أضل أولائك هم الغافلون..
ومن ينكر أن أهل pjd أخف نعت يمكن وصفهم به هو الغفلة المركبة ؟
بل الأكثر أن التاريخ يخبرنا أن الخوارج كانوا أهل تعبد شديد وورع كبير وعلم غزير وغيرة وحمية وعصبية على الدين (لا فيه) قل وعز نظيرها في الزمان. ولئن استحقوا تلك الصفة النارية الكلبية القبيحة فلعدم رضاهم بمسائل خلافية فرعية استهوتهم شياطينهم بشأنها فانشقوا وخرجوا عن طاعة الإمام علي كرم الله وجهه على الشكل المعلوم في كتب تاريخ الإسلام والذي ليس المقام مقام تفصيل وتوسع في مناقشتها وتحليلها. أما هؤلاء المدعون للمرجعية الإسلامية والمنضوون داخل حصنها المنيع في حزب سياسي ومذهبي من بين قرابة أربعين من الأقران فلو عرضت حالتهم على عالم مجتهد مخلص لله فيما يأتي وما يذر في ذلك العصر الغابر لحكم ولأفتى بردتهم أو كفرهم العقدي على التو للعلل التي سبق أن تناولناها قبل قليل وكذا في الرسائل السابقة ومنها :
- تعامل حكومتهم بالربا وإبطال نظام الزكاة وإحلال الضريبة (الجزية) محلها ضدا على الآية:” وويل للمشركين الذين لا يوتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون .
- اغفال القول المأثور: قرن ثلاث بثلاث، الصلاة بالزكاة فمن أقام الصلاة ولم يوت الزكاة لم يقبل عمله. وطاعة الله بطاعة رسوله فمن أطاع الله وعصى نبيه لم يقبل منه. وشكر الله بشكر الوالدين فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه .
- الترخيص لمتاجر بيع الخمور وتعاطي القمار والميسر وما يوازي ذلك من الفواحش والمنكرات، والفضائح والجرائم.
- اتخاذهم الديموقراطية ورهبانها اربابا من دون الله عز وجل.
- تفشي الزنا والخنا والغناء والعري والسفور والفسوق والفجور وغيرها من خوارم المروءة والأدب والحياء الذي هو خلق الإسلام .
- تحكيم قوانين اليهود والنصارى الوضعية الوضيعة بدلا من حكم الله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون (أو الفاسقون أو الظالمون)
- تغييبهم في سياستهم المعطوبة لتذكير الناس بالآخرة التي إليها معادهم والتي ما فيها إلا مصيرين لا ثالث لهما : إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم، وبالتالي فطالما أنهم أغفلوا هذه الفروض العينية وكتموها على الناس فمن العدل أن يكونوا كلابا عاوية لهؤلاء الناس فيكون جزائهم من جنس حالهم كما في قوله عز وجل:” يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون … كما أن هؤلاء مدعوون كحكام إلى تبصير الناس ودعوتهم رغبة ورهبة إلى الله لكنهم تمردوا وأعرضوا واهتموا كلية بالدنيا وزخارفها فاستحقوا بذلك أن يؤدوا الثمن غاليا على وفق ما سطر أعلاه .
ويستفاد من هذه الدراسة على سبيل الإختصار والعجالة أن بعد الشقة بين ما كان عليه الخوارج يومئذ وما هو عليه هؤلاء “الدواخل” العداليون المنتكسون انه ليس البتة من الإنصاف أن نجعل الفريقين في رتبة واحدة أو كيس واحد، بل حري بنا وحقيق أن نميز بينهما لزاما بالقول أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نعت أولائك بكلاب النار مع كونهم أقل ضلالا وأهون ابتداعا من هؤلاء المتمسلمين أو الإسلاموقراطيين فإنه لمن العدل أن نسميهم خنازير أو قردة النار، بعد علمنا الراسخ أنهم يوالون اليهود والنصارى ” ومن يتولاهم فهو منهم ” في تشريعاتهم وأعرافهم وتقاليدهم وديمقراطيتهم كما بينا ذلك في الرسائل السوالف .
وعليه وحيث أن موعد الإنتخابات بدأت أيامه الزاحفة تقترب وبحكم معرفتي العميقة لأهل تعاونية اللاخير وكذا أغلبية أعضاء الكتابة الإقليمية لحزب المصباح، فإني أقول إن كل من صوت على أحد من الآتية أسماؤهم فكأنما ألقى بصوته في مهب الرياح أو أودعه في واد غير ذي زرع ولا ضرع : (أيخلف ربـــي تاكرايت) : لا لشيء سوى أنه لو كان فيهم خير ( من غير اسم تعاونيتهم) لسووا وضعيتها الفاقدة للشرعية منذ سنوات عدة قبل أن يتسابقوا ويتراكضوا (أرسهنكيرن) ليتحملوا مسؤوليات إضافية متمثلة في تسيير الشأن العام بالمدينة الممثلة في البرلمان بالرايسة تبعمرانت التي هزمت القسطلاني في الإنتخابات البرلمانية لسنة 2011.
وغير تقي يأمر الناس بالتقوى طبيب يداوي الناس وهو عليل
وما جنة الخلد هاجرت تبتــــــغي ولكن دعاك الخبز احسب والتمر (ديميك ايقرضن احتند يوي ربي غدار ابهلالن من المصوتين) .
من جانب آخر فإن تلك المؤسسة الظالم أهلها مازالت متابعة قضائيا بتهمة خرق نظام التعاونيات من أوله إلى آخره مع ما يترتب عن ذلك من إضرار بالأشخاص ومنهم العبد الضعيف وبميزانية الدولة متجسدة في تملصهم الكيدي الماكر المفضوح عن أداء الضرائب وما إلى ذلك مما لا أخال عقباه إلا وخيمة على القوم في العاجل والآجل إن لم يكن ذلك إلا بسبب ظلم هذا العبد الضعيف وتضييعه في خمس سنوات ويزيد من العمل الدؤوب والمضني، ليس إلا في سبيل الله عز وجل ثم خدمة أمينة صادقة لمصالحهم بلا محاباة ولا مجاملة ولا ابتغاء أجر إلا من الله الذي لا يستحيي من الحق. أجل، إنه الغدر والخديعة والخيانة العظمى التي وقعت سهامها المهندة على قلبي من لدن من يدعي المرجعية الإسلامية، وحب الخير للناس، ولكن الزمان كشف، وهو كشاف فضاح، إن ذلك كله إنما كان يصب في نيل الكراسي والوظائف والترقيات وغيرها من المصالح الوصولية النفعية البائنة معالمها بلا حياء ولا حشمة ولا تعرق جبين . ولهم أعمال (قبيحة فاسدة) من دون ذلك هم لها عاملون .
أما الأسماء المحتمل بل الراجح أن تتهافت على الترشح للأسباب السالفة فهم: جامع المعتصم (ولو حتى في سلا) وعبد الجبار القسطلاني و ابراهيم بوغضن، والمختار مخلوق، والهاشمي الفزني وعلي وادرا والبشير الأدوزي والمختار احتور وعبد العزيز الهويشري والبشير أصواب (اجرار) وعبد الرحيم السرقادي وغيرهم ممن سلبتهم وألهتهم السياسة الحزبية المعطوبة الرديئة واستخفت قلوبهم وعقولهم وأبصارهم فاستهوتها وأعمتها إلى مدى لا يوصف: ” ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا” . وعلى ذكر الآخرة التي ليس من مذهب اسلا ميينا أن يتحدثوا عنها، وهذا من أعجب عجائب الزمان خاصة وأنهم يعلمون أنها هي إحدى منزلتين متعاكستين متمانعتين متغايرتين كالضرتين أو أشد حنقا وحسدا : إما نار وإما جنة لا اختيار ولا مفاصلة بينهما كما قال الشاعر الحكيم:
وإذا الجحيم سعرت نيرانهــــا ولها على أهل الذنوب زفيــر
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت لفتى على طول البلاء صبور
المشركون (ومن والاهم) غدا في النار يلتهبوا والموحدون لدار الخلد سكانــــــــــا
فاللهم إني قد بلغت فاشهد فإني أشهدك، وأشهد ملائكة وحملة عرشك العظيم وجميع خلقك انني إنما أريد الإصلاح والخير والرقي والتمكين لهذه الأمة التي نستحيي أن نقول فيها قولة المتنبي قبل قرون سلفت: ويا أمة قد ضحكت من جهلها ومن خذلانها ومن هوانها الأمم والشعوب، ليس إلا بتواجد أمثال هؤلاء بين ظهرانيها.
من زاوية أخرى فالجدير بالإشارة أنني بعد نهاية خطاب الملك أواخر الشهر الماضي بمناسبة عيد العرش، قمت بمحاولة ناجحة والحمد لله للإحتجاج أمام السلطات المحلية والبلدية والقضائية والمالية والأمنية وغيرها لأعبر عن مظلمتي وأحمل هذه السلطات كل واحدة في مجال اختصاصها المسؤولية عن تفريطها في تبني قضيتي العادلة المشروعة في المطالبة بحقوقي المأكولة أكلا افتراسيا متوحشا من طرف هذه التعاونية اللئيمة الغادرة. ذلك، فإذا اخترت ذلك الأسلوب بعد تفكر وتدبر ودراسة دقيقة لكل الإحتمالات التي قد ينتهي بها، فإنني فعلت ذلك بعدما يئست من ظلم القوانين وعدم جدوى انتظار الإنصاف أن يأتي من جانبها، ولذلك طالبت بصوتي المرتفع جميع من كان حاضرا في ذلك المقام أن يبلغ شكواي إلى ملك البلاد كولي لأمري كمواطن مسلم لي ما للناس من حقوق وواجبات وعلي ما عليهم، وكان ذلك صميم كل الذي تحاورت بشأنه مع المسؤولين الإداريين المدنيين منهم والعسكريين إلى جانب أعوان السلطة وشخصيات أخرى لا أعرفها.
في الختام وعلى ذكر خطاب الملك، وبالرغم من أن أمثالي ليسوا مؤهلين للتعقيب لا بالسلب ولا بالإيجاب عليه، فلن يفوتني أن أبدي رأيي في مضمنه في ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأولى: أن جلالة الملك ركز في بداية خطابه على تعاطفه وحرصه على أن تستفيد جميع فئات الشعب من خيرات البلاد برا وبحرا وما في باطن الأرض … وهذا كلام جميل سديد ومهم، ولكن الأهم منه والأجمل أن تكثف الجهود القصوى لنصرة المظلومين بدعوى أن الفقر والغنى سنتان من سنن الله في عباده وابتلاء منه لهم. أما الظلم فشيء قبيح وعظيم وأخطر ما فيه أن صاحبه محروم من محبة الله الذي لا يحب الظالمين، ثم الواجب أن يحارب الفقر من أصله ومحاربة أسبابه التي منها قوله صلى الله عليه وسلم : والله ما الفقر أخشى عليكم بل أن تتنافسوا الدنيا فتهلككم كما أهلكت من قبلكم. وأيضا: ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر (محل الشاهد) ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين وما منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر. والحديث أوضح من أن نعقب عليه مقارنة مع حال الأمة، فضلا عن ذلك فالأمر محسوم فيه أزلا على وفق قوله عز وجل : “ما يفتح الله للناس من رحمة (رزقا وصحة وعافية وغنى وعلما وغيرها ) فلا ممسك له من بعده وهو العزيز الحكيم “.
النفس تجزع أن تكون فقيرة والفقر خير من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها
هي القناعة فالزمها تكن ملكـــا لو لم تكن لك إلا راحة الــــــــبدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟ .
الملاحظة الثانية: قول جلالته باحترامه لجميع الديانات السماوية، وهو قول مجانب للصواب بدعوى أن مصطلح الدين في شريعتنا لا يقبل التثنية ولا الجمع بل هو فرد أحد منذ خلق آدم إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين والدليل : إن الدين عند الله الإسلام … ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه … قولوا آمنا بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيئون( كلهم جميعا) من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن لهم مسلمون.
والسؤال: إذا كانت هناك ديانات سماوية غير الإسلام فعلى أي نبي من الأنبياء أنزلت علما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : والله لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباعي مصداقا لقوله عز وجل:ّ” وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه، قال آقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولائك هم الفاسقون. أفدين الله (الإسلام) تبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون … فبعدا لقوم لا يومنون .
الملاحظة الثالثة: ومفادها أن جلالته ختم خطابه بآية قرآنية كريمة من سورة سبأ قائلا:” كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور… وسكت عن الأهم وهو المناسب لحال البلاد باعتبار أنها على شفا حفرة من الوقوع في مقتضاه وهو الآتي بعد الآية المتلوة في نفس السياق في قوله تعالى:” فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل، ذلك جزيناهم بكفرهم وهل يجازى إلا الكفور. ومن أخواتها الكثيرة في القرآن فضلا عن السنة الشريفة :
(أفأ من أهل القرى أن ياتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون” وما أكثر وأفحش اللعب واللهو والمجون والعبث في الأمة ليلا ونهارا” افامنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون).
هذا ومن باب جواب الحكيم فخير تفسير للقرآن هو كما يقول العلماء بالقرآن مع مراعاة سياق الآية المراد الإستشهاد بها وسياقها واللحاق والله عز وجل أعلم بمراده.
أخيرا وبخصوص هذه الملاحظات الثلاث فليس المقصود منها الإستدراك على كلام جلالة الملك أو إصلاح الأخطاء المحتمل ورودها فيه. وإنما الغاية منها هي إقامة الحجة والبيان ليحيي من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة. قل ربي يقذف بالحق علام الغيوب، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد. صدق الله العظيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم وعلى الآل والصحب أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عذراً التعليقات مغلقة