عقد قطاع الأساتذة التقدميين بجامعة ابن زهر لقاء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية للتفاعل مع ماعاشت على إيقاعه كلية الآداب صبيحة يوم السبت 19 ماي من 2018 من مواجهات دامية بين فصيلين أسفرت عن وفاة طالب متأثرا بجروحه ومع ما واكب ذلك من ترويع للطلبة ولباقي مكونات المؤسسة خلال فترة الامتحانات، حيث أبانت هذه ألأحداث المؤسفة على عمق أزمة الجامعة المغربية في سياق تنامي ظاهرة العنف التي تحولت إلى واقع يتكرر على نحو مؤسف بشكل يهدد القيم التي ظلت تحكم الجامعة كفضاء للعلم والمعرفة و الحوار والتدافع المسؤول النابع من الوعي بالجامعة كمكسب لعموم المغاربة.
إن تصاعد ظاهرة العنف يسائلنا جميعا ويسائل أدوار الجامعة في بناء النموذج القيمي والأخلاقي وتغذية الموروث الثقافي المشترك كما يعيد إلى الأذهان النقاش حول جدوى الإصلاحات المتعاقبة وقدرتها على وضع الطالب في عمق أولوياتها بما يجعل من تغذية حاجياته الأساسية أفقا لاشتغالها وغاية كبرى في إعداد برامجها للرفع من جاذبية الجامعة وتمكينها من القدرة على الاحتضان والاستيعاب في الوقت الذي تراجعت فيه أدوار باقي مؤسسات التنشئة وفي غياب تام لجسور التواصل بين الجامعة وهذه المؤسسات.
لقد أبانت أحداث العنف التي عرفتها جامعة ابن زهر عن جانب من أزمة المجتمع المغربي والذي تعتبر الجامعة نموذجه المصغر العاكس لتناقضاته، وهي بالأساس، أزمة ثقافية تنم عن نوع من الجهل بتاريخ وجغرافية البلاد وبثقافاته المتنوعة وكذا بهويته المشتركة، يعكسها ارتداد نحو “الهويات الضيقة” كبديل عن ما يجب أن يتمثله الطالب في التطلع لبناء هوية وطنية جامعة تنطلق من استثمار المشترك وتغذيته بما يخدم ثقافة الاختلاف والحوار.
لكل هذه الاعتبارات فإننا كأساتذة تقدميين، ندق ناقوس الخطرونستنهض الهمم في الدعوة لنقاش وطني يدمج عموم الفاعلين في بلورة رؤية واضحة تنطلق من مداخل حقيقية لفهم تنامي ظاهرة العنف وأبعادها في أفق بلورة تصور شمولي ومتكامل يتأسس على إعادة الاعتبار للجامعة والمدرسة لتضطلع بأدوارها في تربية وتكوين التنشئة الاجتماعية والسياسية.
وارتباطا بهذه الأحداث التي أصبحت ، للأسف، تشكل سياقا مشتركا بفعل انتشار هذه الظاهرة بربوع البلاد وبشكل دوري بين الجامعات، فإننا نعلن للراي العام الجهوي والوطني ما يلي:
تجديد الترحم على الطالب الذي وقع ضحية أحداث اكادير كما نترحم على كل الطلبة ضحايا العنف في الفضاءات الجامعية الوطنية.
إدانتنا الشديدة للعنف بكل أشكاله وبغض النظر عن أسبابه أو الجهة التي تقف وراءه،
غياب التأطير الفكري والنقابي للطلبة موازاة مع التأطير العلمي والتحصيل المعرفي ممّا يجعل بعضهم
ضحايا ترويج لأفكار وصراعات تافهة لا تخدم في شيء مصلحة الطالب والدور الحقيقي المنوط به لتطوير الجامعة وبالتالي تطور المجتمع.
تنديدنا بالاستثمار السياسي والإعلامي للأحداث وتوجيهها في اتجاه خدمة أجندات لا غيرة لها على الجامعة وتغذيتها لنعرات تريد العصف بالتعايش والتسامح الذي ظل يؤطر حياة ابناء هذا الوطن،
تحميلنا المسؤولية لكل الأطراف المعنية في الحفاظ على الجامعة كفضاء للعلم والمعرفة والتصدي لكل مامن شأنه أن يؤثر على أداء الجامعة لرسالتها العلمية المجتمعية، والدعوة إلى إبداع أساليب جديدة لترسيخ قيم التسامح والحوار والعيش المشترك داخل فضاء الجامعة وخارجها.
دعوتنا لكل المتدخلين إلى تحمل مسؤولياتهم في حماية كل مكونات الجامعة( الأساتذة والطلبة و الموظفون والأعوان) وبلورة حلول للتدخل الاستباقي لتجنيب الجامعة مثل هذه الأحداث المأساوية التي تؤثر سلبا على مصداقيتها وصورتها في الداخل والخارج.
الدعوة لنقاش وطني يجمع كل الأطراف على ارضية تدارس العناصر المشكلة لازمة الجامعة على العموم ولتنامي ظاهرة العنف على وجه الخصوص وبلورة تصور لسبل تجاوزه بمايتناغم ومكانة الجامعة العمومية كمؤسسة وطنية تستهدف فئة عريضة من مكونات الشعب المغربي وترتبط وظيفتها بمشروعه المجتمعي و بنموذجه التنموي.
التأكيد على طابع الخصوصية الذي يميز جامعة ابن زهر التي ترزخ تحت وطأة مشاكل متنامية جراء التضخم الكبير لإعداد الطلبة (أزيد من 120.000 طالب) بفعل كثرة روافد الجامعة التي تغطي النفوذ الترابي لخمس جهات أي حوالي 55% من التراب الوطني، مما يدعو إلى إطلاق مبادرات جريئة وفتح جامعات اخرى بالجهات الجنوبية لتخفيف الضغط على جامعة ابن زهر مما سيشكل مدخلا لمعالجة الكثير من المشاكل.
بلورة استراتيجية واضحة على مستوى الجامعة تمكن الطالب من الرفع من مستوى وعيه بالقضايا المركزية التي ترهن المستقبل المشترك لكل المكونات البشرية و الثقافية والفكرية لبلدنا.
أكادير يوم 25 ماي 2018
عن قطاع اساتذة التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية بجامعة ابن زهر
ذ.بوشلخة محمد
عذراً التعليقات مغلقة