أثارت مصادقة مجلس جهة سوس ماسة على اتفاقية شراكة مع أكاديمية سوس ماسة في دورتها الاثنين الماضي حول قاعات متعددة الوسائط الكثير من القيل والقال، خاصة وأنها الأولى “اليتيمة” منذ مجيء المدير الحالي، وبمبادرة من لجنة التنمية الاجتماعية بالمجلس وليس الأكاديمية، التي تنتظر أن تأتيها الشراكات كما هول حال سنة 2020 التي صادقت على 6 شراكات مؤسسات تعليمية مع مؤسسات منتخبة ،أي شراكة واحدة لكل مديرية وشراكتين فقط مع الدولة والمؤسسات العمومية في سنة 2020 وشراكة واحدة سنة قبلها، وهي كلها شراكات بمبادرة من الشركاء، بخلاف أكاديميتين مجاورتين مراكش آسفي التي تضاعفت فيها الشراكات في عهد مولاي أحمد الكريمي عشرات المرات، وشراكات أكاديمية كلميم واد نون التي تضاعفت 6 مرات على شراكات سوس مسة. وهو ما أثار ارتياح الوزير خلال زياراته للأكاديميتين المذكورتين وخلال زياراته لعدد من الأكاديمية. وطبعا سوس مسة شكلت كما عادتها “الاستثناء”.
ولفهم حقيقة ما وقع، فقد اجتمعت لجنة التنمية الاقتصادية يوم الأربعاء 10 فبراير 2021 واستدعت مدير أكاديمية سوس ماسة للاجتماع بناء على اقتراحها، وحضر كالعادة لوحده، فكان الهدف من المشروع الأولي لنص اتفاقية الشراكة تجهيز 96 قاعة متعددة الوسائط بكلفة إجمالية تقدر بـ10 ملايين درهم. غير أن أعضاء اللجنة فطنوا أن تمت شيء ما غير طبيعي، فطالبوا مدير أكاديمية سوس مسة بضرورة تزويدهم بجرد شامل للمؤسسات المستهدفة من عملية تجهيز القاعات، مع إيلاء العناية الخاصة لتقسيم عدد القاعات على مستوى الأكاديمية والجهة. كما طالبوا بإجراء تعديل على مستوى توزيع الجدول بالاتفاقية حسب عدد القاعات والتكلفة المالية للشركاء.
واعترف مدير أكاديمية سوس ماسة أن عدد القاعات غير المجهزة (طبعا من دون ذكر التفاصيل) توجد ب13 مؤسسة و164 إعدادية منها 55 مجهزة، و10 قاعة موضوع مشروع الاتفاقية (وليس ستة وتسعين قاعة وهذا ما أثار الإنتباه)، موزعة على طررفين اثنين، 45 ستتكلف بها الجهة ووكالة “الأنزوا”، و 63 تتكلف بها الأكاديمية وتندرج ضمن برنامج 2021.
لانعرف من أين أوتي بـ63 قاعة في ميزانية برنامج 2021، والوثائق بها فقط 50 قاعة ستجهز. مع أن الفارق كبير ويثير العديد من علامات التعجب والإستفهام، من قبيل هل الأمر خطأ مقصود أم سهو؟! خصوصا أن محاضر مجلس الجهة تؤكد حقيقة كل ذلك.
فطنت “الأنزوا” لما حصل من أخطاء أو تلاعب في الأرقام وتراجعت عن التمويل. وبطريقة ذكية بررت ذلك بعدم توفر التمويل. طبعا المؤسسة تشتغل بمنطق تخطيط معقلن. لا يمكن لها في فبراير ومارس أن تبرمج لميزانية 2021. وضاعت 2 مليون درهم، وتقلص معها العدد إلى سبعة وسبعين قاعة فقط بعد أن علم أن الأكاديمية تتوفر على تمويل 50 فقط وليس 63. وتدخلت الجهة لتمويل سبعة وعشرين (ستسلمها للأكاديمية) ليصير المجموع سبعة سبعين قاعة فقط، باتفاقية ثنائية وليست ثلاثية بعد انسحاب الطرف الثالث، وبعد تقلص العدد طبعا!
وبطريقة ذكية، اقترح أعضاء اللجنة تحويل 2 مليون درهم إلى ميزانية 2022 (أي بعد الانتخابات) لتعويض المفكك الذي يعرف تعويضه سير السلحفاة، وابعاده من الأولويات، مادام أن بناء عمارة المليار أولى الأولويات، يليها تأهيل التكوين المستمر (الشطر 1) ب200 مليون ومشروع تأهيل عمارة بمقر الأكاديمية،ومشروع تأهيل المركز الجهوي للتربية والتكوين، ومنح صفقات المنح بالمطعمة (ترتورات) بعدما تمت مركزتها جهويا في صفقة 2021، والتي ستفتتح يوم الثلاثاء تاسع مارس بحد أدنى (2 مليار و 600 مليون سنتيم من 6 حصص)، ستتلوها طبعا صفقة مليار و 200 مليون مخصصة للتكوين المستمر التي ستكون حصة الأسد منها لاشك ممركزة جهويا ومن نصيب التريتور، الذي سيجول بجهة سوس مسة لتغذية المتكونين والمكونين.. وهذه قصة أخرى أثارها المتتبعون وانتقدها المختصون وبلغ صداها باب الرواح ومؤسسات الحكامة.
وفي سياق متصل، سيتم استكمال تجهيز المؤسسات الثانوية بقاعات متعددة الوسائط كالتالي: 50 سنة 2021 و 20 سنة 2022 و 20 سنة 2023، حسب وثيقة برنامج عمل الأكاديمية، وتبعا لذلك لن تصل سوس مسة إلى تحقيق الهدف، خصوصا مع ضياع الأولويات، التي لم يعد التلميذ في مقدمتها.
يجر الوضع المؤلم للسؤال مرة أخرى عن الأنترنيت، وأين وصل تعميمه على المؤسسات التعليمية الذي وعد به في نهاية شتنبر 2020 وأغضب الوزير سعيد أمزازي. فحتى الأرقام التي قدمت والنسب في المجلس الإداري محتشمة مقارنة مع أكاديميات مجاورة بلغت بها النسبة 100 في المائة.ويطرح المتتبعون أسئلة كثيرة من قبيا هل المهم هو ربط حاسوب بصبيب ضعيف ورمي الحبل على الغارم كما يقال، حتى يقال أن المؤسسة مربوطة بالأنترنيت وبعضها مجهز بقاعة متعددة الوسائط، أم الهدف هو نشر صور الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يوم الاثنين؟! والذي ستقاطعه النساء “الحرائر” بعدما فطنت الحرائر أن الهدف منه تلميع الصورة بعد صدمة العام الماضي، واللقاء التواصلي مع جمعيات الآباء يوم الثلاثاء القادم، وتدبيج عبارات أنجزنا كذا وكذا…للنفخ في “المنجزات الورقية” في لقاء نهاية الشهر مع الوزير.. رغم أن ما يقعد في المؤسسات التعليمية وفي واقعها بجهة سوس ماسة الذي تعريه الأيام والمحطات، فيما يهرول البعض نحو مزيد من تعميق الفارق بعد آثار نتائج الباكلوريا الصادمة ومؤشرات الاكتظاظ والهدر المقلقة ونسب المردودية الداخلية ووضعية الداخليات ال 46 المشمئزة (66 في المائة) وأكثر من 2600 حجرة من البناء المفكك(عدد كبير منها جوار مقر الأكاديمية ) يتألم لحالها التلاميذ والأسر طالبين استرداد الحق والمستحق؟!
وقد أكد مصدر للموقع أن مقصلة المحاسبة لمؤسسات الحكامة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات التي ستعري المستور تدنو من الرقاب، رغم محاولات ثلة الهروب بالترشح لمناصب مقابل وعود. أما محكمة جرائم الأموال فجمعية حماية المال العام لا تتهاون في تفتيت الملفات وتقديمها للتحقيق. وما يروج من تخبط في مشاريع سوس مسة، فالرمن كفيل بكشف عوراته أمام الرأي العام أمام هذا الصمت الرهيب لجل الشركاء الاجتماعيين الذين فضحت أمر تواطئهم واقتصارهم على القضايا السطحية للشغيلة بالجهة لدر الرماد على العيون!
ليبقى السؤال المقلق:كيف ينام البعض بسوس وأوضاع التربية والتكوين وأوجاعها تتفاقم في سوس مسة يوما بعد يوم، حتى صارت بذكرها الركبان داخل الأكاديمية وفي المديريات وبباب الرواح، وقفشات”التلميع والمكيجة” لم تعد تقنع أحدا، بمن فيهم من يرقصون من المسافة صفر، ويباركون ب”العام زين” أمام اكاديميات كانت في رتب وتجاوزتنا اليوم، بل وحملت مشعل مشاريع وبرامج سيأتي ذكرها لاحقا من قبل الاعلام الصادق النزيه، وبقيت سوس مسة تندب حظها العاثر مما أصابها وحل بها!!
من اعداد : بوتفوناست
عذراً التعليقات مغلقة