بعد مغادرة المناضلين الحقيقيين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خرج علينا ممثل فلوله بتزنيت، او ما تبقى منه، في احدى اللقاءات الافتراضية حول موضوع: “الإعلام والمجتمع المدني بين السلطة والسلطة المضادة”، خرج يعزف مرة أخرى على نفس الوتر، بإشادته مجددا بتجربة 2003/2015 مدعيا انها طورت الديمقراطية التشاركية، نظرا لكون المجلس السابق كان على رأسه قوى حية تؤمن بالحوار، وبحق الشعب في المشاركة والمساهمة في تدبير الشأن العام، بخلاف التجربة الحالية التي شهدت نكوصا وانتكاسة.
هذا الادعاء الذي يردده دوما اتحاديو اليوم، لو افترضنا صحته، فلا نجد له أثرا الا في اشراك الجمعيات التي تنتمي للقبيلة الحزبية لنائب الرئيس، أو التي تشاركه نفس المصالح، بينما يتم اقصاء الجمعيات الأخرى التي يعتبرها مخالفة، او جمعيات الخصم، ولم يقتصر الاقصاء الذي ينهجه النائب الأول السابق للرئيس في حق هذه الجمعيات في حرمانها من المنحة السنوية، بل نهج سياسة الوشاية وتوجيه الاتهامات الخطيرة، من قبيل “الترويج للفكر الإرهابي”.
وحتى يتقمص صاحبنا دور الضحية، ادعى انه كان موضوع متابعة قضائية لمدة تزيد عن 15 سنة بسبب رأي أدلى به عقب أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية. هذا الملف الذي يريد صاحبنا أن يحرف عنوانه ومضمونه، بعد ان أنصف القضاء الجمعية الضحية وأعاد لها اعتبارها وبرَّأها من الاتهامات الخطيرة التي ووجهت بها من طرف من يدعي نفسه ضحية لحرية الرأي، في حين أدان القضاء هذا النائب ومستشارا آخر كان له هو أيضا نفس رأي الأول.
وحتى نعود بالرأي العام لمدينة تيزنيت الى تفاصيل هذه الواقعة التي تعود أطوارها الى شهر ماي 2003، أي بُعَيد أحداث 16 ماي الأليمة، حيث ارتكب حزب الاتحاد الاشتراكي جريمة الدعوة الى حل حزب العدالة والتنمية، ومارس عليه تضييقا في الاعلام وكال له سيلا من الاتهامات، محملا إياه المسؤولية المعنوية عن هذه الاحداث.
في ظل هذه الأحداث، وفي احدى دورات المجلس الجماعي لتزنيت ليوم 22 ماي 2003 أي بعد ستة أيام فقط من الأحداث الاليمة التي لم تتضح خيوطها بعد، وبينما عُرض على المجلس مقترح لجنة المالية بصرف المنح السنوية للائحة الجمعيات المقترحة للاستفادة من المنحة السنوية، وفي اللائحة توجد جمعية الآفاق الثقافية التي يعرفها القاصي والداني، بأنشطتها الثقافية والاجتماعية، انتفض صاحبنا، الذي يتقلد آنذاك منصب النائب الأول لرئيس المجلس، معترضا على ادراج اسم هذه الجمعية ضمن اللائحة، ومتهما إياها باستغلال منح المجلس البلدي للترويج للفكر الإرهابي وأن لها علاقة بما وقع في مدينة الدار البيضاء. هذا الاتهام الخطير الذي صدر في رحاب مؤسسة منتخبة ومن قِبل النائب الأول لرئيس المجلس يجب أن يكون له ما بعده، بالطبع فالجمعية وأمام هذا الاتهام الخطير وفي ظرفية بالغة الحساسية لم تسكت، فقد لجأت الى القضاء لإنصافها، وهو ما تم بالفعل، كما أدان القضاء المدعَى عليهما وحكم عليهما بأداء غرامة مالية بشكل تضامني فيما بينهما. هذا الحكم لم يستسغه صاحبنا بطبيعة الحال إذ يُعتبر إدانة حقيقية له ولصاحبه وكشفا لا غبار عليه لسعيه إلى تصفية جمعية مدنية فاعلة بأسلوب سياسوي حقير، ونصرا تاريخيا للجمعية وصك براءة لها، فاستأنفه في مرحلتيه المواليين، غير أن الحكم الابتدائي تم تأكيده في باقي مراحل التقاضي.
هذه إذن هي قصة المتابعة القضائية التي أراد صاحبنا أن يحرف موضوعها، بعد أن لقنته الجمعية درسا قاسيا لن ينساه مادام حيا، وبدل تقديم اعتذار للجمعية وللرأي العام التيزنيتي، أصر على قلب الحقائق وتضليل الرأي العام ولعب دور الضحية بادعائه لجوء الجمعية للقضاء قمعا لحرية الرأي وتضييقا على الرأي، هكذا!!! ولنا أن نسأله:
هل بدعوى حرية التعبير يمكن قذف الهيئات واتهامها بأغلظ الاتهامات واستغلال دماء الأبرياء ضحايا الحدث الإرهابي والركوب عليها لإقبار واستئصال جمعية وازنة واستصدار حكم بالغ القساوة في حق مسيريها؟! وهل حرية التعبير منضبطة أم لا ضوابط لها؟!
وماذا سيكون موقفه لو كان مكان الجمعية؟!
إن هذه الجريمة التاريخية في حق جمعية الآفاق الثقافية كشفت الوجه البشع لبعض أدعياء الديمقراطية، وستكون ذكرى 16 ماي و22 ماي فرصة متجددة لتذكيرهم بحقيقتهم.
*شاهد على تلك الأحداث
عذراً التعليقات مغلقة