“بيلماون ” و “بيدماون ” ، ثرات شعبي انساني .

رشيد حموش13 يوليو 2022آخر تحديث :
“بيلماون ” و “بيدماون ” ، ثرات شعبي انساني .

شكلت ثقافة بوجلود بيلماون بسوس ، وبمختلف مداشر وحواضر المغرب ، مرورا بالريف و الأطلس و الحوز ، ووصولا لغيرها من المداشر والقرى الممتدة عبر سهول وجبال المملكة ، لتضل معها ثقافة بوجلود نافدة على تاريخ ، لا زال يجسد ذلك الموروث الشعبي كجزءا من ثقافتنا المتوارثة عبر الأجيال .

ولا غرابة أن تختلف اسامي هذا الفلكرور الشعبي الضارب في التاريخ رغم ما يجسده من حمولة ثقافية ، أن تختلف وتتنوع حسب المناطق و ألسنتها ، فيطلق عليه في سوس والجنوب المغربي ببيلماون وبوجلود وفي أخرى ببولهيادر او هرمما ، غير انها تظل تسميات مختلفة لتراث شعبي فلكلوري يربطنا بماض جميل ، ماض يلخص جزءا من معتقدات وعادات مترسخة في ادهاننا ، تضاف لاحتفالات عيد الاضحى خصوصية متميزة وتجعل منه ميزة لثقافتنا الشعبية الوطنية ورافدا من روافدها .

موروث إنساني مشترك ، فالى جاتب الطابع الديني لعيد الاضحى ، نحد طابعا آخر ثقافي شعبي ، هدفه الفرجة والفرحة واسترجاع ذاكرة الاجداد ، التي لم تخلوا من بصمات وتجديد الابناء.

لا غرابة أن تظهر الى جانب بوجلود بيلماون ، احتفلات فلكلورية اطلق عليها اسم “كارنفال” او ما تطلق عليه الساكنة السوسية و غالبية المناطق المغربية الامازيغية ،” ببيدماون ” او صاحب الوجوه المتعددة ، تجسيدا لما يضعه اصحابه من اقنعة مختلفة تتناسب وتتناسق مع نوع الالبسة التي يرتدونها وكأننا على خشبة مسرح تختلف فيها الادوار والسيناريوهات الى جانب ماتحمله من رسائل مختلفة ومتنوعه .

فمن جديد و قديم ، و بين ماض وحاضر ، لازالت ذاكرتنا جميعا تختزل لحظات جميلة من مسرحيات ” الكرنفال” ، المتعددة السيناريوهات والادوار والشخصيات والديكورات والملابس والألوان خشبتها الفضاء العام وهدفها الأسمى خلق الفرجة .

إن ثقافة بوجلود بيلماون كموروث ثقافي وشعبي لا مادي ، وكقاسم مشترك بيننا جميعا يوحدنا ويؤلف بيننا في لحظات محدودة ومناسبة محددة ،عيد الاضحى المبارك .

موروث شعبي يحتوي قيم العفوية وقيم الحب والتسامح والتفاهم وحتى أخلاقيات الإحترام و القبول بالآخر، في مجتمع تغيرت ملامحة و هزت قيمه ،فاصبح لزاما علينا جميعا صون ثقافته والتمسك بقيمه الحقة. وعدم السماح لأي كان العبت به والانتقاص من اهمية كموروثه الشعبي إنساني .

وهنا وجب التدكير انه في الماضي وحتى القريب لم يكن مسموحا للاطفال والقاصرين ارتداء جلود الاكباش او الماعز ،كما كانت اسر محددة على رؤس الاصابع في كل منطقة هي من اعطي لها من الاجداد ” بركة ” ارتداء الجلود وهذا جانب آخر من الميتلوجيا التي تميز ثقافة بوجلود .

اليوم ليس هو الحاضر فرغم ماتبدله مختلف الجمعيات الثقافية لصون وحفظ ما تبقى من ذاكرتنا الشعبية والدفاع عنها بل والترافع عنها كإرث انساني مشترك ، إلا أن هناك من يحاول دوما العبث بهذا المكون الثقافي الوطني والعالمي.

ليضل” بوجلود بيلماون ” أحد القواسم المشتركة بين فئات شعبنا الواحد ،دي التنوع الثقافي،
قتسم من القواسم المتداخلة والعديدة. فرابطي الثقافة والتراث يعدان الأبرز في التأثير العاطفي والفكري على الوجدان والعقل .وهنا تبرز الثقافة الشعبية التي هي المكونات الأولى للثقافة الوطنية، كقاسم مشترك نرى أن له المكانة الأقوى في التأثير ،لارتباطه بالمكونات التأسيسية لثقافة الفرد من تلامس معطياتها كجذور ذاكرتنا الشعبية الجماعية ومحدد للانتماء للوطن.

لتبقى ثقافة “بوجلود بيلماون ” أو “بولهيادر ” أو” هرمما “، ذلك الموروث الشعبي والثقافي اللا مادي ، الذي اضحى تراثا انسانيا موضوع العديد من الدراسات الاكاديمية وحديث العديد من الملتقياث الثقافية الوطنية والدولية .

خلاصة الكلام ، ما أحوجنا اليوم لأن نتبصر في العديد من الانزلاقات الخطيرة التي تسيء إلينا ولتثافثنا وتراثنا الشعبي ، ولكنها ابدا لن تنتقص او تعصف بتراثنا الامادي الشعبي بوجلود بيلماون ، كثرات وطني وانساني .

فاول درس اخدت به الشعوب وهي في بؤرة ازماتها ، هو الإلتفات الى أهم ما يجمع بين مكونات فئاتها ،خاصة منها الثقافة الثرات الوطني الشعبي .

ذ/ الحسين بكار السباعي
ممثل المنظمة الدولية للفنون الشعبية IOV العضو الفاعل باليونسكو بالصحراء المغربية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة