الحمد لله ع غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ، لا اله الا هو اليه المصير … أمر الا يعبد الا اياه ، وحصر وقيد الحكم اطلاقا منسوبا الى ذاته العلية المقدسة فقال عزت قدرته : إن الحكم الا لله . وللعلم اللغوي و البياني ان ” أل ” في لفظة الحكم جنسية واستغراقية لكل الاحكام مصداقا لقول الرحيم الرحمن : وما اختلفتم فيه من شيء ( نكرة مفيدة للعموم أيضا ) فحكمه الى الله الذي شدد الوعيد تلو الوعيد على من خالف هذه القاعدة الكلية ورتب على ذلك ثلاثة اوصاف أهونها عظيم وأخفها ثقيل وادقها جليل وايسرها عسير وعاقبتها كلها جحيم وعذاب اليم وشقاء مقيم في الدنيا والاخرة والدين فقال ذو القوة المتين : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وتليها الظالمون ثم تختمها الفاسقون … وكلهم عياذا بالله للنار واردون وفيها خالدون الا من شاء ربك الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . والصلاة والسلام على من خوطب في نفس السياق في سورة المائدة على سبيل الانذار والتحدير بقول القوي القدير : وان احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك … الى أن قال : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين . وترى الذين في قلوبهم مرض ( محل الشاهد ) يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة . صدق الله العظيم ثم رحم الله من قال وما كان أصدقه : ابتغوا الامور بعزة الانفس فإن المقادير تجري على غرز الابر وان كلمة الحق لا تقطع ولا تنقص رزقا كما لا تقدم ولا تغير أجلا. والشواهد في تاريخ الشعوب والامم وفي قصص الانبياء في القرآن الكريم على صحة هذا الكلام جمة تترا واكثر من ان تعد أو تحصى . ومن شك فليسأل أهل الذكر والاختصاص والتجربة والدربة العلمية كما قيل في حق أم معبد رضي الله عنها :
سلوا أختكم عن شاتها وعن إنائها “”””””فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد.
أما بعد، فالصحيح المقطوع به والذي لا مندوحة عنه حيث لا يخفى ولا يستعصي على الاقاصي والاداني والاسافل والاعالي ولا على الاغبياء والاذكياء والاميين والمتعلمين من بني العصر ان القوانين التي تحكمنا وتتحكم في أعناقنا وارزاقنا وتصرفاتنا وحركاتنا وسكناتنا في حلنا والترحال واقامتنا والظعن في ليلنا والنهار وفي بيوتنا ومؤسساتنا ومساجدنا وازقتنا والشوارع وعاداتنا والاعراف في بوادينا والحواضر في هذا الزمان الملبد جوه بسحائب الظلم والصلافة والطغيان الذي بلغ مبلغا يفزع لتصوره قلب الحليم ويذهل عقل اللبيب على شاكلة ما كان عليه في عهد عاد ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد على مر الازمان، الى درجة أنه يخشى على الانسانية جمعاء اليوم ان يحل بها ما هو مقدر على عاد الثانية كما نص على ذلك القرآن ولو تلميحا. خصوصا بعد أن وصل بنا الحال أن تتولى شؤوننا العامة حكومة أبت لنفسها وهواها إلا أن تتقمص بقميص الاسلام الابيض الناصع القليل الحمل للدنس والوسخ والران. أقول وأرجو من الله عز وجل ألا أكون واهما ولا متلكئا فيما أزعم ، وهذا أول وأفظع وأفدح مظاهر الظلم موضوع الرسالة ، إن تلك القوانين المشار إليها عنوة وقصدا باسم الاشارة للبعيد ” تلك ” للدلالة اليقينية على بعد فجها العميق السحيق عن شقة منهاج ربنا وشرعه العادل الحقيق، هي بلا تزيد، قوانين غازية ومستوردة ومغروفة غرفا من معين شرائع اليهود والنصارى الكدر المنهي في الكتاب والسنة وإجماع ربانيي علماء الأمة عن توليتهم واتباع سننهم التي من أبرز مكوناتها وأنكرها شرعا طبعا ، ما يسمى بالديموقراطية . وهي للعلم النافع بإذن الله ، دين وملة ونحلة متبعة بجدارة وامتياز . ولا أخال سورة “الكافرون” نزلت إلا في أمثالها مناسبة وتحذيرا وبراءة وإنكارا . وهذا كلام دقيق ومسئول وذو بال يجب التنبه إليه جيدا أقوله وأصرخه بملء فمي بالرغم من أنني أعلم يقينا جازما أنه لا ولن يروق كثيرا من الناس. ولكن ولئن جهرت به وصدعت فليس إلا ابتغاء وجه ربي الاعلى ومعذرة إليه ، فاللهم إني قد بلغت فاشهد. أما ارضاء الناس عموما فغاية مستعصى بل مستحيل دركها وقليلة ضئيلة جدواها وعائدتها كما أن سخطهم وغضبهم ليس بضائري إلا أن يشاء الله شيأ: وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وان يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير . فالأمر إذن منته منذ البداية وفي غاية الوضوح والشفافية .
ذلك وقبل الولوج ، ولوج الكرام الامناء إن شاء الله في شجون الرسالة والاسترسال المطرد في مناقشة حيثياتها وأصولها والفروع، يجدر بنا ويجمل أن نقدم تشخيصا صحيا تقريبيا ورامزا لحال ثلاثة أطراف لها علاقة وريدية بما سياتي تناوله .
أولا : حال بلادنا الذي انتقل من ماض حافل طافح بالامجاد والبطولات والمكرمات عز على الزمان واستعصى على التاريخ وخلاعنه أن يأتي بمثلها ونظيرها ليس إلا بفضل مكارم أخلاق أهلها وجهادهم وصدق انتمائهم لدين ربهم وسائر أعمالهم الصالحات التي يذكرون بها الى آخر الدهر. إلا أن حاضرنا وللأسف البالغ الرهيب وخصوصا في عهد حكومة إسلاميي آخر الزمان يبدو فيه للأعيان أن كل أو جل هذا الثرات الموروث النفيس عبر تعاقب الأحقاب قد جرف أو يكاد يجرف الى درجة أن أنسب صورة تشخيصية لواقعنا المرير المعاصر العصيب هذا مع ما نلحظه فيه من تدفق وانهمار نعماء الله و آلائه على هذا البلد الأمين خاصة من جهة ومن كثرة المعاصي والذنوب والكبائر المقحمات الموبقات الظاهرة منها والباطنة التي باعثها الاساسي هو البعد عن دين الله وهجره ومجافاته ومعاداته ومشاقته جهارا ظهارا من بني جلدته وملته من جهة ثانية هي بالذات المشهد الفظيع المتجسد في قوله تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ، حتى إذا فرحوا بما آوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . والابلاس للعلم هو الخروج والطرد من رحمة الله عز وجل ، ومن جدره اشتق اسم إبليس عليه وعلى جنوده وأوليائه لعائن الله الى يوم الدين . والآية المذكورة مفهومة الألفاظ و العبارات ومحكمة وقطعية الدلالة والمعنى . إلا أنه من باب جواب الحكيم ومن أجل الزيادة في الإيضاح والتبيين فالمرجو من القارئ الكريم أو السامع أن يتأمل معي فيها جيدا عبارة ” فتحنا عليهم أبواب كل شيء ” ويقارنه بمصطلح ” بركات ” وأنعم به من مصطلح وأعظم في قول رب العزة في حق أهل التقوى والايمان : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض .
فضلا عن ذلك فالحقيقة التي لا مساغ للإمتراء فيها ولا الجدال ان الآية محل الاستشهاد تعالج معادلة ثلاثية الابعاد قد تحقق الاول والثاني منها وهما نسيان الذكر وانفتاح أبواب كل شيء على سبيل الاملاء والاستدراج ولم يبق اذن إلا الثالث وهو الأخذ المباغت المفضي الى الابلاس والافلاس بعد استئصال الخضراء واجتثات الشأفة نسأل الله العافية والسلامة في الدين والدنيا والآخرة جميعا : وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظالمة ان أخذه اليم شديد. وأيضا : ذلك ان لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون. ويفهم منها ان علة عدم الاهلاك هو انتفاء سببه المذكور وهو الظلم المقرون شرطا بالغفلة . وكما أنه وبكل بساطة لا يستقيم منطقا عقلا ونقلا ان نتصور تواجد الغفلة وسوادها في بلد او مجتمع راق وناضج تحكمه حكومة اسلامية المرجعية. وبالتالي فالنتيجة الجدلية اوضح وابلق من ان يصرح بها، فاكتشفوها اذن بأنفسكم واستعينوا ان شئتم بقول ابي بكر الذي ما طلعت الشمس على رجل بعد نبي أفضل منه حين اشتدت عليه وطأة الحمى المنتشر داؤها في المدينة بعد الهجرة فقال مشتكيا :
كل امرئ مصبح في اهله “”””” والموت ( والهلاك) ادنى من شراك نعله
والحق ان الموت ليس بالضرورة دفن الرفات والجثت في اللحود ولكن الموت الحقيقي هو موات القلوب التي في الصدور وعماها. أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها.
فكم حي رخام القبر مسكنه”””””وكم ميت على قدميه انتصبا
وهذه هي القيم التي يجب ان يعيها ويتمسك بنهجها وغرزها هؤلاء المسؤولون الاسلاميون الذين يخشون من أوباما وميركل وبنيامين وبن شمال وبن وسط وغيرهم ممن لا يملك مثقال ذرة في السموات ولا في الارض كخشية الله او أشد خشية : ” اوا ها تيسلميت اورد نوغات تفقرت ” وعلى أية حال فإن ما أصاب أمتنا الاسلامية العليلة السقيمة من أمراض وآفات وتنكيلات وازدراءات واهانات وأزمات عضوية ونفسية وخلقية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ودينية عقائدية خاصة لا مجال لمقارنته بحال مع الف الف حمى تصيب المدينة والجحفة وصنعاء وعدن وبغداد ودمشق التي نرثيها ونبكي دموعا ساخنة عليها وعلى غيرها من أمصار وعواصم البلاد الإسلامية شرقا وغربا على ضوء قصيدة أحمد شوقي في رثائه إياها بأبيات رائعة المعاني والمباني ومنها :
سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق
الست دمشق للإسلام ظئرا ومرضعة الأبوة لا تعق
الى أن قال : وللأوطان في دم كل حريد سلفت ودين مستحق
ففي القتلى لأجيال حياة وفي الأسرى فدى لهم وعتق
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
جزاكم ذو الجلال بني دمشق وعز الشرق أوله دمشق
أما عن تشخيص حالة حكومة الإسلاميين التي نقضت غزلها وإيمانها من بعد قوة انكاثا وبعد التوكيد المعلوم المعهود فلا أرى لها مثلا خيرا من قوله عز وجل : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ( والمرجعية الاسلامية آية من آيات الله اليقينية الكبرى ) فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الأرض ( العلة الأولى ) واتبع هواه ( العلة الثانية ) فمثله ( المستحق ) كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث. ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون . وهذا قصدنا وغايتنا من هذه البيانات نسأل الله القبول والثواب الجزيل والذكرى لمن كان له قلب سليم. هذا إذا اعتبرنا الانسلاخ المشين لحكومة الاسلاميين عن مرجعيتهم الاسلامية قرينا للغواية وسبيلا مستبينا الى الضلال المرجو على كل حال التوبة والإنابة الى الله عز وجل منه بعد ارجاع الحقوق قبل فوات الأوان الى المغاربة الموصوفين من خلال ممثليهم في البرلمان بالسفهاء . أما إذا اعتبرنا ذلك توليا صريحا دون الردة وفوق النفاق ، ان صحت وأصابت هذه المقاربة البينية لوضعية هؤلاء بعد أن عادت آزمة تولية الامور في البلاد الى حزبهم فالمعادلة ستتحول اذن من سيء الى أسوأ ومن فظيع الى أفظع لينالوا نصيبهم الوافر كنيل اليهود لنصيبهم من غضب الله من وعيد قوله عز وجل : يا ايها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المومنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم … وأيضا : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. وأيضا : فإن أعرضوا ( وقد فعلوا ) فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود … وما هذا وما شاكله على الله بعزيز. وعليه فكما قال الشاعر :
ولابد من يوم أغر محجل “””” يطول استماعي بعده للنوادب
فانتظروا أنا معكم منتظرون ومتربصون ، وبقدر ما تطول مدة الانتظار فسوف يحمي ويشتد وطيس حرب الاعصاب بيننا والفكرية المبدئية ولن يفارق سوادنا سوادكم حتى يموت الاعجل منا . ” وانا ايسديدن إكيطي، تصفا لخاطر فونشكان وزيادة ” وكل ذلك على أساس : وإن عدتم وأصررتم عدنا وأصررنا واخشوشنا.
إذا عادت العقرب عدنا لها “”””وكانت النعل لها حاضرة
هذا والواجب ان يعلم ، معشر جنود حزب المصباح في تيزنيت خاصة وفي البلاد عامة ، ان المغاربة لو كانوا معكم كلهم جميعا وعن بكرة أبيهم مساندة وتعاطفا ومداراة وتملقا لما تردد العبد الضعيف لحظة في إبداء معارضته ومعاداته الصريحة لحزبكم ولفكركم حتى تنفرد سالفته أو يهلك دون ذلك . والحقيقة ما ترون لا ما تسمعون . والامر جد وحزم وعزم وليس هزلا ولا من قبيل لعب الزحاليق. والسلام على من اتبع الهدى .
أما الصنف الثالث المطلوب تشخيصه لتكتمل الصورة وتستبين معالم القضية وتتمحص جميع أطرافها فهم الذين اقتبست من شرائعهم القوانين التي تحكمنا بمقتضياتها حكومتنا الاسلامية الواجبة الاحترام منذ سنوات خلت والذين من أوجب فروض الأعيان علينا كمسلمين حيالهم أن ندعوهم ونبصرهم ونحضهم على سبيل الخير والنجاة والرشاد كما أمرنا من قبل ربنا الرحمن من خلال خطابه لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا ( بصيغة الجمع الصريحة ) اشهدوا بانا مسلمون . وهذا هو أدنى حق لهم علينا لا عذر ولا مندوحة تشفع لنا في تضييعه أو التفريط فيه كأمانة ربانية ملقاة على كواهلنا جميعا وخاصة العلماء والأمراء والحكومات وسائر المسؤولين الأول فالأول ممن يعنى بقوله عز وجل يوم الحساب : وقفوهم انهم مسؤولون . اقول أنها أمانة تزن الجبال يجب اداؤها بحقها الى هؤلاء الذين انبطحنا لهم حتى غزونا بثقافتهم وفتنهم وضلالاتهم ورذائلهم وقوانينهم المعطوبة الى أن أصبح حالنا مع منهاج دين ربنا القويم الذي إنما جاء ليتمم مكارم الأخلاق في الإنسانية جمعاء هو بالذات ما عناه الشاعر السفيه الماجن المجنون ببيته السخيف المعوج :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها”””””واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
قبحك الله أيها السافل الخاسر الجائع العريان.
هذا عن الجانب السلبي عن حال أعدائنا والخصوم باختصار شديد جدا ، أما من الناحية الايجابية المحمودة نسبيا وهي الوحيدة التي شرع واباح لنا ربنا الكريم سلوك مسلكهم بشانها وبشكل مؤكد وحثيث ومصحوب بوعيد شديد عند عدم الفعل والائتمار اللا مشروط وهي روح التعاون والتناصر والموالاة بعضا لبعض والتي لو حق لبني زماننا ان يغبطوهم او يحسدوهم في شيء لكانت اولى بذلك واجدر بلا ادنى شك . والدليل الذي لا دليل بعده ليس سوى ما صرحت به الاية الكريمة من سورة الانفال في قول ربنا الرحمان : والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ، الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير . وهل شهدت الدنيا فسادا وفتونا أكبر وافدح مما تراه اليوم ونسمعه ؟ ومن جنس الاية وعلى شبه وزنها : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار… وهذا هو مقتضى ثاني مظاهر ظلم القوانين موضوع الرسالة بمعنى أنها لا تحقق مبدأ الموالاة والتناصر وهما من أوثق عرى مبادئ الاسلام على أساس قاعدة : انصر أخاك ظالما أو مظلوما … وأيضا : المسلمون بعضهم من بعض هم جميعا يد واحدة على من سواهم ويسعى بذمتهم ادناهم. فأين نحن اذن وأين حكامنا وعلماؤنا وصالحونا وبنكيراننا وحزبه حزب عدالتنا وتنميتنا من هذا ومن نخوة المعتصم الذي ما تردد لحظة في الامر بنفير جيش عرمرم دفاعا عن عرض امرأة مسلمة هتكه علج من علوج الروم واصفا زعيمهم نكفور بكلب الروم بعدما نادته مستنجدة من مكان سحيق: وامعتصماه ! فأجاب على التو بمقتضى من قال :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات عما قال برهانا.
والقصة أشهر من أن تعرف وانما سقناها لنلفت أنظار المسؤولين ان حال الامة بهذاالصدد لا يعدو ان يكون كما شخصه البيت الاخر من نفس القصيدة المصدر
لكن قومي ولو كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء ولو هانا.
ثالث مكامن الظلم في القوانين الوضعية الدخيلة على بلادنا والمضاهية لشرع ربنا يتمثل في كون الأحكام المتمخضة عنها يكون منطوقها باسم جلالة الملك على غرار ما هو معمول به في فرنسا مثلا على صيغة : باسم الشعب … او باسم الحرية والديمقراطية والمساواة او باسم الوطن او غيرها مما لا يستحق في شرعنا من المخلوقات ان يفعل شيء باسمه من دون الله الخالق البارئ المصور الذي له وحده لا شريك له مطلق الحاكمية والعالمية والقادرية والمالكية والخالقية . ومن شواهد هذه المسلمة التي يجب التنبيه من خطورتها :
1 – ان أول ما نزل من القرآن على خير البشر هو كلمة ” اقرأ” اي تعلم باسم ربك الذي خلق اي باذنه وتوفيقه وعونه ورضاه وقس على ذلك كل ما يتصور ان تاتيه بعد العلم بمعرفة ربك من أعمال وأفعال و أقوال وعادات وعبادات شعائرية وتعاملية وتشريعية وغيرها بدءا من : واعلم أنه لا اله الا الله وصل وصم وحج وكل واشرب وتزوج وصل واقطع وادخل واخرج واحب وابغض وتاجر واقض ان قضيت واحكم ان حكمت باسم الله اي على وفق شرعه ومنهاج سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ليس إلا وفي كل جليلة ودقيقة من حركاتك وسكناتك على الاساس المتين : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ( وباسم الله ) رب العالمين لا شريك له ( في ذلك كله ) وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
2 – ان جلالة الملك مع ما نكن له من اجلال واحترام وتقدير وطاعة مشروطة بالمعروف والاستطاعة مأمور بها من لدن رب العالمين ليس من مصلحته في دنياه واخراه ان تصدر الاحكام باسمه لانه بصفته بشرا يستحيل عليه العلم بعدلية وصدقية او جورية وظلمية ما ينطق به نيابة عنه الاف او عشرات الالاف او مئاتها من القضاة الذين لا يعرف شيئا عن ورعهم وتقواهم وكفائتهم وأهليتهم لاخطر منصب واقرب وظيفة او مهنة من النار. مع العلم ان لا شك ان جلالته سيسأل أمام الله عن كل تلك الاحكام إن ليس الا للعلة السالف ذكرها او ما دونها او ما فوق. وعلى هذا الاساس فعلا حقا وصدقا اسست وبررت موقفي في الرسالة التي وجهتها الى شخص جنابه منذ عامين تقريبا على سبيل النصح والاعذار وتوصيل القول للذكرى والمودة في القربى الاسلامية تحت عنوان رسالة نصح الى جلالة الملك فليرجع اليها من كان يرغب في الاطلاع والاستئناس بما احتوت عليه علاقة بموضوعنا هذا وذلك عن طريق الفيديو المبثوث على شبكة يوتوب الالكترونية.
3 – اذا كان الله عز وجل أبى الا ألا تستهل هذه الاحكام المنافية لشرعه والتي لا يذكر اسمه لا في وقائعها ولا في تعليلاتها ولا في مقتضيات القوانين المعتمد عليها في اصدارها فما الذي حمل جلالة الملك ولا حتى اسلافه رحمة الله عليهم ان يقبلوا بهذا الاجراء التشريعي او المسطري الذي من مبررات تفاديه أنه إن كان فيه شر ووزر، وهذا هو الراجح بل المقطوع به ، فشر جنب، وان كان فيه فضل ، فمجرد فضل ضاع اوفات، وينجو المرء بجلده ورأسه الى ساحل السلامة الواسع فضلا من الله ومنه ونعمة ورحمة. وللحديث بقية نعود اليها ببيان وتفصيل وشواهد نيرات في باقي أجزاء هذه السلسلة الجديدة المباركة ان شاء الله والتي سنخصص الحلقة المقبلة منها للحديث عن ملفات ساخنة منها ان هذه القوانين الغازية تحرم ما أحل الله وتحل ما حرم كما هي الحال في الاحوال الشخصية تزويجا وتطليقا وتعددية وفي شأن الربا والخمر والزنا وغيرها. ومنها أيضا تخويلها لاقحام طرف ثالث بين القاضي والمتقاضين وهو المحامي ذو المهنة المشبوهة شرعا بل التي لا أصل لها ولا مسوغ في شريعة الاسلام الطاهرة الى جانب قضايا أخرى كتعقيد المساطر وطول الاجراءات وتعسير وتحريج الالفاظ والعبارات على الفهم السليم المبسط الى جانب بدع الاستئناف والنقض للاحكام مع ما يوازي ذلك كله من آفات الرشاوي وشهادات الزور وغيرها مما لم ينزل به الله من سلطان لا في كتابه الحكيم ولا في سنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم .
وبكل تواضع ، بل بلا تواضع، فإن هذا الجهد الملكف والمرهق الذي ابذله لاستشهد وابرهن وادافع عما اعتقده اعتقادا مبدئيا راسخا أنه الحق دون القطع بصحته يقينا، انما افعل ذلك من باب الاعذار الى الله على سبيل خير الصدفة جهد المقل المقصر . والا فلا احد من الجن والانس دون الانبياء والرسل اولي الهدى والعصمة يستطيع ان يزعم انه يحتكر الحقيقة في امر من الامور… ولو كان ذلك ممكنا لكان الراسخون في العلم من الأئمة والفقهاء الاجلاء النبغاء احق وأجدر بهذه المزية او الميزة ضدا على القاعدة القائلة إن قول العالم ( أي عالم ) يحتج له، اما قول النبي فيحتج به استقلالا. ورحم الله الراجز الذي نظم هذه المعاني بقوله الفاصل المنصف في حق الأئمة الاربعة رضي الله عنهم وارضاهم ونفعنا جميعا ببركة علمهم وتقواهم :
وقول اعلام الهدى لا يعمل “””” بقولنا بدون نص يقبل
فيه دليل الاخذ بالحديث “””” وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة الامام “””” لا ينبغي لمن له اسلام
أخذا بأقوالي حتى تعرضا “””” على الحديث والكتاب المرتضى
وما لك امام دار الهجرة “””” قال وقد أشار نحو الحجرة
كل كلام منه ذو قبول “””” ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال ان رأيتهم “””” قولي مخالفا لما رويتم
من الحديث فاضربوا الجدار”””” بقولي المخالف الاخبار
واحمد قال لهم لا تكتبوا “””” ما قلته بل اصل ذلك فاطلبوا
فانظر ما قال في الهداة الاربعة “””” واعمل بها فإن فيها منفعة
لقمعها لكل ذي تعصب “””” والمنصفون يكتفون بالنبي
صلى الله عليه وسلم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
عبد الله أبوحميدة
عذراً التعليقات مغلقة