المتهم عازب بدون مهنة، في ربيعه الثامن عشر، وجد نفسه متابعا بتهمة القتل العمد واغتصاب أحد المحارم بموجب قرار ابتدائي حمل «رقم 29» صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية.
أما ملف القضية فدون في مقدمته الرقم 78/12. في ثالث جلسة مثل خلالها أمام العدالة بعد التحقيق الذي خلص إلى كون المتهم أقدم على اغتصاب ابنة شقيقه، وكتم أنفاسها بحزام سرواله. تقدمت أسرتها بشكاية مدعمة بشهادة طبية اعتقل على إثرها المتهم، وأدين بـ 12 سنة سجنا نافذا وبأدائه تعويضا مدنيا قدره 30 ألف درهم.
فوجئ جيران عم الطفلة بمجيء والدتها لتتفقدها بعدما ظلت تطرق الباب أكثرمن مرة دون أن يجيبها أحد. غادرت المكان تبحث عن طفلتها ظنا منها أنها رافقت عمها إلى مكان ما بالدوار. مرت الساعات ولم يظهر أي أثر للطفلة.. توجهت ثانية إلى بيت عمها وظلت تطرق الباب بقوة.
وكانت المفاجأة غير السارة، حوالي الساعة التاسعة ليلا، بعدما فتح شقيق زوجها الباب وهو في حالة غير عادية، وحين شرعت في استفساره عن طفلتها ظل صامتا لايدري من أين يبدأ الحكاية قبل أن يغادر صوب وجهة مجهولة. في ذلك الوقت تملك الأم إحساسا بأن مكروها قد أصاب الطفلة، وبسرعة تسللت إلى البيت وظلت تبحث عن فلذة كبدها، وكأنها من أفراد الشرطة حين يؤدن لهم بتفتيش بيوت متهمين بالسرقة الموصوفة، أو ترويج المخدرات وغيرها من الأفعال الإجرامية التي تتطلب تفتيشا دقيقا للحصول على أدلة تدين المتهمين.
في ذلك الوقت كان العم قد غادر البيت صوب وجهة مجهولة يساءل نفسه عن مصيره، وأين سيختفي لتجنب عيون رجال الدرك بعدما يكتشفوا أنه عبث ببراءة ابنة أخيه وكتم أنفاسها بكل ما أوتي من قوة حتى سرت في جسمها النحيف قشعريرة لفظت على إثرها أنفاسها الأخيرة. أثارمشهد الأم وهي تنعي ابنتها فضول الجيران الذين منهم من لحقوا بالبيت، لتقصي الخبر من مصدره ومعرفة ما جرى للطفلة. وبعد طول انتظار شاهدوها تحمل طفلتها وتنعيها بعد أن عثرت عليه جثة هامدة بداخل صندوق خشبي وضعها بها عمها. حين ذلك تأكد لهم أن الطفلة تعرضت لاعتداء، وهو الأمر الذي استبعدوه في البداية قبل أن يعلموا أن عمها قد كتم أنفاسها وخبأ جثتها بداخل صندوق.
اغتصاب الطفلة وكتم أنفاسها
تعود وقائع القضية إلى أواخر ماي 2012، حين اهتز الدوار لخبر هتك عرض شاب من مواليد 11 غشت 1995، ابنة أخيه بعدما قصدت الطفلة منزل عمها في الساعة العاشرة من صباح ذاك السبت الأسود، أملا في أن تظفر بفاكهة منه أو بعض الحلوى كما عودها على ذلك. غادرت الطفلة البيت بعدما سمحت لهاوالدتها، ولم تكن الطفلة الصغيرة، وهي بين ذراعي عمها بعدما قصدته واستأذنت والدتها، تدري أن الأقدار تخبئ لها في ذاك اليوم مفاجأة غير سارة، بعدما تحول عمها من شاب “عزيز عليها”، يغمرها بالحنان والعطف وبالهدايا التي طالما اقتناها من متجر بالدوار، إلى وحش افترس جسدها بعدما أحكم إغلاق باب منزله وشروعه في ملاعبتها بطريقة اعتبرتها عادية قبل أن تسقط فريسة له.
ظنت الأم التي سمحت لها بعد العودة من بيت عمها باللعب في حدود البيت مع أقرانها فرصة لتروح عن نفسها، وحين قضت وقتا في القيام بأشغالها المنزلية تذكرت أن ابنتها استغرقت وقتا في اللعب، واستشعرت بعض الخوف وبسرعة غادرت البيت للبحث عنها بعد قيامها بإطلالة في الجوار فلم تعثر عليها وشرعت في البحث عن الطفلة التي غابت عن الأنظار. لكن بحثها لم يسفر عن شيء، فقررت مساءلة بعض من أقران الطفلة من الجيران، فعلمت منهم أنها رافقت شقيق والدها إلى بيته.
احتمالات عديدة طرحتها والدة الطفلة هل هي في أمان برفقة عمها؟.. لكنها تركت الجواب للساعات القادمة. ظل نظر الأم منصبا على عقارب الساعة التي تجاوزت الحادية عشرة، وكان الحزن يخيم على أجواء البيت بدون الطفلة، ولم تعد الأم تحتمل الانتظار أكثر فخرجت للبحث مرة ثانية عن طفلتها ببيت عمها، بعد عملية البحث ببيته عمها لم تعثر عليها حيث لم تجد بالبيت من يرد عليها، وظنت أنها رافقته للاستجمام والاستمتاع بالطبيعة بالمروج المحاذية للدوار، وهذا ما طمأنها وجعلها تنتظر عودتهما إلى البيت، إذ لم يخطر ببالها أن يصيبها مكروه في وجود عمها الذي هو بمثابة والدها بعد وفاة شقيقه.
طال الانتظار وهي تراقب عقارب الساعة.. هرولت الأم في اتجاه بيت شقيق زوجها، وتمنت أن لا تكون قد تعرضت لاعتداء، حسب ما قادها إليه حدسها. لم يهدأ لها بال وظلت تطرق الباب في ذلك الوقت. كان العم لايدري مايفعل، بعد أن غرر بالطفلة وجعلها ترافقه إلى البيت، ليهتك عرضها ويلبى رغبته الجنسية المتوحشة على حسابها، ولم يترك له صديقه الثاني “الشيطان” من فرصة غير أنه أوجس له بإخفاء معالم الجريمة، وذلك بقتلها بعد أن كتم أنفاسها، ليجد نفسه متورطا في جريمة قتل، كان عليه إخفاء الجثة، وبعد تفكير في الموضوع خطر بباله وضعها بصندوق.
اعتقال العم الجاني
بمركز الدرك جلست الأم تحكي فصول الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له الطفلة، والتي لو كانت الأم تعلم أن مرافقة طفلتها لعمها سيؤدي بها إلى مصرعها خنقا على يد عمها بعد هتك عرضها، ولو كانت تعلم أن مثل هذه الذئاب البشرية التي لاتمنعها صلة الدم والقرابة من الإقدام على مثل هذه الأفعال الإجرامية الشنيعة لما سمحت له بلمسها لكن براءة الأطفال في هذا السن وتعامل الناس معهم برفق وحنان، خصوصا أنه شقيق والدها وفي مرتبته بعد وفاته. ما جعلها وبعدما وقعت الفأس في الرأس تستسلم للقدر الذي لا مفر منه، وهي تعلم أن إيقاف شقيق زوجها لن يفيد في شيء، على الأقل سيعفي أطفالا آخرين من الوقوع في قبضته ليعتدي عليهم جنسيا.
تفهم الضابط موقفها وتأسف لوقوع مثل هذه الأفعال الإجرامية التي استفحلت وباتت تهدد سلامة وشرف أطفال أبرياء قبل أن يطمئنها على القيام بالواجب من أجل إيقاف الظنين وتقديمه للعدالة لينال عقابه.
غادرت الأم بعدما دعمت أقوالها بشهادة طبية تبين ما لحق بالطفلة من أضرار جسدية، وجد المتهم العازب الذي عاش وسط أسرة فقيرة نفسه أثناء التحقيق معه في موقف حرج، وتمنى لو انشقت الأرض وابتلعته على أن يصبح متهما بهتك عرض طفلة شقيقه الذي أوصاه قبل وفاته بلعب دوره في حياتها وحمايتها، لينطبق عليه القول المأثور: “وصى الذئب على الخرفان”. شعر بالندم الذي جاء متأخرا بعدما أصبح متهما بتهمة هتك عرض طفلة، وهي الجريمة التي استنكرها جميع سكان الدوار، وأفراد الأسرة، وأقاموا الدنيا وأقعدوها قبل أن يستسلموا للقانون حين وصل الخبر إلى أسماع رجال الدرك..
فتح تحقيق في النازلة على إثرها تم إيقاف المتهم الذي تمسك بالإنكار والتملص من المسؤولية في فصول الواقعة الجنسية الشاذة التي كان بطلها صبيحة ذلك اليوم المشؤوم في حياة الطفلة ووالدتها، والذي سيؤرخ لأسوإ ذكرى في حياة الأم. وبناء على نتيجة البحث مع المتهم الذي اعترف بالقتل ونفى هتك عرضها، والشهادة الطبية التي أثبتت ما لحق بالطفلة «سناء» من أضرار جسدية بعد الفحص الذي أجري على أعضائها ودبرها. أحيل المتهم على العدالة التي أودعته السجن بعد متابعته بتهمة قتل طفلة دون سن الثانية عشرة من عمرها وهتك عرضها، وأودعته السجن في انتظار انطلاق محاكمته. وبعد المحاكمة أدين بـ 12 سنة سجنا نافذاو وبأدائه تعويضا مدنيا قدره 30 ألف درهم.
تفشي الظاهرة..
أصبحت ظاهرة اغتصاب وهتك وقتل الأطفال تشكل الشغل الأساسي للأسر المغربية، بسبب تنامي هذه الظاهرة الغربية، والخطير أنها تتزايد دون مراعاة الجانب النفسي والعضوي للأطفال الذين يقعون بسهولة فريسة سهلة في يد ذئاب بشرية يقدمون على هذه الأفعال المشينة بغير وعي بأضرارها لإشباع رغباتهم المكبوتة على حساب أجسام صغيرة تثير شهوتهم، والأكثر من ذلك الإقدام على قتل الأطفال الضحايا لإخفاء معالم الجريمة والأمثلة عديدة على مثل هذه الأفعال الشنيعة التي تطفو فوق السطح بين الفينة والأخرى ..
العديد من الأسر دمرت بعض تعرض أطفالها لمثل هذه الأفعال، ووصلت بها الأمور إلى حالات النفور والطلاق بعد عدم تقبل ما وقع لأطفالها والخوض في تبادل اللوم بعدم الحرص والمتابعة لتحركات أطفالهم من طرف الأمهات. وقد تؤدي الكارثة إلى ما لم يكن في الحسبان. وفي حالات أخرى يكون الطب النفسي البديل لإعادة التوازن لشخصية الأطفال والآباء ولتجنب الفضيحة والسقوط في هذه المشاكل، تختار العديد من الأسر الصمت والتستر وتفضل التكتم على مثل هذه الجرائم، وذلك خوفا من «العار والتشهير»
.عن الأحداث المغربية.
عذراً التعليقات مغلقة