أميركا تتجه لأزمة دستورية غير مسبوقة

الوطن الأن10 أكتوبر 2019آخر تحديث :
أميركا تتجه لأزمة دستورية غير مسبوقة

حسب تقارير اعلامية ، فقد قرر البيت الأبيض رفض التعاون مع التحقيقات الجارية التي يسعى الديمقراطيون من ورائها لبدء إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب، واستند في ذلك إلى أن التحقيق يفتقد “الشرعية الدستورية”، ومن شأن هذه الخطوة أن تضع الولايات المتحدة أمام أزمة دستورية.
ويحاول الديمقراطيون من خلال سيطرتهم على مجلس النواب كشف ما إذا كان ترامب أساء استغلال منصبه، عندما طلب من الرئيس الأوكراني فتح تحقيق في الفساد بشأن عائلة جو بايدن نائب الرئيس السابق، المرشح الرئاسي المحتمل عن الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية 2020.
وعلى النقيض، اتهم بات سيبولوني محامي ترامب رئيسةَ مجلس النواب نانسي بيلوسي بالعمل على “إلغاء نتائج انتخابات 2016، وحرمان الأميركيين من الرئيس الذي اختاروه بحرية، ومحاولة التأثير على انتخابات 2020”.
وفي رسالة بعثها إلى بيلوسي، قال سيبولوني إن “تحقيقكم يفتقد إلى الأسس الشرعية الدستورية أو أدنى مظاهر الحياد”، مضيفا أنه في ظل هذه الظروف “لن يسمح الرئيس ترامب لإدارته بالمشاركة في هذا التحقيق المنحاز”.
ماذا يقول الدستور؟
خلال مناقشات كتابة الدستور الأميركي عام 1787، منح المندوبون حق عزل الرئيس للكونغرس بمجلسيه. وتظهر وثائق النقاشات تأكيد المندوبين على أن تغيير الرئيس يجب أن يتم عن طريق آلية الانتخاب وعلى يد الناخبين.
وانتبه المندوبون كذلك لاحتمال أن يفسد الرئيس ويتبع سياسات خاطئة قد يترتب عليها الإضرار بالجمهورية، بما لا يمكن معه الانتظار لانتخابات قادمة.
لكن الدستور لم يحدد تفاصيل عملية العزل وقصرها على تمرير مجلس النواب لقرار العزل بأغلبية بسيطة، على أن يتخذ القرارَ النهائي مجلس الشيوخ -الذي يلعب دور القاضي- بأغلبية الثلثين (67 صوتا).
ويتهم فريق ترامب رئيسة مجلس النواب بخرق السوابق الدستورية برفضها طرح فكرة إجراء تحقيقات العزل أمام مجلس النواب للتصويت عليها، كما جرى في محاولتي عزل الرئيسين السابقين الجمهوري ريتشارد نيكسون والديمقراطي بيل كلينتون.
ويرى فريق ترامب كذلك أن مبادرة بيلوسي إجراء التحقيقات دون أخذ رأي مجلس النواب ينزع من الأعضاء الجمهوريين الحق في التعبير عن موقفهم، ولا يسمح كذلك بمنحهم حق استدعاء شهود للإدلاء بشهاداتهم، مما يعني قصر تلك الحقوق على الديمقراطيين أصحاب الأغلبية في المجلس.
ويرى فريق ترامب القانوني أن ما تقوم به بيلوسي لا يسمح لمحامي الرئيس بالمشاركة في طرح أسئلة من جانبهم على من يتم استدعاؤهم للشهادة أمام لجان مجلس النواب في الجلسات المغلقة التي يعقدها.
وتدير نانسي بيلوسي عملية التحقيق الساعية لبدء إجراءات عزل الرئيس ترامب، بصورة مغايرة لما تم في حالتي الرئيسين نيكسون وكلينتون.
ولا توجد قيود تفرض على بيلوسي اتباع نهج معين، إذ ترك الدستور الأميركي لمجلس النواب فقط بدء إجراءات عزل الرئيس، دون أن يوفر أي مرجع لإجراءات أو خطوات القيام بعملية العزل.
ومن هنا ترى خبيرة الشؤون الدستورية في شبكة “أن بي سي” كاتي فانج، أن رفض ترامب التعاون مع الكونغرس في التحقيقات لا يستند إلى أي قاعدة قانونية، ويعد “جريمة في حد ذاتها تستدعي عزله من الحكم”.
إستراتيجية هجومية
ومع صعوبة تصور عزل الرئيس ترامب في ظل تمتع الجمهوريين بأغلبية قوية في مجلس الشيوخ، ستكون قضية التحقيقات ومواقف المرشحين على رأس موضوعات الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وصولا للانتخابات الرئاسية ذاتها في نوفمبر 2020.
وقد اختار ترامب اتباع نهج هجومي في هذه المعركة يركز على عدة نقاط، منها:
1. التأكيد على أن التحقيقات تبحث عن السراب أو عما هو غير موجود، ويرفض المعلقون الجمهوريون الطرح الديمقراطي بخصوص مكالمة الرئيس ترامب ونظيره الأوكراني.
ويعتقد بات بوكانن المساعد السابق للرئيس رونالد ريغان، أن ترامب “لم يربط تقديم مساعدات لأوكرانيا ببدئها تحقيقات ضد جو بايدن وابنه”.
2. إظهار نفسه كضحية أمام الكتلة التصويتية الجمهورية، وبالفعل ساعده ذلك على جمع المزيد من الأموال لدعم حملته الانتخابية، ونجحت حملة ترامب في جمع 125 مليون دولار خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وزادت التبرعات للحملة بصورة كبيرة مع بدء تحقيقات العزل كما أشار تقرير للراديو القومي الأميركي.
3. وضْع الحزب الديمقراطي وقياداته أمام تحدي التحقيق في “فساد” جو بايدن ونجله، وقد تناول موقع إنترسيبت للتحقيقات الصحفية علاقة نجل بايدن بالصفقات وقبول مناصب مقابل ملايين الدولارات.
ماذا بعد؟
تتهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي البيت الأبيض بمحاولة التحكم في مسار وخطوات إجراءات عزل الرئيس، وتؤكد أن “الرئيس ليس فوق القانون”، في حين يطالب الرئيس ترامب بيلوسي بضرورة تصويت مجلس النواب أولا على بدء التحقيقات.
من جانبه، يستطيع الكونغرس توجيه اتهامات جنائية تتعلق بإهانة الكونغرس والمطالبة بعقوبة السجن لمن يرفض المثول أمامه من شهود.
في الماضي، كان يمكن للكونغرس إرسال فريق أمني للقبض على من يرفض المثول أمامه، لكن هذا السيناريو مستبعد تماما هذه الأيام.
ويترك ذلك الباب مفتوح أمام احتمالات مختلفة، منها: تنازل أحد الأطراف عن موقفه المتشدد، أو مواجهة ازمة دستورية لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

المصدر : الجزيرة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة