و انت تتجول في الشارع العام وسط تافراوت طيلة يوم 09 يوليوز 2020 ، تسمع في كل مكان لصوت اذاعي مألوف ، يتحدث في شريط مصور منتشر بين الناس على نطاق واسع ، و يفتي في ميدان السياسة باعتبارها محطة طرقية ، بكل ما يحيل اليه هذا الفضاء مغربيا ؛ من اشكال التلوث و الفوضى و النصب ، و يقلب المتحدث بثقة في النفس بين يديه اوراقا انتخابية مختلفة الوانها تشترك كلها في عنوان عريض يعلوها : ” نقل لجميع الجهات ” .
يتعلق الامر برد بالصوت و الصورة لرئيس المجلس الاقليمي لسيدي افني – كما وعد بذلك ،( لا يهم اين و كيف ) على زميله و جاره رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت ،في اطار حرب كلامية تجاوزت حدود اللياقة ، و بعيدة عن مواضيع التنمية بالاقليمين لتصل الى اشياء لا تهم المواطن العادي في شيء ، انخرط فيها مجددا و للاسف شباب مسلوب الارادة بكل ما اوتي عبارات تعكس كالعادة عقلية السيد و العبد .
معركة خاسرة :
بداية لابد من التأكيد ان اول من وضع النقاش في اطاره : “المحطة الطرقية” ، و نقله اليها هو رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت لما استعمل الفاظ : ( الكريمة ، الكار ، الكورتي، ولي النعمة… ) و اشار لرئيس المجلس الاقليمي لسيدي افني بالاسم . ابراهيم بوليد .
و فعلا اصاب لما شبه معترك السياسة الحالي و ما يقترف فيه من افعال ب”المحطة الطرقية” بحافلاتها المهترئة و مسافرين و عابري سبيل ، و مشردين و حيوانات و روائح نتنة و ما تحتضنه من امراض اجتماعية في حاجة الى علاج.
لكنه بالمقابل اخطأ لما جر معه خصما سياسيا مسلحا و بالغ الدهاء الى ساحة معركة يعرف خباياها و تفاصيلها، خاصة لما زاغ رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت متحدثا عن الكريمات و تاكورتيت و ولي النعمة.
و بالعودة لتصريح رئيس المجلس الاقليمي لسيدي افني الذي اثار غضب الغازي و اتباعه ، لم نجد فيه ما يبرر كل ذلك الهجوم الذي تعرض له بداية ، اذ يقول ابراهيم بوليد ، في هذا الصدد ان المجلس الذي يترأسه يستحق التهنئة لانه استطاع تنزيل اتفاقية الطرق مع وزارة التجهيز ، و اقتضى الامر الالتجاء الى صندوق التجهيز الجماعي للاقتراض للوفاء بالالتزامات المالية ، علما ان المجلس الاقليمي لتيزنيت وقع نفس الاتفاقية مع نفس الوزارة و لم يستطع الوفاء بالتزاماته المالية ، و لم يتم تنزيلها بالرغم من ان الرئيس الحالي هو نفسه الذي كان رئيسا في الولاية السابقة التي وقعت فيها الاتفاقية ، و اضاف بوليد انه من السهل توقيع الاتفاقيات ، لكن المشكل و الاهم هو القدرة على تنزيلها على ارض الواقع و الترافع القوي عليها مركزيا ، و ليس الدخول في حروب جانبية مع الوزير الوصي على القطاع ، كما ساق امثلة اخرى لجماعات تقع داخل اقليم سيدي افني نفسه وقعت اتفاقيات شراكة لكنها كذلك عاجزة عن تنزيلها على ارض الواقع ( تيوغزا ، تيغيرت ، النابور ، بوطروش )
فلماذا اختار رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت وحده الهجوم بهذا الشكل ؟
في القاعدة العلمية ، فلكل فعل رد فعل مساو له بالمقدار و معاكس له بالاتجاه ، و لا ارى من طبق هذه القاعدة سوى ابراهيم بوليد في ردود افعاله ، بينما بالغ رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت كثيرا و نزل بالنقاش حول موضوع يهم الاقليم الى مستويات دنيا ، يتقن خصمه اللعب فيها بامتياز.
كان بالإمكان تفهم ما تلفظ به رئيس مجلس اقليمنا و تبريره بانفعال لحظي او زلة لسان تقع عادة في المباشر ، لو لم يتم التمادي في ذلك حينما تم استنفار” الجيش الالكتروني” لاتمام المهمة ، فقام بتعميق الجراح ، و ابدع في تطبيق الاوامر ، و واصل السير في المسار الخطا الذي رسم له ، و كأنه يساهم بشكل اخر في اغراق سيده الذي ارهقه بالأوامر اليومية و التعليمات و كبح تحركاته و حريته و انفاسه ، الى درجة الاختناق.
فهل يتصور عاقل ان يتحرك كل ذلك الجيش بتلك السرعة و الحدة و ذاك الزخم و العنف، دون ان يتلقى اوامر بالهجوم ؟ بل ان رئيس الشبيبة الحالي اثار اسئلة و شكوك بوليسية حول شخص بوليد ، متناسيا ان ما يهمنا نحن كابناء اقليم تيزنيت هو حصول منطقتنا على حقها من التنمية و الكرامة و الجواب على اسئلتها الحقيقية و ليس هو تقييم شخص بعينه و من صنعه ؟؟؟ او الدخول في حروب استباقية لاحتلال المواقع في افق استحقاقات السنة المقبلة .
لن ننكر ان من الشباب من رفض استعماله في مثل هذه المعارك الرخيصة مستخلصا العبرة من اخطاء سابقة ، منها ما حدث بعد زلة لسان رئيس الحزب بميلانو ، و كيف استعمل الجيش الالكتروني المأمور للدفاع عن رئيسه ، لكن النتائج جاءت انذاك عكسية و اساءت للرئيس اكثر مما احسنت اليه، و فرضت عليه التواري مدة غير يسيرة عن الانظار ، و التفكير الف مرة قبل التحدث امام الاعلام و المواطنين ، و رغم ذلك اقيل رئيس الشبيبة السابق بالطريقة المعروفة ، و ليس ببعيد ان نسمع غذا عن اقالات لشباب رافض تزداد قاعدته يوميا داخل الهياكل المحلية للحزب .
لقد نبهنا مرار انطلاقا من مسؤوليتنا كاعلام و كمجتمع مدني الى بعض هفوات الفاعل السياسي المحلي ، و من يعمل لصالحه ، في اطار المساءلة و المكاشفة و تقويم الاداء بصوت مسموع ، لاننا نفترض ان الهدف الذي يجمعنا به لا يخرج عن المصلحة العامة ، و نتوخى الارتقاء بمستوى الخطاب السياسي و التواصل البناء معه ، و كانت مساندتنا له دائما نقدية مكشوفة ، و صريحة ، و خالية من المصالح الشخصية ، بعيدين عن عقلية العبد المأمور ، الطامع في الحظوة او الظفر بفتات الموائد ، كما عكست ذلك التدوينات و التعاليق الفارغة و المؤدى عنها للجيش الاليكتروني .
لكن هذا الاخير ربما يتعامل مع نبض المجتمع باستخفاف و استعلاء ، او يرى فيه مجرد تحامل ، او مزاحمة له في مكان ما تحت الاضواء الكاشفة .
و ها نحن اليوم مرة اخرى، نقف شهود عيان على هفوة ، اقحمت الاقليم بكامله في معركة مجانية ، لا نرى سببا لها ، ان لم يكن تضخما كبيرا في الانا ، وحبا في السيطرة ( سنأتي على تفكيك الياتها و طريقة اشتغالها محليا في مقال لاحق ) و تسرعا قد بشكل عائق امام صاحبه، لتولي امور الشان العام القريبة من المواطن ، و التحدث باسمه ، او في طموحات اكبر كحمل حقيبة وزارية او صفة رجل دولة.
لن نعود مرة اخرى ” للورم الذي ينخر جسد المنطقة ” (انظر الرابط اسفله ) ، و كل املنا ان يستأصل ، لكننا لن نترك الحقيقة تضيع وسط هذا الزعيق ، لنطرح اسئلة لا زالت عالقة على رئيس مجلس اقليمنا ، النائب البرلماني ، و عضو مجلس الجهة ، و المكتب السياسي للحزب الذي يمثله اليوم .
اسئلة على طاولة السيد الرئيس :
لماذا ضيع المجلس الاقليمي لتيزنيت فرصة تقوية طرق الاقليم ، بالشراكة مع وزارة التجهيز ، على غرار الاقليم المجاورة ؟؟
و في نفس البرنامج التفاعلي ، الذي عرف انطلاقة الهجوم على رئيس المجلس الاقليمي لسيدي افني ، و الذي يعد و يقدم ، من طرف مؤسسة الشباب القروي , اعتبر السيد عبد الله غازي ، في دفاعه عن قانون 113- 13 ، ان الوضعية الحالية هي وضعية اللاقانون ، و اننا في حاجة الى نص قانوني ، يحمي السكان من اعتداءات الرحل ، لاننا في دولة القانون ، لكننا نساءل السيد الرئيس ، اليس في القانون المغربي ما يجرم حاليا الاعتداء على الممتلكات الخاصة للافراد ؟ و يعاقب على اتلاف المغروسات و الاشجار المثمرة و مجاري المياه ، و المساس بالامن و السلامة الجسدية للمواطنين ؟؟ هل لا بد للساكنة ان تنتظر قانون الرعي و الترحال ، لتأخذ حقها المكفول ؟
و في نفس سياق حديث رئيس مجلسنا الاقليمي عن مشكل الرحل ، اكد بان هؤلاء يستقوون بجهات توفر لهم الحماية ضد السكان ، و اعطى مثالا اخر بشركات التنقيب عن المعادن ، التي تقوم بنفس الشيء ، بعيدا عن القانون ، فمن هي هذه الجهات سيادة الرئيس ؟ و لماذا لا تسمونها حتى يعرفها المتضررون ؟؟ هل هي جهاز داخل الدولة مثلا ؟؟ هل هي جهات اجنبية تتطاول على سيادة البلد ؟؟ اين نحن اذن من دولة القانون التي تحدثتم عنها ؟؟و ما هو دوركم في هذا الاطار ؟ و لماذا لم تصارحوا من تمثلونهم ، بكل جرأة ؟؟ ام انكم تتخذون كل هذه الذرائع ، هروبا من تحمل مسؤوليتكم ؟؟
و اخيرا ، لماذا تحبون دائما خوض معارك خاسرة بعيدة عن انتظارات الناخبين ، تستنزف منكم الكثير من الوقت و الجهد و المال ؟؟؟
هذه اسئلة ، نتمنى ان يتسع صدركم للإجابة عنها ، شريطة ألا يقحم احد نفسه للقيام بهذا الدور نيابة عنكم ،
الى ذلك الحين نتمنى لكم التوفيق .
رابط مقال الورم الذي ينخر جسد تافراوت:
https://watan.ma/58189.html
عذراً التعليقات مغلقة