من نحن؟ لاعلاقة لهذا السؤال بالهوية، فعلى هذا المستوى نحن هم نحن والجميع يعرف من يكون. السؤال هو من نكون في أذهان بعض وزراء وقياديي حزب العدالة والتنمية الحاكم؟ هل نحن شعب مثل كل شعوب الأرض، أم نحن مجرد مجموعة من الأغبياء سخرهم الله لجماعة من الاسلاميين كي يمكنهم من الجلوس على كراسي الحكم وعلى رقاب العباد دون ثمن يذكر، اللهم بعض الألاعيب وبعض الكلام المعسول وكثير من اللاشيء؟
قبل أيام كانت بسيمة الحقاوي، وزيرة الاسلاميين في المرأة والأسرة والطفولة، تحاضر عن صورة المرأة في وسائل الاعلام، في وقت كان الأحرى بها أن تنظم ندوة للتفكير أولا في صورة المغاربة، كلهم رجالا ونساء، في عقول زملائها وإخوانها في الحزب، وعوض أن تنوه فرحة بشخصية “الشعيبية” في سلسلة “الكوبل”، التي اعتبرتها قدمت صورة إيجابية عن المرأة المغربية، وتؤكد، بفرح أيضا، بأن “كبور” بخس دور الرجل المغربي، كان عليها أن تنظر أولا في مرآة عقل الوزير عبد العزيز الرباح، والوزير محمد بوليف، وأن تعرج على عقل البرلماني والقيادي محمد يتيم، وأن تتأمل جيدا في الصورة التي يحملونها عن المغاربة، وكيف يترجمونها على أرض الواقع بسلوكات غير مشرفة لنا ولهم وللبلاد كلها.
كان عليها أن تبحث عن تفاصيل الصورة التي يقدمها الرباح عن المغاربة حين يسمح بتصويره، وهو ينظر في عين المصور، بعد أن تناول طبقا من البيصارة والسمك بجانب مواطن بسيط، ويستغل ذلك من أجل الحصول على حظوة لدى المواطنين، كما لو أن الأهلية السياسية التي يستحق بها السياسي أصوات الناس هي كونه بسيط إلى درجة الاقبال على طعام الفقراء ومخالطتهم رغم أنه يأخذ الملايين كل شهر، وليست الأهلية هي اتخاذ قرارات حقيقية في القطاع الذي يتولاه، والذي يعرف الجميع مدى اكتنازه بالفرص الفعلية والممكنة لنهب ثروات البلاد التي تساءل عنها الملك في خطاب عيد العرش. إذا لم يكن الرباح يتصور المغاربة مجرد أغبياء، فما معنى الصورة في غياب الانجازات الحاسمة التي كان يمكنه أن يراكمها في وزارته بعد كل المدة التي قضاها في تسيير قطاعات ساخنة؟
وقبل الرباح كان على بسيمة أن تطل على عقل بوليف، وتتابع الصورة التي يرسمها عن المغاربة حين يخبرهم أنه لايفكر في العطلة لأن إمكانياته المادية لاتسمح له بالسفر والاستجمام مع أنه يتقاضى هو الآخر دزينة من الملايين كل شهر، وهو، حاشا لله، أن يكون من أصحاب البلايا الذين يضيعون أموالهم في الباطل، فأين ذهبت ملايينه؟ وما معنى أن يكون الموظفون من ذوي السلالم الدنيا، بل حتى “الشومورات”، قادرين على تدبر مصاريف سفرهم واستجمامهم في العطلة ولا يستطيع وزير ذلك إلا إذا كان هذا الوزير يتصور أن الناس سيصدقونه في هذا الادعاء لسبب واحد هو أنهم أغبياء وأدمغتهم “مجمكة” لاتستطيع التفريق بين بوليف والزرواطة.
وعلى ذكر العطلة والسفر والاستجمام، يمكن لبسيمة الحقاوي أن تقرأ ما دونه البرلماني والقيادي محمد يتيم حديثا على صفحته ب”الفايسبوك” حين اقترح على المغاربة، لتوفير مدخراتهم المالية، عدم السفر والاستجمام خلال العطلة واستبدال ذلك بالسفر داخل غرف وسطوح بيوتهم، أما السباحة في البحر فأوصاهم بتعويضها بالسباحة على الظهر في شرفات منازلهم وعلى ضفاف بحار الهموم و”التخمام”. إذا لم يكن يتيم يتصور أن من يخاطبهم مجرد أغبياء يمكنهم تصديق خاطرة طائشة شبيهة بما يكتبه متأدب فاشل في بداياته الأولى، فأين المعنى الذكي في هذه النصيحة؟
شخصيا لست غبيا ولست مستعدا أبدا لتصديق ان المغاربة أغبياء، لكن المشكل المطروح، خاصة مع الردود الذكية التي قوبلت بها تفاصيل الحالات الثلاثة السابقة والسخرية التي طالتها، هو ألاتكون غبيا عندما تصوت على سياسي يعتبرك غبيا؟
عذراً التعليقات مغلقة