خالد الجامعي
عندما نحيي انتفاضة الدار البيضاء سنة1981، نترحم على أرواح شهدائها ونحمل مسؤولية هذه الجريمة إلي الحسن الثاني ووزيره في الداخلية إدريس البصري ومقولته الشنيعة عندما لقب تهكما هؤلاء الشهداء ب” شهداء الكوميرة”.
ولكننا ننسى أو نتناسى أن الحكومة آنذاك، كان يترأسها المعطي بوعبيد و أنها كانت عبارة عن ائتلاف يضم كل من حزب “الاستقلال” و”الحركة الشعبية” و”التجمع الوطني للأحرار” ولا منتمون و مخزنيون أقحاح.
و لأهمية هذه المرحلة التاريخية وخطورتها ندرج أعضاء تلك الحكومة :
• رئيس الوزراء: محمد المعطي بوعبيد
• وزير الدولة للشؤون الخارجية: محمد بوستة
• وزير الدولة لشؤون التعاون: المحجوبي أحرضان
• وزير الخارجية: أحمد بحنيني
• وزير الخارجية: مولاي أحمد العلوي
• وزير العدل: مولاي مصطفى بن العربي العلوي
• وزير الداخلية: إدريس البصري
• وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: الهاشمي الفيلالي
• وزير التخطيط وتدريب الأطر والتدريب المهني: محمد الدويري
• وزير التربية الوطنية: عز الدين العراقي
• وزير المالية: عبد اللطيف جوهري
• وزير العمل والنهوض الوطني: محمد أرسلان الجديدي
• وزير التجارة والصناعة والسياحة: عز الدين جسوس
• وزير الأشغال اليدوية والشؤون الاجتماعية: عباس الفاسي
• وزير الإعلام, والشباب والرياضة: عبد الواحد بلقزيز
• وزير النقل: المنصوري بنعلي
• وزير الطاقة والمناجم: موسى سعدي
• وزير الصحة: رحال الرحالي
• وزير الصيد البحري و النقل البحري التجاري: بنسالم السميلي
• الأمين العام للحكومة: عباس قايسي
• وزير الشؤون الثقافية: سعيد بلبشير
• وزير الإسكان والتنمية العمرانية: المفضل لحلو
• وزير التجهيزات: محمد قباج
• الوزير المنتدب لدى الوزير الأول: عبد الكريم غلاب
• وزير الوظائف و الاتصالات السلكية واللاسلكية: محند العنصر
• وزير الزراعة والإصلاح الزراعي: عثمان الدمناتي
• الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان: أحمد بلحاج
• وزير الدولة للشؤون الخارجية: عبد الحق التازي
• وزير الدولة لدى رئيس الوزراء للشؤون الصحراوية: خليهن ولد الرشيد
• وزير الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الإدارية: محمد التوكاني
• وزير الدولة للشباب والرياضة: عبد اللطيف السملالي
• وزير الدولة المكلفة بالإسكان والتنمية العمرانية: عبد اللطيف الحجاجي
إن مسؤولية هاته الحكومة وهؤلاء الوزراء وهذه الأحزاب لا تقل عن مسؤولية الحسن الثاني وإدريس البصري.
إن أيادي كل هؤلاء ملطخة بدماء شهداء هاته المجزرة.
يجب التذكير كذلك أن هذه الأحزاب التزمت الصمت و لم تجرأ على فضح المجزرة أو حتى مجرد إدانتها.
إن السكوت علامة الرضا.
إن السكوت علي الجريمة مشاركة فيها.
ألم يحن الوقت للدولة أن تعترف بأخطائها وبما أجرمت واقترفت يديها وأن تعتذر لعائلات ضحايا هذه المجزرة؟
ألم يحن الوقت لهذه الأحزاب ذات الأيادي الملطخة بدماء 800 شهيد والمسؤولة على 5000 مواطن و مواطنة ممن اعتقلوا و عذبوا في هذه الأحداث الفظيعة؟
وللتذكير كذلك، فان انتفاضة الدار البيضاء كان أساسها فرض زيادات مرتفعة في كل المواد الأساسية: الدقيق40%، السكر50%، الزيت28%، الحليب14%، الزبدة76%، وذلك مباشرة بعد زيادات أخرى كانت على التوالي في سنتي 1979 و1980.
وقد تحجّج المسؤولون آنذاك بنفس الأسطوانة المعهودة وهي: الظرفية العالمية وحالة موازنة الدولة، وأن هذه الزيادة ضرورية وحتمية اقتصادية لصالح الوطن…الخ، وكان من الأسباب المباشرة، بالإضافة إلى ذلك، انتشار مظاهر الفساد الذي كان يسود واقع الإدارة المغربية ومختلف دواليب الدولة، إضافة إلى سياسة القمع التي تبنتها الدولة عندئذ تحت إشراف وزير الداخلية إدريس البصري، الرجل القوي في السهر على قمع المعارضة وحماية الفساد المستشري في دواليب الدولة المغربية آنذاك، والمسؤول عن تطبيق سياسة قمعية شرسة في حق المغاربة وعلى رأسهم البيضاويين الأوائل آنذاك، وإنشاء العديد من الدواليب والزنازين السرية للقمع، والتنكيل بالمعارضين وممارسة التعذيب “السري” التي أدت إلي اندلاع انتفاضة الدار البيضاء والتي سبقتها بأيام معدودة انتفاضات في مدن عدة، حيث أن فئات كثيرة وعريضة من الشعب بما في ذلك الأقاليم الريفية التي تعاني من العزلة والتهميش وظروف معيشية مأساوية صاحبها اتساع مظاهر الفساد والرشوة والشطط في استعمال السلطة ساهم في تكريسها وتغلغلها إفلات المسؤولين من العقاب و خرق لأبسط حقوق الإنسان .
وفي هذا المقام، نتذكر ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة من تحديد للمسؤوليات في ما أسفرت عنه الأحداث الأليمة لشهر يونيو1981 بالدار البيضاء، من وفيات بسبب الإفراط في استعمال القوة واستعمال الرصاص الحي أو بسبب الظروف القاسية أثناء الاعتقال الاحتياطي بأحد مقاطعات حي البرنوصي، كما أن توصيات هذه الهيئة لم تعرف نفاذا و بقيت حبرا على ورق.
إننا ونحن نحيي هذا اليوم من تاريخنا، اذ نترحم على ضحايا الأحداث الأليمة التي هزت مدينة الدار البيضاء، و نتذكر كل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، فإننا يجب أن نعيد طرح ضرورة تقييم المجهود الذي بذل لحفظ الذاكرة ولجبر أضرار ضحايا العائلات من أجل استخلاص الدروس والعبر للانخراط في بناء المستقبل.
و الكل يعرف أن في السياسة نفس الأسباب تؤدي إلي نفس النتائج والعواقب.
ولذلك، فلا عجب أن نجد في هاته الحكومة أحزابا كحزب الحركة الشعبية والأحرار والاتحاد الدستوري الذي كان قد أنشأه المرحوم المعطي بوعبيد تحت رعاية الحسن الثاني وعطف إدريس البصري، وهي أحزاب مسؤولة علي القمع الوحشي الذي مورس على ساكنة الدار البيضاء سنة1981 !!!!
فما أشبه الأمس باليوم فيما يشهده حراك الريف، إذ أن الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية تتحمل مسؤولية القمع المسلط على الريف.
عذراً التعليقات مغلقة