في المؤتمر الوطني الأخير، صوت قرابة 42 بالمئة من أعضاء اللجنة المركزية لصالح ترسيخ الخط السياسي النضالي لحزبنا وانحيازه للطبقات الكادحة والمستضعفة، هذا رغم كل العمليات التزوير والخروقات التي شابت انتخاب الأمين العام.
لقد كان من تبعات انتخاب قيادة جديدة أن سجل الحزب انحرافا يمينيا واضحا تجلى بالخصوص في ثلاث محطات أساسية:
الأولى: معارضة القيادة الحالية القوية لحركة 20فبراير، واصفة إياها بالمشبوهة وغير المسؤولة والمتحركة خارج المؤسسات.
والثانية: الموقف المتذبذب من الملكية البرلمانية والتصفيق للدستور الجديد دون إبراز النواقص التي تعتريه وعدم التطرق إلى المناصفة كآلية استراتيجية لتحقيق المساواة بين الجنسين.
والثالثة: الدخول في تحالف هجين ضد “الطبيعة” مع اليمين الديني واليمين التقليدي ضدا على مقررات المؤتمر الوطني الثامن –الهيئة التقريرية الأعلى للحزب – الذي حدد بوضوح دائرة التحالفات السياسية للحزب في الكثلة الديموقراطية واليسار والصف الديموقراطي الحداثي.
فكيف كانت نتائج هذه المواقف المناقضة لهوية الحزب ومبادئه المبنية على الاصطفاف الدائم إلى جانب القوى التنويرية والتقدمية والانحياز إلى صفوف الجماهير الكادحة والمستضعفة؟
لقد منيت مشاركة الحزب في الحكومة “الإسلامية-المحافظة” بفشل ذريع حيث لم تحقق أيا من أهدافها، رغم تواضع هذه الأخيرة. فالوعود بمحاربة الفساد وإقامة الحكامة الجيدة تبخرت حيث استفحلت ظاهرة الرشوة بالمغرب وتراجع المغرب (ترتيب المغرب في سلم ترانسبرانسي إلى الوراء) وتفاقمت البطالة ومظاهر الإقصاء الاجتماعي والتفاوت الطبقي. إذ عملت الحكومة على الإعلان عن حرب طبقية ضد الفئات الفقيرة والوسطى عبر تجميد الأجور وتقليص التوظيف في الإدارة العمومية والزيادة الكبيرة في أسعار المواد الاستهلاكية، كما عملت على تكريس سياساتها التقشفية تنفيذا لالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي عبر التقليص الممنهج للإنفاق العام، خاصة الاستثمار العمومي، وتستعد الآن للإجهاز على حقوق الطبقة العاملة والشغيلة من خلال رفع سن التقاعد والرفع من قيمة الاشتراكات وتخفيض منح التقاعد.
وعلى المستوى السياسي لم تسجل الحكومة أي تقدم ملموس في مجال التنزيل الديموقراطي للدستور الجديد، للدستور الجديد الذي، ورغم ثغراته، يشكل نافذة ويفتح فرصا لتعزيز دولة القانون والانتقال الديموقراطي، كما تم الهجوم على الحقوق والحريات من قبيل التضييق على الصحفيين وقمع الحركات الاجتماعية الاحتجاجية.
كما فقدت قضية المساواة بين الجنسين الزخم الذي ميزها خلال العشرية السابقة، غدت تراوح مكانها، بل هناك محاولات من طرف التيار المتأسلم والمحافظ للإجهاز على مكاسب مهمة للمرأة المغربية بالعمل مثلا على تخفيض سن زواج القاصرات المطروح حاليا على المؤسسة الأولى للبرلمان.
لقد كان لمواقف القيادة الحالية للحزب أبلغ الأثر على سمعته داخل الأوساط الشعبية، كما أثرت سلبا على مصداقيته داخل صفوف القوى الديموقراطية والتقدمية والحداثية وكذا لدى المثقفين والنخب. كما أضرت بمعنوية المناضلين والمناضلات الذي أحجموا عن تنشيط القواعد الحزبية لدرجة أصبحت معها العديد من التنظيمات الحزبية في حالة موت سريري.
في حين تفشت ظواهر غريبة عن ثقافة وأخلاق الحزب كالزبونية والمحسوبية والتقرب من بعض القيادات للظفر بغنيمة ما وتم تشجيع حب التسلق الاجتماعي السريع في أوساط كوادر الحزب وأطره في نفس الوقت أصبح لما يسمى بالأعيان نفوذ كبير داخل الحزب وتأثير واضح على مواقفه، خاصة تلك المرتبطة بالمشاركة في الحكومة.
أمام هذا التشخيص السلبي لموقع الحزب داخل المشهد السياسي وفي أوساط الرأي العام، يعتبر التحضير للمؤتمر الوطني المقبل فرصة سانحة للمحاسبة والمساءلة، ومناسبة لا تعوض كي يسترجع حزب التقدم والاشتراكية دوره داخل المجتمع بوصفه أداة سياسية للدفاع عن الطبقات الكادحة والمستضعفة والفئات المتوسطة الدخل في طور البلترة ووسيلة ناجعة لنصرة القضايا العليا للوطن.
إن نقطة الانطلاق بالنسبة لتصورنا البديل لحزب التقدم الاشتراكية ولدوره المتميز داخل المجتمع المغربي ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار التطورات على الصعيد العالمي والإقليمي وكذلك المستجدات الداخلية.
إن أهم ما ميز الساحة العالمية خلال السنوات الأخيرة هو دخول الرأسمالية المعولمة في أزمة بنيوية عميقة جراء هيمنة رأس المال المالي وتهميش القطاعات المنتجة. فاتسعت الهوة بين قلة قليلة من الأثرياء وبقية الفئات الاجتماعية، المتوسطة منها والفقيرة. وفي ظل جمود أو تراجع الأجور، اضطرت هذه الأخيرة إلى الاقتراض، مما فتح شهية رأس المال البنكي والمالي الذي شجع بفعل نهمه وبحثه عن الربح السهل والسريع إلى تكون فقعة عقارية التي انفجرت في سنة 2008 تاركة وراءها دمار اقتصاديا واجتماعيا مهولا بالولايات المتحدة، القلب النابض، قبل أن تنتقل العدوى إلى باقي اقتصاديات العالم، ولو بدرجات متفاوتة.
إلا أن تفاقم أزمة الرأسمالية المعولمة لم تزد القوى العظمى إلا إصرارا على السيطرة واستغلال مقدرات الشعوب وثرواتها الطبيعية والبشرية، مستعملة من أجل ذلك كل الوسائل، بما فيها عسكرة العولمة النيوليبرالية.
إلا أن التغيرات على الصعيد العالمي تبشر كذلك ببروز قوى صاعدة (البرازيل، الصين، الهند، روسيا، جنوب-افريقيا) تسمىBRICS من شأنها أن تجعل من عالمنا عالما متعدد الأقطاب وأكثر توازنا في الأمد المتوسط والبعيد. كما أن نضالات الشعوب من أجل انعتاقها واستقلاليتها تجاه أقطاب الرأسمالية المعولمة (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليابان) مكنت بلدان أمريكا اللاتينية من التخلص من التبعية للمؤسسات المالية والدولية واعتماد بدائل تنموية اقتصادية واجتماعية بعيدا عن الوصفات النيوليبرالية (لبرلة الاقتصاد – الخوصصة – التقشف المالي) التي أبانت عن محدوديتها في الدفع باقتصاديات بلدان الجنوب إلى الأمام. وقد كان دور اليسار حاسما في قيادة هذه التجارب الجديدة في أمريكا اللاتينية، مما يؤشر على الطاقات الهائلة التي لازالت تكتنزها القوى التقدمية والاشتراكية واستمرار مصداقية خطابها وتصوراتها لحل مشاكل الشعوب.
أما على الصعيد الإقليمي، فقد أدت الانتفاضات الشعبية في منطقتنا العربية إلى الإطاحة بعدد من رموز الفساد والاستبداد وأنعشت آمال الشعوب في تحقيق الكرامة والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.وإذا كنت قوى الإسلام السياسي قد انتهزت الفرصة لتسلم مقاليد الحكم في عدد من البلدان (تونس، المغرب، مصر..) فإنها سرعان ما اندحرت وخفت بريقها نظرا لنزعتها الاستبدادية وعدم توفرها على بدائل اقتصادية واجتماعية للنهوض بشعوب المنطقة.
وكما كان متوقعا، تأثر المغرب بدوره بموجة الانتفاضات الشعبية التي عرفتها منطقتنا، فتعبأ الشباب المغربي مساندا بفئات اجتماعية واسعة للمطالبة بالقضاء على الاستبداد والفساد وزواج المتعة بين السلطة والمال، مطالبا بدوره بالكرامة والحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
وهكذا تمكنت حركة 20 فبراير المجيدة من تحقيق ما عجزت عنه مكونات الطبقة السياسية ببلادنا.
لقد شكلت حركة 20 فبراير منعطفا تاريخيا في العمل السياسي ببلادنا لا من حيث أساليب وأشكال التعبئة أو من حيث النتائج المسجلة. فبتظاهرها السلمي والمنظم في مختلف شوارع المدن المغربية وبجرأة شعاراتها وإصرارها على تحقيقي مطالب الشعب المغربي، بينت هذه الحركة بالملموس أنه بالإمكان ممارسة السياسة بشكل مغاير، بل وتغيير موازين القوى لصالح القوى الاجتماعية والمناضلة من أجل الكرامة والديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
أما من حيث النتائج، فقد أدت هذه الحركة إلى اعتماد المغرب على دستور جديد يتضمن العديد من المكاسب الديموقراطية، وإن كان لا يرقى إلى مستوى إقرار الملكية البرلمانية التي طالبت بها العديد من مكونات 20 فبراير.
وإذا كان الحراك الشعبي الذي جسدته حركة 20 فبراير قد خفت بعض الشيء منذ إقرار دستور 2011 فإن العوامل الموضوعية من احتقان اجتماعي وبطالة وإقصاء طبقي وتضييق على الحريات وقمع للحركات الاحتجاجية السلمية لازالت موجودة وتؤشر إلى إمكانية النضال الشعبي السلمي خاصة إذا ما تمكنت مكونات 20 فبراير من توحيد صفوفها ولم شملها وطرحها لبديل سياسي جماهيري للتغيير الديموقراطي..
إن انتفاضة 20 فبراير تدعونا إلى إعادة النظر في مفهوم التوافق التاريخي الذي أسس للخط السياسي للحزب طيلة المرحلة الفائتة ذلك أن هذا التوافق انحرف عن مساره خلال العشرية الماضية لصالح قوى التحكم والاستبداد، كما أنه لم يؤدي إلى النتائج الاقتصادية والاجتماعية المرجوة، بل تم استغلاله من طرف فئة متنفذة أفرزت نمطا اقتصاديا جديدا يدعى “رأسمالية الأصدقاء أو المحاسيب”، مما فاقم مظاهر التقاطب الاجتماعي والفقر البطالة والإقصاء لفئات واسعة من الشعب المغربي.
كما أدت الدينامية التي أطلقتها حركة 20 فبراير وصول التيار المتأسلم إلى السلطة مكرسة بذلك أفول مقولة التوافق التاريخي لصالح التطبيع مع تداول القوى السياسية على ممارسة جزء من الحكم.
على ضوء هذه المتغيرات، يتعين على حزبنا أن يدقق خطه السياسي ويحدد دائرة حلفائه وخصومه. كما هو مطالب كذلك باقتراح بدائل اقتصادية واجتماعية لحل المشاكل التي تعاني منها فئات عريضة من شعبنا.
نريد خطا سياسيا نضاليا ينتصر لقضايا الطبقات الكادحة ويبني الدولة الديموقراطية التنموية العادلة
إن خوض معركة بناء الدولة الديموقراطية التنموية العادلة يتطلب نفسا طويلا وخطا سياسيا واضحا وبرنامجا اقتصاديا واجتماعيا طموحا. كما يقتضي التوفر على تنظيم محكم ملتصق بهموم المواطنين والمواطنات وبانشغالاتهم على قيادة جماعية تمتلك مواصفات الريادة والجرأة والقدرة على التعبئة والإنصات والإقناع ..
-
إن الخط السياسي الذي نقترحه يهدف إلى:
-
دمقرطة الدولة من خلال التنزيل الديموقراطي لدستور 2011الذي يفتح نوافذ جديدة كممارسة الحكومة للسلطة التنفيذية ودسترة المجلس الحكومي وتوسيع مجال التشريع بالنسبة للبرلمان وتعزيز آليات مراقبته للحكومة وإعمال الديموقراطية التشاركية ودسترة العديد من المؤسسات وتعزيز الهوية المغربية من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية ودسترة حقوق الإنسان وتكريس المساواة بين الجنسين والتنصيص على المناصفة.
وإذا كان مجال النضال يجب أن يبقى مفتوحا حتى نضمن لبلادنا دستورا ينص على الملكية البرلمانية كما هي متعارف عليها كونيا كنظام سياسي، فإن المهمة الأساسية الراهنة تتمثل في تملك المواطنين والمواطنات للدستور الجديد ولما جاء به من حريات وحقوق وواجبات وسن الإصلاحات السياسية الضرورية لضمان مشاركة شعبية في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي والجهوي.
ولن تستقيم الديموقراطية في بلدنا دون إعلان المساواة بين الجنسين في الحقوق لبدء بتفعيل المناصفة التي نص عليه دستور 2011 وتطبيق الفصل 19 الذي يساوي بين المرأة والرجل في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
-
مقاومة كل أشكال الاستبداد والإجهاز على حقوق الشغيلة والطبقات الكادحة:إننا سنقاوم التحكم في المشهد السياسي وفي دوائر صنع القرار كما سنتصدى للاستبداد الديني لأنه يشغل خطرا داهما على مسيرة الديموقراطية والانعتاق في بلدنا وانخراطه في القيم الكونية للحضارة الإنسانية.وسنتصدى بنفس العزم والإصرار للسياسات التقشفية التي تقود من خلالها الحكومة الحالية حربا طبقية حقيقية على الشغيلة والطبقات الكادحة والفئات المتوسطة.
-
حلفاؤنا يوجدون في اليسار والصف الديموقراطي والحركات الاجتماعية: “كثلة شعبية من أجل التغيير الديموقراطي”عكس توجه القيادة الحالية التي دخلت في تحالفات مشبوهة وهجينة مع اليمين الديني واليمين التقليدي، نلح على أن يسترجع حزب التقدم والاشتراكية مكانه الطبيعي وسط القوى الاجتماعية المناضلة من أجل التغيير الديموقراطي والعدالة الاجتماعية. فهذا التحالف الذي ينبغي أن يأخذ شكل كثلة شعبية يضم قوى اليسار وكل الديموقراطيين ومكونات الحركات الاجتماعية من نقابات مناضلة وحركات شعبية احتجاجية والحركة النسائية والمدافعين عن اللغة والثقافة الأمازيغية والتعدد الثقافي وأنصار البيئة والتنمية المستدامة .. إلخ.على أن التعاون والتنسيق مع الحركات الاجتماعية وفعاليات المجتمع المدني ينبغي أن يتم في إطار احترام استقلاليتها بعيد عن كل محاولات الاحتواء والتوظيف السياسوي.
-
برنامج اقتصادي واجتماعي متمحور حول الدولة التنموية العادلة:إن الديموقراطية التي ننشدها ستبقى ناقصة إذا لم تؤد إلى تنمية اقتصادية حقيقية تطال نتائجها بالأولوية الطبقات الكادحة والفئات الاجتماعية المستغلة كما أن مسلسل التنمية لن يستقيم دون مشاركة شعبية كبيرة وانخراط حماسي لكل فئات الشعب، رجاله ونساءه، شبابه وكهوله وأطفاله.إن ما نصبو إلي تحقيقه كذلك هو إقامة دورة حميدة توفر فيها التنمية الاقتصادية شروط تنمية اجتماعية عادلة في حين تعزز هذه الأخيرة أسس التنمية الاقتصادية وتجعلها مستدامة لقد أثبتت النظرية الاقتصادية قصور المدرسة النيوليبرالية التي تعتبر بأن آلية السوق كفيلة بتحقيق التخصيص الأمثل للموارد وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود وأن هذه الآلية بمقدورها أن تصحح نفسها بنفسها، بعيد عن أي تدخل للدولة كما بينت تجارب التنمية في العالم المعاصر (تجارب بلدان آسيا الشرقية وأمريكا اللاتينية على الخصوص)، الدور المحوري للدولة في قيادة العملية التنموية وتأمين اطرادها ولا يقتصر هذا الدور على التحفيز والتوجيه وتحسين مناخ الأعمال وتوفير البنية التحتية، بل يتعداه على تعبئة المراد الذاتية للبلد والانخراط المباشر للدولة في عملية الإنتاج والاستثمار الإنتاجي والنهوض بالقدرات العلمية والتكنولوجيا الوطنية كما تدخل الدولة التنموية في شراكة مع القطاع الخاص المنتج والمبادر والذي ينسجم مع الأولويات الاقتصادية الوطنية.أما على مستوى الخيارات القطاعية، فينبغي أن تولي الدولة أولوية خاصة للتصنيع من أجل تلبية الحاجيات الاجتماعية الأساسية (ملبس، مأكل، مسكن، صحة، مواد استهلاكية، ..) مع تشجيع تصدير السلع ذات القيمة المضافة العالية والمحتوى التكنولوجي المحترم. نفس الاهتمام يجب أن يحظى به القطاع الزراعي لضمان الأمن الغذائي وكذلك قطاع الخدمات عالية الإنتاجية والجودة.إن من شأن تفعيل هذه الأولويات القطاعية ودعمها من خلال أوراش عمومية وشعبية وسياسية خاصة لتحفيز المقاولات الصغيرة والمتوسطة أن توفر مئات الآلاف من مناصب الشغل اللائق الذي يحترم كرامة العامل ويحفظ حقوقه.غير أن نجاح هذه الاستراتيجية رهين بتوسيع السوق الداخلية مما يستدعي تبني سياسة طموحة لإعادة توزيع الدخل والثروة. وفي هذا المجال سنناضل من أجل سن سياسة ضريبية عادلة مبنية على اعتماد الضريبة التصاعدية على الدخل وضريبة الثروة، مع تقليص الضرائب المفروضة على المواد الاستهلاكية الأساسية ومحاربة الغش والتملص الضريبي.إن ضمان استدامة هذه الخطوط العريضة لاستراتيجية اقتصادية بديلة مرتبط بشكل وثيق ببناء الدولة الاجتماعية القوية. دولة قادرة على بلورة سياسات اجتماعية طموحة ومجردة في مجالات التعليم والصحة والسكن والثقافة، وبصفة عامة، وضامنة لولوج الخدمات العمومية الأساسية
-
من أجل أن يستعيد المناضلون والمناضلات تملكهم لحزبهم :لكي يلعب حزب التقدم والاشتراكية دوره كاملا في الدينامية الاجتماعية والحراك النضالي الشعبي، نلتزم بالعمل على أن يستعيد مناضليه ومناضلاته الشرفاء والأوفياء لمبادئه الاشتراكية ولمثله العليا تملكهم لهذه الأداة النضالية المتميزة. وهذا يقتضي إعمال الديموقراطية الداخلية لكسر احتكار قلة قليلة داخل الحزب للقرار السياسي بدءا بجعل اللجنة المركزية برلمانا حقيقا وليس مجرد غرفة للتسجيل والتصفيق كما هو عليه الحال الآن. ونفس الأمر يسري على التنظيمات القاعدية والقطاعية التي تمثل صلة الوصل مع الجماهير الشعبية ومختلف شرائح المجتمع وكذا الهيئات السوسيو-مهنية.كما يتطلب تفعيل الديموقراطية الداخلية وضع آليات ومعايير واضحة وصارمة وشفافة لضمان نزاهة الانتخابات إن على المستوى الوطني أو المحلي أو الجهوي، وذلك تفاديا للتجاوزات والخروقات الخطيرة التي شابت انتخاب اللجنة المركزية والأمين العام والمكتب السياسي.إننا نلح على تمكين حزب التقدم والاشتراكية من قيادة جديدة منتخبة بصفة ديموقراطية، قيادة تلتزم باحترام مقررات المؤتمر الوطني ونتشبث بالدفاع عن هوية الحزب الاشتراكية وانحيازه للطبقات الكادحة. قيادة يمثل فيها الشباب بصفة وازنة وتشكل فيها النساء الثلث فيها في أفق إعمال المناصفة التي بنص عليها دستور 2011.إننا نساند الانفتاح على الطاقات البشرية الموجودة في مجتمعنا الزاخر بالقدرات الرجالية والنسائية، الا أننا نعتبر بأن الانفتاح غير المتحكم فيه يجلب الى الحزب عناصر وصولية تدعي انتسابها الى ما يسمى “الاعيان” وتريد ان تستعمل الحزب مطية لتحقيق أهدافها الشخصية.إن تواجد مثل هذه الكائنات الانتخابية في صفوف الحزب يضر بسمعته ويشوش على صورته داخل المجتمع ويجعله كباقي الأحزاب اليمينية. كما أنه يؤثر سلبا على معنويات المناضلين والمناضلات الذين يتراجعون إلى الخلف أو يجمدون عضويتهم احتجاجا على النفوذ المتنامي لهذه الكائنات داخل الحزب.لذا وجب العمل على إيلاء الاهتمام الكلي للرفاق والرفيقات في الفروع والاقاليم والجهات لكي يلعبوا دورهم السياسي كاملا غير منقوص كحلقة وصل بين الحزب والمواطنين والمواطنات وكحاملين لمشروع التغيير الديموقراطي الاشتراكي الشعبي. ولهذا الغرض نلتزم برد الاعتبار للتكوين السياسي والأيديولوجي والفكري للرفاق.إن هذه المقاربة هي وحدها الكفيلة بإرجاع الحيوية والنشاط للتنظيمات القاعدية للحزب التي يجب عليها تفعيل سياسة القرب من المواطنين في الأحياء والقوى والمداشر والمقاولات، وأماكن العمل وفي الشارع والمحلات العمومية. ولهذا الغرض يتعين اتخاذ مبادرات خلاقة للتفاعل مع خلايا المجتمع (حلقات النقاش، أنشطة ترفيهية وتكوينية، استعمال وسائط التواصل الاجتماعي، الخ..)إننا واثقون بأن تفعيل المقترحات المعروضة في هذه الورقة الأولية سيساعد حزبنا على أن يستعيد دوره كفاعل سياسي مؤثر وكقوة اقتراحية ونضالية من أجل بناء الدولة الوطنية، الديموقراطية، التنموية، العادلة.إنني أدعو كل الرفاق والرفيقات إلى دراسة هاته المساهمة المتواضعة من أجل إغنائها ونشرها والالتفاف حولها نصرة لقضايا وطننا وشعبنا العليا.
عذراً التعليقات مغلقة