عجيب وغريب…’الهندية’ المغربية .. فاكهـة للفُقراء في فصل الصيف و دواء للأغنياء

الوطن الأن9 أغسطس 2014آخر تحديث :
عجيب وغريب…’الهندية’ المغربية .. فاكهـة للفُقراء في فصل الصيف و دواء للأغنياء

تجتمع على حبّها فئات اجتماعية مختلفة في المغرب، من الفقير والعاطل من العمل إلى الثريّ في آنٍ.

فالفقير تسدّ جوعه لانخفاض ثمنها، والعاطل من العمل يجعل من بيعها مهنة مؤقتة كلّ صيف، فيما الثريّ يجد فيها دواءه من الأمراض: إنّها فاكهة التين الشوكي أو “الزعبول” أو “الهندية”، بلغة المغاربة، و”الصبّار” بلغة المشرق العربي.

تنشط تجارة “الهندية” في العديد من مدن وقرى المغرب خلال فصل الصيف خصوصا. فأينما يولّي المرء وجهه يجد عربات متفرّقة يجرّها باعة هذه الفاكهة الصيفية ذات الطعم اللذيذ.

هي التي تجذب الناس بحلاوتها وفوائدها الصحيّة تحت قشرتها السميكة الشوكية، ولون حبّاتها المتراوح بين الأخضر والأصفر والأحمر.

 مهنة من لا مهنة له

يتّخذ العديد من الشباب المغربي من بيع حبات فاكهة “الزعبول” مهنة موسمية لهم. يشرعون فيها انطلاقا من بداية فصل الصيف. غير أنّ ذروة تجارتها تحلّ في شهر أغسطس/آب، عندما ترتفع حرارة الصيف بشكل كبير، وتصبح حبّات الفاكهة مصدر انتعاش مستهلكيها والمقبلين على شرائها.

زروال، شاب في بداية عقده الثالث، قال في تصريح لـ”العربي الجديد” إنّه ينتظر كلّ سنة بفارغ الصبر فصل الصيف ليتّخذ من عربته المتحرّكة وسيلة لبيع ثمار الصبّار. إذ تعود عليه بمدخول يعوّض عنه مرارة العطالة التي يعاني منها منذ أن حصل على شهادة الإجازة في شعبة التاريخ قبل سنوات.

وتابع الشاب بأنّه مثل العديد من رفقائه، سواء منهم من تعلّموا أو من لم يجدوا فرصة عمل، أو الذين لا حظّ لهم من التعليم: “نجد في بيع الهندية فرصة موسمية سانحة تمتدّ بين 3 و4 أشهر، وذروة إيراداتنا تكون خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب”.

بائع آخر قال إنّه يفضّل بيع حبات فاكهة “الزعبول” على أن يمكث في بيت والديه عاطلا من العمل ينتظر معونتهما، أو تخترقه سهام نظرات الشفقة من أصدقائه: “بيع هذه الفاكهة مهنة من لا مهنة له، وهي أفضل من غيرها بسبب الإقبال الكثيف للزبائن بمختلف فئاتهم على شراء ثمار الصبّار”.

 فاكهة الفقراء

ليس العاطلون عن العمل وحدهم من يلجأون إلى فاكهة “الهندية” ليجعلوا منها مصدر دخل ولو مؤقتاً يقيهم شرّ السؤال والحاجة، بل أيضا المواطنون الفقراء يتّخذونها فاكهتهم المفضّلة لأسباب عديدة يوجزها الحاج مفضل، المحال على التقاعد، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “سعرها المنخفض”. ويضيف الحاج: “ثمن الحبّة الواحدة يبدأ بدرهم واحد في بداية ظهورها بالسوق، غير أنّه ينخفض تدريجيا ليصل إلى نصف درهم، ثم إلى أقلّ من ربع درهم بعد مرور الوقت، ما يجعلها رخيصة وفي متناول المواطن الفقير الذي لا يستطيع اقتناء فواكه الصيف الأخرى الغالية الثمن”.

توافق الباحثة في علم الاجتماع، ابتسام العوفير، في حديث لـ”العربي الجديد”، على أنّ الإقبال المنقطع النظير من الفئات الشعبية في المغرب على فاكهة “الهندية” سببه رخص ثمنها، لكنّها تضيف أنّه “لا يمكن فهم شعبيتها انطلاقا من أنّها تلبّي حاجاتهم المعيشية بأقلّ التكاليف فقط، بل أيضا كونها تعني لهم رمزا يؤشّر إلى عوالم البادية التي يكنّ لها المغاربة تقديرا عاطفيا خاصّا، بحكم أنّها تأتي إلى المدن من المناطق القروية”.

 شفاء للأغنياء

ويحدث أن يجتمع على عربة الشاب العاطل الذي يبيع “الهندية” الفقير الذي لا تكاد دراهمه تكفي لشراء بضع حبّات منها، مع غني يتزاحم بدوره لإيجاد مكان له حتّى يحصل على حباّت تنعش بدنه وتشفي سقمه”.

محمد الزبدي هو رجل أعمال ومالك ضيعة، أكّد لـ”العربي الجديد” أنّه “كلّ صباح أخرج من فيلتي بحيّ الرياض وسط العاصمة الرباط إلى الأحياء الشعبية، مثل التقدم ويعقوب المنصور وغيرهما، باحثا عن حبّات مثمرة وناضجة لا لأشبع نهمي وأسكت جوعي، بل لتساعدني في شفاء أمراضي. إذ لها أثر البلسم على جهازي الهضمي الذي يعاني من مشاكل وظيفية، علاوة على أنّها تعطيني ما يحتاجه جسدي من الحديد لأنّني مصاب بفقر الدم، والأطباء أوصوني باستهلاك “الهندية” دون إفراط، إلى جانب الأدوية”. 
فالصبّار يحتوي على مادة “بيتا كاروتين”، ومعادن أخرى، وفيتامينات مختلفة، وكالسيوم، ويساعد على خفض ضغط الدم المرتفع ونسبة السكّر في الدم، ويمدّ الجسم بالبوتاسيوم الذي يهدّئ الأعصاب”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة