بمناسبة إنعقاد الدورة الإستثنائية لمجلس جهة سوس ماسة، اليوم الخميس 16 نونبر 2023، بالقاعة الكبرى للإجتماعات بمقر عمالة أكادير إداوتنان، ألقا والي الجهة، السيد السعيد امزازي كلمة للمشاركين في الدورة جاء فيها:
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه
– السيد رئيس مجلس جهة سوس ماسة
– السادة عمال صاحب الجلالة على عمالات وأقاليم الجهة
– السادة الكُتاب العاموُّن،
– السيدات والسادة أعضاء مجلس الجهة
– السيدات والسادة رؤساء المصالح اللَّامُمَركزة
– أيُّها الحضور الكريم.
يطيبُ لي، بِدايَةً، أنْ أُعْرِبَ لكُم عن فائِقِ اعْتِزازي بِالمُشاركة لأولِ مرة في أشْغال مَجْلِسِكم المُوقر ، والذي يجتمع اليوم في دورةٍ اسْتِثنائية تنعقدُ في ظَرْفِيَةٍ خاصة تطبعُها الجهود المبذولة بِبلادنا على كُل المستويات لتجاوُز آثار ومُضاعفات زلزال الحوز، و مُواكبة ودَعْم وإسْنادِ الساكنة المكْلُومة، وتفعيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المُتضررة، وتعزيز أسُس التنمية السُّوسيو اقتصادية في الأقاليم والجماعات الترابية المُستهْدَفة، بما فيها تِلك التابِعة لجهة سوس ماسة، ولا سيما إقليم تارودانت، تنفيذًا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، من خلال إعادة بناء المساكن المهدَّمَة كليًا أو جُزْئِيًا وتأهيل البنيات التحتية و فَكِّ العُزلة عن المناطق الجبلية وتهْيئة المجالات الترابية و تسْريع امْتِصاص العجز الاجتماعي وتشْجيع الأنشطة الاقتصادية وتوفير فُرص الشغل، فضلًا عن تثْمين المبادرات المحلية، في إطارٍ من الإنْصات الدائم للساكنة المحلية، قصد تقْديم الحلول المُلائمة لها، مع مُراعاة البُعد البيئي والحِرْص على احترام التراث المُتَفرد والتقاليد وأنْماط العيش المُتنوعة.
وهذا بالإضافة إلى مُواصلة العمل على تَدْعِيمَ الرَّوابِط التُّرابية وتقْليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ولاسيما في سِياق تفْعيل الورش الملكي للحِماية الاجتماعية، وتنْزيل مضامين النموذج التنموي الجديد، واسْتِكمال المشاريع الكبرى وحِماية الموارد وضمان اسْتِدامتِها وترسيخ أسُس السيادة الغذائية والصحية والطاقِيَّة، وتوْفير الخدمات والبنيات التحتية المُرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، وتفْعيل مبادئ الحكامة الجيدة، والتحَلي بالجِدِّيَة وجعلها مذهبَنا في الحياة والعمل، وفي تطبيق السياسات العُمومية وتغْليب المصالح العُليا للوطن والمواطنين، والترفُّع عن المُزايدات والحِسابات الضَّيِّقة ، كما أكَّد على ذلك سيدُنا المنصور بالله في خِطابه السامي بمُناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز الماضي، لِضمانِ التنْفيذ والتتبُّع الصارم للبرامج والمشاريع وترْسيخ أسُس البرمجة والتَّدْبير القائمَيْن على الالتقائية، بما في ذلك تأمين الانسجام والتكامُل بين الرُّؤية التنموية الجهوية والاستراتيجيات الوطنية.
وتكتسي الدورة الاستثنائية الحالية لمجلسكم المُوقر طابعًا بالغ الأهمية بالنظر لما يتضمَّنه جدول أعمالها من نُقطٍ، ولاسيما ما يتعلق منها بمشاريع اتفاقيات ذات بُعْدٍ تنموي وسوسيو اقتصادي حاسِم في مسار تحقيق النهضة الاجتماعية العادلة والإقلاع الاقتصادي المُنْدَمِج والشامل بهذه الجهة العزيزة، لإعادة الاعتبار إليها ولموْقِعها الجيو استراتيجي الهام في وسَط المغرب، و كصِلةِ وَصْلٍ بيْن شمال المملكة وجنوبِها وُصُولًا إلى عُمقِها الإفريقي، وكواجهةٍ أطلسية مُنفتِحة على العالم وكوِجْهَة سياحية دولية ذات تراثٍ عريق وتقاليد أصيلة وإشْعاعِ ثقافي فريد، كما أرادَ لها جلالة الملك أيده الله في خطابه التاريخي بمُناسبة الاحتفال بالذكرى 44 للمسيرة الخضراء المُظَفَّرَة في 6 نونبر 2019.
حضرات السيدات والسادة؛
يندرج مُعظم مشاريع الاتفاقيات وملاحِق الاتفاقيات المعروضة على أنظار مجلس الجهة الموقر اليوم قصد الدراسة والمُصادقة في إطار تنزيل ومُواكبة برنامج التنمية الجهوية لسوس ماسة 2022 -2027، الذي يُشكل وثيقةً إستراتيجية هي ثمرة مجهودٍ جماعي لمختلف الفاعلين المعنيين، محليًا وإقليميًا وجهويًا، مع التصميم الجهوي لإعداد التراب، في انسجام مع السياسات العُمومية القِطاعية واحترامٍ للخُصوصيات الجهوية والاستراتيجيات العامة للدولة.
وتَتَوَزَّعُ مشاريع هذه الاتفاقيات على مُختلف المجالات التَّنْمَوِيَّة والمَحاوِر المُتفَرِّعَة عنها، بما في ذلك:
– مجال التنمية الاقتصادية، ولاسِيَمَا دعم وتشجيع الاستثمار المنتج والتشغيل والتمكين الاقتصادي للنساء والإدماج السوسيو اقتصادِي للشباب وإقامة التجهيزات والبنيات التحتية وتأهيل المناطق الصناعية، وتنظيم المعارض الجهوية والمُلْتَقَيَات الدولية والفعاليات الاقتصادية، ودعم القطاع الفلاحي عبر العمل على تشجيع الابتكار وتطْوير التِّكنولوجيا الفلاحِية وضمان اسْتِدامة الموارد المائِيَة، ودعْم قِطاع السياحة والصناعة التقليدية، وإسْناد ومُواكبة المُقاولات السياحية الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، عِلاوةً على دعم أنْشِطة الجمعيات ذات الطابع الاقتصادي وتشجيع التَّرْويج السياحي للجهة، وتنمية السياحة القروية وتنمية وتثمين المنتجات البحرية، ومُواكبة الفاعلين في قِطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامُني ودعْم الأنشطة المُدِرَّة لِلدَّخل.
– مجال إعادة تأهيل وتقْوية البنيات التحتية المينائية، وتحديدًا اتفاقية الشراكة المتعلقة بتأهيل ميناء أكادير وتعزيز قُدراتِه التنافسية، ومشروع الاتفاقية الإطار للشراكة من أجل إقامة ميناءٍ جاف وتطوير المناطق اللوجستيكية والتجارية والصناعية بمناطق التسريع الصناعي والنُّهوض بالاقتِصاد الأزرق وتطوير الخدمات اللوجستيكية البحرية وضمان استمراريتها من أكادير إلى دول غرب إفريقيا مُباشَرَةً، وكذا إلى بقية العالم عبر ميناء طنجة المتوسط.
وأوَدُّ هُنا أن أسْتَحْضِرَ مضامِين الخطاب الملكي السامي في 6 نونبر الجاري، بمُناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء المُظَفَّرة، حيث قال جلالة الملك حفظه الله:
“غايتُنا أن نُحَوِّل الواجهة الأطلسية إلى فضاءٍ للتواصل الإنساني، والتكامُل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
لِذا، نحرُص على اسْتكمال المشاريع الكبرى، التي تشهدُها أقاليمُنا الجنوبية ، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية ، المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية.
وكذا تسْهيل الربط ، بين مختلف مُكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك؛ بما في ذلك التفكير في تكْوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافُسي”.
انتهى مَنْطُوق جلالة الملك.
وغَنيٌّ عن البيان أن أكادير تُشكل المِحْوَر الرئيسي في هذه الخُطة الإستراتيجية الملكية السامِيَّة .
*مجال التهيئة الحضرية وتأهيل البنيات التحتية، بما في ذلك تنفيذ واستكمال المشاريع المُدْرَجَة في البرنامج الملكي للتنمية الحضرية لمدينة أكادير 2020- 2024، وكذا تأهيل العديد من الحواضر والمراكز التابعة لعمالات وأقاليم الجهة، فضلا عن تأهيل وعصْرنة شبكتِها الطرقية وبناء وصِيانة طُرُقِها القروية.
*مجال التنمية الاجتماعية، بما في ذلك التنمية الثقافية والارْتقاء بالشَّأْن التربوي وإنْعاش الرياضة وتطوير البنيات التحية وفضاءات التَّفَتُّح وتنويع عُروض وأنشطة القُرب لفائدة الشباب، إلى جانب توفير البنيات السوسيو جماعية والنهوض بالقطاع الصحي وحماية الفئات الهشَّة.
*مجال التنمية البيئية وتطوير بنياتها التحتية الأساسية، ولاسيما الحماية من نُشُوبِ الحرائق وتأهيل الواحات والحماية من الفيضانات ومُكافحة آثار الكوارث الطبيعية، وكذا إنجاز مشاريع التطهير السائل وإعادة استعمال المياه العادمة المُعالجة لسقي المساحات الخضراء.
وذلك فضلًا عن النُّقط المتعلقة بالجوانب المالية والتدْبيرية .
ويَنْدَرجُ كل هذا في سِياق الجُهود المبذولة من طرف مجلسكم الموقر للرُّقي بتنافُسية الجهة والرفع من جاذِبِيَّتِها، في إطار من التَّنْسيق الكامل والالْتِقائِيَّة التامة مع سائر المتدخلين والفاعلين المعنيين لضمان تثمين المؤهلات الاقتصادية والطبيعية، اعتمادًا على المُؤشرات التنموية المُسجلة لتقْليص التفاوُتات الترابية والاجتماعية، والسَّيْرِ قُدُمًا في مسارِ تحْقيق المرامي والأهْداف التنموية المُندمجة والمُنْصِفَة.
وأوَدُّ هنا أنْ أُنَوِّهَ بمجلسكُم الموقر بمُختلف مُكوناتِه وأعضاءه، وبالعمل الكبير الذي يقُوم به فريقُه في تنسيقٍ تام مع السُّلْطة الولائية وتعاوُنٍ مُثْمِر مع مُختلف شُركائه وسائر الفاعلين المَعْنِيين وما يتحلَّى به من انفتاحٍ وحِرصٍ كامِل على ضمانِ الالتقائية في جُهُوده التنموية مع المشاريع والبرامج القِطاعِيَّة والاسْتراتيجيات الوطنية.
وأُشِيدُ في هذا الإطار بِانْخِراطِهِ المشْهود في التَّصَدِّي لآثار زلزال الحوز بالجماعات المتضررة التابعة للجهة، سِيمَا بإقليم تارودانت، من خِلال المُساهمة الْفَعَّالة في تدْبير مُضاعفات هذه الكارِثة، بما في ذلك ما أقَرَّه من إجْراءات مُسْتعجلة وما خَصَّصَهُ من إعْتِمادات مالِيَة خلال دورتِه الاستثنائية ودورته العادِية الماضيَّتَيْن، لتقْديم يدِ المساعدة والعَوْن للأسر والفِئات المنكوبة، في إطار التدابير المُتَّخَذة من طرف السلطات العمومية لِدَعْم المُتضرِّرين من الفاجِعَة، تَنْزِيلًا للتوْجيهات الملكية السامِيَة، وتَماشِيًا مع الهَبَّة التضامُنية للشعب المغربي قاطِبةً، وانسِجامًا مع التعبئة العامة لمُختلف القِوى الحية ببلادنا للتَّخفيف من هَوْل الكارِثة .
كما أُشِيدُ بما يحْدُو مجلسَكُم الموقر من إرادةٍ صَلْبة واستعدادٍ تام لِلمُساهمة الفعالة في الورْش الملكي لإعادة بناء وتأهيل المناطق المُتضررة والنُّهوض الكامِل بالدَّوْر المَنُوط بالجهة في هذا الشَّأن إلى جانِب الدَّوْلَة وسائر الفاعلين والمُتدخِّلين المعْنِيِين.
ولا يَسَعُني في الخِتام إلا أن أرجو من المَوْلَى عَزَّ وجَل كامِلَ النجاح لأشْغال مجلسِكُم المُوقر في دورته الاستثنائية هذه، ودَوامَ التوْفيق والسَّدَاد في مُختلف برامجه وجُهوده التنموية السَّاعِيَة إلى النُّهُوض بالجهة على كل المستويات لِتَمكينِها من بُلوغ المكانة التي تليقُ بها وبتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي الهام وتُراثِها الأصيل وطاقاتِها البشرية المُبْدِعَة وإمْكانياتها المُتنوعة ومؤهِّلاتها الثريَّة .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
عذراً التعليقات مغلقة